33/03/15
تحمیل
الموضوع :-
السادس من واجبات الطواف ( الموالاة بين أشواط الطواف ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
السادس من واجبات الطواف ( الموالاة بين أشواط الطواف ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
السادس:- أن يطوف بالبيت سبع مرات متوالية عرفاً ولا يجزئ الأقل من السبع ويبطل الطواف بالزيادة على السبع عمداً كما يأتي .
يشتمل المتن المذكور - والذي هو آخر الواجبات - على ثلاث نقاط:-
النقطة الأولى:- ان الواجب سبعة أشواط ، وقد ادعي قطع الأصحاب على ذلك فقد جاء في المدارك ( انه موضع وفاق بين العلماء والنصوص به مستفيضة بل متواترة )
[1]
، وقريب من ذلك ما ذكر في الجواهر
[2]
. إذن لا خلاف - من حيث الفتوى - بين الأصحاب في ذلك ، وقد ادعي أن النصوص بذلك مستفيضة بل متواترة.
وإذا رجعنا إلى الوسائل فلعله يصعب علينا تحصيل نصوص مستفيضة فضلاً عن المتواترة بلسان أن الواجب هو سبعة أشواط . نعم ذكر في الوسائل
[3]
روايات بهذا المضمون ولكن قد يناقش فيها من حيث الدلالة أو السند.
ولعل أحسن رواية في هذا المجال هي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( ثم تطوف بالبيت سبعة أشواط وتقول في الطواف اللهم إني ......... )
[4]
وذكر جملة من المستحبات.
وقد يشكل على الدلالة:- باعتبار أن الرواية قالت ( تطوف سبعة أشواط ) وهي لم تشر إلى المقصود من هذا الطواف وأنه أي طواف هو ؟ فهل هو الطواف الواجب الذي هو محل كلامنا - أي طواف الحج أو العمرة - أو أنه طواف خاص ولعله الطواف لقضاء الحاجة يشتمل على سبعة أشواط ، فمن حيث الصناعة يصعب الجزم بكون المقصود هو الإشارة إلى الطواف الواجب ، ولكن من حسن الحظ أنه جاء في آخرها ( ثم تصلي ركعتين وتجعل مقام إبراهيم إماماً ) إلى أن قال ( وهاتان الركعتان هما الفريضة )
[5]
ان هذا التعبير يصلح أن يكون قرينة على أن المنظور في الطواف هو الطواف الواجب الذي ذكر في صدر الرواية. وعلى أي حال لا توجد مشكلة من هذه الناحية.
نعم توجد مشكلة من حيث أنها تشتمل على كثير من المستحبات وحينئذ يأتي احتمال أن يكون عدد سبعة من المستحبات ويزول الظهور في الوجوب ، وهذه مشكلة سيالة في كثير من الروايات.
وعلى مبنى القوم - الذي يقول بالتفكيك بين فقرات الرواية فما ثبت أنه مستحب نحكم باستحبابه وما لم يثبت نحكم فيه بالوجوب - لا مشكلة ، وأما على المذهب الذي نميل إليه فالأمر مشكل.
وعلى أي حال ان كان هناك تأمل في هذه الرواية وما كانت على شاكلتها فتوجد روايات كثيرة أخرى تدل ضمناً على أن الواجب سبعة أشواط ، من قبيل الروايات الدالة على حكم من أنقص عن سبعٍ أو زاد عليها أو ما شاكل فانه يفهم منها ضمناً أن عدد سبعة أشواط هو الواجب.
ولكن تطويل المسافة بهذا الشكل أمر لا داعي إليه بل بإمكاننا الوصول إلى النتيجة المطلوبة من خلال الوجهين التاليين:-
الأول:- ان المسألة عامة البلوى فيلزم أن يكون حكمها واضحاً وحيث أن الفقهاء لم يُعرف عنهم خلاف في كون الواجب هو سبع مرات فيحصل للفقيه جزم أو اطمئنان بأن الواجب هو سبع مرات وأن ذلك هو الحكم الواضح الذي وصل من معدن العصمة والطهارة ، وهذا بيان سيَّال نتمسك به في المسائل الابتلائية شريطة أن يكون الحكم متفقاً عليه أو قريب من الاتفاق عليه بين الأصحاب.
والثاني:- سيرة المسلمين - لا خصوص الأمامية - على الإتيان بسبعة أشواط بنحو الإلزام بذلك ويُعَدُّ الآتي بالأقل أو بالأكثر مخالفاً للوظيفة ، ان هذا يورث الاطمئنان أيضاً - بقطع النظر عن عنصر ابتلائية المسألة - بأن هذا الحكم قد وصل يداً بيد من معدن العصمة والطهارة.
