24-03-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/03/24
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة (407 ) / الحلق والتقصير /
حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
المؤشر الرابع:- قال في ترجمة أبي منصور الصرام :- ( له كتب منها كتاب في الأصول سمّاه بيان الدين قرأت على أبي حازم النيسابوري أكثر كتاب بيان الدين وكان قد قرأه عليه )[1]، إن هذه العبارة تدلّ على أن النيسابوري الذي هو شيخ لشيخ الطائفة قرأ الكتاب على الصرام صاحب بيان الدين ونفس الشيخ أيضاً قرأ هذا الكتاب على النيسابوري، فإذن مسألة القراءة كانت مسالة متداولة.
المؤشر الخامس:- وقال في الفهرست في ترجمة الحسن بن محبوب بعد أن ذكر كتبه والتي منها المشيخة ما نصّه:- ( وأخبرنا بكتاب المشيخة قراءة عليه أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير )[2].
المؤشر السادس:- قال في ترجمة الكليني بعد ذكر كتبه ما نصّه[3]:- ( وأخبرنا الحسين بن عبد الله قراءة عليه أكثر كتاب الكافي عن جماعة منهم .. )، والشاهد في قوله ( أخبرنا الحسين بن عبد الله قراءة عليه أكثر كتاب الكافي )، إن هذا يعني أن الشيخ كان يمارس هذا الميدان.
المؤشر السابع:- قال في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر كتبه ما نصّه:- ( سمعنا منه هذه الكتب كلّها بعضها قراءةً عليه وبعضها يُقرأ عليه غير مرّة )[4] . إذن يتبين أن الشيخ مارس كلتا الطريقتين فمرّة الأستاذ يقرأ ومرّة التلميذ يقرأ ويقول ( غير مرّة ) فيظهر أنه كان يوجد هناك تكرّر عنده.
المؤشر الثامن:- قال في ترجمة اسماعيل بن علي:- ( أخبرنا عنه برواياته كلّها الشريف أبو حمد المحمدي وسمعنا هلال الحفّار يروي عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته )[5]، والشاهد في قوله ( فسمعناه منه ) فإنه يدلّ على أن حالة السماع كانت متداولة، ثم قال ( وأجاز لنا باقي رواياته ) يعني أن ننقلها.
المؤشر التاسع:- قال في ترجمة علي بن الحسن بن فضّال بعد ذكر كتبه:- ( أخبرنا بكتبه قراءة عليه أكثرها والباقي إجازة أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير سماعاً وإجازةً عن علي بن الحسن بن فضّال )[6]، والشاهد فيها واضح.
المؤشر العاشر:- قال في ترجمة أحمد بن الحسين الأودي بعد أن ذكر أنه بوَّب كتاب المشيخة:- ( سمعنا هذه النسخة من أحمد بن عبدون قال سمعتها من علي بن محمد بن الزبير عن أحمد بن الحسين )[7]، والشاهد واضح أيضاً.
المؤشر الحادي عشر:- قال في الأمالي[8] في ترجمة أبي القاسم علي بن شبل:- ( علي بن شبل قُرِئ على أبي القاسم بن شبل وأنا أسمع في داره ببغداد في الربض بباب محول في سطر 410 )[9]، والشاهد هو أن الشيخ كان يمارس هذه الطريقة فيقول قُرِئَت هذه الأحاديث وأنا أسمع.
المؤشر الثاني عشر:- قال في رجاله في ترجمة الحسين بن عبيد الله الغضائري:- ( له تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته )[10].
المؤشر الثالث عشر:- قال في الأمالي:- ( أملى علينا أبو عبد الله محمد بن محمد النعمان[11]قال .... )[12]، ثم أخذ ينقل مجموعة أحاديث عن الشيخ المفيد(قده) ونقل أحاديث متعدّدة بلسان ( حدثنا ) - يعني الشيخ المفيد - وهذا في المجلس الأول والثاني والثالث كلّها أحاديث كانت عن الشيخ المفيد.
والخلاصة من كل هذه المؤشرات يتضح أن هذه القضيّة كانت متداولة عندهم . هذه خصوصيّةٌ لزمانِ الشيخ(قده).
