35/04/22
تحمیل
الموضوع:- التنبيه السابع ( استصحاب
الكلّي واستصحاب الفرد المردّد وغير المردّد ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
وذكر الشيخ الحاج أغا رضا الهمداني(قده)[1]:- أنه توجد حالتان إحداهما الحالة التي أشرنا إليها فيما تقدّم والتي جاءت في كلمات السيد الخوئي(قده)، وهناك حالة ثانية وهي أن يفترض أن الشخص قد أجنب بجنابتين يعني أنه أجنب مرّتين في يوم الخميس وهذا شيءٌ جزميٌّ له لا أنه يحتمل حدوث جنابة ثانية بل هو يجزم بحدوث جنابة ثانية، ويقطع أيضاً بأنه قد اغتسل، ولكن لا يدري هل اغتسل بعد الجنابة الثانية حتى يكون الآن متطهراً أو أنه اغتسل قبل الجنابة الثانية حتى يكون محتاجاً إلى غسلٍ جديد ؟ إنه(قده) قال بوجود فرقٍ بين الحالتين، ففي الحالة الثانية التي جُزِم فيها بوجود جنابتين وغسلٍ واحدٍ يمكن أن يقال بأنه يلزم عليه أن يغتسل غسلاً جديداً لأنه حينما حدثت الجنابة الثانية يجزم بأنه قد توجّه إليه حكمٌ بوجوب الغسل ولكن لا يدري هل يسقط هذا الوجوب بالغسل الذي جاء به بعد الجنابة الثانية أو لا ؟ فوجوب الغسل ثابتٌ في حقّه جزماً ولكن يشكّ في سقوطه فهل يسقط أو لا ؟ ففي مثل هذه الحالة يلزمه آنذاك لتفريغ الذمّة أن يغتسل من جديد لأنه يشكّ في سقوط ما ثبت في حقّه . وهذا بخلافه في الحالة الأولى التي رأى فيها قطعة المنيّ في ثوبه فإنه فيها يجزم بجنابةٍ واحدةٍ وبتوجّه وجوبٍ واحدٍ للغُسل والمفروض أن هذا الوجوب قد سقط لأنه اغتسل جزماً ويشك في حدوث جنابةٍ جيدةٍ ووجوب غسلٍ جديدٍ، فأصل الجنابة الجديدة الثانية يشكّ في حدوثها وتوجّه وجوبٍ ثانٍ للغسل يشكّ في أصل تحقّقه فلا حاجة إلى غسل جديدٍ . بخلافه في الحالة الثانية فإن المفروض هو أنه يجزم بجنابة ثانية وبتوجّه وجوبٍ غسلٍ جزماً ولكن يشكّ في سقوطه فيلزمه إحراز الطهارة وذلك بالغسل من جديد . إذن هو(قده) لم يسلّم بوجوب الغسل في محلّ كلامنا - يعني صاحب قطعة المني التي ذكر فيها السيد الخوئي وجوب الغسل - ولكنه قال هو لا يجب لأجل أن الجنابة التي يُجزَم بها هي واحدةٌ وما زاد فهو يشكّ في حدوثه فلا يجب عليه غسل جديد.
نعم وجوب غسل جديدٍ يتمّ فيمن جزم بوجود جنابتين وغسلٍ واحدٍ فهنا يحتاج إلى غسلٍ جديدٍ، ونصّ عبارته:- ( إذا فرضنا أنه أصبح جنباً ثم عرضه جنابة أخرى أثناء اليوم وشكّ في كونها قبل الاغتسال أم بعده نقول:- ثبوت التكليف بالاغتسال عند عروض الجنابة الثانية معلومٌ، وسقوطه غيرُ معلومٍ لاحتمال وقوع الغسل قبله، وأما لو لم يعلم بعروض جنابة أخرى بل رأى منيّاً في ثوبه واحتمل كونه من الجنابة الأولى نقول:- سقوط الجنابة التي علم ثبوتها أوّل الصبح معلومٌ وثبوت جنابةٍ أخرى غيرها غيرُ معلومٍ .... ) . إذن هو(قده) لم يسلّم بالحاجة إلى الغسل الجديد في المورد الذي ذكره السيد الخوئي(قده) وسمّاه بالقسم الرابع، نعم هو سلّمه أذا فرض أن الجنابة الثانية كانت جزميّة وليست احتماليّة.