النقطة الثانية:- يلزم أن تكون الأشواط السبعة متوالية ، وهذا الحكم ليس متفقاً عليه بين الأصحاب بل هو مشهور فان المحقق في الشرائع مثلاً لم يذكره وهكذا العلامة الحلي لم يذكره في قواعده على ما راجعت . نعم ذكر الشهيد الاول(قده) الموالاة في دروسه - على ما نقل صاحب الجواهر(قده)
[6]
عنه - بعنوان ( الواجب الحادي عشر من واجبات الطواف ) ، ومن جملة من أنكر وجوب ذلك صاحب الحدائق(قده)
[7]
وهكذا النراقي(قده) في مستنده
[8]
، ولم يتعرض صاحب المدارك إلى ذلك بعنوان مستقل وإنما تعرض له ضمناً واستدل على ذلك بالتأسي حيث قال ( ولنا على الاستئناف في الثاني فوات الموالاة المعتبرة بدليل التأسي )
[9]
، وفي الجواهر قال ( بناءً على اعتبارها كما هو المشهور )
[10]
، أي أنه نسب ذلك إلى المشهور ، وقال في الحدائق معلقاً على المدارك ( ان ما ادعاه من وجوب المولاة لم نقف له على دليل الا ما ذكره في المدارك من التأسي ........ وإلا فالأخبار خالية منه بل صريحة في رده )
[11]
، ويقصد من الأخبار التي تردّ اعتبار الموالاة هي الأخبار الدالة على جواز قطع الطواف لقضاء حاجة المؤمن والأخبار الدالة على جواز الجلوس أثناء الطواف لأجل الاستراحة وما شاكل ذلك فإنها لم تقيد جواز ذلك بعدم فوات الموالاة بل هي مطلقة من هذه الناحية.
وعلى أي حال المسألة محل خلاف وتحصيل دليلٍ على ذلك شيء مشكل.
وحاول السيد الخوئي(قده)
[12]
إثبات وجوب الموالاة بالبيان التالي:- ان عنوان الطواف سبعة أشواط كعنوان الأذان والإقامة والصلاة هو من العناوين التي في واقعها أمور متشتتة ولكنها ألبست لباس الوحدة فهي واحدة عرفاً وشرعاً رغم أنها متشتتة في واقعهاً ، وهذا العنوان لا يصدق عرفاً مع فرض الفواصل الكثيرة بين الأجزاء ولذلك لو فرض أن شخصاً قال في الأذان ( الله اكبر ) وسكت لفترة طويلة ثم قال ( الله اكبر ) ثم سكت طويلاً ... وهكذا بين كل فصلٍ وفصلٍ من فصول الأذان إلى أن استغرق الأذان بكامله وقتاً طويلاً فانه لا يُعَدُّ هذا أذان عرفاً ، وهكذا بالنسبة إلى الصلاة ، والأمر كذلك بالنسبة إلى الطواف فانه قد أُلبس لباس الوحدة عرفاً فإذا فرض تحقق فواصل طويلة بالنظر العرفي بين شوطٍ وشوط أو بين آنات الطواف ولو في الشوط الواحد فلا يعد هذا طوافاً أو طواف سبعة أشواط.
ثم قال:- وذا وقلت لي انه توجد روايات تدل على جواز الخروج لقضاء حاجة المؤمن أو جواز السجود أثناء الطواف وهي تدل على عدم اعتبار الموالاة.
أجبت:- إنها منصرفة عن حالة فوات الموالاة ، فالإمام عليه السلام حينما جوَّز الجلوس فالمقصود واضح وهو أنه شريطة أن لا تفوت الموالاة لأنه يتكلم مع إنسان عرفي ، وهكذا بالنسبة إلى الخروج لقضاء الحاجة ، ومن هنا يأتي انشاء الله تعالى في المسائل الآتية أنه يجوز الخروج لقضاء الحاجة والجلوس وما شاكل ذلك شريطة أن لا تفوت الموالاة والنكتة في ذلك هي هذا الانصراف الذي ادعاه(قده).
[1] المدارك 8 130.
[2] الجواهر 19 295.
[3] الوسائل ب 19 من ابواب الطواف.
[4] الوسائل 13 347 26 من ابواب الطواف ح9.
[5] ولم ينقله صاحب الوسائل في وسائله حينما ذكر هذه الرواية في هذا الباب وفي غيره لم يذكر هذا الذيل لأنه لا يرتبط بمضمون الباب الذي يريد ان يستشهد عليه ولكنه مذكور في المصدر - أي التهذيب -
[6] الجواهر 19 339.
[7] الحدائق16 224.
[8] المستند 12 174.
[9] المدارك 8 149.
[10] الجواهر 19 326.
[11] الحدائق 16 224.
[12] المعتمد 4 340 .