وأما خصوصيّة اساتذة الشيخ:- فقد حصل (قده) على مشايخ كثيرين في هذا الفن ولعل عددهم يقرب من ثلاثين شيخاً ولكن المبرّز فيهم والذي نقل عنهم بكثرة كاثرة هم أربعة أو خمسة وهم الشيخ المفيد(قده) وأحمد بن عبد الواحد بن عبدون المعروف بابن الحاشر والحسين بن أبي جيّد والحسين بن عبيد الله الغضائري ويأتي في الدرجة التالية أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي . إذن هو حصل على مشايخ ومن السهل عليه الوصول إلى قراءة النسخ وسماعها فليس من البعيد إذن أن يتحقّق هذا من قبله بعد أن فرض وجود مشايخ له من أهل الفنّ والخبرة في تلك الفترة الزمنيّة.
وأما خصوصية نفس الشيخ:- فنتمكّن أن نقول إنه فلتة من فلتات الدهر فكانت له(قده) مجموعة قابليات فليس الظرف والمشايخ ساعداه فقط بل هو أيضاً عنده قابليات خاصّة، فتراه له يدٌ في فنونٍ متعدّدة، وحينما يدخل في كلّ فنٍّ يدخل وكأنه صاحب هذا الفنّ لا غير، ففي الفقه له المبسوط الذي هو كتاب فقه استدلالي بدرجة عالية بلحاظ تلك الفترة الزمنيّة وقد طبع بثمانية أجزاء وكان في تلك الفترة الزمنيّة فقههم فقهاً روائياً أي أنه يستند إلى الرواية بينما المبسوط هو فقهٌ استدلاليٌّ واستدلال بطريقنا الحالية ولكن طريقتنا الآن تطورت أكثر ولكن روحها في موجودة المبسوط لا أن روحها مغايرة، وله كتاب النهاية التي هي متنٌ فقهيٌّ كان يُدَرَّس - مثل الشرائع بعبارة أخرى -، وفي الأصول له كتاب عدّة الأصول إذ لم يكن هناك كتاب أصوليّ معروف حتى يظهر أنه ألفه قبل أن يؤلف السيد المرتضى الذريعة لأنه جاء في كلامٍ له في أوّل العدّة أنه لم أرَ من ألّف في هذا العلم، وله في التفسير التبيان وهو عشرة أجزاء - وتتمكن أن تقول إن مجمع البيان هو روح التبيان -، ولعه في الكلام له المفصح - كما هو صرح في ترجمته - وتلخيص الشافي المطبوع بأربعة أجزاء، وفي الحديث له التهذيبان، وفي الرجال له الفهرست والرجال، وفي علم الخلاف له كتاب الخلاف من ستة أجزاء، وفي الأدعية والزيارات له مصباح المتهجّد، وله كتبٌ أخرى ذكرها في ترجمته ( منها جُمَل العلم والعمل والاقتصاد وكتب أخرى )، فأنت إذا أردت أن تقسّم هذه الكتب على عمر الشيخ(قده) وبهذه الدقّة الفائقة بالنسبة إلى ذلك الزمان فهذا هو كرامة إلهية حقاً . إذن ليس من البعيد لأجل هذه القابليات التي عنده أن يضمّ إلى ذلك هذا الفنّ - وهو تناقل النسخ قراءةً وسماعاً وما شاكل ذلك -.
وخلاصة هذا الوجه الأوّل:- إن من نظر إلى هذه الخصوصيّات الثلاث قد يزول عنه الاستبعاد المتقدّم.
الوجه الثاني للرد على هذه الشبهة:- إن هناك عبائر تشهد بأن الشيخ(قده) لم يكن هدفه إثبات أصل الكتاب أو أن الطريق طريق إلى أصل الكتاب فهناك عدّة شواهد في هذا المجال:-
الشاهد الأول:- إنه قال في ترجمة العلاء بن رزين:- ( إن لكتابه أربع نسخ ولكلّ نسخة طريقٌ خاصٌّ بها )[13].
