36/05/11
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
7 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
البيان الأوّل:- إنّ المولى لو قال لعبده ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) هل يفهم من ذلك أنّه لا يدخل عليّ شخص بالمباشرة أو أن الدخول يكون بنحو التسبيب يعني أنا لا أدخل بنفسي وإنما أسبّب إلى دخول غيري ؟ إنّ العرف يفهم أنّ انتساب الدخول إلى الشخص هو مبغوضٌ ومحرّم سواء فرض أنّ هذا الانتساب مباشرياً أو كان تسبيبيّاً .
وعلى هذا الأساس نقول إنَّ الروايات دلّت على أنّه لا يجوز أكل الدهن المتنجّس وهذا يفهم منه عرفاً أنّه لا يجوز لك أيّها المكلّف أن تتناوله بالمباشرة أو كان بالتسبيب بأن تقدّمه إلى غيرك ولا تُعْلِمه بكونه متنجّساً فإنّك قد سبّبت إلى تناوله فيكون هذا محرّماً ومبغوضاً أيضاً.
وبناءً على هذا لا نحتاج إلى روايةٍ تثبت لنا وجوب الإعلام بل نستفيد وجوبه من نفس الدليل المحرّم - أي ( لا تـأكل أو لا تشرب النجس ) - إذ لو لم يُعْلِمه حصل التسبيب والنسبة بسبب التسبيب[1].
البيان الثاني:- إنّ حديث الرفع يرفع التنجّز عن الجاهل لا أنّه يرفع أصل الحكم والمبغوضيّة والملاك من الأساس بل الحرمة موجودة وكذلك الملاك والمبغوضيّة، ولماذا يرفع حديث الرفع التنجّز عن الجاهل ؟ إنّه لو رفع أصل الحكم لزم من ذلك اختصاص الأحكام بالعالمين بها - يعني يلزم التصويب - وهذا باطلٌ جزماً، فالأحكام عندنا مشتركة بين العالم والجاهل فالمرفوع هو التنجّز دون أصل الحكم، وهذا مطلبٌ ذكرته وأأكد عليه الآن وهو أنّ حديث الرفع فيه تسع فقرات والفقرة التي فيها رفع ظاهريّ وهو رفع التنجّز أو رفع وجوب الاحتياط هي فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) وأما في بقيّة الفقرات فالرفع فيها واقعي.
وحينئذٍ يأتي الإشكال:- وهو أنّه لماذا يكون الرفع في فقرة ( ما لا يعلمون ) ظاهري دون بقيّة الفقرات ؟
قلت:- أمّا بالنسبة إلى فقرة ( ما لا يعلمون ) فتوجد قرينة من الخارج دلّت على أنّ الرفع فيها ظاهريّ وإلا يلزم اختصاص الأحكام بالعالمين، أمّا البقيّة فالرفع فيها واقعيّ تمسّكاً بظاهر الحديث فإنّ ظاهر الرفع دائماً هو الرفع الواقعي وليس الظاهري، بل فقرة ( ما استكرهوا عليه ) يلزم أن يكون الرفع فيها واقعيّاً فأنا مكرهٌ وليس ناسياً، فالمناسب للإكراه ولعدم القدرة وما اضطروا إليه أن يكون الرفع فيها واقعيّاً تمسّكاً بظهور الرفع في الواقعيّة، مضافاً إلى أنّ المورد يقتضي أن يكون الرفع واقعياً ولا معنى للظاهري.
والخلاصة:- إنّ الرفع في فقرة ( ما لا يعلمون ) هو رفع ظاهري، وعليه فسوف نأتي ونقول إنّ هذا الدهن المتنجّس هل يجوز أن نقدّمه إلى الضيف أو لا ؟ والجواب:- كلّا، فصحيح أنّ تناوله جائزٌ في حقّ الضيف ولكن الرفع في حقّه ظاهريّ يعني أنَّ الحرمة موجودة واقعاً، يعني أنَّ المبغوضيّة والملاك موجودٌ في حقّه واقعاً وإذا كان موجوداً فحينئذٍ نقول أنا بفعلي – أي بتقديمي الطعام له - قد فوّت غرض المولى، فأنا صرت سبباً لتفويت غرض المولى وصرت سبباً لإلقاء هذا المكلّف فيما يبغضه المولى وتفويت غرضه.
