33/02/23
تحمیل
الموضوع :-
الشرط الرابع من شرائط صحة الطواف ( الختان للرجال) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
الشرط الرابع من شرائط صحة الطواف ( الختان للرجال) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
هذا وقد فصل السيد الخوئي(قده)
[1]
بين ما إذا كان الصبي مميزاً ويأتي بالطواف بنفسه فيعتبر فيه الختان وبين ما إذا لم يكن كذلك فلا يعتبر فيه الختان .
والوجه في ذلك:- هو أن مثل صحيحة معاوية قالت هكذا ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) فعبَّرت بكلمة ( لا يطوف ) وإنما يصدق عنوان ( يطوف ) و ( لا يطوف ) فيما إذا كان الشخص مميزاً ومستقلاً في عمله ، أما إذا لم يكن كذلك بل كان الأب يقوم كمساعدٍ له ويطوف به فلا يصدق العنوان المذكور وإنما يصدق عنوان ( طاف به ) أو ( طيف به ) ، وعليه فنفس التعبير المذكور يرشدنا إلى اعتبار كون الصبي مميزاً فانه آنذاك يعتبر الختان وأما إذا لم يكن كذلك فالروايات قاصرة عن إثبات اعتبار الختان فنرجع إلى الأصل آنذاك.
إذن حاصل ما أراده (قده) هو قصور الروايات عن اعتبار الختان في حق غير المميز ومادامت قاصرة فنرجع إلى الأصل.
وفيه:-
أولاً:- ان تعبير ( الأغلف لا يطوف ) إرشاد إلى أن الغلفة مع الطواف هما شيئان متنافيان أما حيثية أن يصدق عنوان ( يطوف ) فهذا ليس بمعتبرٍ ولا خصوصية له وإلا يلزم أن الشخص الطائف لو كان كسيراً أو مريضاً بحيث حمله آخر وطاف به فهنا يصدق ( طيف به ) وبالتالي يلزم أن لا يعتبر في حقه الختان ، أي يصير الختان شرطاً في حق من يطوف بنفسه مستقلاً أما إذا حُمل وطِيف به فلا يلزم في حقه الختان ، أي تكون الروايات قاصرة وهذا شيء بعيد.
وإذا قلت:- يوجد فارق بين الموردين باعتبار أنه لا يوجد أمر بالطواف في حق الصبي بل الأمر متوجه إلى الولي ، وهذا بخلافه في حق الكسير أو المريض فانه يوجد أمر في حقه.
قلت:- ان عبارة التقرير قد توحي بما ذكر ولكنه شيء ليس بمهم إذ الركيزة المهمة ليس هي وجود الأمر وعدم وجوده وإنما المهم هو أن تعبير ( يطوف ) و ( لا يطوف ) لا يصدق الا إذا كان الشخص مستقلاً ، ان هذا هو تمام النكتة ووجود الأمر وعدم وجوده ليس له مدخلية في هذا المجال ، فينبغي الالتفات إلى ذلك.
هذا مضافاً إلى أنه قد ورد في الشق الثاني ( ولا بأس أن تطوف المرأة ) فانه يلزم أن نستفيد من هذه العبارة أن المرأة المستقلة هي التي لا يعتبر الخفض في حقها وأما إذا لم تكن مستقلة وليست مميزة فالرواية قاصرة عن الدلالة على عدم اعتبار الخفض فيها لأنها عبرت بلسان ( ولا بأس أن تطوف المرأة ) فإذا قلنا ان كلمة ( تطوف ) تختص بالمستقل والمميز فهذه العبارة سوف تدل على أن المرأة المستقلة لا يعتبر في حقها الخفض وأما غير المستقلة فالعبارة ليست شاملة لها وهذا شيء بعيد.
وعلى أي حال نحن نفهم من هذه العبارة صدراً وذيلاً وجود منافاة بين الغلفة وبين الطواف في حق الذكور وعدم وجود ذلك في حق الإناث من دون خصوصية للاستقلالية في الطواف وعدمها.
وثانياً:- لو تنزلنا وقلنا ان ما أفاده مقبول ولكن غاية ما يلزم هو القصور في المقتضي فيلزم الرجوع إلى الأصل وقد قلنا فيما سبق ان الرجوع إلى الأصل في باب المستحبات أمر مشكل ويختص الرجوع بالشخص البالغ فالبالغ يشك في اشتغال ذمته بالتكليف الزائد - أي الطواف المقيد بالختان - فيرفع اشتغال الذمة بالبراءة ، وهذا بخلافه في حق الصبي فان اشتغال الذمة لا يوجد في حقه حتى نرفعه بالبراءة والمهم هو إثبات الشرعية والاستحباب في حق الصبي غير المميز وان كان أغلفاً ، ومعلوم ان حديث الرفع يرفع ولا يثبت.
ان قلت:- كيف تثبت الشرعية في حق الكبير في موارد الشك والرجوع إلى الأصل ؟
قلت:- إننا لا نريد إثبات الشرعية في حق الكبير بل نقول فقط وفقط ان الذمة لم تشتغل بالتكليف الزائد وغير ذلك ليس بمهمٍ لنا حتى يأتي الإشكال.
إذن حتى لو سلمنا بأن الروايات قاصرة عن إثبات الشرطية في حق الصبي غير المميز فلا ينفعه هذا المقدار بعدما كان التشبث بالأصل محل إشكال.
