11-03-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/03/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة (407 ) / الحلق والتقصير / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
هذا ويمكن أن يقال:- إن توثيق النجاشي راجع إلى الحسين دون الحسن والوجه في ذلك هو أن من عقدت له الترجمة هو الحسين دون الحسن فإن النجاشي ذكر في عنوان الترجمة الحسين فإذا أراد أن يوثّق فمن المناسب أو يوثق صاحب الترجمة لا أن يترك صاحب الترجمة ويوثق شخصاً آخر إن هذه ليست طريقة فنيّة وبالأخص إذا التفتنا إلى أن النجاشي دقيقٌ في تعابيره ومضبوطٌ من هذه الناحية من خلال ملاحظة كتابه، فعلى هذا الأساس إن قوله ( وأخوه الحسن ) جملة معترضة أما عبارة ( يكنى أبا محمد ) يرجع الى صاحب الترجمة - أي الحسين بن علوان - ثم قال ( رويا عن أبي عبد الله ) وهذا وصفٌ لكليهما . إذن المناسب هو أن يكون التوثيق وراجعاً الى الحسين دون الحسن لأنه صاحب الترجمة.
وأما ما استعين به من توثيق ابن عقده فيردّه:- إن دلالة العبارة على التوثيق جيدة فإن الحسن إذا كان أوثق من الحسين فهذا يدلّ على أن الحسين ثقة أيضاً ولا نناقش من هذه الناحية ولكن من قال إن ابن عقدة شهد بهذه الشهادة وقال هذه الجملة فإن الذي نقل ذلك هو العلامة في الخلاصة ومن أين للعلامة ذلك فإن الفارق الزمني بين العلامة وابن عقدة كبير فهذا النقل غير مسندٍ فهو مجهول الطريق ولعله عثر على كتابٍ شاهد فيه أن ابن عقدة ذكر هذا الشيء وذلك الكتاب لا نعرف مدى صحّته ولعله لو عرضت علينا القرائن على صحته فسوف تكون مرفوضة . فالخلاصة إذن هي أن توثيق ابن عقدة من حيث الدلالة جيّدٌ ولكنه من حيث السند مجهولٌ فالمهم إذن هو توثيق النجاشي، فعلى هذا الأساس الرواية لا شكلة فيهامن هذه الجهة.
نعم هناك مشكلة أخرى في سند هذه الرواية أشرنا إليها سابقاً الآن نكرر ذلك:- هي أن الرواية المذكورة ينقلها صاحب الوسائل(قده) من كتاب قرب الاسناد فقرب الاسناد كان موجوداً عنده فإنه نقل في الفائدة الرابعة من الفوائد الذكورة في آخر الوسائل[1] أن بعض الكتب قد وصلت بيدي وأنا أنقل عنها بالمباشرة وأخذ يذكر مجموعة من المصادر وهي أكثر من ثمانين مصدر ومن جملتها قرب الاسناد وهناك كتب لم تصل إليه وإنما نقل عنها بالواسطة مثل الأصول الأربعمئة فإنها في الغالب لم تصل بيده وإنما هو ينقل عنها بواسطة الشيخ الطوسي(قده) مثلاً ولعل بعضها وصل إليه ككتاب علي بن جعفر ولكن قرب الاسناد هو ينقل عنه بالمباشرة وليس بتوسّط أحدٍ فإنه وصل إليه وهنا قلنا إنه لابد من تصحيح الطريق الى الكتاب المذكور - أي بين صاحب الوسائل وبين الكتاب - فنخن نسلّم أن الكتاب قد وصل إليك ولكن من قال إن هذا الكتاب هو حقاً كتاب عبد الله بن جعفر الحميري صاحب قرب الاسناد، فحينئذٍ قد يشكل بهذا الاشكال.
