19-06-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/06/19
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع:- المبيت بمنى.
النقطة الثالثة:- إن المبيت في كلّ ليلة يلزم من متى وإلى متى ؟ فهل يجب مبيت تمام الليل أو حصّة خاصّة منه ؟ إن هذا مطلبٌ يأتي التعرض إليه منه(قده) في مسألة مستقلة أعني مسالة ( 427 ) فنرجئ البحث عن ذلك إلى تلك المسألة.
النقطة الرابعة:- إن المبيت واجبٌ في ليلتين أعني ليلة الحادي عشر والثاني عشر وأما ليلة الثالث عشر فيجب مبيتها على من لم يتّق الصيد والنساء، ولكن إذا لم يتقّ الصيد فلزوم المبيت في ليلة الثالث عشر هو بنحو الفتوى وإذا لم يتقّ النساء فوجوب المبيت من باب الاحتياط، هكذا جاء في المتن.
وعلى أيّ حال يظهر أن وجوب المبيت في ليلة الثالث عشر لمن لم يتّق الصيد والنساء قضيّة مفروغ عنها بين الفقهاء، وإنما الكلام هو في أنه هل يتسع الوجوب لمن لم يتّق بقيّة المحرمات الأخرى غير الصيد والنساء فمن ارتكب محرّماً من محرمات الاحرام غير هذين هل يجب عليه أيضاً المبيت ليلة الثالث عشر أو لا ؟
قال صاحب الحدائق(قده):- ( المقطوع به كلام الأصحاب رضوان الله عليهم أنه لا يجوز النفر في النفر الأوّل إلا لمن اتقى الصيد والنساء في احرامه فلو جامع في احرامه أو قتل صيدا ًوإن كفّر عنه لم يجز له أن ينفر في النفر الأوّل )[1]، وقريب من ذلك في المدارك[2].
وعلى أيّ حال الكلام يقع أوّلاً فيمن لم يتّق الصيد ثم فيمن لم يتّق النساء ثم في من لم يتّق سائر المحرمات:-
من لم يتّق الصيد:-
ذكر صاحب الوسائل(قده)[3] باباً تحت عنوان ( من لم يتق الصيد والنساء في إحرامه لم يجز له النفر في الأول ) وذكر فيه اثنا عشر رواية بعنوان أنها تدلّ على ذلك، ولكن إذا رجعنا إليها قد يصعب الحصول على رواية تامّة الدلالة والسند.
وبعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي(قده) انتخب من بين تلك الروايات رواية حمّاد وهي:- الشيخ بإسناده الى محمد بن عيسى عن محمد بلن يحيى عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن يتنفر في النفر الأوّل ومن نفر فسي النفر الأوّل فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس[4] وهو قول الله عز وجل " فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ... لمن اتقى " قال:- اتقى الصيد )[5]، ودلالتها على الظاهر جيدة حيث جاء فيها ( إذا أصاب المحرم الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأوّل ).
وإنما الكلام في سندها والمشكلة هي من ناحية محمد بن يحيى وإلا فمحمد بن عيسى فهو إمّا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أو محمد بن عيسى الأشعري والد أحمد وكلاهما ثقة وطريق الشيخ إليهما صحيحٌ لا مشكلة فيه، وحماد بن عثمان لا مشكلة فيه، إنما المشكلة في محمد بن يحيى، وواضحٌ أن محمد بن يحيى يلزم الالتفات إليه فمرّة يفرض أن الشيخ الكليني يروي عنه ونحن فيما سبق كنّا نسمع بمحمد بن يحيى في هذا المجال - يعني في مجال رواية الكليني عنه - وقد روى عنه في الكافي كثيراً وهذا من أجلة مشايخه وهو محمد بن يحيى الأشعري القمي الثقة الجليل وهو لا كلام فيه، هذا إذا وقع واسطة يروي عنه الشيخ الكليني، أمّا هنا فقد ورد أنه يروي عنه محمد بن عيسى اليقطيني أو الأشعري فهذا لا يحتمل أنه محمد بن يحيى الأشعري القمّي فإذن من هو ؟ إنه مردّد بين ثلاثة اثنان منهما من الثقاة وهما محمد بن يحيى الخزّاز وله كتاب وهو رجلٌ معروف ولعلّه لأجل معروفيته حينما ذكره الشيخ الطوسي لم يذكر معه لقب الخزّاز وهذا معناه أنّه ينصرف إليه ذلك، والثاني هو محمد بن يحيى الخثعمي وهو ثقة ولا مشكلة فيه، والثالث الذي لم يوثق هو الصيرفي . إذن هو مردّد بين ثلاثة، فإذا تمكنا أن نثبت أن محمد بن يحيى هذا هو أحد الموثّقين الاثنين فلا مشكلة، إمّا إذا بقي احتمال أنه الصيرفي فالأمر مشكلٌ آنذاك، والسيد الخوئي(قده) بعد أن انتخب هذه الروية قال إن محمد بن يحيى هذا ينصرف إلى الخزّاز لأنه هو المعروف الذي له كتاب والذي ذكره الشيخ في الفهرست لم يذكر معه لفظ الخزاز وما ذاك إلّا لكونه هو المعروف بذلك.
