33/04/26
تحمیل
الموضوع :- مسألة( 316 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
ذكر السيد الخوئي(قده)
[1]
ثلاثة أدلة على البطلان:-
الدليل الأول:- انه قد ورد في صحيحة الحلبي ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية ، فقال:- أما السبعة فقد استيقن وانما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين ) وقد تقدمت هذه الصحيحة فيما سبق ، وتقريب دلالتها على البطلان هو أنه عليه السلام قال ( أما السبعة فقد استيقن ) وهذه العبارة يفهم منها أن السبعة لابد من الاستيقان بتحققها واذا لم يستيقن المكلف بتحققها فالطواف باطل من الاساس ، وهذا شبيه الركعتين الأوليين في الصلاة فانه قد دلت الروايات على أنها فرض الله عز وجل بخلاف الركعتين الاخيرتين فانهما سنَّة من الرسول صلى الله عليه وآله - أي أنه صلى الله عليه وآله هو الذي شرَّع واضاف الركعتين في حدود صلاحياته وهذا معناه أن له السلطة التشريعية ومن هنا قفد نعبِّر عن النبي في مصطلحاتنا بالشارع والمشرع بهذا الاعتبار فان له حق التشريع وهذا مطلب ثانٍ - وما دامت الركعتان الأوليان هما فرض الله عز وجل فلا يدخلهما الشك وهذا قد استفدناه من الروايات أيضاً ، أي أن الروايات قد أفادت شيئين الأول هو أن الركعتان الأوليان هما فرض الله عز وجل والثاني هو أن فرض الله لا يقبل الشك ولابد من احراز تحققه ، ومن هنا ذكر الفقهاء أن الشك متى ما وقع في الركعتين الأوليين بطلت الصلاة ولابد من احراز تحققهما ، هذا ما ذكر في باب الصلاة ، وهنا يفهم من هذه الرواية - أي من قوله ( أما السبعة فقد استيقن ) - أنه لابد من احراز تحققها في صحة الطواف وهي أشبه بالركعتين الأوليين في باب الصلاة ، وعليه فلابد من احراز تحقق السبعة حتى يقع الطواف صحيحاً ، ونتيجة هذا أنه في مورد كلامنا حيث أن الشك قد طرأ قبل الوصول الى الحَجَر الأسود فلا يكون المكلف على يقينٍ بأنه قد أتى بالسبع لاحتمال أن الذي بيده هو السابع والمفروض أن الشك قد طرأ قبل الوصول الى الحَجَر الأسود فهو لم يستيقن تحقق سبعة أشواط ، ومتى ما طرأ الشك قبل استيقان تحقق سبعة أشواط فيكون مبطلاً.
وفيه:- ان ما ذكره احتمال ولا يمكن استظهاره اذ يوجد هنا احتمال آخر وبالتالي تعود الرواية مجملة من هذه الناحية - أي لا ظهور لها فيما أراده (قده) - والاحتمال الآخر هو أنه عليه السلام يريد أن يقول ( لا يجب عليه أن يضيف شوطاً جديداً كما لا يجب عليه أن يضيف ستة أشواط بل يكتفي بما أتى به ) أما أنه لا يضيف شوطاً فلانه استيقن الاتيان بسبعة أشواط فما الموجب بعد هذا لإضافة شوط ، وأما أنه لا يضيف ستة أشواط فباعتبار أن اضافة الستة وظيفة من جزم أنه أتى بشوطٍ ثامنٍ سهواً وهذا لا يجزم بذلك . اذن ليس عليه هذا ولا ذاك.
اننا نحتمل كون المقصود من الرواية هذا المعنى ومعه تعود مجملة ولا ظهور لها في أحدهما . ولا أريد أن أدعي أن هذا هو ظاهر الرواية بل أقول:- هي مجملة فلا يصلح التمسك بها لما أراده(قده).
الدليل الثاني:- ان المكلف اذا لم يصل الى الحَجَر الاسود فسوف يدخل شكه تحت الشك بين الستة والسبعة فانه سوف يأتي في المسألة التالية أن من شك كذلك - أي بين الستة والسبعة - فطوافه باطل لروايات دلت على ذلك ، والمكلف في فرض مسألتنا مشمول للعنوان المذكور فانه اذا كان الطواف الذي بيده هو السابع فبالتالي هو لم يكمله فلا يدري أنه أتى بستة - أي ستة ونصف - أو أنه أتى بسبعة - أي بسبعة ونصف - . اذن يرجع الشك في فرض المسألة الى الشك بين الستة والسبعة ما دام قد طرأ قبل الوصول الى الحَجَر الأسود - أي ستة ونصف أو سبعة ونصف-.
ثم نضيف مقدمة ثانية وهي:- ان الروايات الدالة على أن من شك بين الستة والسبعة بطل طوافه هي بإطلاقها تشمل من شك بين الستة والنصف والسبعة والنصف فإنها لم تقل ( من شك بين الستة من دون زيادة أو السبعة من دون زيادة فطوافه باطل ) بل قالت ( من شك بين الستة والسبعة ) وذلك يصدق على من شك بين الستة والنصف والسبعة والنصف فهي بإطلاقها تشمل هذه الحالة .