الشاهد الثاني:- قال في ترجمة عمر بن أذينة:- ( إنه له كتاباً ذو نسختين صغرى وكبرى )[14] ثم يذكر طريقه إلى النسختين.
الشاهد الثالث:- قال في ترجمة الشلمغاني:- ( له كتاب التكليف أخبرنا به جماعة عن ..عن ... إلا حديثاً واحداً في باب الشهادات )[15]، وهذا الاستثناء واضح في أن الطريق ليس طريقاً إلى أصل الكتاب أو أن الهدف هو إثبات الكتاب بل هناك نظر إلى الأحاديث ونقل تلك الاحاديث.
الشاهد الرابع:- قال في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور:- ( أخبرنا برواياته كلّها إلا ما كان فيها من غلوّ أو تخليطٍ جماعة عن .. عن )[16]، وهذا الاستثناء يدلّ على أن الروايات كانت مقصودةً لا أصل الكتاب فقط.
وعلى منوال ذلك ذكر في ترجمة غيره أيضاً - يعني مثل هذا الاستثناء - كما في ترجمة محمد بن أورمة[17]، وهكذا في ترجمة محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة[18].
الشاهد الخامس:- جاء في ترجمة الأصبغ بن نباتة:- ( إنه روى العهد للأشتر ووصيّة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لولده محمد بن الحنفيّة )[19] ثم ذكر للعهد طريقاً خاصاً وللوصيّة طريقاً خاصاً . والشاهد وهو أنه ذِكْر الطريق إلى الوصيّة ثم ذِكْر الطريق إلى العهد يدلّ على أن العهد سمعه ونقله وقرأه فلم يكن الهدف هو أثبات أصل وجود العهد والوصيّة بل نفس العهد بألفاظه ونفس الوصيّة بألفاظها.
الشاهد السادس:- قال في ترجمة علي بن مهزيار بعد أن ذكر كتبه:- ( أخبرنا بكتبه رواياته جماعة عن ... عن ..... إلا كتاب المثالب فإنه روى العباس نصفه عن عليّ بن مهزيار )[20]، إن استثناء النصف لا معنى له إذا كان الهدف هو إثبات أصل الكتاب أو كان الطريق إلى طريقاً الكتاب.
الشاهد السابع:- قال في ترجمة علي بن إبراهيم بعد أن ذكر كتبه:- ( أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان عن .. عن ... عن علي بن إبراهيم إلا حديثاً واحداً استثناه من كتاب الشرائع )[21]، وهذا الاستثناء هو بنفسه شاهد على أن المنظور هو نفس الأحاديث وليس أصل الكتاب.
الوجه الثالث:- إن الطرق المذكورة في الشيخة هي في الغالب مذكورة في الفهرست مع طرقٍ أخرى، ونحن فيما سبق حينما قال في مقدمة المشيخة:- ( أني أذكر الطرق لتخرج الأحاديث من الإرسال إلى الإسناد ) استظهرنا أن الطرق لابد وأن تكون طرقاً إلى النسخة إذ الإرسال لا يرتفع إلا بذلك، فإنه إذا ثبت كون طرق المشيخة كذلك فنقول:- حيث إنها ذكرت في الفهرست أيضاً مع إضافةٍ فحينئذٍ سوف يثبت أن طرق الفهرست بأجمعها هي إلى النسخ إذ من البعيد أنه حينما يقول ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ) يكون بعضها طريقاً إلى النسخة - وأعني بذلك طريق المشيخة - والبعض الآخر يكون ليس كذلك - يعني يكون طريقاً إلى أصل الكتاب وليس طريقاً إلى نفس النسخة - إن هذا التفكيك بعيدٌ.
إذن من مجموع هذه الوجوه الثلاث يمكن أن يحصل للفقيه الاطمئنان بأن هذه الطرق ليست طرقاً إلى ذات الكتاب وإنما هي على النسخة بالقراءة والسماع ونحو ذلك.
المؤشر الرابع:- قال في ترجمة أبي منصور الصرام :- ( له كتب منها كتاب في الأصول سمّاه بيان الدين قرأت على أبي حازم النيسابوري أكثر كتاب بيان الدين وكان قد قرأه عليه )[1]، إن هذه العبارة تدلّ على أن النيسابوري الذي هو شيخ لشيخ الطائفة قرأ الكتاب على الصرام صاحب بيان الدين ونفس الشيخ أيضاً قرأ هذا الكتاب على النيسابوري، فإذن مسألة القراءة كانت مسالة متداولة.
