32/02/26
تحمیل
الموضوع: المسالة 249
كان الكلام في توضيح الفسوق المحرم على المحرم
قلنا هناك اربعة اقوال
الاول: عبارة عن مطلق المعاصي
الثاني: عبارة عن خصوص الكذب اما بطيعيه او بحصة خاصة منه
الثالث: تفسيره بالكذب باضافة السباب والمفاخرة
وقد تقدمت هذه الاقوال الثلاثة
القول الرابع
واما بالنسبة الى القول الرابع وهو ان المقصود من الفسوق المحرم الكذب باضافة السباب من دون ضم المفاخرة
ونسب هذا القول الى السيد المرتضى وابن الجنيد وجمع من الاصحاب
وقد يوجه ذالك بان احدى الروايتين وان ذكرت ان الفسوق عبارة عن الكذب والمفاخرة فذكرت المفاخرة الى جنب الكذب
ويمكن ان يقال ان المفاخرة هي على نحوين
فتارة يتفاخر الانسان بنفسه من دون ان يستلزم ذالك حطا لكرامة ومقام الاخرين، كما اذا فرض اني اقول في حق نفسي في مقابل من لايعرفني اني من افاضل الحوزة ومن مدرسيها كبيان واقع لا اكثر حيث ان الطرف يجهل الخصال التي انا عليها
وتارة تستلزم المفاخرة حطا لكرامة الاخرين كما اذا قلت انا من قبيلة معروفة واقصد انك لست من قبيلة ونسب معروف فهذا يستلزم حطا لمكانة الاخرين
اما الاول فهو ليس محرما في حد نفسه نعم ربما لايكون ممدوحا لكنه ليس محرما مادام لا يستلزم حطا من كرامة الاخرين ولايحتمل ان يكون مقصودا للرواية التي فسرت الفسوق المحرم هذا النحو من المفاخرة فان هذا من المباحات في الاسلام ولايحتمل ان يكون مشمولا للفسوق المحرم
والفسوق في الاسلام هو عبارة عن الخروج عن الحد والطاعة الشرعية مع ان المفاخرة المذكورة ليست هي خروجا عن الحد الشرعي
واما النحو الثاني من المفاخرة وهو الذي يستلزم حطا من كرامة الاخرين وهو المتعين للمقصود من التفسير المحرم من المفاخرة، فالمفاخرة وان صارت محرمة بهذا النحو ولكنها ليست شيئا تقابل السباب بل تعود مصداقا له
ومن هنا يصير المناسب الاختصار في تفسير الفسوق المحرم على الكذب والسباب اذ المفاخرة بنحوها الثاني مصداقا للسباب وعلى نحوها الاول ليست محرمة اصلا
هكذا يمكن ان يوجه القول المذكور وهو شيئ وجيه
ولكن قد يقال ان المفاخرة بنحوها الثاني وان استلزمت حطا من كرامة الاخرين الاّ انه ليس كل حط من كرامة الاخرين هو سباب
فلو قلت انا العالم والفاضل في مقام التعريض بالآخرين فان هذا وان كان توهينا للاخرين ومسا بالاخرين الاّ انه ليس سبابا
ولكن اتراجع واقول ان هذا النزاع كله نزاع عقيم وليس بمثمر لان الثمرة اما ان تكون في اثبات الحرمة التي هي حكم شرعي او تكون لاثبات الكفارة وكلاهما لايمكن عدهما ثمرة
اما الحرمة فهي ثابتة جزما لان المفاخرة التي توجب حطا في كرامة الاخرين هي توجب الكفارة في جد نفسها لانها محرمة
واما كون الاثر هو الكفارة فباعتبار ماسياتي من انه لاكفارة في الفسوق فانه محرم بلا كفارة
وعليه فجميع هذا النزاع باقواله الاربعة ليس مثمرا
نعم ربما يقول قائل ان الثمرة تظهر في انه لو كان مصداقا للفسوق المحرم فسوف تتاكد حرمته فهو حرام بقطع النظر عن الاحرام وبالاحرام تصير حرمته مؤكدة فهذه وان كانت ثمرة الاّ انها لاتشفي الغليل
ومن خلال هذا كله اتضح ان الأوجه من هذه الاقوال هو القول الثالث اي ان الفسوق المحرم وهو عبارة عن الكذب باضافة السباب والمفاخرة لما اشرنا اليه من التمسك بفكرة الجمع العرفي او التمسك بفكرة العلم الاجمالي ان لم يمكن الجمع العرفي
وقبل ان ننهي حديثنا عن هذه المسالة اشير الى قضايا ثلاث
الاولى: ان الفسوق ليس في ارتكابه كفارة والسيد الماتن سكت عن ذالك
