1440/07/12
تحمیل
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
40/07/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: باب التعارض و التعادل و التراجح
تساؤل إساسي في باب الحجیة: إذا کان الحجیة منظومیة و مجموعیة فماذا یعني حجیة الشيء بمفرده؟
باب التعارض قبل الولوج في تعریفه موضوعاً ثم محمولاً واختلاف الأقوال في تعریفه بین المتقدمین المتأخرین، هناک بعض الظواهر یجب قرائتها بتحلیل و إمعان کی یتبین تمهید موادّ لحقیقة تعریف التعارض موضوعاً و حکمه محمولًا.
من الظواهر الموجودة في بحث التعارض علی ما مر أمس، من أن التعارض یمثل حقیقة مهمة في الأدلة و هي أن الأدلة منظومیة، سواء في الأدلة العقلیة أو في الأدلة الوحیانیة و سواء في العلوم الدینیة أو في العلوم التکوینیة، فکلها في الحقیقة لها نظام منظومي موحد و هذا -علی أیة حال- یعطینا هندسة صناعیة عن واقع وحقیقة الأدلة، فلیس في البین دلیل مستقل علی الإطلاق، حتی لمّا یقال استغراقی أو ما شابه ذلک یعني حقیقةً هذا أمر نسبی و إلا فحقیقة الإستغراقي بقول مطلق أنها من ناحیة مدلول الدلیل (مثلا الدین منظومة واحدة) و أیضاً من ناحیة دلیلیة الدلیل والکاشفیة هو کذلک، هناک نظام في الدلالة ونظام في الکواشف مع بعضها البعض. فطبیعة حجیة الأدلة هي نظام منظومي و نظام مجموعي و لیس نظاماً استقلالیا.
بیان التساؤل بعبائر مختلفة
في ظل هذا المدعی و هذا القالب الصناعي کیف نفسر قیام الأدلة علی حجیة الدلیل بمفرده؟ حجیة الخبر الواحد و حجیة ظواهر القرآن و حجیة الظهور و حجیة قول اللغوي، ماذا یعني قیام الأدلة علی حجیة شيء بمفرده، إذا کان حجیة الشیء هي منظومیة و مجموعیة؟ حتی في الخبر الواحد حجیة الطریق لایکفی و لابد من حجیة الصدور و معهما لابد من حجیة الدلالة و معها لابدّ من حجیة المضمون و معها لابد من صحّة الکتاب و جهات عدیدة، فماذا یعني أن یقوم الدلیل علی حجیة خبر العادل و الثقة؟ بأی معنی من الحجیة؟
هذا سؤال في العمق و بالصراحة هو سؤال یُعتبر غایة لمباحث الحجج من مبحث القطع و الظنون في الأدلة الخاصة و الظنون في الأدلة العامة کمبحث الإنسداد مثلا، کانما مبحث الحجج ممهِّد إلی هذا المبحث، أن کیف نتصور معنی الحجیة؟ مثلا تقوم الأدلة علی حجیة السیرة وتقوم الأدلة علی حجیة الظهور أو تقوم الأدلة علی حجیة الشهرة بالجملة أو في الجملة و هلم جرّا، معنی الحجیة ماذا یعني؟ إذا کان نظام الحجج معیّا و انضمامیّا و نظاما منظومیّا أیّ معنی إذاً للحجیة؟ إذا کان الحجیة هي حجیة منظومیة و مجموعیة أی معنی للحجیة لکل حلقة و قطعة من القِطع و الحلقات لهذه المنظومة؟
قبل أن ندخل في تعریف التعارض و الأقوال لابد من أن نستظهر أصل عنوان باب التعارض و تمهید هذه النقاط أهم من الخوض إندفاعا في مباحث التعارض، یعتني هذه النقاط الممهدة بالدقة نذرة مجهریة و نخاعیة، لأنها تتحکم في خارطة البحث کلها، سواء في باب التعارض أو باب الحجج أو علم الأصول.