هذا ولكن يمكن أن يقال:- إن هذا وجيهٌ إذا لم يكن الصيرفي صاحب كتاب فإن أحد المناشئ المهمّة للمعروفيّة هي كونه صاحب كتابٍ وحيث إن الصيرفي صاحب كتابٍ فكيف يحصل الاطمئان ؟ - وهنا يلزم تحصيل الاطمئنان وإلا فالظن لا ينفع والمورد أيضاً ليس مورد ظهور - فتحصيل الاطمئنان بعد كون الصيرفي صاحب كتابٍ بأنّه هو الخزاز شيءٌ مشكلٌ خصوصاً وأن صاحب الوسائل روى قبل هذه الرواية رواية أخرى بنفس المضمون عن حمّاد والروي عن حماد هو محمد بن يحيى الصيرفي، إنه بعد هذا كيف يحصل الاطمئنان بأن ذلك محمد بن يحيى المطلق هو الخزّاز فلاحظ الرواية:- ( وبإسناده عن محمد بن الحسين عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن يحيى الصيرفي عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه " لمن اتقى الصيد فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل )[6]، وعلى أيّ حال تحصيل الاطمئنان بأنه الخزّاز شيءٌ مشكل.
وكان الأنسب اختيار رواية أخرى:- وهي ما رزاه الصدوق عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( ومن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول )[7]، والظاهر أن دلالتها واضحة، وإنما الكلام في السند فإنه لو رجعنا إلى المشيخة وجدنا أن الشيخ الصدوق(قده) له سند إلى كتابٍ مشتركٍ بين جميل بن درّاج ومحمد بن حمران فيقول:- ( وكلما رويته عن محمد بن حمران وجميل بن دراج فهو بالسند التالي ) - وواضحٌ أنه في ترجمتهما يذكر هذا الشيء وهو أنهما لهما كتاباً مشتركاً وهذا الاشتراك هو الذي صار سبباً إلى أن الشيخ الصدوق حينما يذكر السند فالسند ينتهي إلى محمد بن حمران وجميل بن دراج - فالطريق معتبر لا مشكلة فيه.
وللصدوق أطريق آخر إلى محمد بن حمران وهو طريق معتبرٌ أيضاً، وإنما الكلام في طريق الصدوق إلى جميل بن درّاج فإنه لم يذكر طريقاً خاصّاً ينتهي إليه وكتابه وهذه الرواية تنتهي إلى جميل فقط لا إلى جميل ومحمد بن حمران ومن هنا يقال إن طريق الصدوق إلى جميل مجهول وليس مذكوراً في المشيخة فبهذا الاعتبار قد يقال بأن طريق الصدوق إليه مجهول فعلى هذا الأساس تكون الرواية ساقطة عن الاعتبار سنداً.
ولكن في المقابل يمكن أن يقال:- إن ذكر رواياتٍ في الفقيه تنتهي إلى جميل وحده من دون ذكر طريقٍ إليه في المشيخة يكشف عن أن طريقه إليه هو نفس طريقه إلى جميلٍ وابن حمران وإلا لو كان له طريقاً خاصاً آخر لذكره كما ذكر طريقه إلى محمد بن حمران وحده، أمّا حينما لم يذكر طريقاً إلى جميل وحده فهذا يكشف عن أن طريقه إلى جميل وحده هو نفس طريقه إلى جميل ومحمد بن حمران وإلّا لذكر طريقاً خاصاً به حيث إنه ينقل في الفقيه رواياتٍ عن جميل وحده فمن المناسب أن يذكر طريقا ًإليه فعدم ذكر الطريق إليه يدلّ على أن طريقه هو نفس طريقه إلى جميل ومحمد بن حمران، وهذه قضيّة وجدانيّة وليست برهانيّة، فإن تقبّلها الوجدان ووصلت إلى حدّ الاطمئنان بذلك فبها ونعمت وإلا فيعود الطريق مجهولاً.