والوجه في عدم ثبوت الكفارة هو صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث قلت ارأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي وسائل الشيعة ج13 ص 148 الباب 2 من ابواب بقية كفارت الاحرام الحديث2
ودلالتها انها دلت ان الكفارة مجرد الاستغفار الازم في ارتكاب كل محرم
ولكن في المقابل توجد صحيحة على بن جعفر عن اخيه (عليه السلام) وكفارة الفسوق يتصدق به اذا فعله وهو محرم المصدر السابق الحديث3
وعلى منوالها صحيحة سليمان بن خالد وفي السباب والفسوق بقرة المصدر الحديث1
ان هاتين الصحيحتين دلتا على ثبوت الكفارة وانها بقرة يتصدق بها
وعليه فما هو الموقف؟
والمناسب هو الجمع على الاستحباب لقاعدة كل ما اجتمع صريح وظاهر اوول الظاهر لحساب الصريح ومستندها العرف فانه يرى انه لابد من تأويل الظاهر لحساب الصريح
وكون العرف حجة هو سكوت الامام (عليه السلام) على ذالك والاّ لردع عنه
وعليه فيقال ان صحيحة الحلبي صريحة في نفي الكفارة فقالت لم يجعل الله له حدا ثم قالت يستغفر الله بينما الثانية والثالثة ظاهرة في الوجوب وليست صريحة وهو كما يلتام مع الوجوب يلتام مع الاستحباب
وهذا الجمع اولى مما صنعه الحر العاملي (قده) في وسائله فانه حمل صحيحة الحلبي التي نفت الكفارة والحد على غير المتعمد كالجاهل والناسي بينما حمل الاخيرتين على المتعمد، وبه اثبت الكفارة على الملتفت المتعمد
وجوابه ان الصحيحة الاولى اعني صحيحة الحلبي قالت لم يجعل الله له حدا اي لاكفارة فيمن ابتلي بالفسوق لا انه لاكفارة في حق غير المتعمد
وعلى ايّ حال ماذكره ليس جمعا عرفيا وما ذكرناه اولى كما هو واضح
الثانية: نسب الى الشيخ المفيد ان من ارتكب الفسوق في حجه فسد حجه ولم يعرف لذالك وجه سوى ان يقال ان صحيحة عبد الله بن سنان قالت في قول الله عزوجل واتموا الحج والعمرة لله قال اتمامهما ان لارفث ولافسوق ولاجدال في الحج وسائل الشيعة ج12 ص 466 الباب32 من ابوب تروك الاحرام الحديث6
فانها دلت على ان اتمام الحج يتحقق بعدم ارتكاب الرفث والفسوق فمن ارتكب الفسوق فهو لم يتم الحج وهذا يعني انه فسد
وجوابه واضح فانه يقال ان المقصود من الاتمام هو الاتمام بنحو الكمال اي ان الحج لايكون تاما بشكل كامل الاّ بترك هذه الامور التي منها الفسوق
والمقابل لعدم التمام هو الوجود غير الكامل وليس هو الفساد بحيث تلزم الاعادة من جديد، فعبارة الرواية مجملة من هذه الناحية بل قد يقال انها ظاهرة فيما ذكرنا
والظاهر ان هذا هو المقصود لصاحب الجواهر في ج 18 ص 358 فقال مانصه من المعلوم عدم ارادة الفساد من عدم الاتمام كما هو واضح
فلابد وان يكو ن مقصوده الاستناد الى المتشرعة فالمرتكز عندهم عدم الفساد بهذه الامور وانما هو قلة الكمال
الثالثة: ان عبارة السيد الماتن ربما تشتمل على شيئ من الخفاء حيث قال الكذب والسب محرمان في جميع الاحوال لكن حرمتهما مؤكدة حال الاحرام ثم قال والمراد من الفسوق في قوله لارفث ولافسوق ولاجدال في الحج هو الكذب والسباب وهذا ايضا لا اشكال فيه وان كان المناسب ان يقول على ما دلت عليه النصوص
ثم قال اما التفاخر وهو اظهار الفخر من حيث الحسب او النسب فهو على قسمين... والخفاء هنا فانه كان من المناسب ان يقول ان النصوص فسرت الفسوق بالكذب والسباب والمفاخرة، ثم يقول وحرمة الاولين لا اشكال فيها وهي مؤكدة في الحج ثم يقول واما المفاخرة فهي على نحوين ويتم آنذاك العبارة
فالمناسب هو هذا اي يبين ان النصوص فست الفسوق بثلاثة وان الثالث لابد وان نفصل فيه والحال هو لم يفعل هذا فهنا يوجد شيئ من الخفاء وعدم الارتباط