35/04/26
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الثامن ( وجه تقديم الأمارات
على الأصول ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
عودٌ إلى صلب الموضوع وهو أنه ما هو الوجه في تقدّم الأمارة على الاستصحاب ؟
والجواب:- إنه يحتمل أن يكون ذلك من باب التخصّص، كما يحتمل أن يكون من باب التخصيص، ويحتمل أن يكون من باب الورود، وهكذا يحتمل أنه باب الحكومة . إذن كلّ الاحتمالات الأربعة موجودةٌ نذكرها مع توجيهها ثم نختار بعضها كما سوف يتّضح:-
أما بالنسبة إلى التخصّص:- فيظهر من صاحب الكفاية(قده) اختياره في أواخر مبحث الاستصحاب، فإنه عبّر بالورود بيد أنه حينما فسّره يظهر منه التخصّص فاستعمل كلمة ورود وأراد منها التخصّص - وسوف نذكر عبارته بعد ذلك انشاء الله تعالى -.
أما ما هو تقريب التخصص ؟ ذلك بأن يقال:- إن ورايات الاستصحاب تنهى عن نقض اليقين بالشك ومع فرض قيام الأمارة ووجودها يصير المورد من باب نقض اليقين باليقين ويخرج عن موضوع الاستصحاب الذي هو نقض اليقين بالشك . وكيف يصير المورد من باب نقض اليقين باليقين ؟ ذلك باعتبار أن الأمارة تنتهي بالتالي إلى العلم فهي وإن لم تفد إلا الظن ولكن هذا الظن قام الدليل القطعي على حجيّته، وبعد القطع بحجّيته فيكون رفع اليد عن اليقين السابق - أي بالحالة السابقة - ليس لأجل الظن أو الشك بل لأجل اليقين الحاصل بحجيّة هذا الظن - أي اليقين بحجّية الأمارة - فيصير المورد من باب التخصّص . ولكن صاحب الكفاية عبّر بالورود وفسّره بهذا التفسير الذي هو تخصّص، ونصّ عبارته:- ( والتحقيق أنه للورود فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين )[1].
ويمكن أن نجيب:-
أوّلاً:- إنه إنما يصدق نقض اليقين باليقين فيما لو اتّحد متعلّق اليقينين، أما إذا اختلف فلا يصدق حينئذٍ نقض اليقين باليقين، فمثلاً لو كانت الحالة السابقة هي اليقين بنجاسة الثوب فحينئذٍ لو حصل بعد ذلك يقين بعدم النجاسة في مرحلة البقاء فيصدق نقض اليقين باليقين، أما إذا حصل يقينٌ بشيءٍ آخر كما هو المفروض في مقامنا فإن اليقين اللاحق هو يقين بحجيّة الأمارة وحجيّة الظن الناشئ منها وليس يقيناً بعدم النجاسة حتى يتّحد متعلّق اليقينين . إذن لا يوجد اتّحاد بين متعلّق اليقينين، بل اليقين السابق هو يقينٌ بنجاسة الثوب واليقين اللاحق ليس يقيناً بعدم نجاسته بل هو يقين بحجيّة الأمارة القائمة على زوال النجاسة وعدمها، فمتعلق اليقين اللاحق هو اليقين بحجيّة الأمارة لا اليقين بعدم النجاسة فلم يتّحد اليقينان حتى يكون هذا من باب نقض اليقين باليقين، كلّا لا يصدق عليه نقض اليقين باليقين بل هو بَعدُ من باب نقض اليقين بالشك.
وثانياً:- إن ما ذكره يتمّ فيما إذا فرض أن الباء كانت سببيّة فحينما قال:- ( لا تنقض اليقين بالشك ) أي لا تنقض اليقين بسبب الشك بل انقضه بسبب اليقين، لأنه بالتالي نحن نقضنا اليقين بالنجاسة السابقة بسبب اليقين بحجيّة بالأمارة . ولكن الصحيح هو أن الباء ليست سببيّة وإنما هي مورديّة يعني لا تنقض اليقين في مورد الشك وليس بسبب الشك بل في مورد الشك، وفي مقامنا يصدق أننا رفعنا اليد عن اليقين السابق بالنجاسة في مورد الشك في بقائها . نعم لا نقول بسبب الشك بل في مورد الشك صادقٌ لأنه بالتالي في مورد الشك ببقاء النجاسة نحن رفعنا اليد عن اليقين السابق.
إذن إذا فسرنا الباء بالمورديّة فهنا يصدق نقض اليقين بالشك - يعني في مورد الشك، أما ّإذا فسّرناها بالسببيّة فيصدق حينئذٍ نقض اليقين باليقين كما قال صاحب الكفاية(قده) . إذن ما ذكره صاحب الكفاية مع غضّ النظر عن مناقشتنا السابقة إنما هو يتمّ فيما إذا فسّرنا الباء بالسببيّة دون المورديّة.
وتفسيرها بالسببيّة باطل:- فإن لازمه أن نقض اليقين السابق إذا لم يكن بسبب الشك وإنما كان بسبب الاستخارة مثلاً كما كما لو أخذت استخارة وخرجت على عدم بقاء الحالة السابقة فحينئذٍ سوف يصدق نقض اليقين بسبب غير الشك - أي بسبب الاستخارة - فلا يكون مردوعاً عنه، وهل تلتزم بذلك ؟ إنّه واضح الوهن، فلابد إذن من تفسير الباء بالمورديّة لا بالسببية، وإذا فسّرناها بالمورديّة فيصدق في مقامنا أنّا نقضنا اليقين السابق بالنجاسة في مورد الشك في بقائها.
