36/05/10
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
7 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
مسألة ( 7 ):- الأعيان المتنجسة كالدبس والعسل والدهن والسكنجبين وغيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها إن كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عند العرف ويجب إعلام المشتري بنجاستها . ولو لم تكن لها منفعة محلّلة لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الأحوط . والظاهر بقاءها على ملكية مالكها ويجوز أخذ شيءٍ بإزاء رفع اليد عنها.[1]
تتعرّض هذه المسألة إلى حكم الأشياء المتنجّسة وانتهى(قده) إلى أنّه إذا لم تكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها فعدم جواز بيعها مبنيّ على الاحتياط الوجوبي، وسوف نوضحّ أنّ هذه المسألة تتضمن ثلاث نقاط.
ولكن قبل ذكر هذه النقاط نشير إلى ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) حول هذه المسألة[2]وحاصل ما ذكره:- هو أنّ المتنجّسات إذا لم تكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها لا يجوز بيعها للحديث النبوي الذي يقول:- ( إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه )[3]، وبناءً على هذا سوف يثبت حرمة بيع المتنجّسات مادام ليست لها منفعة محلّلة لأنّه يصدق عليها ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه )[4].
ثم قال:- وهل يجوز التمسّك برواية تحف العقول لإثبات عدم الجواز ؟
أجاب وقال:- هناك فقرتان في الرواية المذكورة فقرة تقول ( أو شيءٍ من وجوه النجس )[5]أي لا يجوز بيعه وهذه العبارة لا يصحّ التمسّك بها لأنّ الظاهر من هذا التعبير هو إرادة الأعيان النجسة ولا يشمل المتنجّسات، وأمّا الفقرة الثانية فهي تقول ( لأنّ ذلك كلّه محرّم أكله وشربه ولبسه )[6] فالإمام عليه السلام علّل عدم جواز البيع بأنّ منافعة محرّمة وهذا البيان ينطبق على المتنجّسات إذا لم تكن لها منفعة محلّلة مقصودة.
أقول:- نحن نرفض هذا المنهج باعتبار أنّه يعتمد على الروايات الضعيفة.
وأمّا النقاط ثلاث التي تشتمل عليها المسألة فهي:-
النقطة الأولى:- إذا كان للمتنجّس منفعة محلّلة مقصودة جاز بيعه ولكن يلزم إعلام المشتري لذلك.
النقطة الثانية:- إنّ المتنجّس إذا لم تكن له منفعة معتدّ بها فالأحوط وجوباً عدم جواز البيع.
النقطة الثالثة:- لا تزول ملكيّة الشخص للمتنجّسات بل هي باقية ومادامت باقية فيجوز بذل مالٍ للتنازل عن الملكيّة والإعراض عن الشيء كما ذكرنا ذلك في الأعيان النجسة الأربع.
أمّا بالنسبة إلى ما أفاده في النقطة الأولى:- فهو يشتمل على شقيّن:-
الأوّل:- إذا كانت توجد منفعة محلّلة للمتنجّس فيجوز بيعه، ووجهه واضحٌ وهو الأصل، فالأصل هو الجواز، والمانع عن الأخذ بالأصل مفقودٌ إذ أنَّ هذا تجوز منافعة فلا يشمله حتى النبوي الذي يقول:- ( إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرم منافعة ) ومجرّد كونه متنجّساً لم يدلّ دليلٌ على المنع فالأصل اللفظي يبقى ساري المفعول.
الثاني:- أنَّه يلزم الإخبار، وذلك ما سوف نشير إليه تحت عنوانٍ مستقلّ فانتظر.
وأمّا النقطة الثانية:- فقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك أكثر من مرّة وقلنا إنّ المناسب هو الجواز رغم كون المنافع محرّمة فإنّ المنع هو الذي يحتاج إلى دليل والذي يمكن ذكره كمانعٍ هو أنّه إذا حرمت منافعه فهو ليس بمالٍ، ولكن قد ذكرنا أنّ عنوان البيع لا يتقوّم بماليّة العوضين، وإذا قلنا أنَّ السفهيّة مانعة فيمكن أن نفترض وجود غرضٍ شخصيّ تزول معه السفهيّة فإذا قلنا بأنّ الأدلّة منصرفة عن المعاملات السفهيّة فحينئذٍ يمكن أن نفترض وجود غرضٍ شخصيٍ، فالمناسب إذن هو الجواز.
