1440/08/18
تحمیل
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
40/08/18
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: باب التعارض، مراحل الحجية و قيمة التتبع في الأقوال و الروايات
كان الكلام في هذه النقطة و هي أن الحجية كحكم وضعي أو حكم ظاهري لها مراحل كمراحل الحكم التكليفي الفقهي الواقعي. طبعا الحجية، أقوال علماء الأصول فيها سبعة أو احدی عشر أو ستة أو ثمانية، كثير من المسالك أو المباني في الحجية يذهبون إلی أن مفادها ماهية الحكم الوضعي، مثل مبنی الميرزا الناييني و الشيخ في بعض أقواله أن الحجية هي علم، علم مثل ماهية وضعية أو معاني أخری أو التنجيز و التجيز أيضا ماهية وضعية علی مختار المرحوم الآخوند، نعم الحجية سواء حجية الخبر أو الظهور أو الشهرة أو قول اللغوي فيها أقوال أخری من أنها حكم المؤدی أو الحكم المماثل أو وجوب العمل بالخبر أو الظهور أو كذا، هذه المباني في الحجية تتبنی ماهية الحجية بأنها حكم تكليفي لكن حكم تكليفي ظاهري، فالحجية إما حكم وضعي كما عليه أكثر الأقوال أو حكم تكليفي.
علی أي تقدير سواء حكما وضعيا أو حكما تكليفيا، هذه الحجية كحكم ظاهري، ذكر الأصوليون: أنها نظير الحكم التكليفي مثل حرمة شرب الخمر و نظير الأحكام الفقهية الواقعية لها مراحل إنشائية و مراحل فعلية إلی أن تصل التنجيز والإمتثال و هذا من نفائس تحقيقات علم الأصول الأخيرة، إن مراحل الحكم الشرعي لاتختص بالحكم التكليفي الفقهي بل تشمل الحكم الوضعي الفقهي الواقعي و تشمل الحكم الظاهري الوضعي أو التكليفي يعني تشمل كل الأحكام، نعم، كيفية تصويره تحتاج إلی تدبر بل قالوا هذه المراحل تتصور حتی في الحكم العقلي و الأحكام العقلية و هذا أيضا صحيح لكن لانريد أن ندخل فيه.
ماذا يريدون أن يقولوا: يريدون أن يقولوا: إن مراحل الحكم الإنشائية شبيه التنظير و تدوينه بشكل كلي، أما تطبيق الحكم و انطباق الحكم يأخذ طابع الجزئية بينما التنظير طابعه كلية. إذا أخذ طابع الجزئية هذا طابع الجزئية هو الفعلية الناقصة و الفعلية التامة إلی أن يصل إلی الفاعلية و الباعثية والمحركية والتنجيز والإمتثال، المهم أن الحجية بالضبط تتصور هكذا: مثلا الشارع يؤسس حجية الظهور أو الخبر الواحد، هذه الحجية علی صعيد التنظير الكلي هو كالتنظير الكلي لكن أن هناك خبرا في الوسائل في الباب الفلاني لم يقف عليه الفقيه و لم يبذل تمام الوسع أو لم يبذل الفقهاء الوسع، كثير من مستندات المتقدمين غالبا تخفی علی المتاخري الأعصار. بأي سبب؟ شرحناه مرات و كرات و لاندخل فيه و هو مهم لكن تخفی و مع التتبع العادي لايستطيع العادي أن يستخرج مستندات القدماء فضلا عما إذا لم يفتح الجواهر أو كاشف اللثام أو لايفتح مستند البلاغي أو مجمع الفائدة و البرهان أو مسالك أو مفتاح الكرامة المبسوط. مع أن أحد المعالجات العظيمة للتعارض هو التتبع، أعظم معالج للتعارض التتبع المضاعف ثم المضاعف سواء في كلمات الفقهاء أو في المدارك الروائية، مثل ما ذكره الكثيرون من صاحب الجواهر و سيد ابوالحسن الاصفهاني و البروجردي: أن الفقه هو الإلمام بكلمات الفقهاء و الرواية أيضا هكذا: «إن أعلم الناس من علم اختلاف الناس» حديث نبوي مروي عند الفريقين و الإختلاف يعني تجمع مجموع الأقوال شاردها و واردها.
معروف هذه القصة، أن المنصور الدوانيقي أرسل إلی أبي حنيفة أربعين مسائل من الصعاب فبدء يطرح عند الإمام الصادق عليه السلام. فمن الإعجاز العلمي للامام الصادق عليه السلام أنه بدء بذكر الإختلاف لكل مسألة و قال عليه السلام: إن علماءكم من كوفة و غيره يقولون هكذا و بعد ذلك يسأل: يابن رسول الله أنت قولك ماذا؟ فيضيف قوله عليه السلام. في هذه الأربعين مسألة اوقفهم صلوات الله عليه علی أقوالهم. و بعد ذلك قال عليه السلام: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: أعلمكم، أعلمكم باختلاف الناس.
المقصود، بلاشك أن علم الفقه بدون الإلمام بأقوال الفقهاء ليس تاما، ليس المراد السمع صوتيا و النظرة نقشيا لكلمات الفقهاء مثلا تنظر قول واحد يقول وجوب و واحد يقول عدم الوجوب، بل المراد من كلمات الفقهاء يعني انظر ريحة الإستدلال و فهم المسألة و الجهد العلمي للفقيه. أنظر قالب المسألة عنوانه ماذا؟ حكم وضعي أو تكليفي دليله ماذا؟ البعض يتفكر أن الأقوال يعني الديكور. ليس المراد هذا بل المراد يعني تتبع الجهد العلمي و الاستدلال و القيد الذي أخذ و العنوان الذي أخذ في المسألة يعني تطلع علی حصيل الجهد العلمي.