وقد يقول قائل:- وإذا صار هكذا فما هو المانع ؟!
قلنا:- نأتي بقاعدةٍ وهي أنّ تفويت غرض المولى قبيحٌ عقلاً ومحرّم شرعاً، فواضحٌ أنّه قبيح عقلاً، وأمّا أنه محرّم شرعاً فذلك بالضرورة إذ كيف تفوّت أغراض المولى ؟!! فيكون ذلك محرّم شرعاً، وعلى هذا الأساس لا يجوز تقديم الطعام النجس إلى غيرك لأنّك سوف تفوّت غرض المولى[2].
وربما يظهر هذا البيان الثاني من كلام الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب ولكن مع تغييرٍ في بعض المفردات رغم أنّ الروح واحدة حيث قال:- إنّ تناول النجس قبيحٌ، فهو أتى بمفردة ( قبيح ) بينما أتى السيد الخوئي(قده) بمفردة ( مبغوض )، واستدل الشيخ الأعظم(قده) على أنّه قبيح بأن قال ولذا يلزم الاحتياط إذا أمكن ذلك، ونصّ عبارته:- ( ويؤيده أن أكل الحرام وشربه من القبيح ولو في حقّ الجاهل ولذا يكون الاحتياط فيه مطلوباً مع الشك إذ لو كان للعلم دخلٌ في قبحه لم يحسن الاحتياط وحينئذٍ فيكون إعطاء النجس للجاهل المذكور إغراءً بالقبيح وهو قبيحٌ عقلاً )[3].
والظاهر أنّ الأنسب فنّياً التعبير بالمبغوض كما صنع السيد الخوئي(قده) إذ القبح فرع الالتفات فإذا لم يكن الشخص ملتفتاً وكان شاكّاً فالقبح لا يتصوّر حينئذٍ بينما السيد الخوئي(قده) عبّر بالبغض والبغض ليس فرع الالتفات فحينئذٍ يكون ما صنعه أولى مما صنعه الشيخ الأعظم(قده).
ويرد عليه:-
أمّا بالنسبة إلى البيان الأوّل:- فباعتبار أنّ قياس مقامنا على مثال ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) لعله هو الذي يورث الخفاء والاشتباه فإنّ للأمثلة قسطاً في بيان المطلب، فحينما يقول الشخص ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) نفهم من كلامه أنّه متعبٌ في هذا اليوم فإذا كان كذلك فهو كما يكره أن يدخل عليه شخصٌ بالمباشرة كذلك يكره أن يدخل عليه شخص بالتسبيب أيضاً وهذا خصوصيّة للمثال ولا يمكن التعدّي من هذا المثال إلى سائر الموارد.
وتعال إلى موردنا - وهو تناول المتنجس - فتوجد رواية في تناول المتنجس وهي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وهي الرواية الواردة في السمن الذي تقع فيه الفأرة فتموت حيث قال عليه السلام في ذيل الرواية:- ( وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به )[4]، فهي قالت لا تأكل هذا الدهن المتنجّس ونحن إذا أردنا أن نستفيد منه حرمة صدور الفعل بالمباشرة أو بالتسبيب فإمّا أن نقول إنّ فقرة ( لا تأكله ) تنطبق على المسبّب فنخاطب المسبّب ونقول له ( لا تأكله ) - يعني نطبّق الخطاب عليه - ؟ وهذا مرفوضٌ عرفاً فإنّ المسبّب مهما سبّب لا يصدق عليه أنّه فَعَلَ الأكل وبالتالي لا معنى لأن تخاطبه بلسان ( لا تأكل )، أو أنّ نطبق الفقرة على المباشر الذي صدر منه الفعل من دون علمه وإنما بتسبيب غيره فنخاطبه ونقول إنَّ خطاب لا تأكله شاملٌ له ؟! وإذا كان هذا هو المقصود فيرد عليه أنّ أقصى ما يفهم من خطاب ( لا تأكله ) هو الردع عن الحصّة العصيانيّة - أي الحصة المعلومة يعني الأكل الذي تعلم أنّه أكلٌ للمتنجّس - أمّا إذا فرض أنّه لا يعلم فالخطاب لا يتوجه إليه حينئذٍ، فغاية ما يستفاد من هذا الخطاب هو مبغوضيّة الحصّة المعلومة التي يتحقّق بها العصيان وأمّا الحصّة التي لا يتحقّق بها العصيان بسبب الجهالة لا يستفاد من هذه العبارة مبغوضيّتها.