ولكن توجد عبارة للشيخ الأعظم(قده) في المكاسب يظهر منها عدم الخلاف في اشتراط الماليّة في العوضين حيث ذكر ما نصه:- ( إنّ ما تحقّق أنّه ليس بمالٍ عرفاً فلا إشكال ولا خلاف في عدم جواز وقوعه أحد العوضين )[7].
وحيث إنّنا لا نعتمد على الاجماعات المذكورة المدّعاة فإنّها لو تمّت صغرىً فيمكن الإشكال عليها باحتمال مدركيّتها فهم تصوّروا أنّه يشترط لأجل ما ذكره الفيّومي في المصباح أو غير ذلك، فهذه اجماعاتٌ مدركيّة لا عبرة بها ولكن احتياط الفقيه لأجل ذلك يكون شيئاً وجيهاً.
وأمّا النقطة الثالثة:- فيفهم مما ذكره التفرقة بين الأعيان النجسة وبين المتنجّسات فالأعيان النجسة تزول ملكيّة الشخص عنها ويبقى له هو حقّ الاختصاص الذي اثبتناه بالسيرة وأمّا المتنجّسات فملكيّتها ثابتة ويجوز حينئذٍ التنازل عن الملكيّة بدفع عوضٍ عنها.
ولكن السؤال هو:- ما الفارق بين الأعيان النجسة حيث قيل بزوال الملكيّة عنها وبين المتنجّسات حيث قيل ببقاء الملكيّة ؟
والجواب:-
قد يعلّل ذلك بالإجماع:- حيث أنهم أجمعوا في الأعيان النجسة ولم يجمعوا في المتنجّسات، وإذا انتهت النوبة إلى الإجماع فلا كلام لنا، وإنّما الكلام في ثبوت الإجماع وحجّيته وعلىّ مشربنا لا يمكن الاستناد إليه.
وقد يعلّل ذلك:- بأنّ الروايات الوارد في الأعيان النجسة عبّرت بالسحت والتعبير بالسحت يعني أنّه لا شيء وهو ليس بمالٍ شرعاً فأُلغيت ماليّته شرعاً وهذا ما يفهم من تعبير ( السحت )، وهذا التعبير موجودٌ في الأعيان النجسة الأربعة وليس موجوداً في المتنجّسات وعلى هذا الأساس تكون التفرقة على أساس التعبير المذكور في النصّ.
وأجبنا عن ذلك سابقاً وقلنا:- إنّ غاية ما يفهم من هذا التعبير هو إلغاء الماليّة وأمّا الملكيّة فهي شيء آخر وعدم الماليّة لا يلازم عدم الملكيّة، فحبّة الحنطة مثلاً ليست بمالٍ ولذا من أتلفها قد لا يكون ضامناً لكنها ملكٌ ولا يجوز لأحدٍ أن يزاحمني عليها ولو زاحمني عليها فسوف يكون غاصباً، ولنقُل ذلك في المقام فهذه الأعيان النجسة زالت ماليّتها شرعاً ولكن تبقى ملكيتها.
إذن لا وجه للتفرقة بين الأعيان النجسة وبين المتنجّسات فكلاهما يمكن أن يقال بثبوت الملكيّة له بما في ذلك الأعيان النجسة الأربعة التي ورد التعبير فيها بالسحت، فيجوز بذل المال مقابل التنازل عن الملك ولا ينحصر الأمر بالتنازل عن الحقّ كما ذكرنا سابقاً.
وجوب الإعلام:-
ذكر الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب[8] في مسألة بيع الدهن المتنجّس أنّ بيعه جائزٌ لإمكان الاستفادة منه في مجالاتٍ محلّلةٍ ولكن يلزم على البائع أن يُعلِمَ المشتري بذلك.
