35/04/04
تحمیل
الموضوع:- تتمة التنبيه السادس، النبيه
السابع ( استصحاب الكلّي واستصحاب الفرد المردّد
وغير المردّد ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
والأجدر أن يقال في مقام التفرقة:- إن استصحاب الكلّي عبارة عن استصحاب الجامع العرفي فالعرف يفرّق بين أن نستصحب وجوب الجمعة مثلاً فإنه يراه استصحاباً للفرد أو نستصحب وجوب الظهر فيراه كذلك، بخلاف ما إذا استصحبنا أصل الوجوب بأن نقول هناك وجوبٌ ثابتٌ جزماً من دون أن نقيّده بالجمعة أو الظهر وذلك شيءٌ متيقّنٌ فنجري استصحابه، إن هذا جامعٌ عرفيٌّ . فالفارق إذن هو هذا فالكلّي عبارة عن الجامع العرفي والفرد عبارة عمّا هو أضيق من ذلك ويكون مصداقاً لذلك الجامع العرفي . ومما يؤكد ما نقول بل ربما يدلّ عليه هو أن الخلاف في باب الطبيعي وأنه موجودٌ بالحصص وهو الذي يعبّر عنه بأن نسبته نسبة الآباء إلى الأبناء فكلّ ابنٍ له أبٌ وهنا أيضاً كذلك فكلّ فردٍ له حصّة من الكلّي فزيدٌ له حصّة من الانسان وعمرو له حصّة من الانسان أو أن وجوده منحازٌ عن الأفراد - كما هو الرأي المنسوب إلى الرجل الهمداني -، أو أنه وجودٌ سِعِيٌّ متّحدٌ مع وجود الأفراد فهو واحدٌ متحدٌ مع وجود أفراده، إن هذه الاحتمالات الثلاثة أو بإضافة غيرها تتم في الموجودات الحقيقيّة - أي التي لها وجود حقيقي في الخارج - مثل الانسان والشجر والحجر وغير ذلك فإن هذه طبائع لها وجوداتها الحقيقيّة وليست هي مجرّد اعتبارات، والحال نحن حينما نجري استصحاب الكلّي لا نجريه دائماً في الموجودات الحقيقيّة بل ربما نجريه في الموجودات الاعتباريّة كاستصحاب الوجوب فإن الوجوب وجودٌ اعتباريٌّ وليس حقيقياً والحال أن مسألة الحصّة والوجود السِعِي يختصّ بالوجودات الحقيقيّة دون الاعتباريّة . إذن من هنا يتّضح أن ربط هذه المسألة بتلك المسألة شيءٌ لا معنى له، والمناسب ما أشرنا إليه من أن استصحاب الكلّي هو عبارة عن استصحاب الجامع العرفي - أي ما يكون بنظر العرف جامعاً - وعليه فلا إشكال من هذه الناحية.
النقطة الثالثة:- أقسام استصحاب الكلّي.
المعروف أن استصحاب الكلّي هو على أقساٍ ثلاثة:-
القسم الأوّل:- أن يكون الكلّي متيقّناً ضمن فردٍ معيّن ويشكّ في ارتفاعه لأجل احتمال ارتفاع ذلك الفرد الذي وجد الكلّي ضمنه . وهنا لا إشكال في جريان استصحاب الكلّي واستصحاب الفرد بلا خلافٍ بينهم . نعم هناك كلامٌ في أنّهما يجريان معاً أو أنه إذا كانت هناك آثار للفرد فنجري استصحاب الفرد وإذا كان هناك آثار للكلّي فنجري استصحاب الكلّي فنلاحظ الآثار وبلحاظها نقول يجري استصحاب الفرد أو لا وهل يجري استصحاب الكلّي أو لا، إن هذه مسألة أخرى تأتينا انشاء الله تعالى، والمهمّ أنه لا إشكال في أنه يجري استصحاب الكلّي ولو في الجملة - أي في حالة ما إذا فرض أن له أثراً بحيث كان الأثر مترتباً على الكلّي دون الفرد -.
ومثاله العرفي:- ما إذا تيقنّا بوجود الإنسان في المسجد ضمن زيدٍ وشككنا هل خرج زيدٌ أو لا فنشكّ بالتبع في أن الإنسان خرج أو لا، فيصحّ هنا أن نستصحب كلّي الإنسان لو كان الأثر مترتّباً على كلّي الإنسان.