علی أية حال في التتبع شيء عظيم لحل التعارض. نوع من الإلمام للمناورات العلمية للفقهاء. فقضية التتبع مراد الكبار الذين يصرون علی التتبع مرادهم هذا لا أن مرادهم هو أنك تجمع من مجموع الأقوال كانما ديكور و زخرف. بل المراد بالجهود العلمية و الإستدلال و الإختلاف. بلاشك أن أعظم حلال للتعارض هو التتبع بهذا المعنی و إذا تتبع بشكل مضاعف لايبقی له حيرة. حتی إذا يضيف جهوده علی جهود الأكابر تتضح صورة ما لم تتضح حتی لهم، نحن نعيش و عيال علی جهودهم لكن مع هذا إذا نضيف جهودا علی تتبعهم نحصل علی نكات أكثر. كيف مر بنا أن بحث علل الحديث حلال المشاكل، هذه زاوية من زوايا التتبع.
من لايأنس كتاب الجواهر أو الخلاف أو المبسوط أو تحرير الوسيلة أو المسالك كيف يتتبع و صعب جدا. مهذب ابن براج عبارة عن ملخص المبسوط علی مبانيه و هو يوافق الشيخ الطوسي كثيرا و هو تلميذ السيد المرتضی و أيضا كان تلميذ الشيخ الطوسي. لازم أن تعرف خاصية الكتب الفقهية لأن خاصية أي كتاب فقهي إذا تعرفها تعرف أنه ما هي الإنجازات يمكن ان تقف عليها في المسألة و البحث من عنده، شبيه الطبخ، كل دورة فقهية ممتاز بمادة من المواد العلمي.
السيد ابوالحسن عارضته الفقهية جدا قوية و يعتقد كثيرا بكتاب ابن حمزة. الميرزا الناييني و إن كان قويا في العارضة الأصولية و الفقيهة أيضا لكن يقولون في العارضة الفقهي والتتبع السيد ابوالحسن الاصفهاني سابق أو في الفراسة الموضوعية. أربع عشرين أو ثلاثة عشرين سنة كان في جلسة استفتاء المرحوم الآخوند يعني هو آخوندي الأستاذ. علی كل فالكتب الفقهية لازم أن تعرف ماذا خواصها و موادها و هذا جدا مهم. ماذا فرق الوسائل عن المستدرك و المستدرك عن الدورة الفقهية في البحار. ماذا ميزة ملاذ الأخيار، شرح روايي أو الدورة الفقهية و مرآة العقول شرح عقائدية و شرح الدورة الفقهية للكافي أو روضة المتقين أو حتی ملاصالح مازندراني له شرح و غيرهم.
ربما وصلنا إلی سبع قواعد أن متاخري الأعصار قالوا ليس لها مدرك و وجدت روايات كثيرة لها في كلمات المتقدمين، هذا ليس نبوغا و لا شيء آخر بل تتبع و الأنس بالتتبع. لابد أن نأنس بالكتب لأن كتب العلماء شروح و جهود علمية لأن التقدير العلمي لروايات اهل البيت هو كتب الفقهاء و كتب العلماء و شيء طبيعي. من باب الشيء بالشيء يذكر نذكر. فهذه أمور مهمة.
السيد محسن الحكيم رحمه الله و الشيخ عبدالرسول الجواهري ابن الشيخ محمد تقي الجواهري خمسة عشر سنة كان له درس فقه خاص يعني عوّده و علّمه علی التتبع في الأبواب الفقهية. العارضة الفقهية و العارضة الأصولية كلاهما مهمتان و ليس مراد الاعلام من التتبع المرور السطحية و القشرية علی الكتب. بل يعني تعيش درسه و بحثه كيف استدل؟ كيف اختلف مع عالم آخر؟ و زوايا الكتاب و بعده تجتمع نكاتا. بلاشك هذا الكلام وحي من سيد الأنبياء: أعلم الناس أعلمهم باختلافهم. اذا ألممت بجهودهم و أضفت جهودا عليهم تكون أعلم حتی من صاحب الجواهر.
في المسألة: قضية الزنا بذات البعل تحرم أبدا ذكرت لكم انه حين في النكاح، التفت إلی وجه قرآني بعده اطلعت أن ابن براج ذكره. و بعده اطلعت أن غير ابن براج أيضا أشار اليه، الآن في بحث فقهي آخر بمناسبة وجدنا علی دليل قرآني و غفل عنها المتأخروالأعصار.
الآن المتاخروا الأعصار بنوا علی الاحتياط الوجوبي والإستحبابي لكن نحن تتبعنا كلمات الفقهاء و وقفنا علی خمسة عشر أو أربعة عشر أقوالا كلهم استدلوا علی آية من القران علی الحرمة الأبدية و كانت عندهم متسالم عليها. إذاً التتبع شيء عجيب حتی للتعارض و كل أمور. بعض الأعلام ذكروا و هو صحيح: يقول إذا تتبع واحد يعرف منشأ الإختلاف في الروايات و هذا طبعا أصعب إذا يتتبع بشكل وسيع قطعا يقف علی سر الإختلاف في الروايات و هذا في الجلسة اللاحقة نوضحه.