نعم لو كانت لدينا مطلقات تدل على مطلوبية الطواف في حق الجميع بما في ذلك الصبي غير المميز وكان لها إطلاق من حيث الشرائط لصح التمسك بتلك المطلقات لنفي شرطية الختان في حق الصبي غير المميز ولكن لا توجد عندنا مثل هذه المطلقات ولذا تشبث بالأصل ولم يتشبث بالمطلقات.
والنتيجة من كل هذا هي:- المناسب اعتبار الختان في حق الصبي وان كان غير مميز.
وقد تسأل:- هل هناك فرق بين الطواف الواجب والطواف المستحب ؟ وهذه قضية لم يشر إليها السيد الماتن(قده) وكان من المناسب الإشارة إليها.
والجواب:- الصحيح أنه لا فرق لإطلاق الروايات من هذه الناحية فإنها قالت ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) ولم تقل لا يطوف الطواف الواجب بالخصوص.
وقد تسأل أيضاً:- ما هي الثمرة المترتبة على شرطية الختان في حق الصبي غير المميز ؟
والجواب:- ان ذلك يأتي التعرض إليه في المسالة التالية ، ولكن نقول مؤقتاً الظاهر أنه لا ثمرة إذا كان الطواف بالنسبة إلى الحج . نعم إذا كان ذلك في العمرة المفردة فتظهر الثمرة وسيأتي بيان ذلك.
وهناك شيء يرتبط بعبارة المتن:- فقد جاء فيها ( الرابع:- الختان للرجال والأحوط بل الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضاً إذا أحرم بنفسه وأما إذا كان غير مميز أو كان إحرامه من وليِّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر ) انه أكَّد على قضية أن يكون الإحرام بنفسه ، ولا نرى وجهاً لتسليط الأضواء على ذلك بل المهم هو أن يكون مميزاً ومستقلاً في طوافه أما أن إحرامه كان بأمر الولي أو لم يكن فهذه قضية ليست مهمة بعدما كانت النكتة ترتبط بقضية أن عنوان ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) لا يصدق الا في حق المميز ، فالمناسب التأكيد على ذلك وعدم التأكيد على قضية أن الإحرام بأمر الولي أو لا.
وتوجد قضيتان جانبيتان لا بأس بالالتفات إليهما:-
القضية الأولى:- عرفنا أن الختان شرط في صحة الطواف ولكن - من باب الكلام يجر الكلام - نسأل هل الختان واجب في حد نفسه أو مستحب ؟ بمعنى انه يستحب في حق الشخص الا إذا أراد أن يحج فيجب آنذاك مقدمة لطوافه أما إذا لم يرد الحج فلا وجوب ؟
ذكر صاحب الوسائل
[2]
أبواباً تشتمل على روايات ترتبط بمسألة ختان الأولاد ولكن الطابع العام عليها هو إفادة أنه سُنَّة أما أنه واجب ولازم فربما يصعب استفادته منها ، ولعله من هنا تأمل صاحب الحدائق في الوجوب حيث قال ( وبالجملة فانه لا دليل في الأخبار يُعتمد عليه )
[3]
.
هذا ولكن يمكن أن يستدل على الوجوب النفسي بالوجهين التاليين:-
الوجه الأول:- ان ذلك من ضروريات المذهب بل الدين ، فمن ضروريات دين الإسلام مسألة الختان وأن الذكور لابد وأن يختنوا ، قال في الجواهر ( لو بلغ ولم يختن وجب أن يختن نفسه بلا خلاف فيه بل الإجماع بقسميه عليه وذلك لأن الختان واجب في نفسه بالضرورة من المذهب والدين )
[4]
، ولا يبعد وجاهة الضرورة الدينية.
والوجه الثاني:- وجود روايتان:-
الأولى:- ما رواه الصدوق(قده) بسنده عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ( قال علي عليه السلام:- لا بأس بأن لا تختتن المرأة فأما الرجل فلابد منه )
[5]
، وطريق الصدوق إلى غياث صحيح ، وغياث يمكن توثيقه أيضاً ، ودلالتها واضحة حيث قالت ( فأما الرجل فلا بد منه ) أي لابد من الختان في حقه.
الثانية:- ما رواه الشيخ الكليني(قده) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ( قال أمير المؤمنين عليه السلام:- إذا اسلم الرجل اختتن ولو بلغ ثمانين سنة )
[6]
، والظاهر أن دلالتها جيدة ، وإنما المشكلة في النوفلي فإذا تساهلنا في أمره ولو باعتبار السكوني إذ في كثير من الموارد قد وردت روايات السكوني من طريق النوفلي والمفروض أن الطائفة قد عملت بروايات السكوني فيكون ذلك دالاً بالالتزام على عملها بغض النظر عن النوفلي ، فإذا قبلنا بهذا فتكون هذه الرواية صحيحة وإلا سوف يختص الأمر بالرواية الأولى.
وإذا سألت:- لو ولد الطفل وهو مختون فهل يلزم ختانه ؟
والجواب:- كلا فان غاية ما تدل عليه الضرورة والرواية المذكورة هو أن من كانت معه الغلفة يلزم قطعها أما من ليس له الغلفة فلا يجب ختانه آنذاك . نعم قد يقال باستحباب إمرار الموسى عليه الا أن هذا مطلب آخر.
[1] المعتمد 4 329.
[2] الوسائل - كتاب النكاح - باب الأولاد - باب 52 وما بعده ( أربعة أو خمسة أبواب ).
[3] الحدائق 25 55.
[4] الجواهر 31- 260.
[5] الوسائل 21 436 52 أحكام الأولاد - ح8.
[6] الوسائل 21 436 -55 أحكام الأولاد ح1.