وقد أشار السيد الخوئي(قده) في مصباح الأصول إلى كلام الشيخ الهمداني وإن لم يصرّح باسمه وذكر أن الحاجة إلى الغسل الثاني ثابتٌ حتّى فيمن رأى قطعة المنيّ التي يحتمل أنها من الأولى، والوجه في ذلك ما أشرنا إليه سابقاً - يعني أنه يشير إلى قطعة المنيّ ويقول إنه عند خروج هذا المنيّ حدثت جنابة جزماً أما أنها زالت أو لا ؟ إنه شيءٌ مشكوكٌ فنستصحب بقاء الجنابة ويكون ذلك معارضاً باستصحاب الطهارة حين تحقّق الغسل وبتساقط هذين الاستصحابين يلزمنا إحراز تحقّق الشرط وذلك بالإتيان بالغسل من جديد - . إذن بقي السيّد الخوئي(قده) مصرّاً على الحاجة إلى غسلٍ جديدٍ لهذه النكتة.
وقبل أن نعلّق على ما أفاده(قده) نقول:- إن الصناعة أحياناً تتغلب على الوجدان من حيث لا نلتفت، وذكرنا فيما سبق بعض الأمثلة لذلك وأحدها هو هذا المورد الذي ذكره(قده)، إن الوجدان في هذا المثال قاضٍ بعدم الحاجة إلى غُسلٍ جديدٍ باعتبار أني لا أجزم بحدوث جنابةٍ جديدةٍ غير الجنابة التي اغتسلتُ منها، فهناك جنابة جزميّة وقد اغتسلتُ منها جزماً، أمّا حدوث جنابةٍ ثانية وتوجّه وجوبِ غُسلٍ ثانٍ فلا يقين لي به فلماذا حينئذٍ يجب عليَّ الغسل الجديد ؟!!، فإذا أردنا أن ندور مدار الوجدان فالمناسب أنه لا حاجة إلى الغسل الجديد لما أشرت إليه . إن هذا كلامٌ مع الوجدان فالوجدان يقتضي هذا، ولكن جاءت الصناعة وقيّدت الوجدان.
والخلاصة:- إن الصناعة هنا جاءت ووقفت أمام الوجدان والفقيه قد يضحّي بوجدانه فداءً للصناعة، هذه قضيّة ينبغي الالتفات إليها، أمّا كيف نحلّ هذه الصاعة حتى لا تحصل المعارضة بين الصناعة والوجدان ؟ هذا ما سنشير إليه في تعليقنا.
وعلى أي حال يرد على ما أفاده(قده) تعليقان:-
التعليق الأوّل:- إن ما عنونه بعنوان ( استصحاب القسم الرابع من الكلّي ) يمكن أن نقول بأنه ليس قسماً رابعاً، بل هو إمّا راجعٌ إلى القسم الثاني أو الثالث وليس مغايراً لهما، والوجه في ذلك:- هو أنه تارةً تشير إلى قطعة المنيّ ونقول إنه قد حدثت جنابةٌ من هذه القطعة بحيث يكون قولنا ( من هذه القطعة من المنيّ ) منظوراً وقيداً في الجنابة، فإذا نظرنا هكذا فالمورد يصير من استصحاب الكلّي من القسم الثاني لأن الجنابة التي حدثت من هذه القطعة مردّدة بين أن تكون هي الجنابة الأولى وقد زالت جزماً، وبين الجنابة الثانية وهي باقية جزماً، فيصير المورد من الفرد الطويل والقصير - بين ما هو باقٍ جزماً وبين ما هو مرتفعٌ جزماً - . نعم يختلف هذا عن استصحاب الكلّي من القسم الثاني في فارقٍ ليس بِمُفرّق فإنه في هذا المثال فرضنا أنه يحتمل حدوث فردٍ ثانٍ فقطعة المنيّ مردّدة بين تلك الجنابة وبين جنابةٍ جديدةٍ، وهذا بخلافه في القسم الثاني من الكلّي فإن المفروض فيه هو أن الفرد واحدٌ وهو إما الفيل أو البقّ ولا يحتمل وجود فردٍ آخر، أما هنا فيحتمل وجود فردٍ آخر، ولكنَّ هذا الاحتمال لا يؤثّر شيئاً إذ بالتالي يكون أمر الجنابة دائراً بين القطع بالارتفاع أو القطع بالبقاء غايته أن منشأ ذلك هو احتمال وجود جنابةٍ ثانيةٍ، إن