33/02/29
تحمیل
الموضوع :-
مسألة ( 301 ) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
مسألة ( 301 ) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
مسالة 301:- إذا طاف المحرم بالغاً كان أو صبياً مميزاً فلا يُجتزأ بطوافه فان لم يعده مختوناً فهو كتارك الطواف يجري فيه ما له من الأحكام الآتية.
المضمون المذكور واضح فان الطواف بعدما كان مشروطاً بالختان فمتى ما فرض عدم الشرط يلزم عدم تحقق المشروط فيكون غير المختون تاركاً للطواف ، وسيأتي انشاء الله تعالى بيان أحكام تارك الطواف في مسالة ( 321 ) وبناءاً على مثل رأي الشيخ النائيني(قده) يكون الحكم الثابت في حق الصبي هو أنه لو بلغ لا يتمكن أن يتزوج بل حتى قبل بلوغه لا يمكن للولي أن يزوجه ولذا قال في مناسكه ( فلو طاف الصبي غير المختون أو طيف به بعد أن أحرم به الولي لم يجز له أن يتزوج بعد البلوغ الا أن يتدارك الطواف بنفسه أو بنائبه ) هذا على رأي المشهور ، ولكن تقدم وسيأتي انشاء الله تعالى أن الإحرام ينحل بانتهاء شهر ذي الحجة انحلالا قهرياً فان الحج وعمرة التمتع لا يقعان الا في أشهر الحج فإذا أتى المكلف بالإحرام ولم يأت ببقية الأجزاء التي منها الطواف كطواف عمرة التمتع - حيث أنه ليس مختوناً - فإذا انتهى ذي الحجة كشف ذلك عن بطلان الإحرام فان مطلوبية الإحرام مطلوبية جزئية ككل جزءٍ فإذا لم يؤتَ ببقية الأجزاء انكشف عدم وقوع الجزء الاول على صفة المطلوبية كما هو الحال في الصلاة ، فمن أتى بالصلاة وترك ركعة بل جزءاً من الركعة الأخيرة بحيث لا يمكن التدارك كشف لك عن بطلان الصلاة من البداية وهنا أيضا ينكشف بطلان الإحرام من البداية وبالتالي لا يحرم عليه الزواج لأنه ليس مُحرِماً.
ان قلت:- ان طواف النساء واجب مستقل لا ربط له ببقية الاجزاء.
قلت:- صحيح انه واجب مستقل ولكن في ظرف الإتيان بالحج فإذا لم يأت بالحج فلا مطلوبية لطوا ف النساء ، بيد أن هذا كله يتم بالنسبة إلى عمرة التمتع أو الحج ولا يتم بالنسبة العمرة المفردة إذ لا وقت معين لها فيبقى آنذاك على صفة الإحرام وبالتالي لا يجوز له الزواج.
إذن لابد من التفرقة بين العمرة المفردة وبين غيرها كما أوضحنا ، وكان من المناسب فنياً الإشارة إلى حكم تارك الطواف هنا بالشكل الذي أوضحت فان الحوالة المذكورة حوالة على أمر بعيد بل وخفي.
مسألة ( 302 ):- إذا استطاع المكلف وهو غير مختون فان أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك وإلا أخر الحج إلى السنة القادمة فان لم يمكنه الختان أصلاً لضرر أو حرج أو نحو ذلك فاللازم عليه الحج لكن الأحوط أن يطوف بنفسه في عمرته وحجه ويستنيب أيضاً من يطوف عنه ويصلي هو صلاة الطواف بعد صلاة النائب.
..........................................................................................................
قبل تبيان الحال في هذه المسالة أشير إلى أمور ثلاثة:-
الأمر الاول:- ذكر في الجواهر
[1]
- بعد أن تعرض إلى مسألة من لم يكن مختوناً وأراد الحج - أن العلامة في القواعد بل وعن غيره أن شرطية الختان ساقطة في مثل هذه الحال يعني فيمن أراد الحج وهو لا يتمكن من الختان الآن فان شرطية الختان تسقط ، يعني أن الشرطية مختصة بحالة التمكن من دون أن يفصل بين أن يكون تعذر الختان في خصوص هذه السنة أو تعذره رأساً - أي بلحاظ جميع السنين - ثم نقل عن كشف اللثام أنه ناقش رأي العلامة وقال:- لم لا نقول ان شرطية الختان باقية وينتقل الأمر إلى النيابة فيستنيب غير المختون شخصاً لأجل طوافه من غير فرق أيضاً بين أن يكون التعذر في خصوص هذه السنة أو رأساً ، ثم ذكر صاحب الجواهر(قده) بعد ذلك ما نصه ( قلت:- لعل المتجه فيه سقوط الحج عنه في ذلك العام لفوات المشروط بفوات شرطه بل لعل خبر إبراهيم بن ميمون لا يخلو من إشعار بذلك ).