إذن اتضح أنّه إذا أردنا أن نطبّق خطاب ( لا تأكله ) على المسبّب مرّة وعلى المباشر أخرى فعلى الاثنين لا يمكن ذلك، ولا يبقى لك إلّا أن تقول إنّ المفهوم عرفاً هو المبغوضيّة - أي مبغوضية التسبيب - فالمولى يكره ويبغض الأكل المباشري عن علمٍ ويكره في نفس الوقت تسبيب الشخص إلى أن يأكل الجاهل .
وجوابه:- إنَّ هذا وجيهٌ إذا علمنا من الخارج أنّ الفعل من الأفعال المبغوضة للشريعة بشكلٍ مطلقٍ مثل الزنا أو شرب الخمر أو بعض المحرّمات التي من هذا القبيل، أمّا أنّ كلّ المحرمات هي مبغوضة على هذا المستوى - يعني حتى بنحو التسبيب - فهذا لا يمكن المصير إليه، ولذا هو بنفسه حكم بجواز تقديم الماء أو الطعام المتنجّس إلى الاطفال والمجانين[5] وهذا مما يدلل على أنّ أكل النجس بحسب المرتكزات المتشرعيّة لا يفهم منها أنّه مبغوضٌ بشكلٍ مطلق، فليس كلّ المحرمات هكذا وإنما هناك حصّة خاصّة منها.
إذن هذه القاعدة هي محلّ تأمل لما أشرنا إليه.
البيان الأوّل:- إنّ المولى لو قال لعبده ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) هل يفهم من ذلك أنّه لا يدخل عليّ شخص بالمباشرة أو أن الدخول يكون بنحو التسبيب يعني أنا لا أدخل بنفسي وإنما أسبّب إلى دخول غيري ؟ إنّ العرف يفهم أنّ انتساب الدخول إلى الشخص هو مبغوضٌ ومحرّم سواء فرض أنّ هذا الانتساب مباشرياً أو كان تسبيبيّاً .
وعلى هذا الأساس نقول إنَّ الروايات دلّت على أنّه لا يجوز أكل الدهن المتنجّس وهذا يفهم منه عرفاً أنّه لا يجوز لك أيّها المكلّف أن تتناوله بالمباشرة أو كان بالتسبيب بأن تقدّمه إلى غيرك ولا تُعْلِمه بكونه متنجّساً فإنّك قد سبّبت إلى تناوله فيكون هذا محرّماً ومبغوضاً أيضاً.
وبناءً على هذا لا نحتاج إلى روايةٍ تثبت لنا وجوب الإعلام بل نستفيد وجوبه من نفس الدليل المحرّم - أي ( لا تـأكل أو لا تشرب النجس ) - إذ لو لم يُعْلِمه حصل التسبيب والنسبة بسبب التسبيب[1].
البيان الثاني:- إنّ حديث الرفع يرفع التنجّز عن الجاهل لا أنّه يرفع أصل الحكم والمبغوضيّة والملاك من الأساس بل الحرمة موجودة وكذلك الملاك والمبغوضيّة، ولماذا يرفع حديث الرفع التنجّز عن الجاهل ؟ إنّه لو رفع أصل الحكم لزم من ذلك اختصاص الأحكام بالعالمين بها - يعني يلزم التصويب - وهذا باطلٌ جزماً، فالأحكام عندنا مشتركة بين العالم والجاهل فالمرفوع هو التنجّز دون أصل الحكم، وهذا مطلبٌ ذكرته وأأكد عليه الآن وهو أنّ حديث الرفع فيه تسع فقرات والفقرة التي فيها رفع ظاهريّ وهو رفع التنجّز أو رفع وجوب الاحتياط هي فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) وأما في بقيّة الفقرات فالرفع فيها واقعي.