إدخال هذا في الحساب لا يؤثّر شيئاً . وهكذا مصطلح ( إن لنا علماً تفصيلياً بحدوث جنابة وارتفاعها، وعلماً إجماليّاً )، ومثل هذا العلم التفصيليّ ليس موجوداً في القسم الثاني من استصحاب الكلّي الذي قرأناه سابقاً، إن هذه الفوارق الجزئية ليست مُفَرِّقة من حيث الروح، فالروح واحدة فإنه بالتالي يكون أمر الجنابة الحاصلة مردّد بين ما هو حاصلٌ جزماً وبين ما هو مرتفعٌ جزماً، أمّا سبب الشكّ وسبب هذا التردّد ما هو ؟ إن هذا لا يؤثّر شيئاً.
وأما إذا نظرنا إلى الجنابة من دون قيد ( من هذا المنيّ ) بل نظرنا إلى أصل الجنابة وقلنا إن هناك جنابةً فيصير من القسم الثالث للكلّي، لأن هناك جنابة قد حدثت جزماً - وهي الأولى - وارتفعت جزماً، ونحتمل حدوث جنابةٍ ثانيةٍ ومنيٍّ ثانٍ صار سبباً لبقاء الكلّي، فيصير المورد من الكلّي من القسم الثالث . إذن ما جعله قسماً رابعاً إمّا أن يرجع إلى الثاني إذا أخذنا الجنابة مقيّدة بكونها من هذه القطعة من المنيّ، ويصير من الثالث إذا لم نأخذ هذا القيد بعين الاعتبار.
وذكر الشيخ الحاج أغا رضا الهمداني(قده)[1]:- أنه توجد حالتان إحداهما الحالة التي أشرنا إليها فيما تقدّم والتي جاءت في كلمات السيد الخوئي(قده)، وهناك حالة ثانية وهي أن يفترض أن الشخص قد أجنب بجنابتين يعني أنه أجنب مرّتين في يوم الخميس وهذا شيءٌ جزميٌّ له لا أنه يحتمل حدوث جنابة ثانية بل هو يجزم بحدوث جنابة ثانية، ويقطع أيضاً بأنه قد اغتسل، ولكن لا يدري هل اغتسل بعد الجنابة الثانية حتى يكون الآن متطهراً أو أنه اغتسل قبل الجنابة الثانية حتى يكون محتاجاً إلى غسلٍ جديد ؟ إنه(قده) قال بوجود فرقٍ بين الحالتين، ففي الحالة الثانية التي جُزِم فيها بوجود جنابتين وغسلٍ واحدٍ يمكن أن يقال بأنه يلزم عليه أن يغتسل غسلاً جديداً لأنه حينما حدثت الجنابة الثانية يجزم بأنه قد توجّه إليه حكمٌ بوجوب الغسل ولكن لا يدري هل يسقط هذا الوجوب بالغسل الذي جاء به بعد الجنابة الثانية أو لا ؟ فوجوب الغسل ثابتٌ في حقّه جزماً ولكن يشكّ في سقوطه فهل يسقط أو لا ؟ ففي مثل هذه الحالة يلزمه آنذاك لتفريغ الذمّة أن يغتسل من جديد لأنه يشكّ في سقوط ما ثبت في حقّه . وهذا بخلافه في الحالة الأولى التي رأى فيها قطعة المنيّ في ثوبه فإنه فيها يجزم بجنابةٍ واحدةٍ وبتوجّه وجوبٍ واحدٍ للغُسل والمفروض أن هذا الوجوب قد سقط لأنه اغتسل جزماً ويشك في حدوث جنابةٍ جيدةٍ ووجوب غسلٍ جديدٍ، فأصل الجنابة الجديدة الثانية يشكّ في حدوثها وتوجّه وجوبٍ ثانٍ للغسل يشكّ في أصل تحقّقه فلا حاجة إلى غسل جديدٍ . بخلافه في الحالة الثانية فإن المفروض هو أنه يجزم بجنابة ثانية وبتوجّه وجوبٍ غسلٍ جزماً ولكن يشكّ في سقوطه فيلزمه إحراز الطهارة وذلك بالغسل من جديد . إذن هو(قده) لم يسلّم بوجوب الغسل في محلّ كلامنا - يعني صاحب قطعة المني التي ذكر فيها السيد الخوئي وجوب الغسل - ولكنه قال هو لا يجب لأجل أن الجنابة التي يُجزَم بها هي واحدةٌ وما زاد فهو يشكّ في حدوثه فلا يجب عليه غسل جديد.