المؤشر الخامس:- وقال في الفهرست في ترجمة الحسن بن محبوب بعد أن ذكر كتبه والتي منها المشيخة ما نصّه:- ( وأخبرنا بكتاب المشيخة قراءة عليه أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير )[2].
المؤشر السادس:- قال في ترجمة الكليني بعد ذكر كتبه ما نصّه[3]:- ( وأخبرنا الحسين بن عبد الله قراءة عليه أكثر كتاب الكافي عن جماعة منهم .. )، والشاهد في قوله ( أخبرنا الحسين بن عبد الله قراءة عليه أكثر كتاب الكافي )، إن هذا يعني أن الشيخ كان يمارس هذا الميدان.
المؤشر السابع:- قال في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر كتبه ما نصّه:- ( سمعنا منه هذه الكتب كلّها بعضها قراءةً عليه وبعضها يُقرأ عليه غير مرّة )[4] . إذن يتبين أن الشيخ مارس كلتا الطريقتين فمرّة الأستاذ يقرأ ومرّة التلميذ يقرأ ويقول ( غير مرّة ) فيظهر أنه كان يوجد هناك تكرّر عنده.
المؤشر الثامن:- قال في ترجمة اسماعيل بن علي:- ( أخبرنا عنه برواياته كلّها الشريف أبو حمد المحمدي وسمعنا هلال الحفّار يروي عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته )[5]، والشاهد في قوله ( فسمعناه منه ) فإنه يدلّ على أن حالة السماع كانت متداولة، ثم قال ( وأجاز لنا باقي رواياته ) يعني أن ننقلها.
المؤشر التاسع:- قال في ترجمة علي بن الحسن بن فضّال بعد ذكر كتبه:- ( أخبرنا بكتبه قراءة عليه أكثرها والباقي إجازة أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير سماعاً وإجازةً عن علي بن الحسن بن فضّال )[6]، والشاهد فيها واضح.
المؤشر العاشر:- قال في ترجمة أحمد بن الحسين الأودي بعد أن ذكر أنه بوَّب كتاب المشيخة:- ( سمعنا هذه النسخة من أحمد بن عبدون قال سمعتها من علي بن محمد بن الزبير عن أحمد بن الحسين )[7]، والشاهد واضح أيضاً.
المؤشر الحادي عشر:- قال في الأمالي[8] في ترجمة أبي القاسم علي بن شبل:- ( علي بن شبل قُرِئ على أبي القاسم بن شبل وأنا أسمع في داره ببغداد في الربض بباب محول في سطر 410 )[9]، والشاهد هو أن الشيخ كان يمارس هذه الطريقة فيقول قُرِئَت هذه الأحاديث وأنا أسمع.
المؤشر الثاني عشر:- قال في رجاله في ترجمة الحسين بن عبيد الله الغضائري:- ( له تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته )[10].
المؤشر الثالث عشر:- قال في الأمالي:- ( أملى علينا أبو عبد الله محمد بن محمد النعمان[11]قال .... )[12]، ثم أخذ ينقل مجموعة أحاديث عن الشيخ المفيد(قده) ونقل أحاديث متعدّدة بلسان ( حدثنا ) - يعني الشيخ المفيد - وهذا في المجلس الأول والثاني والثالث كلّها أحاديث كانت عن الشيخ المفيد.
والخلاصة من كل هذه المؤشرات يتضح أن هذه القضيّة كانت متداولة عندهم . هذه خصوصيّةٌ لزمانِ الشيخ(قده).
