36/07/21
تحمیل
الموضوع:- ورود الدليل مورد الامضاء -قواعد وفوائد.
وقد تقول:- عرفنا فكرة الاشتباه في التطبيق كما عرفنا فكرة الداعي إلى الداعي، ولكن ما ربط فكرة الداعي إلى الداعي بفكرة الاشتباه في التطبيق حيث ذكرت فكرة الداعي إلى الداعي كملحقٍ أو كتتميمٍ للفكرة الأولى فما هو وجه الارتباط بينهما ؟
والجواب:- إنّ وجه الارتباط هو أنّ فكرة الاشتباه في التطبيق هي فكرة نستفيد منها في مقام تصحيح العمل، فالصلاة قد نصحّحها من خلال هذه الفكرة كما أشرنا إلى بعض الأمثلة على ذلك، ونفس الشيء يأتي في فكرة الداعي إلى الداعي فإنها فكرة لو تمّت يمكن من خلاله تصحيح العبادات الاستيجارية ورفع الإشكال عنها، فالجامع بين الفكرتين هو أنهما معاً محاولتان لتصحيح العمل العبادي، فتصحيح العمل العبادي قد يكون بتلك الفكرة أحياناً وقد يكون بهذه الفكرة أحياناً أخرى.
الفائدة الثانية:- ورود الدليل مورد الامضاء.
إنّ الدليل الشرعي قد يرد مورد التأسيس وقد يرد مورد الامضاء لما عليه العقلاء:-
مثال الأوّل:- قاعدة الطهارة التي تقول:- ( كلّ شيء لك نظيف حتى تعلم أنه قذر ) [1]، فإنها قاعدة شرعيّة ليس لها ربط بما عند العقلاء فإنّ العقلاء لا يوجد عندهم مثل هذا المضمون وهم بعيدين كلّ البعد عن ذلك، فهي قاعدة تأسيسية جديدة. وهكذا مثل قاعدة ( كلّ شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) [2]فإنها من هذا القبيل أيضاً
وإذا كان الحكم من هذا القبيل فيمكن أن نتمسّك بالاطلاق بعرضه العريض من دون تحديدٍ بما عليه العقلاء إذ المفروض أنّ هذا الحكم بعيدٌ عن العقلاء ووارد مورد التأسيس فلا يتقيّد ولا يتحدّد بالحدود العقلائية فنتمسّك بإطلاق الحكم بعرضه العريض.
ومثال الثاني:-
أوّلاً:- موثقة بكير بن أعين:- ( قلت له:-الرجل يشكّ بعدما يتوضأ، قال:- هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك )[3]، إنها دلّت على أنّ المكلف بعد أن أنهى الوضوء إذا حصل له الشك في أنه هل غسل اليد اليمنى أو لا وهل غسلها كاملاً أو لا فإنّ هذه الرواية تحكم بعدم الاعتناء بالشك لأنّ الإنسان عادةً حينما يتوضأ ويكون مشغولاً بالعمل يكون أذكر منه حين يشك - يعني بعد الفراغ من العمل - فيستفاد منها عدم الاعتناء بالشك[4].
إنه يمكن أن يقال إنَّ هذه الرواية بيّنت مطلباً عقلائياً وأن الإنسان حين العمل أشد التفاتاً منه خارج العمل وبالتالي هي تريد أن تمضي هذه القضية العقلائية ولا تريد أن تبيّن مطلباً تأسيسياً جديداً.
وتظهر الثمرة هي أنه إذا قلنا هي حكم إمضائي وليس تأسيسياً فيتحدّد ويتضيّق بالحدود العقلائية، والعقلاء إنما يبنون على عدم الاعتناء بالشك فيما لو فرض أنّه كان يحتمل أنّه كان هو أذكر حين العمل منه حين يشك، أمّا إذا كان يجزم بعدم الأذكريّة والمساوات بين حالتي حالة العمل وحالة ما بعد الفراغ كما لو فرض أنّه دخل في الوضوء وكان غافلاً غفلةً تامّةً فهنا لا توجد حالة أذكريّة ففي مثل هذه الحالة لا تجري قاعدة الفراغ . إذن هذه ثمرةٌ من ثمرات كون هذا الحكم إمضائي فيتحدّد بالحدود العقلائية لا أكثر والحدّ العقلائي هو ما إذا كنت أحتمل أني أذكر حين العمل أمّا إذا لم أحتمل أنّي أذكر بل كنت جازماً ولست أذكر كما إذا كنت غافلاً غفلة جزميّة تامّة فهنا لا يمكن تطبيق قاعدة الفراغ.