نعم وجوب غسل جديدٍ يتمّ فيمن جزم بوجود جنابتين وغسلٍ واحدٍ فهنا يحتاج إلى غسلٍ جديدٍ، ونصّ عبارته:- ( إذا فرضنا أنه أصبح جنباً ثم عرضه جنابة أخرى أثناء اليوم وشكّ في كونها قبل الاغتسال أم بعده نقول:- ثبوت التكليف بالاغتسال عند عروض الجنابة الثانية معلومٌ، وسقوطه غيرُ معلومٍ لاحتمال وقوع الغسل قبله، وأما لو لم يعلم بعروض جنابة أخرى بل رأى منيّاً في ثوبه واحتمل كونه من الجنابة الأولى نقول:- سقوط الجنابة التي علم ثبوتها أوّل الصبح معلومٌ وثبوت جنابةٍ أخرى غيرها غيرُ معلومٍ .... ) . إذن هو(قده) لم يسلّم بالحاجة إلى الغسل الجديد في المورد الذي ذكره السيد الخوئي(قده) وسمّاه بالقسم الرابع، نعم هو سلّمه أذا فرض أن الجنابة الثانية كانت جزميّة وليست احتماليّة.
وقد أشار السيد الخوئي(قده) في مصباح الأصول إلى كلام الشيخ الهمداني وإن لم يصرّح باسمه وذكر أن الحاجة إلى الغسل الثاني ثابتٌ حتّى فيمن رأى قطعة المنيّ التي يحتمل أنها من الأولى، والوجه في ذلك ما أشرنا إليه سابقاً - يعني أنه يشير إلى قطعة المنيّ ويقول إنه عند خروج هذا المنيّ حدثت جنابة جزماً أما أنها زالت أو لا ؟ إنه شيءٌ مشكوكٌ فنستصحب بقاء الجنابة ويكون ذلك معارضاً باستصحاب الطهارة حين تحقّق الغسل وبتساقط هذين الاستصحابين يلزمنا إحراز تحقّق الشرط وذلك بالإتيان بالغسل من جديد - . إذن بقي السيّد الخوئي(قده) مصرّاً على الحاجة إلى غسلٍ جديدٍ لهذه النكتة.
وقبل أن نعلّق على ما أفاده(قده) نقول:- إن الصناعة أحياناً تتغلب على الوجدان من حيث لا نلتفت، وذكرنا فيما سبق بعض الأمثلة لذلك وأحدها هو هذا المورد الذي ذكره(قده)، إن الوجدان في هذا المثال قاضٍ بعدم الحاجة إلى غُسلٍ جديدٍ باعتبار أني لا أجزم بحدوث جنابةٍ جديدةٍ غير الجنابة التي اغتسلتُ منها، فهناك جنابة جزميّة وقد اغتسلتُ منها جزماً، أمّا حدوث جنابةٍ ثانية وتوجّه وجوبِ غُسلٍ ثانٍ فلا يقين لي به فلماذا حينئذٍ يجب عليَّ الغسل الجديد ؟!!، فإذا أردنا أن ندور مدار الوجدان فالمناسب أنه لا حاجة إلى الغسل الجديد لما أشرت إليه . إن هذا كلامٌ مع الوجدان فالوجدان يقتضي هذا، ولكن جاءت الصناعة وقيّدت الوجدان.