ولكن كما قلت إن المسألة مفروغٌ عنها بين الأصحاب خصوصاً بعد هذا الكمّ من الروايات فليس من البعيد أن الفقيه يحصل له الاطمئنان بأصل الحكم.
بقية قضية واحدة:- وهي أن من لم يتّق الصيد يلزمه المبيت في منى ليلة الثالث عشر أيضاً والسؤال هو :- ما المقصود من عدم اتقاء الصيد فهل يقصد خصوص قتله أو يعم ذلك المجالات الأخرى كأكله أو اصطياده أو امساكه والروايات على ما قرأنا لم تصرّح بشيءٍ وإنما قالت ( لمن اتقى الصيد ) فحينئذٍ ماذا يكون المناسب ؟
والجواب:- المناسب هو التعميم لأن متعلّق الاتّقاء لم يُذكر، ونحن لا نريد أن نقول إن حذف المتلّعق يدلّ على العموم فهذا كما تقدّم في بعض الأبحاث هو أوّل الكلام وإنما نريد أن نقول إن المتكلّم لو كان يقصد حصّةً خاصّةً مما يرتبط بالصيد - أعني خصوص قتله - لكان من المناسب التقييد بذلك، إن عدم تقييده يكشف عن كون المقصود هو كلّ ما يرتبط بالصيد من الأمور الأربعة أو الخمسة – أي عدد المحرمات المرتبطة بالصيد - فهنا فكرة حذف المتعلق يدلّ على العموم لا مجال لها لأن العموم ليس بمقصودٍ جزماً على عرضه العريض وإنما المقصود هو تلك الأمور الخمسة المرتبطة بالصيد فلو كان المقصود حصّة خاصّة منها لقيّد الكلام بذلك وعدم التقييد يدل على أن المقصود هو كلّ محرّم يرتبط بالصيد.
النقطة الثالثة:- إن المبيت في كلّ ليلة يلزم من متى وإلى متى ؟ فهل يجب مبيت تمام الليل أو حصّة خاصّة منه ؟ إن هذا مطلبٌ يأتي التعرض إليه منه(قده) في مسألة مستقلة أعني مسالة ( 427 ) فنرجئ البحث عن ذلك إلى تلك المسألة.
النقطة الرابعة:- إن المبيت واجبٌ في ليلتين أعني ليلة الحادي عشر والثاني عشر وأما ليلة الثالث عشر فيجب مبيتها على من لم يتّق الصيد والنساء، ولكن إذا لم يتقّ الصيد فلزوم المبيت في ليلة الثالث عشر هو بنحو الفتوى وإذا لم يتقّ النساء فوجوب المبيت من باب الاحتياط، هكذا جاء في المتن.
وعلى أيّ حال يظهر أن وجوب المبيت في ليلة الثالث عشر لمن لم يتّق الصيد والنساء قضيّة مفروغ عنها بين الفقهاء، وإنما الكلام هو في أنه هل يتسع الوجوب لمن لم يتّق بقيّة المحرمات الأخرى غير الصيد والنساء فمن ارتكب محرّماً من محرمات الاحرام غير هذين هل يجب عليه أيضاً المبيت ليلة الثالث عشر أو لا ؟
قال صاحب الحدائق(قده):- ( المقطوع به كلام الأصحاب رضوان الله عليهم أنه لا يجوز النفر في النفر الأوّل إلا لمن اتقى الصيد والنساء في احرامه فلو جامع في احرامه أو قتل صيدا ًوإن كفّر عنه لم يجز له أن ينفر في النفر الأوّل )[1]، وقريب من ذلك في المدارك[2].
وعلى أيّ حال الكلام يقع أوّلاً فيمن لم يتّق الصيد ثم فيمن لم يتّق النساء ثم في من لم يتّق سائر المحرمات:-
من لم يتّق الصيد:-
ذكر صاحب الوسائل(قده)[3] باباً تحت عنوان ( من لم يتق الصيد والنساء في إحرامه لم يجز له النفر في الأول ) وذكر فيه اثنا عشر رواية بعنوان أنها تدلّ على ذلك، ولكن إذا رجعنا إليها قد يصعب الحصول على رواية تامّة الدلالة والسند.
وبعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي(قده) انتخب من بين تلك الروايات رواية حمّاد وهي:- الشيخ بإسناده الى محمد بن عيسى عن محمد بلن يحيى عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن يتنفر في النفر الأوّل ومن نفر فسي النفر الأوّل فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس[4] وهو قول الله عز وجل " فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ... لمن اتقى " قال:- اتقى الصيد )[5]، ودلالتها على الظاهر جيدة حيث جاء فيها ( إذا أصاب المحرم الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأوّل ).
وإنما الكلام في سندها والمشكلة هي من ناحية محمد بن يحيى وإلا فمحمد بن عيسى فهو إمّا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أو محمد بن عيسى الأشعري والد أحمد وكلاهما ثقة وطريق الشيخ إليهما صحيحٌ لا مشكلة فيه، وحماد بن عثمان لا مشكلة فيه، إنما المشكلة في محمد بن يحيى، وواضحٌ أن محمد بن يحيى يلزم الالتفات إليه فمرّة يفرض أن الشيخ الكليني يروي عنه ونحن فيما سبق كنّا نسمع بمحمد بن يحيى في هذا المجال - يعني في مجال رواية الكليني عنه - وقد روى عنه في الكافي كثيراً وهذا من أجلة مشايخه وهو محمد بن يحيى الأشعري القمي الثقة الجليل وهو لا كلام فيه، هذا إذا وقع واسطة يروي عنه الشيخ الكليني، أمّا هنا فقد ورد أنه يروي عنه محمد بن عيسى اليقطيني أو الأشعري فهذا لا يحتمل أنه محمد بن يحيى الأشعري القمّي فإذن من هو ؟ إنه مردّد بين ثلاثة اثنان منهما من الثقاة وهما محمد بن يحيى الخزّاز وله كتاب وهو رجلٌ معروف ولعلّه لأجل معروفيته حينما ذكره الشيخ الطوسي لم يذكر معه لقب الخزّاز وهذا معناه أنّه ينصرف إليه ذلك، والثاني هو محمد بن يحيى الخثعمي وهو ثقة ولا مشكلة فيه، والثالث الذي لم يوثق هو الصيرفي . إذن هو مردّد بين ثلاثة، فإذا تمكنا أن نثبت أن محمد بن يحيى هذا هو أحد الموثّقين الاثنين فلا مشكلة، إمّا إذا بقي احتمال أنه الصيرفي فالأمر مشكلٌ آنذاك، والسيد الخوئي(قده) بعد أن انتخب هذه الروية قال إن محمد بن يحيى هذا ينصرف إلى الخزّاز لأنه هو المعروف الذي له كتاب والذي ذكره الشيخ في الفهرست لم يذكر معه لفظ الخزاز وما ذاك إلّا لكونه هو المعروف بذلك.
هذا ولكن يمكن أن يقال:- إن هذا وجيهٌ إذا لم يكن الصيرفي صاحب كتاب فإن أحد المناشئ المهمّة للمعروفيّة هي كونه صاحب كتابٍ وحيث إن الصيرفي صاحب كتابٍ فكيف يحصل الاطمئان ؟ - وهنا يلزم تحصيل الاطمئنان وإلا فالظن لا ينفع والمورد أيضاً ليس مورد ظهور - فتحصيل الاطمئنان بعد كون الصيرفي صاحب كتابٍ بأنّه هو الخزاز شيءٌ مشكلٌ خصوصاً وأن صاحب الوسائل روى قبل هذه الرواية رواية أخرى بنفس المضمون عن حمّاد والروي عن حماد هو محمد بن يحيى الصيرفي، إنه بعد هذا كيف يحصل الاطمئنان بأن ذلك محمد بن يحيى المطلق هو الخزّاز فلاحظ الرواية:- ( وبإسناده عن محمد بن الحسين عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن يحيى الصيرفي عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه " لمن اتقى الصيد فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل )[6]، وعلى أيّ حال تحصيل الاطمئنان بأنه الخزّاز شيءٌ مشكل.