ثانياً:- موثقة محمد بن مسلم:- ( كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو )[5]، إنّها دّلت على قاعدة الفراغ في مطلق الأعمال من دون فرقٍ بين عملٍ وعمل حتى في الأعمال غير العباديّة، فلو فرض أني تزوجت ثم شككت هل العقد صحيح وتام الأجزاء والشرائط أو لا وكذلك الطلاق فإنّه بمقتضى هذه القاعدة يثبت التعميم حتى للأعمال غير العبادية ولا يختصّ بالصلاة والصوم وما شاكلها بل قاعدة الفراغ جارية في مطلق الأعمال.
والكلام:- هل هذه القاعدة هل هي حكم تأسيسي أو أنها حكم عقلائي وإمضاءٌ لما عليه العقلاء ؟
قد يقال:- هي حكم إمضائيّ فإنّ العقلاء هكذا يبنون، فإنهم في كلّ عملٍ فرغوا منه لا تعتنون للشك إذا طرأ عليه بعد ذلك، فهي تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً وليس مطلباً تأسيسيًا جديداً.
وإذا قلنا هكذا فلازمه أن نتحدّد بالحدود العقلائيّة، والحدود العقلائية كما ذكرنا هي فما إذا فرض أنّ الانسان لم يقطع بالغفلة التامّة بل يحتمل أنّه كان ذاكراً و حين العمل.
ثالثاً:- قوله تعالى:- ﴿ أوفوا بالعقود ﴾[6]، إنّه قد يقال هذا الحكم حكمٌ إمضائيّ - يعني اوفوا بالعقود العقلائية فكلّ عقد عقلائي يمضى -، إنّه بناءً على هذا فيمكن أن يقال أنّه لا يستفاد الإمضاء في بعض الموارد من قبيل ما إذا آجرت داري من دون تعيين مدّة الاجارة بأن قلت له آجرتك داري، وقد لا تكون الأجرة معيّنة، إنّ هذا ليس عقداً عقلائياً فالآية حينئذٍ تكون منصرفة عنه فإنها ناظرة إلى العقود العقلائية ولا تشمل مثل هذا العقد الذي هو مرفوض عقلائياً.
وهكذا لو فرضنا أنّ شخصاً أراد إيجار الرحم كأن كانت امرأة عندها بويضة لقّحت بحيمنٍ واستأجرت امرأة أخرى لوضع هذه البويضة في رحمها مع فرض أنّنا بنينا فقهياً على أنّ الحمل الناتج ينتسب إلى من وضعت البويضة في رحمها - يعني التي أولدته -، إنّه بناءً على هذا تكون هذه المعاملة سفهيّة فأيّ فائدةٍ سوف تستفيد المرأة صاحبة البويضة من إجارة رحم المرأة الأخرى ؟!! إنها لا تستفيد شيئاً، فهذه معاملة سفهيّة فلا تكون مشمولة لأوفوا بالعقود آنذاك . نعم لو كان الحمل ينتسب إليها كما لو قلنا إنّ الحمل يكون ولداً لصاحبة البويضة فهذه إجارة معقولة وسوف تستفيد منها، أمّا أنه لا يكون الولد لها فقد يقال بأنّ هذه الإجارة سفهية فلا نستفيد الامضاء مادام النظر في ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ هو إلى العقود العقلائية.