وقد يجاب:- بأن صاحب الوسائل(قده) ذكر في الفائدة الخامسة طرقه الى الكتب التي ينقل عنها وهي طرق كثيرة ومتعدّدة تمرّ بالشهيد الثاني - وهو أحدى المحطات - ثم من الشهيد الثاني الى ابن ادريس - وهو المحطة الثانية - ثم الى الشيخ الطوسي - وهو المحطة الثالثة - فهذه الطرق في وإن كانت متعدّدة ولكن تشترك في هذه المحطات - وهذا ليس مهمّاً الآن - وهذه الطرق هي طرق صحيحة ومعتبرة فإن الطابع العام عليهم أنهم من علمائنا وأجلاء فقهائنا فلا مشكلة من ناحيتهم وإنما المشكلة هي أنه من قال إن الطريق الذي يذكره صاحب الوسائل هو طريقٌ الى النسخة وليس إلى صاحب الكتاب ؟ فنحن نحتمل أن الطريق طريق إلى صاحب الكتاب كما هي الطريقة المألوفة في زماننا هذا فمثلاً أن الأغا بزرك الطهراني أو السيد شهاب الدين النجفي أو غيرهما إذا كان يمنح إجازة فهي لمن فهل هي إجازات الى نسخ معيّنة ؟ كلا وإنما هي إجازات الى أصحاب الكتب يعني أن الشيخ أغا بزرك الطهراني يقول إن لي طرقاً تنتهي الى الشيخ الطوسي وأنا أجزتك بالرواية عنها بإجازتي عن مشايخي وأعلامي إن هذه الاجازة لا تنتهي الى نسخةٍ إذ لا توجد نسخٌ معيّنة وهو يقول له إن هذه النسخ أجيزك في روايتها، كلا وإنما هي إجازة إلى أصحاب الكتب وإلى أصل الكتاب دون النسخة ومثل هذه الاجازة لا تنفع إلا في مقام التبّرك والتيمّن لا أكثر من ذلك ونحن نحتمل أن طرق صاحب الوسائل(قده) هي من هذا القبيل وإذا لم يدفع هذا الاحتمال وبقي فبالتالي هذه الطرق سوف لا تنفعنا الى تصحيح النقل عن كتاب قرب الاسناد مثلاً لأنّا نحتمل أن هذه النسخة من قرب الاسناد نسخة غير صحيحة فإذا فرض أن الاجازة كانت إلى النسخة وتنتهي الى النسخة بحيث أن عبد الله بن جعفر الحميري هو من أجاز رواية هذه النسخة لتلميذه وتلميذه أجاز لتلميذه الى صاحب الوسائل فهذا معناه أنه قد وصلت إلينا نسخة مأمونة من الكتاب أما إذا كان الطريق إلى عبد الله بن جعفر الحميري فهذا لا يثبت صحة النسخ ونحن يكفينا الاجمال والتردّد ولا أريد أن ادعي الظهور فنحن نقول نحن نحتمل ذلك خصوصاً وأن هناك بعض المؤشرات على أن الإجازة تبركيّة وليست على النسخة ومن جملة تلك المؤشرات أنه في بداية الفائدة الخامسة يقول الحر(قده):- أن هذه الكتب التي أنقل عنها كلها صحيحة مسلّمة قطعيّة النسبة الى أصحابها ولا تحتاج إلى طريق وإنما الطريق أذكره تيمّنا وتبركاً ونص عبارته:- ( في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة عن مؤلفيها وإنما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبركاً باتصال السلسلة بأصحاب العصمة عليهم السلام لا بتوقف العمل عليها لتواتر تلك الكتب وقيام القرائن على صحتها وثبوتها ...)[2] إنه يصرح بأن هذه الطرق طرقاً تبركيّة وإلا فهي متواترة ومعلوم أن المتواتر هو نسبة الكتاب إلى صاحبه وأما هذه النسخة أو تلك فهي ليست متواترة فالمتواتر أصل نسبة الكتاب إلى صاحبه ويذكر(قده) أني أذكر هذه الطرق تيمّنا وتبرّكا ولا يتوقف العمل عليها فلو كان ناظراً إلى النسخة فمن المناسب أن يقول إن العمل يتوقف على هذه الطرق لأنه لا يثبت أن هذه النسخة صحيحة إلا من خلال الطريق . إذن هذه العبارة مؤشر على أن طرقه تبركيّة تيمّنية وليست على النسخة، مضافاً الى أنه ذكر في نفس الجزء[3] حينما وصل إلى الشيخ المجلسي صاحب البحار قال ما نصّه:- ( وهو آخر من أجاز لي وأجزت له ) وإجازة كل واحد الى الثاني عادة هي إجازة تبركيّة، ومن يراجع تلك الطرق وما ذكره في تلك الفائدة لعله يلمس مؤشرات أكثر على أن الطرق التي ذكرها هي تيمنيّة وتبركيّة ن وعلى هذا الأساس يشكل الاعتماد على الكتب التي ينقل عنها صاحب الوسائل بالمباشرة.