عودٌ إلى صلب الموضوع وهو أنه ما هو الوجه في تقدّم الأمارة على الاستصحاب ؟
والجواب:- إنه يحتمل أن يكون ذلك من باب التخصّص، كما يحتمل أن يكون من باب التخصيص، ويحتمل أن يكون من باب الورود، وهكذا يحتمل أنه باب الحكومة . إذن كلّ الاحتمالات الأربعة موجودةٌ نذكرها مع توجيهها ثم نختار بعضها كما سوف يتّضح:-
أما بالنسبة إلى التخصّص:- فيظهر من صاحب الكفاية(قده) اختياره في أواخر مبحث الاستصحاب، فإنه عبّر بالورود بيد أنه حينما فسّره يظهر منه التخصّص فاستعمل كلمة ورود وأراد منها التخصّص - وسوف نذكر عبارته بعد ذلك انشاء الله تعالى -.
أما ما هو تقريب التخصص ؟ ذلك بأن يقال:- إن ورايات الاستصحاب تنهى عن نقض اليقين بالشك ومع فرض قيام الأمارة ووجودها يصير المورد من باب نقض اليقين باليقين ويخرج عن موضوع الاستصحاب الذي هو نقض اليقين بالشك . وكيف يصير المورد من باب نقض اليقين باليقين ؟ ذلك باعتبار أن الأمارة تنتهي بالتالي إلى العلم فهي وإن لم تفد إلا الظن ولكن هذا الظن قام الدليل القطعي على حجيّته، وبعد القطع بحجّيته فيكون رفع اليد عن اليقين السابق - أي بالحالة السابقة - ليس لأجل الظن أو الشك بل لأجل اليقين الحاصل بحجيّة هذا الظن - أي اليقين بحجّية الأمارة - فيصير المورد من باب التخصّص . ولكن صاحب الكفاية عبّر بالورود وفسّره بهذا التفسير الذي هو تخصّص، ونصّ عبارته:- ( والتحقيق أنه للورود فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين )[1].
ويمكن أن نجيب:-
أوّلاً:- إنه إنما يصدق نقض اليقين باليقين فيما لو اتّحد متعلّق اليقينين، أما إذا اختلف فلا يصدق حينئذٍ نقض اليقين باليقين، فمثلاً لو كانت الحالة السابقة هي اليقين بنجاسة الثوب فحينئذٍ لو حصل بعد ذلك يقين بعدم النجاسة في مرحلة البقاء فيصدق نقض اليقين باليقين، أما إذا حصل يقينٌ بشيءٍ آخر كما هو المفروض في مقامنا فإن اليقين اللاحق هو يقين بحجيّة الأمارة وحجيّة الظن الناشئ منها وليس يقيناً بعدم النجاسة حتى يتّحد متعلّق اليقينين . إذن لا يوجد اتّحاد بين متعلّق اليقينين، بل اليقين السابق هو يقينٌ بنجاسة الثوب واليقين اللاحق ليس يقيناً بعدم نجاسته بل هو يقين بحجيّة الأمارة القائمة على زوال النجاسة وعدمها، فمتعلق اليقين اللاحق هو اليقين بحجيّة الأمارة لا اليقين بعدم النجاسة فلم يتّحد اليقينان حتى يكون هذا من باب نقض اليقين باليقين، كلّا لا يصدق عليه نقض اليقين باليقين بل هو بَعدُ من باب نقض اليقين بالشك.
وثانياً:- إن ما ذكره يتمّ فيما إذا فرض أن الباء كانت سببيّة فحينما قال:- ( لا تنقض اليقين بالشك ) أي لا تنقض اليقين بسبب الشك بل انقضه بسبب اليقين، لأنه بالتالي نحن نقضنا اليقين بالنجاسة السابقة بسبب اليقين بحجيّة بالأمارة . ولكن الصحيح هو أن الباء ليست سببيّة وإنما هي مورديّة يعني لا تنقض اليقين في مورد الشك وليس بسبب الشك بل في مورد الشك، وفي مقامنا يصدق أننا رفعنا اليد عن اليقين السابق بالنجاسة في مورد الشك في بقائها . نعم لا نقول بسبب الشك بل في مورد الشك صادقٌ لأنه بالتالي في مورد الشك ببقاء النجاسة نحن رفعنا اليد عن اليقين السابق.
إذن إذا فسرنا الباء بالمورديّة فهنا يصدق نقض اليقين بالشك - يعني في مورد الشك، أما ّإذا فسّرناها بالسببيّة فيصدق حينئذٍ نقض اليقين باليقين كما قال صاحب الكفاية(قده) . إذن ما ذكره صاحب الكفاية مع غضّ النظر عن مناقشتنا السابقة إنما هو يتمّ فيما إذا فسّرنا الباء بالسببيّة دون المورديّة.
وتفسيرها بالسببيّة باطل:- فإن لازمه أن نقض اليقين السابق إذا لم يكن بسبب الشك وإنما كان بسبب الاستخارة مثلاً كما كما لو أخذت استخارة وخرجت على عدم بقاء الحالة السابقة فحينئذٍ سوف يصدق نقض اليقين بسبب غير الشك - أي بسبب الاستخارة - فلا يكون مردوعاً عنه، وهل تلتزم بذلك ؟ إنّه واضح الوهن، فلابد إذن من تفسير الباء بالمورديّة لا بالسببية، وإذا فسّرناها بالمورديّة فيصدق في مقامنا أنّا نقضنا اليقين السابق بالنجاسة في مورد الشك في بقائها.