1441/05/02
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
41/05/02
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: اخبار الطرح
من جملة الأبحاث المرتبطة بالطائفة الثالثة من اخبار الطرح هو البحث حول امكان التعدي من الكتاب الى غيره من السنة النبوية واخبار الائمة القطعية الصدور بحيث نحكم بطرح الخبر المخالف لها والاخذ بالموافق
وقد يقال بالتعدي الى كل سنة قطعية ويستدل[1] لذلك بان الدلالة القرآنية فيها ثلاث خصائص.
الخصيصة الأولى ـ أنها كلام الله سبحانه وتعالى المعجز.الخصيصة الثانية ـ أنها قطعية الجهة حيث لا يحتمل فيها التقية ونحوها.الخصيصة الثالثة ـ أنها قطعية الصدوراما الأولى فبحسب مناسبات الحكم والموضوع ليست هي السبب في الحكم بالامر بالاخذ بالموافق وطرح المخالف للكتاب الراجع الى الحجية التي ملاكها الكاشفية والطريقية بل انها تقتضي دخالتها في الاحكام الاحترامية للكتاب كالحكم بالانصات اليه وترتيل اياته واما الثانية فانه وان كان لا بعد في دخالتها في الحكم المذكور في هذه الطائفة الا انه يستظهر عدم دخالتها باعتبار ان التقية لم تكن معروفة لدى الجميع في زمان صدور هذه النصوص خصوصاً اذا لاحظنا ان بعضها منسوب الى الرسول (صلى الله عليه واله)، وعلى هذا يتعين ان تكون الخصوصية الدخيلة في الحكم هي كون القران قطعي الصدور، فهذه هي الجهة البارزة المعروفة عند المتشرعة والتي ينصرف اليها الذهن عندما يسمع (خذ بالموافق للكتاب ودع المخالف له) ، وبناءً على هذا يمكن التعدي الى كل سنة قطعية وان لم تكن نبوية فان كل سنة قطعية تشترك مع الكتاب في هذه الخصوصية ويلاحظ عليه: بان الخصوصية الثانية محتملة الدخالة في هذا الحكم، والتعدي موقوف على احراز ان الخصوصيات الاخرى ليست دخيلة في الحكم ومجرد ان التقية ليست معروفة لدى الجميع لا يبرر الغاء هذا الاحتمال فليس الميزان هو معروفية التقية عند المخاطبين بل الميزان هو الغاء المشرع لذلك فمن الممكن ان المشرع لما شرع هذا الحكم قد لاحظ في الكتاب انه قطعي السند وقطعي الجهة وان لم تكن التقية معروفة عند المخاطبين في زمان صدور هذه النصوص وحيث اننا لا يمكن ان نطلع على الجهة التي لاحظها الشارع في الكتاب وعلى اساسها اثبت هذا الحكم فالتعدي من الكتاب الى ما لا يشترك معه في كلتا الجهتين صعب جداًثم ان السيد الشهيد (قده) قد طرح تفسيراً اخر لهذه الطائفة يختلف عن التفسير السابق فقال (قد أشرنا فيما سبق إلى أنه يمكن تفسير مفاد هذه الأخبار بنحو آخر لا يحتاج معه إلى جل الأبحاث المتقدمة ، وذلك التفسير هو : أنه لا يبعد أن يكون المراد من طرح ما خالف الكتاب الكريم ، أو ما ليس عليه شاهد منه ، طرح ما يخالف الروح العامة للقرآن الكريم ، وما لا تكون نظائره وأشباهه موجودة فيه. ويكون المعنى حينئذ أن الدليل الظني إذا لم يكن منسجماً مع طبيعة تشريعات القرآن ومزاج أحكامه العام لم يكن حجة. وليس المراد المخالفة والموافقة المضمونية الحدية مع آياته. فمثلاً لو وردت رواية في ذم طائفة من الناس وبيان خستهم في الخلق أو أنهم قسم من الجن ، قلنا أن هذا مخالف مع الكتاب الصريح في وحدة البشرية جنساً وحسباً ومساواتهم في الإنسانية ومسئولياتها مهما اختلفت أصنافهم وألوانهم)[2] واما اذا لم يكن الخبر مخالفاً لمسلمات وثوابت القران فحينئذ يؤخذ به ويكون منسجماً مع ثوابت القران وليس مخالفاً للكتاب
وهذا التفسير يختاره اخرون منهم السيد المرجع الاعلى السيستاني (دام ظله) وقد استدل السيد الشهيد (قده) بجملة امور منها: ان الائمة (عليهم السلام) أمروا اصحابهم بالتفقه في الدين والاطلاع على تفاصيله وجزئياته التي لا يمكن معرفتها من القرآن الكريم ، فهؤلاء لو وردهم عن الامام (عليه السلام) (ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فدعوه) وهم يعلمون ان القران لا يتعرض للتفاصيل التي تعرضت لها الاحاديث فهذا يشكل قرينة متصلة على ان المقصود هو ان الخبر لا يخالف مسلمات القران وثوابته والروح العامة لهومنها: هناك رواية تقول (إن وجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من الكتاب) فان الشاهد بحسب طبعه اللغوي هو اعم من الموافق بالمعنى الحرفي بل الموافق للروح العامة للقران يصح ان يقال عليه شاهد من القران، مضافاً الى عدم الاقتصار على شاهد واحد يعد قرينة على أن المراد وجود الأمثال والنّظائر لا الموافقة الحدية
ومنها: رواية الحسن بن الجهم عن العبد الصالح : (( قَال : إذَا جَاءكَ الحَدِيثَانِ المُختَلفَانِ فَقسهُمَا عَلى كِتَابِ اللهِ وَأحَادِيثِنا فَإن أشبَهَهَا فَهُوَ حَقّ وإن لَم يُشبِههَا فَهُوَ بَاطِلٌ )) والمقصود بشبه الكتاب والحديث اي انه ينسجم مع المسلمات والثوابت فهو حق والا يكون باطلاً والنتيجة ان المستفاد من الطائفة الثالثة من اخبار الطرح -كما ان هذا يشمل الطائفة الثانية منها- هو أنه لا يستفاد من أخبار الطرح إلغاء الأدلة الظنية المعارضة مع الكتاب الكريم معارضة لا توجب إلغاء أصل مفاد قرآني واضح ، كما في موارد التعارض غير المستقر ، بل التعارض بنحو العموم من وجه أيضاً ، وإنما نحكم بسقوطها في مورد المعارضة بمقتضى القاعدة المتقدم شرحها