وأما خصوصيّة اساتذة الشيخ:- فقد حصل (قده) على مشايخ كثيرين في هذا الفن ولعل عددهم يقرب من ثلاثين شيخاً ولكن المبرّز فيهم والذي نقل عنهم بكثرة كاثرة هم أربعة أو خمسة وهم الشيخ المفيد(قده) وأحمد بن عبد الواحد بن عبدون المعروف بابن الحاشر والحسين بن أبي جيّد والحسين بن عبيد الله الغضائري ويأتي في الدرجة التالية أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي . إذن هو حصل على مشايخ ومن السهل عليه الوصول إلى قراءة النسخ وسماعها فليس من البعيد إذن أن يتحقّق هذا من قبله بعد أن فرض وجود مشايخ له من أهل الفنّ والخبرة في تلك الفترة الزمنيّة.
وأما خصوصية نفس الشيخ:- فنتمكّن أن نقول إنه فلتة من فلتات الدهر فكانت له(قده) مجموعة قابليات فليس الظرف والمشايخ ساعداه فقط بل هو أيضاً عنده قابليات خاصّة، فتراه له يدٌ في فنونٍ متعدّدة، وحينما يدخل في كلّ فنٍّ يدخل وكأنه صاحب هذا الفنّ لا غير، ففي الفقه له المبسوط الذي هو كتاب فقه استدلالي بدرجة عالية بلحاظ تلك الفترة الزمنيّة وقد طبع بثمانية أجزاء وكان في تلك الفترة الزمنيّة فقههم فقهاً روائياً أي أنه يستند إلى الرواية بينما المبسوط هو فقهٌ استدلاليٌّ واستدلال بطريقنا الحالية ولكن طريقتنا الآن تطورت أكثر ولكن روحها في موجودة المبسوط لا أن روحها مغايرة، وله كتاب النهاية التي هي متنٌ فقهيٌّ كان يُدَرَّس - مثل الشرائع بعبارة أخرى -، وفي الأصول له كتاب عدّة الأصول إذ لم يكن هناك كتاب أصوليّ معروف حتى يظهر أنه ألفه قبل أن يؤلف السيد المرتضى الذريعة لأنه جاء في كلامٍ له في أوّل العدّة أنه لم أرَ من ألّف في هذا العلم، وله في التفسير التبيان وهو عشرة أجزاء - وتتمكن أن تقول إن مجمع البيان هو روح التبيان -، ولعه في الكلام له المفصح - كما هو صرح في ترجمته - وتلخيص الشافي المطبوع بأربعة أجزاء، وفي الحديث له التهذيبان، وفي الرجال له الفهرست والرجال، وفي علم الخلاف له كتاب الخلاف من ستة أجزاء، وفي الأدعية والزيارات له مصباح المتهجّد، وله كتبٌ أخرى ذكرها في ترجمته ( منها جُمَل العلم والعمل والاقتصاد وكتب أخرى )، فأنت إذا أردت أن تقسّم هذه الكتب على عمر الشيخ(قده) وبهذه الدقّة الفائقة بالنسبة إلى ذلك الزمان فهذا هو كرامة إلهية حقاً . إذن ليس من البعيد لأجل هذه القابليات التي عنده أن يضمّ إلى ذلك هذا الفنّ - وهو تناقل النسخ قراءةً وسماعاً وما شاكل ذلك -.
وخلاصة هذا الوجه الأوّل:- إن من نظر إلى هذه الخصوصيّات الثلاث قد يزول عنه الاستبعاد المتقدّم.
الوجه الثاني للرد على هذه الشبهة:- إن هناك عبائر تشهد بأن الشيخ(قده) لم يكن هدفه إثبات أصل الكتاب أو أن الطريق طريق إلى أصل الكتاب فهناك عدّة شواهد في هذا المجال:-
الشاهد الأول:- إنه قال في ترجمة العلاء بن رزين:- ( إن لكتابه أربع نسخ ولكلّ نسخة طريقٌ خاصٌّ بها )[13].
الشاهد الثاني:- قال في ترجمة عمر بن أذينة:- ( إنه له كتاباً ذو نسختين صغرى وكبرى )[14] ثم يذكر طريقه إلى النسختين.
الشاهد الثالث:- قال في ترجمة الشلمغاني:- ( له كتاب التكليف أخبرنا به جماعة عن ..عن ... إلا حديثاً واحداً في باب الشهادات )[15]، وهذا الاستثناء واضح في أن الطريق ليس طريقاً إلى أصل الكتاب أو أن الهدف هو إثبات الكتاب بل هناك نظر إلى الأحاديث ونقل تلك الاحاديث.