وهذا الوجوب وجوبٌ تكليفيٌّ نفسيٌّ وليس وجوباً شرطياً - أي ليس شرطاً في صحّة البيع - وإنما يكون البائع عاصياً لا أكثر، والوجه في ذلك هو الروايات من قبيل موثقة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفأرة تقع في السمن أو الزيت فتموت فيه، فقال:- إن كان جامداً فتطرحها وما حولها ويؤكل ما بقي وإن كان ذائباً فأسرج به وأعلِمْهُم إذا بعته )[9].
ثم حاول الشيخ الأعظم(قده) أن يستفيد من هذه الرواية وغيرها من الروايات قاعدةً يمكن أن نسمّيها بقاعدة ( حرمة تغرير الجاهل )، وعلى هذا الأساس لا يجوز تقديم الماء المتنجس مثلاً للجاهل لهذه القاعدة، وهذه القاعدة نستفيدها من رواية الدهن المتنجّس إذ لو كان يجوز التغرير فلماذا يجب الإعلام ؟!! فوجوب الإعلام يدلّ على حرمة تغرير الجاهل.
ثم قسّم تقسيماً وقال:- إنّ فعل الشخص المغرِّر - أي العالم - مرّة يكون بنحو العلّة التامّة لفعل الطرف الجاهل، وأخرى يكون بنحو السبب، وثالثة يكون بنحو الشرط، ورابعة يكون بنحو عدم المانع، ثم أخذ يتكلّم في هذه الأقسام، والنقطة المهمّة هي أنّه خرج بهذه القاعدةٍ.
ونعلّق ونقول:- إنّ عهدة ذلك عليه، فإنّ اقتناص قاعدةٍ من هذه الروايات الأربع أو الخمس في الموارد المختلفة قد يكون شيئاً صعباً إذ يحتمل أنّها مختصّة بمواردها.
ومن هنا حاول السيد الخوئي(قده) أن يذكر بيانين لإثبات حرمة التسبيب - يعني لإثبات أنّه يحرم تقديم الدهن المتنجّس مثلاً للغير سواء بالبيع أو بغيره - وهما:-
مسألة ( 7 ):- الأعيان المتنجسة كالدبس والعسل والدهن والسكنجبين وغيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها إن كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عند العرف ويجب إعلام المشتري بنجاستها . ولو لم تكن لها منفعة محلّلة لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الأحوط . والظاهر بقاءها على ملكية مالكها ويجوز أخذ شيءٍ بإزاء رفع اليد عنها.[1]
تتعرّض هذه المسألة إلى حكم الأشياء المتنجّسة وانتهى(قده) إلى أنّه إذا لم تكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها فعدم جواز بيعها مبنيّ على الاحتياط الوجوبي، وسوف نوضحّ أنّ هذه المسألة تتضمن ثلاث نقاط.
ولكن قبل ذكر هذه النقاط نشير إلى ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) حول هذه المسألة[2]وحاصل ما ذكره:- هو أنّ المتنجّسات إذا لم تكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها لا يجوز بيعها للحديث النبوي الذي يقول:- ( إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه )[3]، وبناءً على هذا سوف يثبت حرمة بيع المتنجّسات مادام ليست لها منفعة محلّلة لأنّه يصدق عليها ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه )[4].
ثم قال:- وهل يجوز التمسّك برواية تحف العقول لإثبات عدم الجواز ؟
أجاب وقال:- هناك فقرتان في الرواية المذكورة فقرة تقول ( أو شيءٍ من وجوه النجس )[5]أي لا يجوز بيعه وهذه العبارة لا يصحّ التمسّك بها لأنّ الظاهر من هذا التعبير هو إرادة الأعيان النجسة ولا يشمل المتنجّسات، وأمّا الفقرة الثانية فهي تقول ( لأنّ ذلك كلّه محرّم أكله وشربه ولبسه )[6] فالإمام عليه السلام علّل عدم جواز البيع بأنّ منافعة محرّمة وهذا البيان ينطبق على المتنجّسات إذا لم تكن لها منفعة محلّلة مقصودة.
