33/05/09
تحمیل
الموضوع :- مسألة ( 322 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
تتمة للنقطة الأولى:- ثم انه ينبغي الالتفات الى هذه القضية:- وهي أنه بعد أن حكمنا بصحّة الحجّ وكفاية ارسال الهدي مع النائب نطرح هذا السؤال وهو:- هل يكفي ارسال النائب مطلقاً أو يختص ذلك بحالة ما اذا لم يمكن المكلف المباشرة بنفسه ؟
والجواب:- مقتضى اطـلاق الصحيحـة المتقـدمـة هـو الاجتـزاء بالنائـب مطلقـاً حيـث جـاء فيهـا ( سألته عن رجل نسي طواف الفريضة ..... وان كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ووكّل من يطوف عنه ما تركه من طواف ) فأنه عليه السلام لم يقيّد بما اذا تعذرت المباشرة.
اللهم الّا أن يدعى أن ذلك من باب وضوح المطلب وأنه عادةً يصعب أن يذهب المكلف من بلاده من جديد والامام عليه السلام اعتمد على هذا الوضوح.
أو يدعى أن اجماع الاصحاب على اعتبار المباشرة ان أمكنت يصير مقيداً لإطلاق الرواية .
فان تم هذا فهو وبالتالي نحكم بأنه يوكّل شخصاً يطوف عنه ان لم تمكن المباشرة بنفسه ، وأما اذا لم يتم ما ذكر - أي أن الوضوح المدعى شيء غير ثابت والاجماع أيضاً شيء لم يتحقق ثبوته - فنصير الى الاحتياط الوجوبي آنذاك ونقول ( ان أمكنت المباشرة فالأحوط المباشرة والا وكَّل ) ، ورب فقيه لا يصير حتى الى الاحتياط الوجوبي والأمر مرتبط بنفسية الفقيه من هذه الناحية ، والاحتياط حسنن وأولى كما هو واضح.
النقطة الثانية:- ذكرنا فيما سبق أن المكلف يقضي الطواف متى ما تذكّره ، والسؤال هو:- هل لابد من اعادة السعي أو لا ؟ ولو بنينا على لزوم اعادة السعي فهل يلزم اعادة طواف النساء لو فرض أن المكلف تذكر فوات طواف الحج بعد أن أتى بالسعي وطواف النساء فهل يعيد الكل أو يعيد السعي فقط ؟
أما بالنسبة الى السؤال الأول:- فقد أجاب (قده) بأن الأحوط ذلك - أي اعادة السعي - ويظهر من أعلامنا المتقدمين الميل الى ذلك أيضاً ، حيث قال في المدارك ( ومتى وجب قضاء طواف العمرة أو طواف الحج فالأقرب وجوب اعادة السعي أيضاً كما اختاره الشيخ في الخلاف والشهيد في الدروس )
[1]
، وقال في الجواهر ( وكيف كان فالأحوط ان لم يكن أقوى اعادة السعي معه كما صرّح به في الدروس حاكياً له عن الشيخ في الخلاف )
[2]
.
وعلى أي حال يدل على لزوم اعادة السعي صحيحة منصور بن حازم ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، قال:- يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا والمروة فيطوف بينهما )
[3]
، ودلالتها واضحة حيث أن السائل قد فرض أن المكلف سعى قبل الطواف ثم التفت ، وأجاب عليه السلام بلزوم الاتيان بالطواف ثم السعي .
هذا ويمكن اضافة وجهاً آخر لإثبات وجوب اعادة السعي:- وهو أن هناك ترتيباً بين أجزاء العمل ، فالطواف مقدّم على السعي ومن عكس الترتيب الذي هو واجب شرعاً لزمته الاعادة على ما يحصل به الترتيب كما هو الحال في باب الوضوء فان من غسل اليسرى قبل اليمنى فعليه غسل اليمنى ثم اعادة غسل اليسرى ليحصل الترتيب بلا حاجةٍ الى نصّ خاص ، فالحكم على طبق القاعدة بلا حاجة الى صحيحة منصور بن حازم وهذا شيء جيد.
نعم قد تسأل وتقول:- لماذا صار(قده) الى الاحتياط ولم يحكم بنحو الجزم بالفتوى بعد وضوح دلالة الصحيحة وتمامية الوجه الثاني - أي بعد وضوح تمامية الوجهين - وما هو وجه الانتقال الى الاحتياط؟
والجواب:- لعل النكتة في ذلك هي أن الصحيحة وان دلّت على لزوم الاعادة بيد أن موردها هو من التفت في أثناء السعي أو بُعَيده ، أما من التفت بعد أن تجاوز فترة طويلة فالصحيحة قد لا تكون شاملة لذلك فنبقى بلا دليل على لزوم اعادة السعي ، فلاحظ الرواية فإنها قالت ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، قال:- يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا والمروة ) فانه لا يبعد انصرافها ونظرها الى ما أشرنا اليه ، ولكن حيث أنه ليس انصرافاً جزمياً وواضحاً وانما هو مجرد احتمال وجيه فلذلك يكون المصير الى الاحتياط دون الجزم بالفتوى شيئاً وجيهاً.