إن قلت:- إذا تم هذا فلازمه أن لا نعتمد على الشيخ الطوسي(قده) أيضاً لأن هذا الاحتمال يأتي في حقه أيضاً فلعلّ هذه الطرق ذكرت من باب التيمّن والتبرّك إلى أصحاب الكتب وليس إلى النسخة ولازم ذلك أن كلا التهذيبين سوف يسقطان عن الاعتبار.
قلت:- هناك مؤشرات في كلام الشيخ الطوسي(قده) على أن طرقه ناظرة إلى النسخة ومن جملة تلك المؤشرات هو أنه ذكر في بداية المشيخة أني حذفت الطرق إلى أصحاب الأصول والآن سوف أذكر لكم طرقي إلى هؤلاء أصحاب الأصول لتخرج من الارسال إلى الاسناد، ومعلومٌ أنها تخرج من الارسال إلى الإسناد فيما إذا كانت طرقاً على النسخة وأما إذا كانت طرقاً إلى صاحب الكتاب دون النسخة فتبقى هذه النسخة مرسلةٌ، واحتمال أن الشيخ الطوسي لا يعرف هذا المقدار - أي أنه لم يلتفت إلى أن الارسال في الحقيقة يتحقق إذا كانت النسخة مجهولة ولا طريق لها ويتصور أنه يتحقق رفع الارسال بذكر الطريق إلى صاحب الكتاب دون نفس النسخة - ولم يلتفت إليه شيءٌ ضعيفٌ جداً، قال في المشيخة:- ( والآن فحيث وفق الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي يتوصّل بها الى رواية هذه الأصول والمصنّفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات ... )[4].
ويوجد مؤشر ثانٍ على ذلك هو أنه لو كان هدفه التبرّك فالتبرك يحصل بذكر طريقٍ واحدٍ أو طريقين بلا حاجة إلى كتابة كتابٍ أو كتابين فإن كل هذا لا داعي له بل حتى ذكر الطريق وتسجيله في ورقةٍ وكتاب لا داعي له لأن هدفك هل التبرك أو لا ؟! فإنه إذا كان عندي طريقٌ في قلبي أخذته من أستاذي فهذا نفسه قد حصل به التبرّك سواء سجلته أم لم أسجله وهذا التسجيل إتلاف للأوراق وللحبر وللعمر العزيز فإن هذا لا داعي له.
وهناك مؤشر ثالث وهو أنه ذكر في ترجمة العلاء بن رزين أن له كتاباً ولهذا الكتاب أربع نسخ ثم قال إن كلّ نسخة أرويها بطريقٍ خاصٍ بها وهذا معناه أن الرجل ناظر إلى النسخة.
وهناك مؤشر رابع وهو أنه قال في ترجمة الشيخ المفيد:- ( سمعنا منه هذه الكتب كلّها بعضها قراءةً عليه وبعضها نقرأ عليه غير مرّة وهو يسمع ) . إذن القضيّة لم تكن فقط أنه يقول له أجزني والآخر يجيزه كلّا بل مرّة هو يقرأ ومرّة ذاك يقرأ.
وهناك مؤشر خامس وهو أنه قال في ترجمة ابن مهزيار بعد أن ذكر طرقه إلى كتبه:- ( إلا كتاب المثالب فإن العباس روى نصفه عن عليّ بن مهزيار )، وقال في ترجمة الشلمغاني:- ( أخبرنا جماعة بكتاب[5] التكليف إلا حديثاً واحداً في باب الشهادة )، إن العبير الوارد في ترجمة ابن مهزيار والتعبير الوارد في ترجمة الشلمغاني يدلّ على أن الشيخ الطوسي(قده) كان ناظراً إلى النسخة إذ لو كان ناظراً إلى صاحب الكتاب فلا معنى لأن يستثني الكتاب الفلاني ولا معنى لأن يستثني أيضا ( إلا حديثا واحداً في باب الشهادة ) إن هذا لا معنى له وهذا يدلل على أنه ناظر إلى النسخة.
إذن المؤشرات في حق الشيخ الطوسي(قده) موجودةٌ على أنه كان ناظراً إلى النسخة، وهذا بخلافه في حق صاحب الوسائل(قده)، وعلى أيّ حال إن هذا موضوعٌ يستحقّ التأمل لأنه موضوعٌ مهم.
