34/06/20
تحمیل
الموضوع:- الدليل الثالث للاستصحاب ( التمسك بالأخبار ) / أدلة الاستصحاب / الاستصحـاب / الأصول العملية.
هذا ولكن الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل
[1]
أشكل بما حاصله:- إن لازم تفسير اليقين بما ذكر هو الاتيان بالركعة الرابعة متصلة لا منفصلة فإن الاستصحاب يقول ( أنت لم تأت بالرابعة فيلزم الاتيان بها ) والركعة المطلوبة منّي هي الرابعة المتصلة فيلزم الاتيان بها كذلك والحال أن هذا مخالف للمذهب الإمامي فإن الفقهاء مطبقون على كون الوظيفة هي الرابعة المنفصلة لا المتصلة نعم المدرسة المقابلة تبي على ذلك ، ومن هنا قال الشيخ الأعظم(قده) إن من المناسب أن نفسِّر اليقين بتفسيرٍ آخر - يعني لا نفسره بعدم اليقين بالإتيان بالرابعة وهو أن نفسِّره بقاعدة اليقين فإن هناك قاعدة تشير اليها بعض الروايات وهي أن على المكلف في باب الشكوك أن يحصل اليقين ببراءة ذمته وذلك اليقين إنما يحصل بالإتيان بالركعة المنفصلة
[2]
، وكيف يحصل اليقين ببراءة الذمة في باب شكوك الصلاة ؟ يحصل بالإتيان بالركعة المنفصلة فإنه إن لم يكن مطالباً بها - يعني أنه قد أتى بالركعات بالكامل - فهذه تكون خارجة عن المطلوب زيادة لا تضرّ ، وأما إذا كانت ناقصةً واقعاً فهذه تكون متمِّمة لها وقد اصطلح عليها في لسان الفقهاء بـ( قاعد اليقين ) وهي غير قاعدة اليقين بمعنى الشك الساري ، وقد جاءت الإشارة إليها في بعض الروايات كموثقة اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام:- ( إذا شككت فابن على اليقين قال:- قلت:- هذا أصل ؟ قال:- نعم ) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص212، ب8 من أبواب الخلل في الصلاة، ح2. ، وقد وضِّح كيفية حصول اليقين في روايات أخرى بالبناء على الأكثر فلعله هذه الرواية لا توضِّح كيفية تحصيل اليقين ولكن من خلال ضمِّ الروايات الأخرى يتضح المقصود.
والخلاصة:- إن الشيخ الأعظم(قده) قال لا يمكن أن نفسِّر اليقين في صحيحة زرارة الثالثة باليقين بعدم الاتيان بالركعة الرابعة لأنه يلزم مخالفة المذهب والمناسب أن نفسِّره بمعنى اليقين ببراءة الذمة والذي اصطلح عليه الفقهاء بقاعدة اليقين.
ثم أضاف وقال:- ولو تنزّلنا وسلمنا أن المقصود من اليقين هو اليقين بعدم الاتيان بالرابعة فنقول إنه يلزم حمل الرواية على التقيَّة وبالتالي لا يمكن أن نستفيد منها.
إذن نحن بين أمرين وعلى تقدير كليهما لا ننتفع بالرواية ، فإما أن نفسِّر اليقين باليقين بتحصيل براءة الذمة فعليه يمكن الأخذ بمضمونها ولكن لا يرتبط بمقامنا - أعني الاستصحاب - أو أن نفسِّر اليقين باليقين بعدم الاتيان بالرابعة فتكون دالة على الاستصحاب ولكن حيث إنه يلزم حملها على التقيَّة فسوف لا نستفيد منها شيئاً.
وحاول الأعلام دفع هذا الإشكال بأجوبة مختلفة:-
الجواب الأول:- ما أشار إليه الشيخ الأعظم نفسه في الرسائل وارتضاه الشيخ النائينيفوائد الأصول، النائيني، ج4، ص361. والشيخ العراقي
[3]
وحاصله:- فلنقل إن أصل القاعدة لم يذكر لأجل التقيّة بل لبيان الحكم الواقعي ولكن تطبيقها كان للتقيَّة وبذلك نحافظ على الكبرى ، وهذا له نظائر كما في قضيَّة الإمام الصادق عليه السلام في الحيرة مع السفّاح فإنه قال:- ( دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال:- يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم ؟ فقال:- ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا )وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص132، ب57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح5 ، ط مؤسسة آل البيت، وهي ضعيفة السند. فكما يقال هنا إن أصل الكبرى التي ذكرها الإمام - وهي ( إن ذاك إلى الإمام ) - كبرى جدّيَّة فصحيح أن ذاك إلى إمام المسلمين ولكن تطبيقها على المورد يشتمل على التقيَّة فإذا قبلنا بهذا في هذه الرواية فلنقبله في روايتنا.
[1] الرسائل، تسلسل26، ص62.
[2] إذن قاعدة القين صار لها معنيان المعنى المقابل للاستصحاب الذي هو الشك الساري وهنا قاعدة اليقين هي مصطلح ثاني لقاعدة اليقين بمعنى تحصيل اليقين ببراءة الذمة .
[3] نهاية الأفكار، العراقي، ج4، ص57.