أقول:- نحن نرفض هذا المنهج باعتبار أنّه يعتمد على الروايات الضعيفة.
وأمّا النقاط ثلاث التي تشتمل عليها المسألة فهي:-
النقطة الأولى:- إذا كان للمتنجّس منفعة محلّلة مقصودة جاز بيعه ولكن يلزم إعلام المشتري لذلك.
النقطة الثانية:- إنّ المتنجّس إذا لم تكن له منفعة معتدّ بها فالأحوط وجوباً عدم جواز البيع.
النقطة الثالثة:- لا تزول ملكيّة الشخص للمتنجّسات بل هي باقية ومادامت باقية فيجوز بذل مالٍ للتنازل عن الملكيّة والإعراض عن الشيء كما ذكرنا ذلك في الأعيان النجسة الأربع.
أمّا بالنسبة إلى ما أفاده في النقطة الأولى:- فهو يشتمل على شقيّن:-
الأوّل:- إذا كانت توجد منفعة محلّلة للمتنجّس فيجوز بيعه، ووجهه واضحٌ وهو الأصل، فالأصل هو الجواز، والمانع عن الأخذ بالأصل مفقودٌ إذ أنَّ هذا تجوز منافعة فلا يشمله حتى النبوي الذي يقول:- ( إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرم منافعة ) ومجرّد كونه متنجّساً لم يدلّ دليلٌ على المنع فالأصل اللفظي يبقى ساري المفعول.
الثاني:- أنَّه يلزم الإخبار، وذلك ما سوف نشير إليه تحت عنوانٍ مستقلّ فانتظر.
وأمّا النقطة الثانية:- فقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك أكثر من مرّة وقلنا إنّ المناسب هو الجواز رغم كون المنافع محرّمة فإنّ المنع هو الذي يحتاج إلى دليل والذي يمكن ذكره كمانعٍ هو أنّه إذا حرمت منافعه فهو ليس بمالٍ، ولكن قد ذكرنا أنّ عنوان البيع لا يتقوّم بماليّة العوضين، وإذا قلنا أنَّ السفهيّة مانعة فيمكن أن نفترض وجود غرضٍ شخصيّ تزول معه السفهيّة فإذا قلنا بأنّ الأدلّة منصرفة عن المعاملات السفهيّة فحينئذٍ يمكن أن نفترض وجود غرضٍ شخصيٍ، فالمناسب إذن هو الجواز.
ولكن توجد عبارة للشيخ الأعظم(قده) في المكاسب يظهر منها عدم الخلاف في اشتراط الماليّة في العوضين حيث ذكر ما نصه:- ( إنّ ما تحقّق أنّه ليس بمالٍ عرفاً فلا إشكال ولا خلاف في عدم جواز وقوعه أحد العوضين )[7].
وحيث إنّنا لا نعتمد على الاجماعات المذكورة المدّعاة فإنّها لو تمّت صغرىً فيمكن الإشكال عليها باحتمال مدركيّتها فهم تصوّروا أنّه يشترط لأجل ما ذكره الفيّومي في المصباح أو غير ذلك، فهذه اجماعاتٌ مدركيّة لا عبرة بها ولكن احتياط الفقيه لأجل ذلك يكون شيئاً وجيهاً.
وأمّا النقطة الثالثة:- فيفهم مما ذكره التفرقة بين الأعيان النجسة وبين المتنجّسات فالأعيان النجسة تزول ملكيّة الشخص عنها ويبقى له هو حقّ الاختصاص الذي اثبتناه بالسيرة وأمّا المتنجّسات فملكيّتها ثابتة ويجوز حينئذٍ التنازل عن الملكيّة بدفع عوضٍ عنها.
ولكن السؤال هو:- ما الفارق بين الأعيان النجسة حيث قيل بزوال الملكيّة عنها وبين المتنجّسات حيث قيل ببقاء الملكيّة ؟
والجواب:-
قد يعلّل ذلك بالإجماع:- حيث أنهم أجمعوا في الأعيان النجسة ولم يجمعوا في المتنجّسات، وإذا انتهت النوبة إلى الإجماع فلا كلام لنا، وإنّما الكلام في ثبوت الإجماع وحجّيته وعلىّ مشربنا لا يمكن الاستناد إليه.
