33/03/26
تحمیل
الموضوع / التنبيه الخامس ( حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ) / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
ويرد عليه:-
أوّلاً:- إن هذا التوجيه استند إلى قاعدة ( المنجز لا يتنجَّز ثانية ) ، وهو(قده) لم يستدل على ذلك بشيء وكأنه اكتفى بالجنبة الإعلامية.
ولكن قد يستدل على ذلك بوجهين:-
أولاً:- لزوم محذور اجتماع المثلين فان المنجَّز لو تنجَّز ثانيةً لزم اجتماع المثلين وقد قرأنا في المنطق أنه مستحيل.
وثانياً:- لزوم تحصيل الحاصل ، فان المنجَّز لا يقبل التنجُّز ثانية ًمن باب أنه لو تنجَّز ثانيةً لزم تحصيل ما كان حاصلاً وهو مستحيل بقطع النظر عن فكرة استحالة اجتماع المثلين.
وكلاهما كما ترى:- فان ذلك خاص بالأمور التكوينية ففيها يلزم محذور اجتماع المثلين أو تحصيل الحاصل وأما التنجُّز فهو حكم اعتباري للعقلاء ، فالعقلاء يعتبرون الشخص مستحقاً للعقوبة على المخالفة وهو عبارة أخرى عن التنجّز ، فالتنجّز هو عبارة عن استحقاق العقوبة في نظر العقلاء.
وحينئذ نقول:- لا محذور في تعدد أسباب استحقاق العقوبة كما لو فرض أن شخصاً ارتكب معصيتين في آن واحد فانه يستحق العقوبة من كلتا الناحيتين ولا يقال أنه يلزم اجتماع المثلين أو تحصيل الحاصل أو غير ذلك وإنما يتأكد استحقاقه للعقوبة ، ونظير ذلك ما إذا كان لدينا آيتان كريمتان تدلان على حرمة شيءٍ معينٍ فان التنجُّز بِمَ يثبت ؟ هل يثبت بالآية الأولى أو بالآية الثانية أو بكتيهما ؟ يتعين أن يكون بكليهما وهذا معناه أن التنجُّز قابل للتأكد ويكون بسببين ، وهكذا لو كان عندنا آية ورواية فهل يحتمل أحد أن التنجُّز يحصل بالآية لأنها أسبق دون الرواية ؟ كلا انه شيء مرفوض بل يحصل بكليهما بنحو التأكد ، وهذا ينبغي أن يكون من القضايا الواضحة.
ومن الغريب ما ذكره السيد الحكيم(قده)
[1]
حيث ذكر أنه لو كان عندنا عِلمان سابق ولاحق - كما في مسألتنا فان العلم السابق هو بين الإناء الأول والإناء الثاني والعلم اللاحق هو بين الشيء الثالث والإناء الثاني - فلا محذور في ثبوت التنجيزين من حيث العقل بالنسبة إلى الإناء الثاني فيتنجّز بالعلم الأوَّل وبالعلم الثاني ولكن هذا شيء مرفوض عقلائياً فان العقلاء يرون أن الإناء الثاني يتلقى التنجُّز من العلم الأوَّل وبعد تلقيه التنجُّز منه لا يتلقاه ثانية من العلم الثاني وان كان العقل لا يمنع من ثبوت التنجّز بكلا السببين.
وما نسبه إلى العقلاء لا أعرف مدى صحته ، ولكن الذي أراه بحسب الشواهد هو على العكس ، فلو فرض أن قطرة بولٍ لاقت أحد إناءين ثم بعد ذلك وقعت قطرة دمٍ اما في أحد الإناءين السابقين أو في إناء ثالث فإن العقلاء يرون وجوب الاجتناب عن الأطراف الثلاثة في مثل ذلك ولا يقولون بأن وقوع القطرة الثانية لا يكون منجِّزاً باعتبار أن أحد الطرفين قد تنجَّز بمنجِّز سابق - أي بسبب القطرة الأولى والعلم الأول - إن هذه ليست نظرة عقلائية وإنما هي نظرة أصولية ، وعهدة هذه الدعوى عليه - أي التفرقة بين العقل والعقلاء - .
وحاصل تعليقنا:- أنا لا نسلّم بقاعدة ( المنجز لا يقبل التنجّز ثانية ).
[1] المستمسك 1 256.