وحينئذٍ يأتي الإشكال:- وهو أنّه لماذا يكون الرفع في فقرة ( ما لا يعلمون ) ظاهري دون بقيّة الفقرات ؟
قلت:- أمّا بالنسبة إلى فقرة ( ما لا يعلمون ) فتوجد قرينة من الخارج دلّت على أنّ الرفع فيها ظاهريّ وإلا يلزم اختصاص الأحكام بالعالمين، أمّا البقيّة فالرفع فيها واقعيّ تمسّكاً بظاهر الحديث فإنّ ظاهر الرفع دائماً هو الرفع الواقعي وليس الظاهري، بل فقرة ( ما استكرهوا عليه ) يلزم أن يكون الرفع فيها واقعيّاً فأنا مكرهٌ وليس ناسياً، فالمناسب للإكراه ولعدم القدرة وما اضطروا إليه أن يكون الرفع فيها واقعيّاً تمسّكاً بظهور الرفع في الواقعيّة، مضافاً إلى أنّ المورد يقتضي أن يكون الرفع واقعياً ولا معنى للظاهري.
والخلاصة:- إنّ الرفع في فقرة ( ما لا يعلمون ) هو رفع ظاهري، وعليه فسوف نأتي ونقول إنّ هذا الدهن المتنجّس هل يجوز أن نقدّمه إلى الضيف أو لا ؟ والجواب:- كلّا، فصحيح أنّ تناوله جائزٌ في حقّ الضيف ولكن الرفع في حقّه ظاهريّ يعني أنَّ الحرمة موجودة واقعاً، يعني أنَّ المبغوضيّة والملاك موجودٌ في حقّه واقعاً وإذا كان موجوداً فحينئذٍ نقول أنا بفعلي – أي بتقديمي الطعام له - قد فوّت غرض المولى، فأنا صرت سبباً لتفويت غرض المولى وصرت سبباً لإلقاء هذا المكلّف فيما يبغضه المولى وتفويت غرضه.
وقد يقول قائل:- وإذا صار هكذا فما هو المانع ؟!
قلنا:- نأتي بقاعدةٍ وهي أنّ تفويت غرض المولى قبيحٌ عقلاً ومحرّم شرعاً، فواضحٌ أنّه قبيح عقلاً، وأمّا أنه محرّم شرعاً فذلك بالضرورة إذ كيف تفوّت أغراض المولى ؟!! فيكون ذلك محرّم شرعاً، وعلى هذا الأساس لا يجوز تقديم الطعام النجس إلى غيرك لأنّك سوف تفوّت غرض المولى[2].
وربما يظهر هذا البيان الثاني من كلام الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب ولكن مع تغييرٍ في بعض المفردات رغم أنّ الروح واحدة حيث قال:- إنّ تناول النجس قبيحٌ، فهو أتى بمفردة ( قبيح ) بينما أتى السيد الخوئي(قده) بمفردة ( مبغوض )، واستدل الشيخ الأعظم(قده) على أنّه قبيح بأن قال ولذا يلزم الاحتياط إذا أمكن ذلك، ونصّ عبارته:- ( ويؤيده أن أكل الحرام وشربه من القبيح ولو في حقّ الجاهل ولذا يكون الاحتياط فيه مطلوباً مع الشك إذ لو كان للعلم دخلٌ في قبحه لم يحسن الاحتياط وحينئذٍ فيكون إعطاء النجس للجاهل المذكور إغراءً بالقبيح وهو قبيحٌ عقلاً )[3].
والظاهر أنّ الأنسب فنّياً التعبير بالمبغوض كما صنع السيد الخوئي(قده) إذ القبح فرع الالتفات فإذا لم يكن الشخص ملتفتاً وكان شاكّاً فالقبح لا يتصوّر حينئذٍ بينما السيد الخوئي(قده) عبّر بالبغض والبغض ليس فرع الالتفات فحينئذٍ يكون ما صنعه أولى مما صنعه الشيخ الأعظم(قده).
ويرد عليه:-
أمّا بالنسبة إلى البيان الأوّل:- فباعتبار أنّ قياس مقامنا على مثال ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) لعله هو الذي يورث الخفاء والاشتباه فإنّ للأمثلة قسطاً في بيان المطلب، فحينما يقول الشخص ( لا يدخل عليّ اليوم أحد ) نفهم من كلامه أنّه متعبٌ في هذا اليوم فإذا كان كذلك فهو كما يكره أن يدخل عليه شخصٌ بالمباشرة كذلك يكره أن يدخل عليه شخص بالتسبيب أيضاً وهذا خصوصيّة للمثال ولا يمكن التعدّي من هذا المثال إلى سائر الموارد.
