33/04/19
تحمیل
الموضوع / الدوران بين الأقل والأكثر / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وفيه:- ان ما أفاده(قده) من رجوع الاستقلالية الى لحاظ لا بشرط والضمنية الى لحاظ بشرط شيء هو شيء وجيه ولكنه لا يؤثر في النتيجة التي نقصد الوصول اليها ، وذلك باعتبار أن اللحاظ بنحو اللا بشرطية أو اللحاظ بنحو بشرط شيء ليس داخلاً في عهدة المكلف ، فان الذي تشتغل به الذمة والعهدة هو المحدود - أي واقع الواجب - وأما الحدّ وانه بنحو لحاظ لا بشرط أو بشرط شيء فهو ليس مما تشتغل به العهدة . نعم هذا اللحاظ يستعين به المولى في عالم الجعل وصبّ الوجوب ، فانه تارة يصبّ الوجوب على الأقل بشرط ضم الجزء العاشر وأخرى يصبّه على الأقل لا بشرط ذلك ، واما في عالم شغل الذمة والعهدة فلا تشتغل الذمة بالمحدود وبالحدّ معاً بل تشتغل بالمحدود فقط دون الحدّ ، وحيث ان المهم هو تفريغ الذمة ولحاظ عالم العهدة - فان المكلف ملزم بتفريغ ذمته - فلا يهمنا بعد هذا ملاحظة عالم الجعل بل المهم ان نلاحظ ما اشتغلت به ذمتنا والذي تشتغل به هو واقع المحدود من دون أخذ الحدّ ، واذا طرحنا الحدّ من الحساب - باعتبار ان الذمة لا تشتغل به - فلا يصير المورد من الدوران بين المتباينين بلحاظ عالم العهدة بل تكون العهدة مشتغلة بالأقل بنحو العلم التفصيلي الذي هو علم تفصيلي حقيقةً لا أنه كذلك صورة.
وبالجملة:- لابد من التمييز بين عالم الجعل وعالم العهدة ، ففي عالم الجعل نسلّم أن الدوران هو بين المتباينين وبلحاظ عالم العهدة ليس كذلك بل هناك علم تفصيلي بلحاظ الأقل ، والمهم هو ملاحظة عالم العهدة وعليه يحصل الانحلال الحقيقي ، فذلك العلم الاجمالي بوجوب الأقل أو الاكثر ينحل انحلالاً حقيقياً - يعني لو لاحظنا عالم العهدة - فلنا علم تفصيلي بوجوب الأقل بالوجوب النفسي وشك في وجوب الزائد فالعلم الاجمالي منحلّ حقيقةً ، نعم انما لا ينحل فيما اذا أدخلنا في الحساب قيد لا بشرط أو بشرط شيء - أي قيد الضمنية والاستقلالية - ولكنهما كما قلنا هما حدّان والذمة تشتغل بالمحدود دون الحدّ ، وهو شيء ظريف ينبغي الالتفات اليه.
وبهذا يتضح أن الجواب الثاني - الذي قلنا لعله هو مقصود الشيخ في الرسائل - جواب صحيح ومتين بعد ادخال النكتة التي أشرنا اليها ، أي نقول:- انما يتشكل العلم الاجمالي بثبوت وجوب نفسي اما للأقل أو الاكثر لو لاحظنا عالم جعل الوجوب وأما اذا لاحظنا عالم اشتغال الذمة والعهدة فالعلم الاجمالي منحلّ حقيقةً اذ نجزم باشتغال الذمة بالأقل ونشك في الاشتغال بالزائد.
ومنه يتضح بطلان الجواب الثالث.
الجواب الثالث:- ما ربما ينسب الى السيد الخوئي(قده) وحاصله:- ان العلم الاجمالي المتقدم - يعني العلم الاجمالي بثبوت وجوب نفسي استقلالي ثابت اما للأقل او للأكثر والذي أبرزناه في الدليل الاول هو منحلّ حكماً فلا تأثير له ، والوجه في ذلك هو ان اصل البراءة يجري بلحاظ وجوب الاكثر ولا يجري بلحاظ وجوب الاقل فلا معارضة في البين ، اما لماذا لا يجري بلحاظ وجوب الاقل ؟ ذلك باعتبار انه اذا اجرينا اصل البراءة عن وجوب الاقل فالمقصود منه هو التأمين من وجوب الاقل فنسأل هل غرضك هو التامين من وجوب الاقل في فرض الاتيان بالأكثر او ان المقصود هو التأمين في فرض وحالة ترك الاكثر ؟ والاول لا معنى له في حد نفسه لان من اتى بالأكثر فقد اتى بالأقل فالتامين من وجوب الاقل بعد فرض الاتيان به سفهٌ ولغوٌ ، وان كان الهدف هو الثاني فهذا يعني المخالفة القطعية ولا معنى للتامين في مثل ذلك فان المكلف اذا لم يأت بالأكثر فالتامين من الاقل يعني انه لا يأتي ايضاً بالأقل فلا يأتي بهذا ولا يأتي بذاك وهذا مخالفة قطعية ، اذن اصل البراءة بلحاظ وجوب الاقل لا يجري فيجري بلحاظ الاكثر فقط وهذا معناه الانحلال الحكمي.
وفيه:- انه قد اتضح من خلال ردنا على الجواب السابق أنا مرة نلحظ عالم العهدة واخرى نلحظ عالم الجعل وصبّ الوجوب ، فان لوحظ عالم العهدة فهناك انحلال حقيقي للعلم الاجمالي - أي العهدة مشتغلة بنحو العلم التفصيلي بوجوب الاقل كما اوضحنا سابقا - ومع الانحلال الحقيقي لا تصل النوبة الى الانحلال الحكمي ، واما اذا لاحظنا عالم الجعل فنسلم انه لا انحلال حقيقي فنحتاج آنذاك الى الانحلال الحكمي ، ولكن لا معنى لملاحظة عالم الجعل حتى نكون بحاجة الى الانحلال الحكمي فان اللازم على المكلف تفريغ عهدته وذمته فعليه ان يلاحظ عهدته وذمته لا ان يلاحظ عالم الجعل وانما نلاحظ عالم الجعل احيانا من باب اتفاقه احياناً مع عالم العهدة اما اذا اختلفا فيتعين ان نلاحظ عالم العهدة وبلحاظ عالم العهدة يوجد انحلال حقيقي فلا تصل النوبة الى الانحلال الحكمي ، وهذا مطلب ينبغي ان يكون واضحاً.
والنتيجة التي انتهينا اليها هي:- أنه استدل في الدليل الاول بالعلم الاجمالي اما بوجوب الاقل واما الاكثر ، واتضح ان الجواب الصحيح عليه هو انه لا يوجد علم اجمالي فانه منحلّ حقيقةً وذلك فيما اذا لاحظنا عالم العهدة لا عالم جعل الوجوب فان في عالم العهدة نعلم تفصيلا ًباشتغال الذمة بالمحدود - أي بوجوب التسعة - بالوجوب النفسي والحدّ ليس من شؤون عالم العهدة وانما هو من شؤون عالم الجعل.