هذا ويمكن أن يقال:- إن توثيق النجاشي راجع إلى الحسين دون الحسن والوجه في ذلك هو أن من عقدت له الترجمة هو الحسين دون الحسن فإن النجاشي ذكر في عنوان الترجمة الحسين فإذا أراد أن يوثّق فمن المناسب أو يوثق صاحب الترجمة لا أن يترك صاحب الترجمة ويوثق شخصاً آخر إن هذه ليست طريقة فنيّة وبالأخص إذا التفتنا إلى أن النجاشي دقيقٌ في تعابيره ومضبوطٌ من هذه الناحية من خلال ملاحظة كتابه، فعلى هذا الأساس إن قوله ( وأخوه الحسن ) جملة معترضة أما عبارة ( يكنى أبا محمد ) يرجع الى صاحب الترجمة - أي الحسين بن علوان - ثم قال ( رويا عن أبي عبد الله ) وهذا وصفٌ لكليهما . إذن المناسب هو أن يكون التوثيق وراجعاً الى الحسين دون الحسن لأنه صاحب الترجمة.
وأما ما استعين به من توثيق ابن عقده فيردّه:- إن دلالة العبارة على التوثيق جيدة فإن الحسن إذا كان أوثق من الحسين فهذا يدلّ على أن الحسين ثقة أيضاً ولا نناقش من هذه الناحية ولكن من قال إن ابن عقدة شهد بهذه الشهادة وقال هذه الجملة فإن الذي نقل ذلك هو العلامة في الخلاصة ومن أين للعلامة ذلك فإن الفارق الزمني بين العلامة وابن عقدة كبير فهذا النقل غير مسندٍ فهو مجهول الطريق ولعله عثر على كتابٍ شاهد فيه أن ابن عقدة ذكر هذا الشيء وذلك الكتاب لا نعرف مدى صحّته ولعله لو عرضت علينا القرائن على صحته فسوف تكون مرفوضة . فالخلاصة إذن هي أن توثيق ابن عقدة من حيث الدلالة جيّدٌ ولكنه من حيث السند مجهولٌ فالمهم إذن هو توثيق النجاشي، فعلى هذا الأساس الرواية لا شكلة فيهامن هذه الجهة.
نعم هناك مشكلة أخرى في سند هذه الرواية أشرنا إليها سابقاً الآن نكرر ذلك:- هي أن الرواية المذكورة ينقلها صاحب الوسائل(قده) من كتاب قرب الاسناد فقرب الاسناد كان موجوداً عنده فإنه نقل في الفائدة الرابعة من الفوائد الذكورة في آخر الوسائل[1] أن بعض الكتب قد وصلت بيدي وأنا أنقل عنها بالمباشرة وأخذ يذكر مجموعة من المصادر وهي أكثر من ثمانين مصدر ومن جملتها قرب الاسناد وهناك كتب لم تصل إليه وإنما نقل عنها بالواسطة مثل الأصول الأربعمئة فإنها في الغالب لم تصل بيده وإنما هو ينقل عنها بواسطة الشيخ الطوسي(قده) مثلاً ولعل بعضها وصل إليه ككتاب علي بن جعفر ولكن قرب الاسناد هو ينقل عنه بالمباشرة وليس بتوسّط أحدٍ فإنه وصل إليه وهنا قلنا إنه لابد من تصحيح الطريق الى الكتاب المذكور - أي بين صاحب الوسائل وبين الكتاب - فنخن نسلّم أن الكتاب قد وصل إليك ولكن من قال إن هذا الكتاب هو حقاً كتاب عبد الله بن جعفر الحميري صاحب قرب الاسناد، فحينئذٍ قد يشكل بهذا الاشكال.