رابعاً:- الآية الكريمة:- ﴿ يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾[7]، فقد يقال بأنّ هذه الآية لا تريد أن تبيّن مطلبًا تأسيسياً بل تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً بقرينة أنها عّللت وقالت:- ﴿ أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾، ومادمت تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً فيترتّب على ذلك بعض الأمور من قبيل أنّه بماذا نفسر الفاسق ؟ هل هو من يحلق لحيته أو يستغيب مثلاً لكنه يصون لسانه عن الكذب ؟ فإذا أردنا أن نأخذ بالمصطلح اللغوي فنعم ذلك هو معنى الفاسق، ولكنه مادام هذا حكم عقلائياً فحينئذٍ نقول من المناسب عند العقلاء أنّ المدار على أنه يكذب أو لا يكذب في نقله فنفسّر الفاسق بمن لا يتحرّز عن الكذب في إخباره سواء فرض أنّه يحلق لحيته او لا وسواء يستغيب أو لا فإنّ هذه أمور جانبية والمهم هو أن يكون متحرّزاً لأنّ الآية الكريمة ناظرة إلى حكمٍ عقلائي.
ويترتّب على ذلك أنّ الخبر الذي أعرض عنه المشهور من المتقدّمين هل نأخذ به أو لا ؟ فنقول:- إنّ العقلاء لا يأخذون بالخبر إذا أعرض عنه أصحاب الفنّ، فالأخذ به لا يكون عقلائياً، وإذا لم يكن عقلائياً فلا يكون مشمولاً للآية الكريمة لأنها ناظرة إلى حكمٍ عقلائي.
وقد تقول:- عرفنا فكرة الاشتباه في التطبيق كما عرفنا فكرة الداعي إلى الداعي، ولكن ما ربط فكرة الداعي إلى الداعي بفكرة الاشتباه في التطبيق حيث ذكرت فكرة الداعي إلى الداعي كملحقٍ أو كتتميمٍ للفكرة الأولى فما هو وجه الارتباط بينهما ؟
والجواب:- إنّ وجه الارتباط هو أنّ فكرة الاشتباه في التطبيق هي فكرة نستفيد منها في مقام تصحيح العمل، فالصلاة قد نصحّحها من خلال هذه الفكرة كما أشرنا إلى بعض الأمثلة على ذلك، ونفس الشيء يأتي في فكرة الداعي إلى الداعي فإنها فكرة لو تمّت يمكن من خلاله تصحيح العبادات الاستيجارية ورفع الإشكال عنها، فالجامع بين الفكرتين هو أنهما معاً محاولتان لتصحيح العمل العبادي، فتصحيح العمل العبادي قد يكون بتلك الفكرة أحياناً وقد يكون بهذه الفكرة أحياناً أخرى.
الفائدة الثانية:- ورود الدليل مورد الامضاء.
إنّ الدليل الشرعي قد يرد مورد التأسيس وقد يرد مورد الامضاء لما عليه العقلاء:-
مثال الأوّل:- قاعدة الطهارة التي تقول:- ( كلّ شيء لك نظيف حتى تعلم أنه قذر ) [1]، فإنها قاعدة شرعيّة ليس لها ربط بما عند العقلاء فإنّ العقلاء لا يوجد عندهم مثل هذا المضمون وهم بعيدين كلّ البعد عن ذلك، فهي قاعدة تأسيسية جديدة. وهكذا مثل قاعدة ( كلّ شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) [2]فإنها من هذا القبيل أيضاً
وإذا كان الحكم من هذا القبيل فيمكن أن نتمسّك بالاطلاق بعرضه العريض من دون تحديدٍ بما عليه العقلاء إذ المفروض أنّ هذا الحكم بعيدٌ عن العقلاء ووارد مورد التأسيس فلا يتقيّد ولا يتحدّد بالحدود العقلائية فنتمسّك بإطلاق الحكم بعرضه العريض.
ومثال الثاني:-
أوّلاً:- موثقة بكير بن أعين:- ( قلت له:-الرجل يشكّ بعدما يتوضأ، قال:- هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك )[3]، إنها دلّت على أنّ المكلف بعد أن أنهى الوضوء إذا حصل له الشك في أنه هل غسل اليد اليمنى أو لا وهل غسلها كاملاً أو لا فإنّ هذه الرواية تحكم بعدم الاعتناء بالشك لأنّ الإنسان عادةً حينما يتوضأ ويكون مشغولاً بالعمل يكون أذكر منه حين يشك - يعني بعد الفراغ من العمل - فيستفاد منها عدم الاعتناء بالشك[4].
إنه يمكن أن يقال إنَّ هذه الرواية بيّنت مطلباً عقلائياً وأن الإنسان حين العمل أشد التفاتاً منه خارج العمل وبالتالي هي تريد أن تمضي هذه القضية العقلائية ولا تريد أن تبيّن مطلباً تأسيسياً جديداً.