بل نصعد اللهجة ونقول:- ان تلك الروايات الدالة على أن من شك بين الستة والسبعة بطل طوافه لا تقصد خصوص من شك وهو عند الحَجر الأسود بحيث أكمل الشوط من دون أن يزيد شيئاً ، كلا انها لا تقصد هذه الصورة بالخصوص فإنها فردٌ نادرٌ والتقييد بها تقييدٌ بالفرد النادر فلابد أن يكون المقصود من قوله عليه السلام ( من شك بين الستة والسبعة ) هو من شك كذلك ولو اذا كان في أثناء الشوط ولا يلزم أن يكون عند الحَجَر الأسود فانه تقييد بالفرد النادر.
وخلاصة الدليل الثاني هي:- ان مسألتنا - التي فرض فيها الشك بين السبعة والثمانية أثناء الشوط قبل الوصول الى الحَجَر الاسود - داخلة تحت روايات من شك بين الستة والسبعة فإنها بإطلاقها تشمل من شك بين الستة والنصف والسبعة والنصف فيحكم بالبطلان.
وفيه:- انه اذا قُبِل أن عنوان الشك بين الستة والسبعة صادق على من زاد نصف شوط وحصل له الشك في أثناء الشوط قبل الوصول الى الحَجَر الأسود فيلزم أن يُقبَل أيضاً صدق عنوان من شك بين السبعة والثمانية الذي دلت الرواية على أن الطواف صحيح في مثله ، فنتمسك بنفس البيان الذي ذكره ونقول:- ان مقتضى الاطلاق شمول عنوان الشك بين السبعة والثمانية لمن شك أثناء الشوط كما لو فرض أنه شك قبل أن يصل الى الحَجَر الأسود بخطوة بأن هذا هل هو السابع حتى يكمل الخطوة أو هو الثامن حتى لا يكمل ؟ ان مقتضى اطلاق من شك بين السبعة والثمانية شاملٌ لذلك ، والنتيجة هي ان هذه الصورة تكون صالحة للدخول تحت هذا العنوان وتحت ذلك العنوان - أي عنوان من شك بين السبعة والثمانية الذي حكم فيه بالصحة وعنوان من شك بين الستة والسبعة الذي حكم فيه بالبطلان - فكما أن اطلاق هذه شامل فاطلاق تلك شامل أيضاً وبالتالي لا يمكن لأجل المعارضة أن نتمسك بروايات من شك بين الستة والسبعة فانه ترجيح بلا مرجح بل يلزم أن تتعارض الروايات ونلاحظ ما تقتضيه الأصول والقواعد وربما نصل الى البطلان كما أراد(قده) ، بيد أن ذلك بيانٌ ودليلٌ آخر وليس هو الدليل الذي تمسك به .
اذن الدليل الذي تمسك به لإثبات البطلان - أعني التمسك بإطلاق روايات من شك بين الستة والسبعة يبطل طوافة - لا يمكن التمسك به لمعارضته بالإطلاق الآخر فنحتاج الى بيان جديد.
ان قلت:- توجد قرينة في روايات السبعة والثمانية على اختصاصها بمن شك بعد اكمال الشوط السابع بنحو اليقين والجزم ولا تشمل من شك قبل اكمال الشوط بخطوة وتلك القرينة هي أن صحيحة الحلبي قالت ( عن رجل طاف بالبيت ...... فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية ) والتعبير بقوله ( فلم يدر أسبعة طاف ان ثمانية ) يعني أنه قد تيقن بالانتهاء من السبعة بنحو الجزم لا أن الشك يكون قبل الاتمام بخطوة أو خطوتين فان مثله لا يصدق عليه ( فلم يدر أسبعة طاف ) فان السبعة بَعدُ لا يجزم بتحققها وحصول الطواف بلحاظها . اذن هذا التعبير يدل على أن عنوان طواف السبعة قد تحقق حتماً .
هكذا قد يدافع عن السيد الخوئي(قده) ، أي أن اطلاق هذه الصحيحة لا يمكن التمسك به حتى يعارض اطلاق تلك الصحيحة .
قلت:- ان هذا التعبير قد ورد في كلام السائل وافترض نفسك مكانه فانك حينما تعبّر بهذا التعبير فانك لا تقصد هذه الدقة ، فلو فرض أنك قبل أن تصل الى الحَجر الأسود بخطوة أو خطوتين شككت بأن هذا الذي بيدك هو الشوط السابع أو الثامن فانك تعبِّر وتقول ( لا أدري طفت سبعة أو ثمانية ) فتحميل الانسان العرفي هذه الدقّه قد لا نرى لها وجهاً . نعم اذا كان الامام عليه السلام قد عبَّر بذلك فربما قد لاحظ هذه الدقة ، وعليه فيبقى الاطلاق على حاله.
ان قلت:- هناك قرينة ثانية على اختصاص هذا الاطلاق بمن شك بعد الجزم بتحقق السبعة الكاملة وهي قول الامام عليه السلام ( أما السبعة فقد استيقن ).
قلت:- هذا تمسك بالدليل الأول المتقدم وقد قلنا ان كلمة ( استيقن ) لا دلالة لها على أنه لابد في صحة الطواف من الاستيقان وانما يحتمل أن الامام عليه السلام بصدد بيان أنه لا يحتاج الى شوط جديد كما لا يحتاج الى اضافة ستة أشواط.
[1] المعتمد 5 9.