ومثاله الشرعي:- ما لو فرض أن شخصاً أحدث بالجنابة ثم شكّ أنه اغتسل أو لم يغتسل، فيصحّ حينئذٍ أن يستصحب الكلّي - أي كلّي الحدث - بقطع النظر عن كونه جنابة فيقول أنا محدثٌ جزما ً وأشك في زوال الحدث فاستصحب بقاءه، ويرتب بناءً على ذلك آثار الكلّي مثل حرمة مس كتابة المصحف الشريف فإنها من آثار كلّيّ الحدث لا خصوص الجنابة، كما أنه لو كان الأثر مترتباً على الفرد فيستصحب الفرد . ونتمكن أن نقول:- كلّما شك في بقاء الفرد وأمكن إجراء استصحاب الفرد فإلى جنبه يوجد الكلي واستصحاب الكلي فيجري لو كان الأثر مترتباً عليه – أي على الكلّي - ففي كل موردٍ مادام يوجد فردٌ فحتماً يوجد كلّي فإن الكلّي يتحقق بالفرد فحينئذٍ نتمكّن أن نقول هما دائماً متلازمان فمادمنا قد افترضنا وجود الفرد فالكلّي أيضاً موجودٌ وهذا الاستصحاب قابلٌ للجريان وذاك الاستصحاب قابل للجريان.
ويمكن أن نلحق بهذا القسم الأول ما إذا فرض أن الكلّيَّ كان متحققاً ضمن فردين وأشك في بقاء الفردين، كما إذا علمت أن الانسان وجد في المسجد ضمن زيدٍ وعمرو واحتملت أن هذا قد خرج وذاك قد خرج أيضاً، فهذا ملحقٌ باستصحاب الكليّ من القسم الأول وإن كان عادةً هم يذكرون ذاك فقط ولكن هذا أيضاً ملحق به.
وهكذا يلحق به ما لو فرض أنا تيقنّا بوجود الكلّيّ ضمن فردٍ واحدٍ من فردين وكنّا نشكّ في ارتفاع هذا الفرد وذاك الفرد،كما لو علمنا بوجود الإنسان في المسجد ضمن زيدٍ أو عمرو وكنّا نشك في خروجهما فهذا أيضاً ملحقٌ باستصحاب الكلّي من القسم الأوّل ولا ينبغي أن يجعل قسماً برأسه لأن ضابط القسم الأوّل من استصحاب الكلّي منطبقٌ على هذين فذلك نلحق هذين باستصحاب الكلّي ولا نعدّهما قسماً مستقلاً، أما ما هو الضابط ؟ انتظر قليلاً.
القسم الثاني:- أن نتيقن بوجود الكلّي ضمن فردٍ مردّد بين فردين أحدهما متيقّن البقاء والآخر متيقّن الارتفاع وهنا لا يجري استصحاب الفرد، والوجه واضحٌ لأن الفرد ليس بمتيقّنٍ حتى نستصحبه فهذا الفرد ليس بمتيقَّنٍ حتى نستصحبه وذاك الفرد كذلك بل لعلّه لا شكَّ فالمهم أنه لا يقين فكفانا حينئذٍ، وإنما الكلام هو أنه هل يجري استصحاب الكلّي أو لا ؟
ومثاله العرفي:- ما لو علمنا بوجود الإنسان ضمن زيدٍ الذي إن دخل المسجد فهو صاحب السجدة الطويلة أو ضمن عمروٍ الذي يخرج من المسجد بسرعة فهنا استصحاب الفرد لا يجري جزماً لعدم اليقين السابق بالفرد ولكن الكلّي المعروف جريان الاستصحاب فيه لما سوف يأتي.
ومثاله الشرعي:- ما إذا خرج من المكلّف رطوبة مردّدة بين كونها بولاً أو منيّاً ونفترض أن المكلّف توضأ من دون غسلٍ أو اغتسل من دون وضوءٍ فهو قد صنع واحداً فقط، ففي مثل هذه الحالة سوف يشك في بقاء ذلك الكلّي - أي كلّي الحدث لأن الكلّي متيقّن - فلو توضأ مثلاً فعلى تقدير كونه حدثاً أصغر فهو قد ارتفع جزماً وأما على تقدير كونه حدثاً أكبر فهو باقٍ جزماً . إذن حال الفرد يدور بين متيقّن البقاء ومتيقّن الارتفاع واستصحاب الفرد لا يجري بل يجري استصحاب الكلّي.