وتظهر الثمرة هي أنه إذا قلنا هي حكم إمضائي وليس تأسيسياً فيتحدّد ويتضيّق بالحدود العقلائية، والعقلاء إنما يبنون على عدم الاعتناء بالشك فيما لو فرض أنّه كان يحتمل أنّه كان هو أذكر حين العمل منه حين يشك، أمّا إذا كان يجزم بعدم الأذكريّة والمساوات بين حالتي حالة العمل وحالة ما بعد الفراغ كما لو فرض أنّه دخل في الوضوء وكان غافلاً غفلةً تامّةً فهنا لا توجد حالة أذكريّة ففي مثل هذه الحالة لا تجري قاعدة الفراغ . إذن هذه ثمرةٌ من ثمرات كون هذا الحكم إمضائي فيتحدّد بالحدود العقلائية لا أكثر والحدّ العقلائي هو ما إذا كنت أحتمل أني أذكر حين العمل أمّا إذا لم أحتمل أنّي أذكر بل كنت جازماً ولست أذكر كما إذا كنت غافلاً غفلة جزميّة تامّة فهنا لا يمكن تطبيق قاعدة الفراغ.
ثانياً:- موثقة محمد بن مسلم:- ( كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو )[5]، إنّها دّلت على قاعدة الفراغ في مطلق الأعمال من دون فرقٍ بين عملٍ وعمل حتى في الأعمال غير العباديّة، فلو فرض أني تزوجت ثم شككت هل العقد صحيح وتام الأجزاء والشرائط أو لا وكذلك الطلاق فإنّه بمقتضى هذه القاعدة يثبت التعميم حتى للأعمال غير العبادية ولا يختصّ بالصلاة والصوم وما شاكلها بل قاعدة الفراغ جارية في مطلق الأعمال.
والكلام:- هل هذه القاعدة هل هي حكم تأسيسي أو أنها حكم عقلائي وإمضاءٌ لما عليه العقلاء ؟
قد يقال:- هي حكم إمضائيّ فإنّ العقلاء هكذا يبنون، فإنهم في كلّ عملٍ فرغوا منه لا تعتنون للشك إذا طرأ عليه بعد ذلك، فهي تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً وليس مطلباً تأسيسيًا جديداً.
وإذا قلنا هكذا فلازمه أن نتحدّد بالحدود العقلائيّة، والحدود العقلائية كما ذكرنا هي فما إذا فرض أنّ الانسان لم يقطع بالغفلة التامّة بل يحتمل أنّه كان ذاكراً و حين العمل.
ثالثاً:- قوله تعالى:- ﴿ أوفوا بالعقود ﴾[6]، إنّه قد يقال هذا الحكم حكمٌ إمضائيّ - يعني اوفوا بالعقود العقلائية فكلّ عقد عقلائي يمضى -، إنّه بناءً على هذا فيمكن أن يقال أنّه لا يستفاد الإمضاء في بعض الموارد من قبيل ما إذا آجرت داري من دون تعيين مدّة الاجارة بأن قلت له آجرتك داري، وقد لا تكون الأجرة معيّنة، إنّ هذا ليس عقداً عقلائياً فالآية حينئذٍ تكون منصرفة عنه فإنها ناظرة إلى العقود العقلائية ولا تشمل مثل هذا العقد الذي هو مرفوض عقلائياً.
وهكذا لو فرضنا أنّ شخصاً أراد إيجار الرحم كأن كانت امرأة عندها بويضة لقّحت بحيمنٍ واستأجرت امرأة أخرى لوضع هذه البويضة في رحمها مع فرض أنّنا بنينا فقهياً على أنّ الحمل الناتج ينتسب إلى من وضعت البويضة في رحمها - يعني التي أولدته -، إنّه بناءً على هذا تكون هذه المعاملة سفهيّة فأيّ فائدةٍ سوف تستفيد المرأة صاحبة البويضة من إجارة رحم المرأة الأخرى ؟!! إنها لا تستفيد شيئاً، فهذه معاملة سفهيّة فلا تكون مشمولة لأوفوا بالعقود آنذاك . نعم لو كان الحمل ينتسب إليها كما لو قلنا إنّ الحمل يكون ولداً لصاحبة البويضة فهذه إجارة معقولة وسوف تستفيد منها، أمّا أنه لا يكون الولد لها فقد يقال بأنّ هذه الإجارة سفهية فلا نستفيد الامضاء مادام النظر في ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ هو إلى العقود العقلائية.