إذن الأقوال في المسألة على ضوء هذا ثلاثة:- سقوط شرطية الختان مطلقاً وهو رأي العلامة ، والثاني يستنيب لطوافه مطلقاً وهو رأي كشف اللثام ، والتفصيل بين ما إذا كان التعذر في هذه السنة فينتظر إلى السنة الثانية - أي يختتن في أثناء السنة ثم يحج في السنة الثانية - وبين أن يفترض أنه يتعذر عليه مطلقاً فيستنيب لطوافه ، ويظهر من السيد الماتن(قده) في مسألتنا اختيار الرأي الثالث الذي هو لصاحب الجواهر.
الأمر الثاني:- قد يقول قائل ان مسألتنا هذه توجد فيها روايات وبعد وجودها لا حاجة إلى تطويل الكلام فيها فانه توجد روايتان إحداهما رواية قرب الإسناد عن حنان بن سدير والأخرى لإبراهيم بن ميمون اللتين تقدمتا وهما واردتان في الكافر إذا أسلم حيث قال الإمام عليه السلام ( يبتدئ بالسُنَّة - يعني الختان - ويؤخر الحج ) وبعد وجود هاتين الروايتين لا يُحتاج إلى تطويل الكلام بل لا حاجة إلى ثبوت ثلاثة أقوال في المسالة بل المناسب وجود قول واحد وهو تأخير الحج.
هذا ولكن يمكن أن يقال بعدم وضوح شمول الروايتين لمقامنا فـان رواية حنان قالت ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن نصراني أسلم وحضر الحج ولم يكن اختتن أيحج قبل أن يختتن ؟ قال:- لا ولكن يبدأ بالسُنَّة ) وجاء في رواية إبراهيم ( الرجل يسلم فيريد أن يحج وقد حضر الحج أيحج أم يختتن ؟ قال:- لا يحج حتى تختتن ) وهاتان الروايتان لو أردنا ان نتماشى مع ألفاظهما فربما يقال بشمولهما للمقام فهما تدلان على أن الختان لابد أن يكون أوَّلاً فإذا تعذر في هذه السنة فالمناسب تأخير الحج إلى السنة الثانية بل الثالثة بل الرابعة بمقتضى هاتين الروايتين هكذا قد يقال بل ذكر ذلك بعضٌ ومنهم السيد الخوئي(قده) في المعتمد.
ولكن يمكن ان يقال في مقابل ذلك:- انه يوجد احتمال آخر في هاتين الروايتين وهو أن من أسلم هل يجوز له أن يحج بلا ختان بقطع النظر عن مسألة تعذره فالسؤال سؤال عن أنه هل يوجد تسامح في حق من أسلم ويقال له انه حتى في حالة سعة الوقت فانه لأجل إسلامك نتنازل عن شرطية الختان إكراماً لك - مثلاً - فالروايتان هما بصدد بيان أن الإسلام لا يبرر سقوط شرطية الختان بل هي باقية ، أما لو تعذر الختان في هذه السنة أو تعذر رأساً فتلك قضية ليست منظوراً إليها في هاتين الروايتين ، وعلى هذا الأساس تكون الروايتان المذكورتان مجملتين ، أي يحتمل أنها بصدد ما أشرنا إليه - أي بيان عدم شرطية الختان مع غض النظر عن حالة التعذر - خصوصاً إذا التفتنا إلى أن حالة التعذر حالة تستدعي التنبيه والتأكيد فلو كان نظر السائل إلى مثل هذه الحالة لأشار وقال ( سيدي فان تعذر عليه الختان في هذه السنة بل مطلقاً ) انه سكت ولم يشر إلى ذلك وهذا يُقرِّب كون نظره هو الاستفسار عن أصل شرطية الختان وأنها ثابتة أو لا.
وإذا قلت:- نحن وظيفتنا ملاحظة جواب الإمام عليه السلام وما دام جوابه جواباً مطلقاً وانه لابد وان يبدأ بالسُنَّة فهذا لازمه تأخير الحج إلى السنة الثانية أو ما بعدها.
وجوابه:- ان الإمام عليه السلام ناظر إلى سؤال السائل فإذا فرض انه سأل عن ثبوت شرطية الختان بعد الإسلام وعدم ثبوتها فالجواب إما يلزم أن نفهم منه هذا المقدار لا أكثر يعني ان الشرطية باقية ، وأما حالة التعذر كيف ؟ فهي قضية مسكوت عنها ، وأنا لا أريد أن أدعي الجزم بهذا وإنما أقول ان الرواية مرددة بين احتمالين وبالتالي لا يثبت لها ظهور حتى نتمسك به ، هذا لو قطعنا النظر عن السند وإلا فالإشكال أوضح كما هو جلي.