ويلحق به ما إذا فرض أن أحد الفردين كان متيقّن البقاء والآخر محتمل الارتفاع - لا أنه متيقن الارتفاع -، ويلحق به العكس أيضاً، فحالة ما إذا كان أحدهما متيقّن الارتفاع والآخر محتمل البقاء وحالة العكس كلاهما ملحقتان باستصحاب الكلّي من القسم الثاني ولا نعدّهما قسمين مستقلّين، والنكتة في ذلك هي أن ضابط القسم الثاني من استصحاب الكلّي هو أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي بسبب عدم تعيّن الفرد فلأجل أن الفرد ليس متعيّناً وأنه هذا أو هذا يحصل الشكّ في بقاء الكلّي، بخلاف الكلّي من القسم الأوّل فإن ضابطه هو أن يكون الكلّي متعيّناً ضمن فردٍ ولا يشك في بقاءه بسبب تردّد الفرد، فالقسم الأوّل لم ينشأ الشك في بقاء الكلّي بسبب تردّد الفرد وإنما قد يكون الفرد متعيّناً ولكن أشك هل أنه ارتفع أو لم يرتفع، بخلافه في القسم الثاني فإن الشك في بقاء الكلّي يكون نتيجة تردّد الفرد الذي حدث في ضمنه الكلّي، ومادام هذا هو الضابط الذي على أساسه عقد القسم الأوّل من استصحاب الكلّي وعقد على أساسه استصحاب الكلّي من القسم الثاني أيضاً فكلّ ما كان داخلاً تحت هذا الضابط - مثلاً لاستصحاب الكلّي من القسم الأوّل - فيكون داخلاً تحته ولاحقاً به، ولذلك ألحقنا ما إذا فرض أن كلّي الإنسان نعلم بوجوده ضمن إما زيدٍ وإما عمرو ونشكّ في بقائهما باستصحاب الكلّي من القسم الأوّل لأن منشأ الشك ليس هو تردّد الفرد، وهكذا لو علمنا بوجوده ضمنهما معاً وشككنا في خروجهما فهذا أيضاً نلحقه بالقسم الأوّل لأن منشأ الشك في بقاء الكلّي ليس تردّد الفرد فيكون ملحقاً بالقسم الأوّل، وهذا بخلافة فبالنسبة إلى الملحقين بالقسم الثاني فإن منشأ الشكّ فيهما هو تردّد الفرد لأنه إذا كان أحد الفردين متيقّن البقاء والآخر مشكوك الارتفاع فسوف نشك في بقاء الكلّي بسبب تردّد الفرد، وهكذا الحال في صورة العكس . إذن هذه هي النكتة التي دعتنا إلى إلحاق هذين بالقسم الأوّل وهذين بالقسم الثاني، وهي نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.
والأجدر أن يقال في مقام التفرقة:- إن استصحاب الكلّي عبارة عن استصحاب الجامع العرفي فالعرف يفرّق بين أن نستصحب وجوب الجمعة مثلاً فإنه يراه استصحاباً للفرد أو نستصحب وجوب الظهر فيراه كذلك، بخلاف ما إذا استصحبنا أصل الوجوب بأن نقول هناك وجوبٌ ثابتٌ جزماً من دون أن نقيّده بالجمعة أو الظهر وذلك شيءٌ متيقّنٌ فنجري استصحابه، إن هذا جامعٌ عرفيٌّ . فالفارق إذن هو هذا فالكلّي عبارة عن الجامع العرفي والفرد عبارة عمّا هو أضيق من ذلك ويكون مصداقاً لذلك الجامع العرفي . ومما يؤكد ما نقول بل ربما يدلّ عليه هو أن الخلاف في باب الطبيعي وأنه موجودٌ بالحصص وهو الذي يعبّر عنه بأن نسبته نسبة الآباء إلى الأبناء فكلّ ابنٍ له أبٌ وهنا أيضاً كذلك فكلّ فردٍ له حصّة من الكلّي فزيدٌ له حصّة من الانسان وعمرو له حصّة من الانسان أو أن وجوده منحازٌ عن الأفراد - كما هو الرأي المنسوب إلى الرجل الهمداني -، أو أنه وجودٌ سِعِيٌّ متّحدٌ مع وجود الأفراد فهو واحدٌ متحدٌ مع وجود أفراده، إن هذه الاحتمالات الثلاثة أو بإضافة غيرها تتم في الموجودات الحقيقيّة - أي التي لها وجود حقيقي في الخارج - مثل الانسان والشجر والحجر وغير ذلك فإن هذه طبائع لها وجوداتها الحقيقيّة وليست هي مجرّد اعتبارات، والحال نحن حينما نجري استصحاب الكلّي لا نجريه دائماً في الموجودات الحقيقيّة بل ربما نجريه في الموجودات الاعتباريّة كاستصحاب الوجوب فإن الوجوب وجودٌ اعتباريٌّ وليس حقيقياً والحال أن مسألة الحصّة والوجود السِعِي يختصّ بالوجودات الحقيقيّة دون الاعتباريّة . إذن من هنا يتّضح أن ربط هذه المسألة بتلك المسألة شيءٌ لا معنى له، والمناسب ما أشرنا إليه من أن استصحاب الكلّي هو عبارة عن استصحاب الجامع العرفي - أي ما يكون بنظر العرف جامعاً - وعليه فلا إشكال من هذه الناحية.