وقد يجاب:- بأن صاحب الوسائل(قده) ذكر في الفائدة الخامسة طرقه الى الكتب التي ينقل عنها وهي طرق كثيرة ومتعدّدة تمرّ بالشهيد الثاني - وهو أحدى المحطات - ثم من الشهيد الثاني الى ابن ادريس - وهو المحطة الثانية - ثم الى الشيخ الطوسي - وهو المحطة الثالثة - فهذه الطرق في وإن كانت متعدّدة ولكن تشترك في هذه المحطات - وهذا ليس مهمّاً الآن - وهذه الطرق هي طرق صحيحة ومعتبرة فإن الطابع العام عليهم أنهم من علمائنا وأجلاء فقهائنا فلا مشكلة من ناحيتهم وإنما المشكلة هي أنه من قال إن الطريق الذي يذكره صاحب الوسائل هو طريقٌ الى النسخة وليس إلى صاحب الكتاب ؟ فنحن نحتمل أن الطريق طريق إلى صاحب الكتاب كما هي الطريقة المألوفة في زماننا هذا فمثلاً أن الأغا بزرك الطهراني أو السيد شهاب الدين النجفي أو غيرهما إذا كان يمنح إجازة فهي لمن فهل هي إجازات الى نسخ معيّنة ؟ كلا وإنما هي إجازات الى أصحاب الكتب يعني أن الشيخ أغا بزرك الطهراني يقول إن لي طرقاً تنتهي الى الشيخ الطوسي وأنا أجزتك بالرواية عنها بإجازتي عن مشايخي وأعلامي إن هذه الاجازة لا تنتهي الى نسخةٍ إذ لا توجد نسخٌ معيّنة وهو يقول له إن هذه النسخ أجيزك في روايتها، كلا وإنما هي إجازة إلى أصحاب الكتب وإلى أصل الكتاب دون النسخة ومثل هذه الاجازة لا تنفع إلا في مقام التبّرك والتيمّن لا أكثر من ذلك ونحن نحتمل أن طرق صاحب الوسائل(قده) هي من هذا القبيل وإذا لم يدفع هذا الاحتمال وبقي فبالتالي هذه الطرق سوف لا تنفعنا الى تصحيح النقل عن كتاب قرب الاسناد مثلاً لأنّا نحتمل أن هذه النسخة من قرب الاسناد نسخة غير صحيحة فإذا فرض أن الاجازة كانت إلى النسخة وتنتهي الى النسخة بحيث أن عبد الله بن جعفر الحميري هو من أجاز رواية هذه النسخة لتلميذه وتلميذه أجاز لتلميذه الى صاحب الوسائل فهذا معناه أنه قد وصلت إلينا نسخة مأمونة من الكتاب أما إذا كان الطريق إلى عبد الله بن جعفر الحميري فهذا لا يثبت صحة النسخ ونحن يكفينا الاجمال والتردّد ولا أريد أن ادعي الظهور فنحن نقول نحن نحتمل ذلك خصوصاً وأن هناك بعض المؤشرات على أن الإجازة تبركيّة وليست على النسخة ومن جملة تلك المؤشرات أنه في بداية الفائدة الخامسة يقول الحر(قده):- أن هذه الكتب التي أنقل عنها كلها صحيحة مسلّمة قطعيّة النسبة الى أصحابها ولا تحتاج إلى طريق وإنما الطريق أذكره تيمّنا وتبركاً ونص عبارته:- ( في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة عن مؤلفيها وإنما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبركاً باتصال السلسلة بأصحاب العصمة عليهم السلام لا بتوقف العمل عليها لتواتر تلك الكتب وقيام القرائن على صحتها وثبوتها ...)[2] إنه يصرح بأن هذه الطرق طرقاً تبركيّة وإلا فهي متواترة ومعلوم أن المتواتر هو نسبة الكتاب إلى صاحبه وأما هذه النسخة أو تلك فهي ليست متواترة فالمتواتر أصل نسبة الكتاب إلى صاحبه ويذكر(قده) أني أذكر هذه الطرق تيمّنا وتبرّكا ولا يتوقف العمل عليها فلو كان ناظراً إلى النسخة فمن المناسب أن يقول إن العمل يتوقف على هذه الطرق لأنه لا يثبت أن هذه النسخة صحيحة إلا من خلال الطريق . إذن هذه العبارة مؤشر على أن طرقه تبركيّة تيمّنية وليست على النسخة، مضافاً الى أنه ذكر في نفس الجزء[3] حينما وصل إلى الشيخ المجلسي صاحب البحار قال ما نصّه:- ( وهو آخر من أجاز لي وأجزت له ) وإجازة كل واحد الى الثاني عادة هي إجازة تبركيّة، ومن يراجع تلك الطرق وما ذكره في تلك الفائدة لعله يلمس مؤشرات أكثر على أن الطرق التي ذكرها هي تيمنيّة وتبركيّة ن وعلى هذا الأساس يشكل الاعتماد على الكتب التي ينقل عنها صاحب الوسائل بالمباشرة.