وكان الأنسب اختيار رواية أخرى:- وهي ما رزاه الصدوق عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( ومن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول )[7]، والظاهر أن دلالتها واضحة، وإنما الكلام في السند فإنه لو رجعنا إلى المشيخة وجدنا أن الشيخ الصدوق(قده) له سند إلى كتابٍ مشتركٍ بين جميل بن درّاج ومحمد بن حمران فيقول:- ( وكلما رويته عن محمد بن حمران وجميل بن دراج فهو بالسند التالي ) - وواضحٌ أنه في ترجمتهما يذكر هذا الشيء وهو أنهما لهما كتاباً مشتركاً وهذا الاشتراك هو الذي صار سبباً إلى أن الشيخ الصدوق حينما يذكر السند فالسند ينتهي إلى محمد بن حمران وجميل بن دراج - فالطريق معتبر لا مشكلة فيه.
وللصدوق أطريق آخر إلى محمد بن حمران وهو طريق معتبرٌ أيضاً، وإنما الكلام في طريق الصدوق إلى جميل بن درّاج فإنه لم يذكر طريقاً خاصّاً ينتهي إليه وكتابه وهذه الرواية تنتهي إلى جميل فقط لا إلى جميل ومحمد بن حمران ومن هنا يقال إن طريق الصدوق إلى جميل مجهول وليس مذكوراً في المشيخة فبهذا الاعتبار قد يقال بأن طريق الصدوق إليه مجهول فعلى هذا الأساس تكون الرواية ساقطة عن الاعتبار سنداً.
ولكن في المقابل يمكن أن يقال:- إن ذكر رواياتٍ في الفقيه تنتهي إلى جميل وحده من دون ذكر طريقٍ إليه في المشيخة يكشف عن أن طريقه إليه هو نفس طريقه إلى جميلٍ وابن حمران وإلا لو كان له طريقاً خاصاً آخر لذكره كما ذكر طريقه إلى محمد بن حمران وحده، أمّا حينما لم يذكر طريقاً إلى جميل وحده فهذا يكشف عن أن طريقه إلى جميل وحده هو نفس طريقه إلى جميل ومحمد بن حمران وإلّا لذكر طريقاً خاصاً به حيث إنه ينقل في الفقيه رواياتٍ عن جميل وحده فمن المناسب أن يذكر طريقا ًإليه فعدم ذكر الطريق إليه يدلّ على أن طريقه هو نفس طريقه إلى جميل ومحمد بن حمران، وهذه قضيّة وجدانيّة وليست برهانيّة، فإن تقبّلها الوجدان ووصلت إلى حدّ الاطمئنان بذلك فبها ونعمت وإلا فيعود الطريق مجهولاً.
ولكن كما قلت إن المسألة مفروغٌ عنها بين الأصحاب خصوصاً بعد هذا الكمّ من الروايات فليس من البعيد أن الفقيه يحصل له الاطمئنان بأصل الحكم.
بقية قضية واحدة:- وهي أن من لم يتّق الصيد يلزمه المبيت في منى ليلة الثالث عشر أيضاً والسؤال هو :- ما المقصود من عدم اتقاء الصيد فهل يقصد خصوص قتله أو يعم ذلك المجالات الأخرى كأكله أو اصطياده أو امساكه والروايات على ما قرأنا لم تصرّح بشيءٍ وإنما قالت ( لمن اتقى الصيد ) فحينئذٍ ماذا يكون المناسب ؟
والجواب:- المناسب هو التعميم لأن متعلّق الاتّقاء لم يُذكر، ونحن لا نريد أن نقول إن حذف المتلّعق يدلّ على العموم فهذا كما تقدّم في بعض الأبحاث هو أوّل الكلام وإنما نريد أن نقول إن المتكلّم لو كان يقصد حصّةً خاصّةً مما يرتبط بالصيد - أعني خصوص قتله - لكان من المناسب التقييد بذلك، إن عدم تقييده يكشف عن كون المقصود هو كلّ ما يرتبط بالصيد من الأمور الأربعة أو الخمسة – أي عدد المحرمات المرتبطة بالصيد - فهنا فكرة حذف المتعلق يدلّ على العموم لا مجال لها لأن العموم ليس بمقصودٍ جزماً على عرضه العريض وإنما المقصود هو تلك الأمور الخمسة المرتبطة بالصيد فلو كان المقصود حصّة خاصّة منها لقيّد الكلام بذلك وعدم التقييد يدل على أن المقصود هو كلّ محرّم يرتبط بالصيد.