32/12/04
تحمیل
ان قلت:- ان الترخيص المشروط معقول ثبوتاً وليس كما قال (قده) من أنه ليس بمعقول وان الاحتمالات ثبوتاً هي ثلاثة لا رابع لها ، بل نحن نقول يوجد لها رابع ومستندنا في ذلك موارد الترتب من الجانبين ، فلو فرض أنه كان هناك غريقان والمكلف لا يتمكن من إنقاذهما معاً فمن الوجيه أن يقال ثبوتاً ( يجب عليك إنقاذ هذا ) أو ( أنت مرخص في ترك إنقاذ هذا بشرط إنقاذ الآخر ) وهكذا بالعكس . إذن فالترخيص المشروط شيء معقول في مثال الغريقين ، فإذا قبلناه هنا فلنقبله في سائر المقامات كمقامنا أيضاً . هكذا قد يقال في مقابل السيد الشهيد(قده).
قلت:- انه في ذلك المقام - يعني إذا فرضنا أننا قلنا له أنت مرخص في ترك الظهر بشرط الإتيان بالجمعة - فحينئذ هذا لا بأس به وهكذا بالعكس - قد فرض وجود ملا كين محرزين في كلا الطرفين ، ففي الغريق الاول يوجد ملاك يقتضي إنقاذه والملاك متوفر فيه جزماً ، وهكذا الملاك بالنسبة إلى الثاني ، والمناسب هو ثبوت الوجوب لكل منهما بنحو التعيين ، ولكن حيث ضاقت القدرة فمن المناسب حينئذ أن يقال أنت مرخص في ترك الاول لضيق القدرة لكن بشرط الإتيان بالثاني أو بالعكس ، ان ذلك شيء وجيه إذ يوجد في الفرد ملاك إلزامي جزماً ولكن لأجل ضيق القدرة ننتقل إلى التخيير المشروط ، وهذا بخلافه في مقامنا فانه لا يمكن أن تقول ان الظهر فيها ملاك جزماً يقتضي الإلزام بها والجمعة كذلك حتى يقتضي هذا الملاك الإلزامي الإتيان بكلا الفردين وعند ضيق القدرة ننتقل إلى الترخيص أو الوجوب المشروط ، كلا وإنما هناك ملاك إلزامي واحد لا ندري هل هو ثابت هنا أو هناك وإنما نجزم بثبوته في أحدهما ، وهكذا ملاك الإباحة فانه ثابت في أحدهما ، فمن المناسب إذا فرضنا أن الملاك الثابت في الأحد كان متوسطاً ليس شديد الأهمية ولا ضعيف الأهمية بدرجة قوية فمن المناسب أن ينصب الحكم على الجامع لا على الفردين لأنه مركز الملاك هنا وليس الفردين فيقال ( يجب عليك فعل أحدهما ) أو ( أنت مرخص في ترك أحدهما ) أما أن نصب الوجوب على هذا الفرد وذاك بنحو الوجوب المشروط أو الترخيص المشروط فهو خلاف فرض كون الملاك قائماً في الجامع دون الفردين . وهذه قضية يجدر الالتفات إليها . هذا كله بالنسبة إلى ما أفاده السيد الشهيد (قده).
ونحن في مقام التعليق نعلق بتعليقين:-
التعليق الاول:- يظهر من السيد الشهيد(قده) أنه لو دل دليل على أن المقصود من الترخيصين المشروطين هو الترخيص في الجامع فلا تعود آنذاك عنده مشكلة لا ثبوتية ولا اثباتية ، بينما نحن نقول ان المشكلة بعدُ ثابتة إذ بهذا المقدار رفعنا المحذور من هذه الناحية ولكن يبقى المحذور من ناحية أخرى وهو أن كلمة ( رفع ) أريد بها كلا الترخيصين - أي الترخيص بالجامع والترخيص المطلق في كل فرد ، ففي الشبهة البدوية يكون الترخيص مطلقاً بلحاظ كل فرد بينما في الشبهة المحصورة يكون الترخيص في الجامع - فسوف يلزم الاستعمال في أكثر من معنى وهو مخالف للظاهر.
إذن لا يكفينا رفع المانع من الناحية المذكورة فقط
وبكلمة أخرى:- إذا كان الحديث يشمل إحدى الشبهتين - يعني خصوص المحصورة وتمحض لذلك - فما أفاده السيد الشهيد(قده) يكون تاماً ، يعني لو أرجع الترخيص المشروط إلى الترخيص في الجامع لم يعد هناك مانع في البين ، ولكن المفروض أننا نريد أن ندخل الشبهة البدوية بل هي القدر المتيقن والترخيص فيها ليس ترخيصاً في الجامع بل هو ترخيص في كل فرد ترخيصاً مطلقاً فيلزم الاستعمال في معنيين
التعليق الثاني:- ماذا يقصد من وراء بيانه المذكور ؟ فهل يريد أن يدعي أن إطلاق حديث الرفع ليس شاملاً للشبهة المحصورة لأنه يحتاج إلى تأويل الترخيصين المشروطين بإرجاعهما إلى الترخيص في الجامع وهذه مؤونة لا مثبت لها فلا إطلاق للحديث للشبهة المحصورة ؟ أو أنه يسِّلم بشمول الإطلاق للشبهة المحصورة ولكن يدعي أنه رغم وجود الإطلاق فانه لا يكفينا إلا إذا رجع الترخيصان المشروطان إلى الترخيص في الجامع وهذا لا مثبت له ؟ فهل يقصد الاول أو الثاني ؟
فان كان يقصد الاول:- فلا حاجة إلى هذا التطويل وبيان الاحتمالات الثبوتية الثلاثة بل كان يكفيه ان يقول ان توقف الإطلاق على تقييد الترخيص يمنع من التمسك به لأن شرط التمسك بالإطلاق عدم استلزامه للمؤونة من ناحية أخرى وتقييد الترخيص مؤونة لا مثبت لها بلا حاجة إلى الذهاب إلى عالم الثبوت وبيان الاحتمالات الثلاثة ، بل يقال ابتداءً لا إطلاق في الحديث يشمل الشبهة المحصورة للنكتة التي تمسكنا بها نحن وهي أن ثبوت الإطلاق موقوف على تقييد الترخيص من كونه مطلقاً إلى كونه مشروطاً وحيث لا مثبت لهذه المؤونة فلا يمكن التمسك بالإطلاق بلا حاجة إلى الذهاب إلى عالم الثبوت.
وان كان يقصد الثاني:- فجوابه ان الإطلاق ما دام ثابتاً وشاملاً للشبهة لمحصورة فسوف يدل بالالتزام على إرجاع الترخيصين المشروطين إلى الترخيص بالجامع ، فنفس الإطلاق يكون دالاً بالالتزام على ذلك بلا حاجة إلى التماس دليل خارجي يدل على ذلك.