النقطة الثالثة:- أقسام استصحاب الكلّي.
المعروف أن استصحاب الكلّي هو على أقساٍ ثلاثة:-
القسم الأوّل:- أن يكون الكلّي متيقّناً ضمن فردٍ معيّن ويشكّ في ارتفاعه لأجل احتمال ارتفاع ذلك الفرد الذي وجد الكلّي ضمنه . وهنا لا إشكال في جريان استصحاب الكلّي واستصحاب الفرد بلا خلافٍ بينهم . نعم هناك كلامٌ في أنّهما يجريان معاً أو أنه إذا كانت هناك آثار للفرد فنجري استصحاب الفرد وإذا كان هناك آثار للكلّي فنجري استصحاب الكلّي فنلاحظ الآثار وبلحاظها نقول يجري استصحاب الفرد أو لا وهل يجري استصحاب الكلّي أو لا، إن هذه مسألة أخرى تأتينا انشاء الله تعالى، والمهمّ أنه لا إشكال في أنه يجري استصحاب الكلّي ولو في الجملة - أي في حالة ما إذا فرض أن له أثراً بحيث كان الأثر مترتباً على الكلّي دون الفرد -.
ومثاله العرفي:- ما إذا تيقنّا بوجود الإنسان في المسجد ضمن زيدٍ وشككنا هل خرج زيدٌ أو لا فنشكّ بالتبع في أن الإنسان خرج أو لا، فيصحّ هنا أن نستصحب كلّي الإنسان لو كان الأثر مترتّباً على كلّي الإنسان.
ومثاله الشرعي:- ما لو فرض أن شخصاً أحدث بالجنابة ثم شكّ أنه اغتسل أو لم يغتسل، فيصحّ حينئذٍ أن يستصحب الكلّي - أي كلّي الحدث - بقطع النظر عن كونه جنابة فيقول أنا محدثٌ جزما ً وأشك في زوال الحدث فاستصحب بقاءه، ويرتب بناءً على ذلك آثار الكلّي مثل حرمة مس كتابة المصحف الشريف فإنها من آثار كلّيّ الحدث لا خصوص الجنابة، كما أنه لو كان الأثر مترتباً على الفرد فيستصحب الفرد . ونتمكن أن نقول:- كلّما شك في بقاء الفرد وأمكن إجراء استصحاب الفرد فإلى جنبه يوجد الكلي واستصحاب الكلي فيجري لو كان الأثر مترتباً عليه – أي على الكلّي - ففي كل موردٍ مادام يوجد فردٌ فحتماً يوجد كلّي فإن الكلّي يتحقق بالفرد فحينئذٍ نتمكّن أن نقول هما دائماً متلازمان فمادمنا قد افترضنا وجود الفرد فالكلّي أيضاً موجودٌ وهذا الاستصحاب قابلٌ للجريان وذاك الاستصحاب قابل للجريان.
ويمكن أن نلحق بهذا القسم الأول ما إذا فرض أن الكلّيَّ كان متحققاً ضمن فردين وأشك في بقاء الفردين، كما إذا علمت أن الانسان وجد في المسجد ضمن زيدٍ وعمرو واحتملت أن هذا قد خرج وذاك قد خرج أيضاً، فهذا ملحقٌ باستصحاب الكليّ من القسم الأول وإن كان عادةً هم يذكرون ذاك فقط ولكن هذا أيضاً ملحق به.
وهكذا يلحق به ما لو فرض أنا تيقنّا بوجود الكلّيّ ضمن فردٍ واحدٍ من فردين وكنّا نشكّ في ارتفاع هذا الفرد وذاك الفرد،كما لو علمنا بوجود الإنسان في المسجد ضمن زيدٍ أو عمرو وكنّا نشك في خروجهما فهذا أيضاً ملحقٌ باستصحاب الكلّي من القسم الأوّل ولا ينبغي أن يجعل قسماً برأسه لأن ضابط القسم الأوّل من استصحاب الكلّي منطبقٌ على هذين فذلك نلحق هذين باستصحاب الكلّي ولا نعدّهما قسماً مستقلاً، أما ما هو الضابط ؟ انتظر قليلاً.