الشاهد الرابع:- قال في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور:- ( أخبرنا برواياته كلّها إلا ما كان فيها من غلوّ أو تخليطٍ جماعة عن .. عن )[16]، وهذا الاستثناء يدلّ على أن الروايات كانت مقصودةً لا أصل الكتاب فقط.
وعلى منوال ذلك ذكر في ترجمة غيره أيضاً - يعني مثل هذا الاستثناء - كما في ترجمة محمد بن أورمة[17]، وهكذا في ترجمة محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة[18].
الشاهد الخامس:- جاء في ترجمة الأصبغ بن نباتة:- ( إنه روى العهد للأشتر ووصيّة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لولده محمد بن الحنفيّة )[19] ثم ذكر للعهد طريقاً خاصاً وللوصيّة طريقاً خاصاً . والشاهد وهو أنه ذِكْر الطريق إلى الوصيّة ثم ذِكْر الطريق إلى العهد يدلّ على أن العهد سمعه ونقله وقرأه فلم يكن الهدف هو أثبات أصل وجود العهد والوصيّة بل نفس العهد بألفاظه ونفس الوصيّة بألفاظها.
الشاهد السادس:- قال في ترجمة علي بن مهزيار بعد أن ذكر كتبه:- ( أخبرنا بكتبه رواياته جماعة عن ... عن ..... إلا كتاب المثالب فإنه روى العباس نصفه عن عليّ بن مهزيار )[20]، إن استثناء النصف لا معنى له إذا كان الهدف هو إثبات أصل الكتاب أو كان الطريق إلى طريقاً الكتاب.
الشاهد السابع:- قال في ترجمة علي بن إبراهيم بعد أن ذكر كتبه:- ( أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان عن .. عن ... عن علي بن إبراهيم إلا حديثاً واحداً استثناه من كتاب الشرائع )[21]، وهذا الاستثناء هو بنفسه شاهد على أن المنظور هو نفس الأحاديث وليس أصل الكتاب.
الوجه الثالث:- إن الطرق المذكورة في الشيخة هي في الغالب مذكورة في الفهرست مع طرقٍ أخرى، ونحن فيما سبق حينما قال في مقدمة المشيخة:- ( أني أذكر الطرق لتخرج الأحاديث من الإرسال إلى الإسناد ) استظهرنا أن الطرق لابد وأن تكون طرقاً إلى النسخة إذ الإرسال لا يرتفع إلا بذلك، فإنه إذا ثبت كون طرق المشيخة كذلك فنقول:- حيث إنها ذكرت في الفهرست أيضاً مع إضافةٍ فحينئذٍ سوف يثبت أن طرق الفهرست بأجمعها هي إلى النسخ إذ من البعيد أنه حينما يقول ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ) يكون بعضها طريقاً إلى النسخة - وأعني بذلك طريق المشيخة - والبعض الآخر يكون ليس كذلك - يعني يكون طريقاً إلى أصل الكتاب وليس طريقاً إلى نفس النسخة - إن هذا التفكيك بعيدٌ.
إذن من مجموع هذه الوجوه الثلاث يمكن أن يحصل للفقيه الاطمئنان بأن هذه الطرق ليست طرقاً إلى ذات الكتاب وإنما هي على النسخة بالقراءة والسماع ونحو ذلك.
[8] عند الشيخ كتاب مطبوع باسم الأمالي نقله عنه ولده وهو ما يعبر
عنه في ايامنا بالتقرير وهو أن الاستاذ ينقل لتلاميذه أحاديث وقصص مربية فيجمعوها
فتصير بعنوان أمالي ولعل البعض يخرج عن هذه المساحة فينقل أكثر من القضايا
التربوية فالسيد المرتضى عنده أمالي من أربعة اجزاء مثلاً وهكذا.
[9] الأمالي، الطوسي، ج2، ص19.
[10] رجال الطوسي. .
[11] أي الشيخ المفيد.
[12] الأمالي، الطوسي، ص3، ح1.