الأمر الثالث:- ان دليل شرطية الختان مطلق - أي لا يختص بحالة التمكن - كما يوحي بذلك كلام العلامة فان صحيحة معاوية مثلاً قالت ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) وهذا كلام مطلق ومقتضاه ان الشرطية شرطية مطلقة - يعني سواءً أمكنه الختان أو لم يمكنه ذلك - وعليه فلا معنى لتخصيص شرطية الختان بحالة التمكن وهذه قضية ينبغي أن تكون واضحة
وبعد اتضاح هذه الأمور الثلاثة نعود إلى مسألتنا ونقول إنها تشتمل على نقاط ثلاث:-
النقطة الأولى:- لو استطاع الشخص في هذه السنة وكان بإمكانه أن يختتن قبل الحج - أي في هذه السنة - فيلزمه ذلك من باب أنه مقدمة للواجب إذ الواجب عليه هو الحج المقيد بالطواف عن ختان وحيث أنه يمكنه تحصيله فيجب ذلك من باب وجوب تحصيل مقدمة الواجب ولو عقلاً ان لم نقل بالوجوب شرعاً أيضاً.
النقطة الثانية:- ان يستطيع في هذه السنة ولكنه لا يتمكن من الختان فيها وإنما يتمكن من ذلك بعد مضي فترة باعتبار أن ختان الكبير يحتاج إلى فترة لبرئه ، وهنا حكم (قده) بأنه ما دام الأمر كذلك فيؤخر الحج إلى السنة الثانية بعد أن يختتن في الفترة المذكورة ، أما لماذا ذلك ؟ أجاب (قده)
[2]
بأن الواجب عليه هو الطواف مختوناً وحيث لا يمكنه ذلك في هذه السنة - لفرض تعذره - فلا يجب عليه إذن الحج في هذه السنة بل يؤخره إلى السنة الثانية.
ثم اعترض على نفسه بأنه لم لا نقول بوجوب الحج عليه في هذه السنة ولكن يُنيب شخصاً عنه لأجل الطواف.
وأجاب(قده) عن ذلك بأن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة إلى الحج والمفروض أنه ليس مستطيعا في هذه السنة لفرض أنه ليس بمختونٍ وما دامت الاستطاعة ليست متحققة فلا معنى لوصول النوبة آنذاك إلى النيابة.
وفيه:- ان هذا يلزم منه الدور إذ قد ذكر أن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة ومن المعلوم أن الاستطاعة تتحقق لو فرض أن النيابة كانت واجبة فيلزم من ذلك الدور إذ وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة وتحقق الاستطاعة فرع وجوب النيابة فصار وجوب النيابة موقوفاً على نفسه.
وكان الأنسب التعليل بأن دليل وجوب النيابة لا يمكن أن يشمل المورد لقصورٍ فيه باعتبار أنه يختص بخصوص من لا يستطيع على الطواف تكويناً ولا يعم من لا يستطيع تشريعاً ، ولكن حيث أنه لا يرتضي ذلك ويرى أن دليل النيابة لا مانع من شموله لمن لا يستطيع تشريعاً أيضاً ولذا أوجب - في النقطة الثالثة التي ستأتي وهي ما إذا لم يتمكن الشخص من الختان رأسا أي في هذه السنة وما بعدها من السنين عليه أن يحج ويستنيب لطوافه وهذا معناه أن دليل وجوب النيابة يشمل من لا يقدر على الطواف تشريعاً وما دام يشمله فمن المناسب ثبوت الاستطاعة إذ دليل النيابة بعد شموله للمقام يصير المكلف المذكور قادراً على الطواف غايته من خلال النائب وبالتالي سوف يصير مستطيعاً للحج فيجب عليه.
إذن يجب علينا فنياً أن نلحظ دليل وجوب النيابة في باب الطواف ، وهو (قده) حيث يرى شموله لمن لا يستطيع تشريعاً أيضاً فمن المناسب تحقق الاستطاعة.