القسم الثاني:- أن نتيقن بوجود الكلّي ضمن فردٍ مردّد بين فردين أحدهما متيقّن البقاء والآخر متيقّن الارتفاع وهنا لا يجري استصحاب الفرد، والوجه واضحٌ لأن الفرد ليس بمتيقّنٍ حتى نستصحبه فهذا الفرد ليس بمتيقَّنٍ حتى نستصحبه وذاك الفرد كذلك بل لعلّه لا شكَّ فالمهم أنه لا يقين فكفانا حينئذٍ، وإنما الكلام هو أنه هل يجري استصحاب الكلّي أو لا ؟
ومثاله العرفي:- ما لو علمنا بوجود الإنسان ضمن زيدٍ الذي إن دخل المسجد فهو صاحب السجدة الطويلة أو ضمن عمروٍ الذي يخرج من المسجد بسرعة فهنا استصحاب الفرد لا يجري جزماً لعدم اليقين السابق بالفرد ولكن الكلّي المعروف جريان الاستصحاب فيه لما سوف يأتي.
ومثاله الشرعي:- ما إذا خرج من المكلّف رطوبة مردّدة بين كونها بولاً أو منيّاً ونفترض أن المكلّف توضأ من دون غسلٍ أو اغتسل من دون وضوءٍ فهو قد صنع واحداً فقط، ففي مثل هذه الحالة سوف يشك في بقاء ذلك الكلّي - أي كلّي الحدث لأن الكلّي متيقّن - فلو توضأ مثلاً فعلى تقدير كونه حدثاً أصغر فهو قد ارتفع جزماً وأما على تقدير كونه حدثاً أكبر فهو باقٍ جزماً . إذن حال الفرد يدور بين متيقّن البقاء ومتيقّن الارتفاع واستصحاب الفرد لا يجري بل يجري استصحاب الكلّي.
ويلحق به ما إذا فرض أن أحد الفردين كان متيقّن البقاء والآخر محتمل الارتفاع - لا أنه متيقن الارتفاع -، ويلحق به العكس أيضاً، فحالة ما إذا كان أحدهما متيقّن الارتفاع والآخر محتمل البقاء وحالة العكس كلاهما ملحقتان باستصحاب الكلّي من القسم الثاني ولا نعدّهما قسمين مستقلّين، والنكتة في ذلك هي أن ضابط القسم الثاني من استصحاب الكلّي هو أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي بسبب عدم تعيّن الفرد فلأجل أن الفرد ليس متعيّناً وأنه هذا أو هذا يحصل الشكّ في بقاء الكلّي، بخلاف الكلّي من القسم الأوّل فإن ضابطه هو أن يكون الكلّي متعيّناً ضمن فردٍ ولا يشك في بقاءه بسبب تردّد الفرد، فالقسم الأوّل لم ينشأ الشك في بقاء الكلّي بسبب تردّد الفرد وإنما قد يكون الفرد متعيّناً ولكن أشك هل أنه ارتفع أو لم يرتفع، بخلافه في القسم الثاني فإن الشك في بقاء الكلّي يكون نتيجة تردّد الفرد الذي حدث في ضمنه الكلّي، ومادام هذا هو الضابط الذي على أساسه عقد القسم الأوّل من استصحاب الكلّي وعقد على أساسه استصحاب الكلّي من القسم الثاني أيضاً فكلّ ما كان داخلاً تحت هذا الضابط - مثلاً لاستصحاب الكلّي من القسم الأوّل - فيكون داخلاً تحته ولاحقاً به، ولذلك ألحقنا ما إذا فرض أن كلّي الإنسان نعلم بوجوده ضمن إما زيدٍ وإما عمرو ونشكّ في بقائهما باستصحاب الكلّي من القسم الأوّل لأن منشأ الشك ليس هو تردّد الفرد، وهكذا لو علمنا بوجوده ضمنهما معاً وشككنا في خروجهما فهذا أيضاً نلحقه بالقسم الأوّل لأن منشأ الشك في بقاء الكلّي ليس تردّد الفرد فيكون ملحقاً بالقسم الأوّل، وهذا بخلافة فبالنسبة إلى الملحقين بالقسم الثاني فإن منشأ الشكّ فيهما هو تردّد الفرد لأنه إذا كان أحد الفردين متيقّن البقاء والآخر مشكوك الارتفاع فسوف نشك في بقاء الكلّي بسبب تردّد الفرد، وهكذا الحال في صورة العكس . إذن هذه هي النكتة التي دعتنا إلى إلحاق هذين بالقسم الأوّل وهذين بالقسم الثاني، وهي نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.