وتعال إلى موردنا - وهو تناول المتنجس - فتوجد رواية في تناول المتنجس وهي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وهي الرواية الواردة في السمن الذي تقع فيه الفأرة فتموت حيث قال عليه السلام في ذيل الرواية:- ( وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به )[4]، فهي قالت لا تأكل هذا الدهن المتنجّس ونحن إذا أردنا أن نستفيد منه حرمة صدور الفعل بالمباشرة أو بالتسبيب فإمّا أن نقول إنّ فقرة ( لا تأكله ) تنطبق على المسبّب فنخاطب المسبّب ونقول له ( لا تأكله ) - يعني نطبّق الخطاب عليه - ؟ وهذا مرفوضٌ عرفاً فإنّ المسبّب مهما سبّب لا يصدق عليه أنّه فَعَلَ الأكل وبالتالي لا معنى لأن تخاطبه بلسان ( لا تأكل )، أو أنّ نطبق الفقرة على المباشر الذي صدر منه الفعل من دون علمه وإنما بتسبيب غيره فنخاطبه ونقول إنَّ خطاب لا تأكله شاملٌ له ؟! وإذا كان هذا هو المقصود فيرد عليه أنّ أقصى ما يفهم من خطاب ( لا تأكله ) هو الردع عن الحصّة العصيانيّة - أي الحصة المعلومة يعني الأكل الذي تعلم أنّه أكلٌ للمتنجّس - أمّا إذا فرض أنّه لا يعلم فالخطاب لا يتوجه إليه حينئذٍ، فغاية ما يستفاد من هذا الخطاب هو مبغوضيّة الحصّة المعلومة التي يتحقّق بها العصيان وأمّا الحصّة التي لا يتحقّق بها العصيان بسبب الجهالة لا يستفاد من هذه العبارة مبغوضيّتها.
إذن اتضح أنّه إذا أردنا أن نطبّق خطاب ( لا تأكله ) على المسبّب مرّة وعلى المباشر أخرى فعلى الاثنين لا يمكن ذلك، ولا يبقى لك إلّا أن تقول إنّ المفهوم عرفاً هو المبغوضيّة - أي مبغوضية التسبيب - فالمولى يكره ويبغض الأكل المباشري عن علمٍ ويكره في نفس الوقت تسبيب الشخص إلى أن يأكل الجاهل .
وجوابه:- إنَّ هذا وجيهٌ إذا علمنا من الخارج أنّ الفعل من الأفعال المبغوضة للشريعة بشكلٍ مطلقٍ مثل الزنا أو شرب الخمر أو بعض المحرّمات التي من هذا القبيل، أمّا أنّ كلّ المحرمات هي مبغوضة على هذا المستوى - يعني حتى بنحو التسبيب - فهذا لا يمكن المصير إليه، ولذا هو بنفسه حكم بجواز تقديم الماء أو الطعام المتنجّس إلى الاطفال والمجانين[5] وهذا مما يدلل على أنّ أكل النجس بحسب المرتكزات المتشرعيّة لا يفهم منها أنّه مبغوضٌ بشكلٍ مطلق، فليس كلّ المحرمات هكذا وإنما هناك حصّة خاصّة منها.
إذن هذه القاعدة هي محلّ تأمل لما أشرنا إليه.
[1] موسوعة السيد الخوئي ( مصباح الفقاهة )،
تسلسل35، ص186.
محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج1، ص117.
التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، ج2، ص333، ط قديمة، وفي ط جديدة ج2، ص277، وذكره في موارد اخرى.
محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج1، ص117.
التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، ج2، ص333، ط قديمة، وفي ط جديدة ج2، ص277، وذكره في موارد اخرى.
[2] موسوعة السيد الخوئي ( مصباح الفقاهة )، الخوئي
تسلسل35، ص185.
وجاءت الاشارة إليه في المحاضرات، ج1، ص117.
وجاءت الاشارة إليه في المحاضرات، ج1، ص117.