33/05/03
تحمیل
الموضوع :- الشك بين الأقل من الستة والسبعة ، الدوران بين الستة والسبعة والثمانية / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وثانياً:- يمكن رفض الاطلاق من الأساس بدعوى أن المورد ليس من الاطلاق بل من عدم الاستفصال فانه اذا رجعنا الى روايات الشك بين الستة والسبعة وجدنا أن الراوي يسأل الامام ويقول ( سألته عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدرِ ستة طاف أم سبعة ، قال:- يستقبل ) فهو قد سأل والامام عليه السلام أجاب بـ( يستقبل ) وبعدم الاستفصال يثبت العموم لحالة من شك في الأقل وأضاف شوطاً أو شوطين ، فليس المورد من موارد الاطلاق بل من موارد عدم الاستفصال .
وحينئذ نقول:- لعل الامام عليه السلام لم يستفصل من جهة أنه فهم ارادة الشك بين الستة والسبعة ابتداءً لا بسبب اضافة شوط أو شوطين ولأجل فهمه هذا لم يستفصل . وهذا من أحد الثمرات بين فكرة الاطلاق وفكرة ترك الاستفصال.
وهكذا الحال في بقية روايات الشك بين الستة والسبعة اذ ليس فيها لفظ أو مفهوم يتمسك بإطلاقه بل غاية ما يتمسك به هو عدم الاستفصال.
وثالثاً:- انه بناءً على الطريقة التي ذكرها(قده) يمكن أن يضيف الطائف شوطاً آخر فيصير المورد من الشك بين السبعة والثمانية ومثل الشك المذكور محكوم بالصحة ، وعلى هذا الاساس يحصل تعارض بين الاطلاقين - أي بين اطلاق الشك بين الستة والسبعة فيبطل وبين اطلاق الشك بين السبعة والثمانية فيصح - وليس الأول بأولى من الثاني!!
وعليه يتضح أن المناسب ليس هذا الطريق الذي أشار اليه(قده) بل الصحيح هو التمسك بصحيحة حنّان كما أشرنا بعد ضم عدم الخصوصية للمورد.
واضافة الى ذلك يمكن التمسك بالعموم الذي قلنا بأنه قد يستفاد من بعض الروايات أن مطلق الشك في الطواف مبطلٌ له والخروج عن هذا العموم يحتاج الى دليل ومورد الشك في الأقل من الستة والسبعة لا يوجد دليل فيه يخرجنا عن هذا العموم فنتمسك به.
بل ربما يضاف وجه ثالث:- وهو أن الشك بين الستة والسبعة اذا كان مبطلاً فيلزم البطلان في حالة الشك في الأقل من ذلك لعدم الخصوصية عرفاً لخصوص الشك بين الستة والسبعة ، فانه يوجد مجال لدعوى الجزم بعدم الخصوصية للشك بين الستة والسبعة.
الشك بين الستة والسبعة والثمانية:-
وقد ذكر السيد الخوئي(قده) فيها أنه يمكن توجيه الحكم بالبطلان - بعد وضوح أن الحكم هنا هو البطلان ولم يُعرف بين المشهور الحكم بالصحة - بوجوه ثلاثة:-
الوجه الأول:- صحيحة الحلبي التي تقدمت الاشارة اليها حيث جاء فيها ( أما السبعة فقد استيقن ) فانه يفهم منها على ما ذكر(قده) أن شرط صحة الطواف هو استيقان السبعة نظير الركعتين في باب صلاة الفريضة فإنها فرض الله فلابد من احرازها وعدم الشك فيها وهنا لم يحرز السبعة حيث يحتمل أنه أتى بالستة فيحكم بالبطلان.
وفيه ما تقدمت الاشارة اليه سابقاً:- وهو أنه من المحتمل أن يكون المقصود من قوله عليه السلام ( أما السبعة فقد استيقن ) هو أنه لا حاجة الى أن يضيف شوطاً آخر فانه قد استيقن بالسبعة فلا موجب لذلك ، وبالتالي تكون العبارة المذكورة مجملةٌ ولا يمكن أن نستفيد منها أن شرط صحة الطواف احراز الاتيان بالسبعة.
والوجه الثاني:- روايات الشك بين الستة والسبعة فإنها قالت ( يبطل الطواف ) وهي مطلقة من حيث الشوط الثامن فيتمسك بإطلاقها لذلك.
وهذا الاطلاق الذي تمسك به هنا يختلف عن ذلك الاطلاق الذي تمسك به في الشك في الأقل من الستة والسبعة من حيث التقريب وان كان من حيث الروح واحداً ، فهناك كان يفترض أن المكلف لو شك بين الخمسة والستة فعندما يأتي بشوطٍ سوف يتحول شكّه الى الستة والسبعة ، بينما هنا لا يفترض أنه يأتي بشوطٍ جديدٍ بل نقول ان الروايات قالت ( من شك بين الستة والسبعة ) ولم تقيّد بشرط أن لا يكون هناك احتمال الشوط الثامن بل سكتت عنه ومقتضى الاطلاق أنه سواءً كان يوجد احتمال الثامن أو لا فالطواف يكون باطلاً.