وهكذا بالنسبة الى الوجه الثاني - أعني مسألة الترتيب - فان الترتيب بين السعي والطواف قد ثبت اعتباره في حق الملتفت أما من كان غافلاً فلا جزم بثبوت شرطية الترتيب في حقه ، وعليه فالمصير الى الاحتياط هو الأجدر.
ومنه يتضح حال النائب فلو فرض أن المكلف نفسه قد تعذرت عليه المباشرة وأرسل نائباً فالأحوط أن يعيد النائب السعي بعد الطواف فانه مادام قد ثبت نفس الاحتياط لنفس المكلف فيأتي الاحتياط نفسه في حق نائبه لعدم الفرق من هذا الناحية بين المباشرة والوكالة.
وأما السؤال الثاني:- أعني هل يلزم اعادة طواف النساء - ان هذه قضية لم يتعرض لها السيد الماتن(قده) في عبارة المتن وكان من المناسب التعرض لها.
وعلى أي حال الأحوط هو اعادة طواف النساء أيضاً ، والوجه في ذلك:- ان بعض الروايات قد دلّت على أن موقع طواف النساء هو بعد نهاية أعمال الحج فان آخر عمل يؤتى به هو طواف النساء ، وهذا معناه أنه يلزم الاتيان به بعد طواف الحج وبعد السعي ، فلو تقدَّم على طواف الحج يلزم اعادة طواف النساء من جديد حتى يكون في موقعه المناسب ، والروايات التي قلنا أن بعضها يدل على ذلك - أي موقع طواف النساء هو في نهاية الحج - هي مثل صحيحة معاوية بن عمار حيث كان الامام عليه السلام في مقام بيان أعمال الحج وقال في نهايـة كـلامـه هـكـذا ( ..... وطوافٌ بعد الحج وهو طواف النساء )
[4]
، وعلى منوالها صحيحة الحلبي حيث جاء فيهـا ( وطوافٌ بالبيت بعد الحج )
[5]
.
وقد تسأل:- لماذا صِير الى الاحتياط دون الجزم بالفتوى والحال أن هاتين الروايتين واضحتان في أن طواف النساء يقع بعد تمامية الحج ومقتضى اطلاقه كونه كذلك - أي أنه بعد طواف الحج - مطلقاً في حق الملتفت وغيره ؟
والجواب:- يوجد معارض ربما يفهم منه عدم وجوب اعادة طواف النساء وهو من قبيل صحيحة منصور المتقدمة فان الامام عليه السلام لم ينبِّه السائل على لزوم اعادة طواف النساء ، فمن المحتمل أن المكلف ملتفت الى عدم الاتيان بطواف الحج بعد السعي وبعد الفراغ من طواف النساء والامام لم ينبِّه على ذلك - أي لزوم اعادة طواف النساء - حيث أن السائل سأل هكذا ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف يبين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، قال:- يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا والمروة فيطوف بينهما ) وعليه فينعقد اطلاقٌ مقامي ، أي أن الامام عليه السلام في مقام بيان الوظيفة ولم يبين لزوم اعادة طواف النساء ، وليس هذا اطلاقاً لفظياً اذ لا يوجد لفظ أو مفهوم بعينه يمكن التمسك بإطلاقه وانما هو اطلاق المقام.
وهكذا يوجد معارض آخر غير هذا الاطلاق المقامي وهو موثقة سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السلام ( سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال:- لا يضرّه ، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجّه )
[6]
، فان موردها وان كان يغاير مقامنا باعتبار أن مقامنا هو من نسي طواف الحج ثم التفت الى ذلك بعد فترة ، ولكن على أي حال يفهم منها أن الاعادة اللازمة هي فقط وفقط أن يأتي بالسعي بلا حاجةٍ الى اعادة طواف الحج وطواف النساء.
وبكلمة أخرى:- محل كلامنا فيما اذا نسي طواف الحج والتفت الى ذلك بعد السعي وطواف النساء ، بينما مورد الرواية هو من طاف طواف الحج وطاف طواف النساء ولكن لم يأت بالسعي بينهما ، فمورد هذا الحديث يغاير محل كلامنا.
ولكن يمكن أن يفهم منه أن السعي كافٍ في كلا الموردين ، ومن هنا يصير هذا مع ما أشرنا اليه من رواية منصور معارضاً الى ذلك الوجه المتقدم ولذلك يكون المصير الى الاحتياط بإعادة طواف النساء هو الوجيه.
[1] المدارك 8 177.
[2] الجواهر 19 376 .
[3] الوسائل 13 413 63 من ابواب الطواف ح2.
[4] الوسائل 11-211 2- من ابواب اقسام الحج ح1.
[5] الوسائل 11 218 2 من ابواب اقسام الحج ح6.
[6] الوسائل 13 418 65 من ابواب الطواف ح2.