وقد يعلّل ذلك:- بأنّ الروايات الوارد في الأعيان النجسة عبّرت بالسحت والتعبير بالسحت يعني أنّه لا شيء وهو ليس بمالٍ شرعاً فأُلغيت ماليّته شرعاً وهذا ما يفهم من تعبير ( السحت )، وهذا التعبير موجودٌ في الأعيان النجسة الأربعة وليس موجوداً في المتنجّسات وعلى هذا الأساس تكون التفرقة على أساس التعبير المذكور في النصّ.
وأجبنا عن ذلك سابقاً وقلنا:- إنّ غاية ما يفهم من هذا التعبير هو إلغاء الماليّة وأمّا الملكيّة فهي شيء آخر وعدم الماليّة لا يلازم عدم الملكيّة، فحبّة الحنطة مثلاً ليست بمالٍ ولذا من أتلفها قد لا يكون ضامناً لكنها ملكٌ ولا يجوز لأحدٍ أن يزاحمني عليها ولو زاحمني عليها فسوف يكون غاصباً، ولنقُل ذلك في المقام فهذه الأعيان النجسة زالت ماليّتها شرعاً ولكن تبقى ملكيتها.
إذن لا وجه للتفرقة بين الأعيان النجسة وبين المتنجّسات فكلاهما يمكن أن يقال بثبوت الملكيّة له بما في ذلك الأعيان النجسة الأربعة التي ورد التعبير فيها بالسحت، فيجوز بذل المال مقابل التنازل عن الملك ولا ينحصر الأمر بالتنازل عن الحقّ كما ذكرنا سابقاً.
وجوب الإعلام:-
ذكر الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب[8] في مسألة بيع الدهن المتنجّس أنّ بيعه جائزٌ لإمكان الاستفادة منه في مجالاتٍ محلّلةٍ ولكن يلزم على البائع أن يُعلِمَ المشتري بذلك.
وهذا الوجوب وجوبٌ تكليفيٌّ نفسيٌّ وليس وجوباً شرطياً - أي ليس شرطاً في صحّة البيع - وإنما يكون البائع عاصياً لا أكثر، والوجه في ذلك هو الروايات من قبيل موثقة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفأرة تقع في السمن أو الزيت فتموت فيه، فقال:- إن كان جامداً فتطرحها وما حولها ويؤكل ما بقي وإن كان ذائباً فأسرج به وأعلِمْهُم إذا بعته )[9].
ثم حاول الشيخ الأعظم(قده) أن يستفيد من هذه الرواية وغيرها من الروايات قاعدةً يمكن أن نسمّيها بقاعدة ( حرمة تغرير الجاهل )، وعلى هذا الأساس لا يجوز تقديم الماء المتنجس مثلاً للجاهل لهذه القاعدة، وهذه القاعدة نستفيدها من رواية الدهن المتنجّس إذ لو كان يجوز التغرير فلماذا يجب الإعلام ؟!! فوجوب الإعلام يدلّ على حرمة تغرير الجاهل.
ثم قسّم تقسيماً وقال:- إنّ فعل الشخص المغرِّر - أي العالم - مرّة يكون بنحو العلّة التامّة لفعل الطرف الجاهل، وأخرى يكون بنحو السبب، وثالثة يكون بنحو الشرط، ورابعة يكون بنحو عدم المانع، ثم أخذ يتكلّم في هذه الأقسام، والنقطة المهمّة هي أنّه خرج بهذه القاعدةٍ.
ونعلّق ونقول:- إنّ عهدة ذلك عليه، فإنّ اقتناص قاعدةٍ من هذه الروايات الأربع أو الخمس في الموارد المختلفة قد يكون شيئاً صعباً إذ يحتمل أنّها مختصّة بمواردها.
ومن هنا حاول السيد الخوئي(قده) أن يذكر بيانين لإثبات حرمة التسبيب - يعني لإثبات أنّه يحرم تقديم الدهن المتنجّس مثلاً للغير سواء بالبيع أو بغيره - وهما:-