وفيه ما أشرنا اليه سابقاً:-
أولاً:- من أن هذا الاطلاق ممنوع لأجل الانصراف الى حالة خصوص الشك بين الستة والسبعة من دون احتمال كونه ثامناً فالروايات منصرفة الى هذا وليس فيها اطلاق يشمل غيره ، هكذا قل.
أو قل على ما اخترناه:- ان المتكلم لو ظهر وقال ( ان مقصودي هو خصوص الشك بين الستة والسبعة من دون احتمال اضافة الشوط الثامن ) فلا ننكر عليه ونقول له ( اذن لِمَ لم تقيِّد ويستهجن منك هذا الاطلاق ) كلا لا نستهجن منه الاطلاق ، ومعه لا يصح التمسك به ما دام لا يكون مستهجناً لو كان مقصود المتكلم واقعاً هو المقيد.
وثانياً:- ان المورد ليس من موارد الاطلاق بل من موارد الاستفصال فيأتي ما تقدم.
الوجه الثالث:- رواية أبي بصير الواردة في خصوص هذا المورد - أي الشك بين الستة والسبعة والثمانية - ( قلت له:- رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدرِ ستة طاف أم سبعة أم ثمانية ، قال:- يعيد طوافه حتى يحفظ ) ودلالتها واضحة ، ولكن تبقى المشكلة من حيث اسماعيل بن مرار . وهذا أحسن الأدلة الثلاثة التي ذكرها(قده) لولا هذا المحذور.
وعلى أي حال يمكن اثبات البطلان اضافة الى الرواية المذكورة بالعموم الذي تقدمت الاشارة اليه ( وهو أن كل شك مبطل ) فيتمسك بهذا العموم الا اذا دلَّ الدليل على الخلاف ، ولم يدل دليل على الصحة في هذا المورد.
بل يمكن التمسك بوجه آخر:- وهو نفس روايات الشك بين الستة والسبعة بهذا التقريب - غير ما أفاده السيد الخوئي(قده) من التمسك بالإطلاق - قالت ( من شك بين السـتة والسـبعة بطـل طوافـه ) وحينئذ لو صارت دائرة الشك أوسع - بأن كان يحتمل أنه الشوط الثامن - فهذا أولى بالبطلان اذ أن دائرة الشك قد توسعت فاذا حُكِم بالبطلان في الشك بين الستة والسبعة فبالأولى الحكم البطلان في هذه الحالة.
واذا رفضنا الأولوية وقلنا انا لا نجزم بها فنقول:- انه على الأقل لا نحتمل الخصوصية للشك بين الستة والسبعة بحيث يكون مبطلاً الطواف ولكن لو اتسع الشك وصار يحتمل الاتيان بثمانية فسوف لا يكون هذا الشك مبطلاً ان هذا شيء بعيد ، فلا نحتاج اذن الى تصعيد اللهجة وأنه نجزم بالأولوية ، كلا بل الجزم بعدم الفرق فان دائرة الشك سوف تتسع ، ولعل هذا هو مقصود السيد الخوئي(قده) من التمسك بالإطلاق ولكن حصلت خيانة في التعبير.
وعلى أي حال المناسب هو الحكم بالبطلان للوجوه المذكورة.
وقد يقال:- يمكن أن نحكم بالبطلان في جميع صور الشك الا ما خرج بالدليل بدون أن نحتاج الى عموم يدل على أن كل شكٍ مبطلٍ بل القاعدة تقتضي ذلك ، وهذا شيءٌ فنيٌّ وظريفٌ لو تمَّ ، وذلك بأن يقال:- اننا مكلفون بالإتيان بسبعة أشواط ، فاذا طرأ الشك في الاثناء فسوف نشك في فراغ ذمتنا ، وعلى هذا الاساس يكون مقتضى قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني هو الاتيان بطواف جديدٍ خالٍ من الشك.
والجواب:- ان المورد ليس من موارد الشك في الفراغ حتى يثبت الاشتغال بل هو من موارد الشك في شغل الذمة من البداية ، فمن قال ان ذمتنا قد اشتغلت بسبعة أشواطٍ بشرط عدم الشك ؟! بل الذي نجزم به هو اشتغالها بالجامع بين الطواف من دون شك والطواف مع الشك ، أما أنها اشتغلت بخصوص الطواف المقيَّد بعدم الشك فهذا لا نجزم به ، ومعه نقول:- الذي اشتغلت به الذمة يقيناً - وهو الجامع - قد فرَّغنا الذمة منه يقيناً وذلك اذا أضفنا مقدار شوطٍ أو شوطين بحيث نتيقن بالإتيان بسبعة أشواط ، وما نشك في تحقق الامتثال به وفراغ الذمة به لا نجزم باشتغال الذمة به ، وعلى هذا الاساس فالمورد هو من موارد الشك في المانعيَّة فيجري أصل البراءة ككل مورد يشك فيه في المانعية . ومن هنا كنا نحاول التشبث بالعموم لإثبات البطلان.