والخلاصة:- إن الصناعة هنا جاءت ووقفت أمام الوجدان والفقيه قد يضحّي بوجدانه فداءً للصناعة، هذه قضيّة ينبغي الالتفات إليها، أمّا كيف نحلّ هذه الصاعة حتى لا تحصل المعارضة بين الصناعة والوجدان ؟ هذا ما سنشير إليه في تعليقنا.
وعلى أي حال يرد على ما أفاده(قده) تعليقان:-
التعليق الأوّل:- إن ما عنونه بعنوان ( استصحاب القسم الرابع من الكلّي ) يمكن أن نقول بأنه ليس قسماً رابعاً، بل هو إمّا راجعٌ إلى القسم الثاني أو الثالث وليس مغايراً لهما، والوجه في ذلك:- هو أنه تارةً تشير إلى قطعة المنيّ ونقول إنه قد حدثت جنابةٌ من هذه القطعة بحيث يكون قولنا ( من هذه القطعة من المنيّ ) منظوراً وقيداً في الجنابة، فإذا نظرنا هكذا فالمورد يصير من استصحاب الكلّي من القسم الثاني لأن الجنابة التي حدثت من هذه القطعة مردّدة بين أن تكون هي الجنابة الأولى وقد زالت جزماً، وبين الجنابة الثانية وهي باقية جزماً، فيصير المورد من الفرد الطويل والقصير - بين ما هو باقٍ جزماً وبين ما هو مرتفعٌ جزماً - . نعم يختلف هذا عن استصحاب الكلّي من القسم الثاني في فارقٍ ليس بِمُفرّق فإنه في هذا المثال فرضنا أنه يحتمل حدوث فردٍ ثانٍ فقطعة المنيّ مردّدة بين تلك الجنابة وبين جنابةٍ جديدةٍ، وهذا بخلافه في القسم الثاني من الكلّي فإن المفروض فيه هو أن الفرد واحدٌ وهو إما الفيل أو البقّ ولا يحتمل وجود فردٍ آخر، أما هنا فيحتمل وجود فردٍ آخر، ولكنَّ هذا الاحتمال لا يؤثّر شيئاً إذ بالتالي يكون أمر الجنابة دائراً بين القطع بالارتفاع أو القطع بالبقاء غايته أن منشأ ذلك هو احتمال وجود جنابةٍ ثانيةٍ، إن إدخال هذا في الحساب لا يؤثّر شيئاً . وهكذا مصطلح ( إن لنا علماً تفصيلياً بحدوث جنابة وارتفاعها، وعلماً إجماليّاً )، ومثل هذا العلم التفصيليّ ليس موجوداً في القسم الثاني من استصحاب الكلّي الذي قرأناه سابقاً، إن هذه الفوارق الجزئية ليست مُفَرِّقة من حيث الروح، فالروح واحدة فإنه بالتالي يكون أمر الجنابة الحاصلة مردّد بين ما هو حاصلٌ جزماً وبين ما هو مرتفعٌ جزماً، أمّا سبب الشكّ وسبب هذا التردّد ما هو ؟ إن هذا لا يؤثّر شيئاً.
وأما إذا نظرنا إلى الجنابة من دون قيد ( من هذا المنيّ ) بل نظرنا إلى أصل الجنابة وقلنا إن هناك جنابةً فيصير من القسم الثالث للكلّي، لأن هناك جنابة قد حدثت جزماً - وهي الأولى - وارتفعت جزماً، ونحتمل حدوث جنابةٍ ثانيةٍ ومنيٍّ ثانٍ صار سبباً لبقاء الكلّي، فيصير المورد من الكلّي من القسم الثالث . إذن ما جعله قسماً رابعاً إمّا أن يرجع إلى الثاني إذا أخذنا الجنابة مقيّدة بكونها من هذه القطعة من المنيّ، ويصير من الثالث إذا لم نأخذ هذا القيد بعين الاعتبار.