رابعاً:- الآية الكريمة:- ﴿ يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾[7]، فقد يقال بأنّ هذه الآية لا تريد أن تبيّن مطلبًا تأسيسياً بل تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً بقرينة أنها عّللت وقالت:- ﴿ أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾، ومادمت تريد أن تبيّن مطلباً عقلائياً فيترتّب على ذلك بعض الأمور من قبيل أنّه بماذا نفسر الفاسق ؟ هل هو من يحلق لحيته أو يستغيب مثلاً لكنه يصون لسانه عن الكذب ؟ فإذا أردنا أن نأخذ بالمصطلح اللغوي فنعم ذلك هو معنى الفاسق، ولكنه مادام هذا حكم عقلائياً فحينئذٍ نقول من المناسب عند العقلاء أنّ المدار على أنه يكذب أو لا يكذب في نقله فنفسّر الفاسق بمن لا يتحرّز عن الكذب في إخباره سواء فرض أنّه يحلق لحيته او لا وسواء يستغيب أو لا فإنّ هذه أمور جانبية والمهم هو أن يكون متحرّزاً لأنّ الآية الكريمة ناظرة إلى حكمٍ عقلائي.
ويترتّب على ذلك أنّ الخبر الذي أعرض عنه المشهور من المتقدّمين هل نأخذ به أو لا ؟ فنقول:- إنّ العقلاء لا يأخذون بالخبر إذا أعرض عنه أصحاب الفنّ، فالأخذ به لا يكون عقلائياً، وإذا لم يكن عقلائياً فلا يكون مشمولاً للآية الكريمة لأنها ناظرة إلى حكمٍ عقلائي.
[4] فائدة:- إذا شك المكلف في جزء بعد الدخول في الجزء الثاني يبني على
عدم الاعتناء بالشك، يعني لو فرضنا أنه بعدما دخلت في السجود شككت هل ركعت أو لا
أو أن ركوعي كان بالشكل الصحيح أولا فالحكم الشرعي أنه لا يعير أهمية للشك ويبني
على الصحة، ولا يقولن قائل:- أوليس هذا ركن وتبطل الصلاة بسببه ولو كان عن نسيان
؟!! قلت:- إن كلامنا هو في حالة الشك إما كلامك فهو في حالة العلم، فمن علم بأنه
فاته ركن بطلت صلاته أما من شك فقاعدة التجاوز تجري في حقه فيبني على صحة الجزء
السابق المشكوك . والذي أريد بيانه:- هو أنه لو شككت في الوضوء ماذا أفعل ؟ كما لو
فرض أنه بعد الدخول في غسل اليسرى شككت في غسل اليد اليمنى وهل غسلتها بشكل صحيح
أو لا فما هو الحكم ؟ إنه يلزم أن يعيد الوضوء فإنّ الوضوء قد خرج من قاعدة
التجاوز، يعني عُدَّ الوضوء شيئاً وفعلاً واحداً وإذا كانت قاعدة التجاوز تجري في
أجزاء الصلاة أو في أجزاء أي عمل غير الوضوء ولكن الوضوء لا تجري فيه لوجود رواية
تدل على ذلك، أما لو فرغت ثم شككت هل أتيت ببعض الأجزاء بشكل صحيح أو لا فهنا
تجري قاعدة الفراغ والرواية قد دلت على ذلك حيث قالت .(
هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك ) . إذن هذه أحكام ثلاثة لا يقع فيها
الاشتباه، قاعدة التجاوز تجري في الصلاة بين جزء وجزء، وأما في الوضوء فلا تجري، وأما إذا فرغت من الوضوء ثم شككت في جزءٍ منه فهنا تجري قاعدة الفراغ بلا مشكلة،
فالاستثناء فقط هو بلحاظ قاعدة التجاوز دون قاعدة الفراغ.