ان قلت:- صحيح أنه(قده) ذهب في النقطة الثالثة - أي من عجز عن الختان إلى الأبد - إلى وجوب النيابة ولكن ذلك لنكتةٍ خاصةٍ بذلك وهي أنه إذا لم نقل بالنيابة في الطواف فلازمه سقوط وجوب الحج رأساً ، يعني في هذه السنة والى آخر عمره لفرض أنه لا يتمكن من الختان إلى الأبد ، وحيث أن هذا الاحتمال باطل فيتعين عليه أن يحج ويدور الأمر بين أن يحج مع الطواف بنفسه غير مختون وهذا خلف إطلاق دليل شرطية الختان فيتعين عليه آنذاك النائب في الطواف. إذن قد أثبتنا وجوب الاستعانة بالنائب من خلال هذا البيان المركب من شقوق ثلاثة ومثله لا يأتي في النقطة الثانية التي هي محل حديثنا إذ بالإمكان حسب الفرض الحج في السنة القادمة فلا يلزم سقوط الحج رأساً ، إذن بإمكان السيد الخوئي أن يدافع عن نفسه بهذا الجواب.
قلت:- هناك شق رابع وذلك بأن يرسل نائباً عن نفسه ، أي في أصل الحج وليس في خصوص الطواف كما هو الحال في المريض الذي لا يُرجى برؤه مع فرض استطاعته المالية فانه يرسل نائباً إلى الحج وهنا قد فرض أن الأمر كذلك يعني أنه لا يتمكن من الختان إلى الأبد فيتعذر عليه الحج إلى الأبد فيرسل نائباً في أصل الحج.
وبالجملة:- هذا الذي ذكر لا يصلح معيِّناً لإثبات النيابة في الطواف بل هو كما يلتئم مع ذلك يلتئم مع إرسال النائب بلحاظ أصل الحج أيضاً ، والمناسب فنياً ملاحظة دليل النيابة فان قلنا بشموله لمن لا يستطيع تشريعاً فلنقل بثبوت النيابة في مسألتنا - أعني من لا يتمكن في السنة الأولى على الختان - لفرض أنه يشمله ، وإذا قلنا هو لا يشمله ويختص بمن لا يستطيع تكويناً فالمناسب سقوط وجوب الحج عنه لتعذره فان بعض شرائطه متعذر وينتقل الأمر بالتالي إلى النائب في أصل الحج وليس في الطواف.
هذا بالنسبة إلى ما أفاده (قده) وقد اتضح إنا نرجع إلى دليل النيابة في الطواف وهو صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه ؟ فقال:- نعم إذا كان لا يستطيع )
[3]
وهذه أحسن الروايات حالاً ، وتقريب دلالتها انه عليه السلام قال ( نعم إذا كان لا يستطيع ) وهذا كما يصدق على من لا يستطيع تكويناً يصدق أيضا على من لا يستطيع تشريعاً كغير المختون ، ولكنه إذا قبلنا دعوى الانصراف إلى خصوص من لا يستطيع تكويناً فهو ، وأما إذا شككنا في وجاهة الانصراف أخذنا بالمقدمة التي أشرنا إليها في باب الإطلاق فقد قلنا انه ينبغي إضافة مقدمة لصحة التمسك بالإطلاق وهي أن يُستهجن الإطلاق من المتكلم على تقدير كون مراده واقعاً هو المقيد ، وهنا لو برز المتكلم وقال ان مقصودي هو خصوص من لا يستطيع تكويناً لما استهجن منه هذا الإطلاق . إذن التمسك بالإطلاق شيء مشكل وبالتالي يكون ثبوت شرعية النيابة في المقام مشكل لقصور دليل النيابة في حد نفسه إذ النيابة حكم على خلاف الأصل وظاهر كل حكم هو وجوب تصدي المكلف بنفسه بالمباشرة والاكتفاء بالنيابة يحتاج إلى دليل وحيث ان دليل شرعية النيابة قاصر فلا تثبت الاستطاعة في حق الشخص المذكور.
وقد اتضح بهذا إنا وصلنا إلى نفس النتيجة التي صار إليها السيد الخوئي(قده) ولكن على اختلاف الطريق ، فهو صار إلى تلك النتيجة لا من خلال قصور دليل شرعية النيابة فانه يراه شاملاً لمن لا يستطيع تشريعاً بل صار إلى ذلك من باب أن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة ، ونحن أشكلنا عليه بأن الاستطاعة أيضاً هي فرع وجوب النيابة فيلزم الدور وإنما صرنا إلى هذه النتيجة الموحدة من باب قصور دليل شرعية النيابة والمفروض أن دليل شرطية الختان في الطواف مطلق فجمعاً بين هذا الإطلاق وبين هذا القصور تصير النتيجة هي عدم وجوب الحج في هذه السنة وإنما يجب عليه في السنة الثانية بعد فرض استطاعته المالية.
[1] الجواهر 19 275.
[2] المعتمد.
[3] الوسائل 13 387 47 ابواب الطواف ح3.