33/05/19
تحمیل
الموضوع / التنبيه السادس / تنبيهات / الدوران بين الأقل والأكثر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
ولكن قد يوجه الاشتغال بما يلي:- ان الواجب هو الصلاة في غير ما لا يؤكل لحمه فلابد من احراز ذلك - أي احراز أن الصلاة صلاة فيما لا يؤكل لحمه - ولا يحرز ذلك الّا اذا صلى المكلف فيما يعلم بأنه جلد صناعي أو هو جلد حيوان مأكول اللحم ، ولا يصح أن يصلي في المشكوك لأنه لا يحرز أداء ما اشتغلت به ذمته ، وهذا نظير ما اذا اشتغلت الذمة بالصلاة مع الطهارة أو بالصلاة بعد دخول الوقت فانه لابد من احرز دخول الوقت واذا لم يحرز فلا يكتفى بهذه الصلاة اذ الواجب هو الصلاة بعد دخول الوقت فاذا لم يحرز دخول الوقت فلا يحرز أن هذا مصداق للواجب فلا يكتفي العبد به ، وهكذا بالنسبة الى الطهارة فلابد من احراز وجود الطهارة ولو من خلال الأصل أما اذا لم يحرز فيشك في كونها مصداقاً للواجب فلا يكتفى بها.
والمقام من هذا القبيل فانه ما دامت الذمة قد اشتغلت بالصلاة المقيدة بعدم كون اللباس من حيوان لا يؤكل لحمه فلابد من احراز ذلك ولا يكتفي بالامتثال في حالة الشك ، هكذا قد يقال في توجيه الحكم بالاشتغال.
وهو شيء وجيه لو فرض أن الذمة كانت مشغولة بالصلاة المقيّدة بالعنوان المذكور بحيث كان العنوان بما هو عنوان ومفهوم قد اشتغلت به الذمة فآنذاك يتمّ ما ذكر ، ولكن من الواضح أن العنوان المذكور يؤخذ بما هو مرآة الى المصاديق الخارجية لا أنه قُيّد بما هو عنوان ومفهوم ولازم ذلك أنه كلما تحقق فرد جديد من الجلد الذي لا يؤكل لحمه فسوف تتحقق مانعية جديدة ويحصل تقييد جديد للصلاة المطلوبة ، فلو فرض أن عدد أفراد الجلد كانت خمسة فالصلاة المشتغلة بها الذمة مقيّدة بعدم لبس الأول وعدم لبس الثاني .. الى الخامس ، أما اذا حصل فرد جديد نشك في أنه مصداق لما لا يؤكل لحمه أو لا فذلك معناه أننا سوف نشك في تقييد جديد لما اشتغلت به الذمة فلو فرض حقّاً وواقعاً أنه كان مما لا يؤكل لحمه فذمتنا قد اشتغلت بالصلاة المقيدة بعدم لبس هذا وهذا ..... الى السادس ، أما اذا شككنا في أنه مما يؤكل أو لا يؤكل فهذا شك في أن ما اشتغلت به الذمة هل تقيد بقيد زائد - أي بأن لا تكون الصلاة مع هذا الفرد الجديد السادس - فنجري أصل البراءة فنقول هكذا ( نحن نجزم بأن ذمتنا اشتغلت بالصلاة المقيدة بعدم لبس هذا الأول والثاني ......... الى الخامس ونشك في اشتغالها بالصلاة المقيدة بعدم لبس الفرد السادس ) انه شك في أصل التكليف والضيق والكلفة الزائدة فيرفع بالبراءة.
ولكن هذا - كما اتضح من خلال كلامنا - مبني على أن المانعية انحلالية - أي أنها تنحل بعدد أفراد مالا يؤكل لحمه في الخارج - أما اذا بنينا على أنها ليست انحلالية - أي أن الذمة قد اشتغلت بالصلاة المقيدة بقيد واحد غير منحلّ يعني المقيدة بعدم لبس ما لا يؤكل لحمه بحيث يكون المفهوم بما هو مفهوم قد أخذ عدمه قيداً فان المانعية لا تكون انحلالية آنذاك - فيلزم الاشتغال.
ولكن بعدما قلنا ان هذا المفهوم يؤخذ عادةً كمرآةٍ الى أفراده الخارجية فحينئذ يلزم انحلال المانعية بعدد أفراد المانع خارجاً ، وبالتالي يلزم عند حدوث فردٍ مشكوكٍ الشك في التقيّد الجديد لما اشتغلت به الذمة فينفى بالبراءة.
وهذا الكلام هو الكلام في مسألة الشك في الخمريّة ، فلو فرض وجود سائل في الخارج وشككنا أنه خمر أو لا فهل يلزم تركه ؟
هناك شبهة نقلها الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل وهي أنه يلزم تركه لأن الذمة قد اشتغلت بترك الخمر ولا يُحرز ذلك - أي الامتثال - الا بترك المتيقن والمشكوك معاً لا خصوص المتيقن فقط فيلزم ترك الخمر المشكوك أيضاً .
وذُكِر هناك نفس هذا الجواب فيقال:- لو كانت الذمة قد اشتغلت بهذا المفهوم بما هو مفهوم من دون انحلالٍ صح ما ذكر ، ولكن بعدما أخذ الخمر كمرآةٍ الى الأفراد الخارجية فكل فرد يوجد في الخارج يلزم أن تثبت معه حرمة فعلية جديدة غير الحرمة الفعلية التي ثبتت للفرد الآخر فاذا شككنا في فرديّة هذا الفرد فمعناه هو الشك في حرمةٍ فعليةٍ جديدةٍ فنجري أصل البراءة . ان نفس هذا الكلام الذي ذكر في مسألة الخمرية يأتي في مقامنا ، والمسألة ذات كلام طويل وعريض ولكن نكتفي بهذا المقدار فان البحث أصولي وليس فقهياً ، وبذلك ننهي هذا التنبيه.