إن قلت:- إذا تم هذا فلازمه أن لا نعتمد على الشيخ الطوسي(قده) أيضاً لأن هذا الاحتمال يأتي في حقه أيضاً فلعلّ هذه الطرق ذكرت من باب التيمّن والتبرّك إلى أصحاب الكتب وليس إلى النسخة ولازم ذلك أن كلا التهذيبين سوف يسقطان عن الاعتبار.
قلت:- هناك مؤشرات في كلام الشيخ الطوسي(قده) على أن طرقه ناظرة إلى النسخة ومن جملة تلك المؤشرات هو أنه ذكر في بداية المشيخة أني حذفت الطرق إلى أصحاب الأصول والآن سوف أذكر لكم طرقي إلى هؤلاء أصحاب الأصول لتخرج من الارسال إلى الاسناد، ومعلومٌ أنها تخرج من الارسال إلى الإسناد فيما إذا كانت طرقاً على النسخة وأما إذا كانت طرقاً إلى صاحب الكتاب دون النسخة فتبقى هذه النسخة مرسلةٌ، واحتمال أن الشيخ الطوسي لا يعرف هذا المقدار - أي أنه لم يلتفت إلى أن الارسال في الحقيقة يتحقق إذا كانت النسخة مجهولة ولا طريق لها ويتصور أنه يتحقق رفع الارسال بذكر الطريق إلى صاحب الكتاب دون نفس النسخة - ولم يلتفت إليه شيءٌ ضعيفٌ جداً، قال في المشيخة:- ( والآن فحيث وفق الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي يتوصّل بها الى رواية هذه الأصول والمصنّفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات ... )[4].
ويوجد مؤشر ثانٍ على ذلك هو أنه لو كان هدفه التبرّك فالتبرك يحصل بذكر طريقٍ واحدٍ أو طريقين بلا حاجة إلى كتابة كتابٍ أو كتابين فإن كل هذا لا داعي له بل حتى ذكر الطريق وتسجيله في ورقةٍ وكتاب لا داعي له لأن هدفك هل التبرك أو لا ؟! فإنه إذا كان عندي طريقٌ في قلبي أخذته من أستاذي فهذا نفسه قد حصل به التبرّك سواء سجلته أم لم أسجله وهذا التسجيل إتلاف للأوراق وللحبر وللعمر العزيز فإن هذا لا داعي له.
وهناك مؤشر ثالث وهو أنه ذكر في ترجمة العلاء بن رزين أن له كتاباً ولهذا الكتاب أربع نسخ ثم قال إن كلّ نسخة أرويها بطريقٍ خاصٍ بها وهذا معناه أن الرجل ناظر إلى النسخة.
وهناك مؤشر رابع وهو أنه قال في ترجمة الشيخ المفيد:- ( سمعنا منه هذه الكتب كلّها بعضها قراءةً عليه وبعضها نقرأ عليه غير مرّة وهو يسمع ) . إذن القضيّة لم تكن فقط أنه يقول له أجزني والآخر يجيزه كلّا بل مرّة هو يقرأ ومرّة ذاك يقرأ.
وهناك مؤشر خامس وهو أنه قال في ترجمة ابن مهزيار بعد أن ذكر طرقه إلى كتبه:- ( إلا كتاب المثالب فإن العباس روى نصفه عن عليّ بن مهزيار )، وقال في ترجمة الشلمغاني:- ( أخبرنا جماعة بكتاب[5] التكليف إلا حديثاً واحداً في باب الشهادة )، إن العبير الوارد في ترجمة ابن مهزيار والتعبير الوارد في ترجمة الشلمغاني يدلّ على أن الشيخ الطوسي(قده) كان ناظراً إلى النسخة إذ لو كان ناظراً إلى صاحب الكتاب فلا معنى لأن يستثني الكتاب الفلاني ولا معنى لأن يستثني أيضا ( إلا حديثا واحداً في باب الشهادة ) إن هذا لا معنى له وهذا يدلل على أنه ناظر إلى النسخة.
إذن المؤشرات في حق الشيخ الطوسي(قده) موجودةٌ على أنه كان ناظراً إلى النسخة، وهذا بخلافه في حق صاحب الوسائل(قده)، وعلى أيّ حال إن هذا موضوعٌ يستحقّ التأمل لأنه موضوعٌ مهم.