بیان السوال مرة أخری بشکل بین و صریح: ما هو معنی الحجیة إذا کان الحجیة هي الإنضمامیة و معیة؟
یذکر الکتاب بیانا و هدیً و غیره، فأی معنی لمعیة الثقلین؟ الحجج الأربع ماذا یعني؟ الکتاب و سنة المعصومین و بداهة العقل و بداهة الفطرة، -الفطرة لعلم عیاني ادراک العلم لا حصول العلم العیانی- فأی معنی لتعدد الحجج، لها معنی أو لیس لها معنی؟
هل هو بنحو «أو» أو بنحو «واو»؟ مثلاً في مفهوم الشرط بحث الأصولیون «إذا خفي الأذان فقصر» و «اذا خفي الجدران فقصر» الأول مفهومه إذا لم یخف الأذان لاتقصر و الثاني إذا لم یخف الجدران لاتقصر، کیف یجمع؟ بعضهم جمع بنحو «أو» يعني کل منهما سبب مستقل و یعبر عنه «بالجمع الأوي» هذا «الأوي» حافظ علی الاستقلال بدلیا أو قل إستغراقي أما «الجمع الواوی» یعني المعي فلابد من کل منهما.
فإذا کان نظام الحجیة في العقائد فضلاً عن الفروع و بقیة العلوم الدینیة نظامَ الحجج و إذا کان منظومیةً یعني المعی و الحلقات المرتبطة مع بعضها البعض فأيّ معنی لقیام الأدلة علی حجیة الطریق؟ خبر الثقة أو خبر العادل أو الخبر الموثوق به، کل حسب مبناه في الطریق أو الأعم علی أی مبنی حتی علی الإنسدادی، أیّ معنی بحجیة الطریق کأنها حجة مستقلة؟ أو حجیة الظهور کانها حجة مستقلة حجیة؟ جهة الصدور صحة الکتاب و صحة المضمون؟ مر بنا أن حجیةالخبر الواحد أقل تقدیر به سبع جهات في الحجیة لا ثلاث طریق وجهة الصدور و الدلالة بل سبع جهات علی أقل تقدیر. سبع جهات و هذا علی سطح مباحث حجیة الخبر الواحد کل واحد لازم ان یمتحن نفسه و یسأل نفسه کیف نفهم هذه السبع جهات؟
هذه الجهات في حجیة الخبر الواحد یعني حجیة الخبر الواحد مع منظومتها السباعیة أو الخماسیة هي أیضا لیست مستقلة بل دورها علی المعارض و دورها علی المخصص و دورها علی الوارد و هلم جرا. هذه القضیة و هذه المعیة و المنظومیة إلی أین تصل؟ کیف نصورها؟ فيه حجیة مستقلة أو مافیه؟ هذا بحث مهم جدا.
کما مر بنا أن سید الأنبیاء بلاشک یحیط و یهیمن بالأول و بالتالي، فأیّ معنی لاشتراط معیة بقیة المعصومین معه صلی الله عليه و آله الطاهرين؟ البعض من المدارس الأخری یرید أن یصور شدة التمسک بالنبی هي بأن لایقرن مع النبي شیئا. و لايعلم أن هذا الاقتران عرضي أو طولي؟ المهم إذا یقال أن لاتقرنوا بالنبی شیئا فيقولون: إذاً لاتجعلوا للنبي وصیا أو ليس الأمر كذلك بل بالعکس، من تعظیم النبي أنه جاعل الوصي وألا هو معدم للتراث النبوي. یحتاج التراث النبوي إلی أن یجعل الوصي و الخازن و الحافظ. فمعنی المعیة للحجج یعني ماذا؟ من کفر بأحد کفر بجمیعهم، «لانفرق بین أحد من رسله» هو القرآن ینص علی أن الحجج کلها منظومیة و نظام، أیّ ملة وقوم وأتباع نبي من الأنبیاء یدعي أن نبیا من الأنبیاء مفککة فقد کفر بأصل النظام، لأن النظام الإلهي لایفکک من رأس یعني طبیعة النظام الإلهي هو المنظومیة و المجموعیة، فإذاً تتبع نبیا دون أن تقر ببقیة الأنبیاء لاتعرف هذا النظام الإلهي و القضیة لیست باختیاریة.
معنی تعدد الحجج ماذا؟ لمّا کانت الحجج منظومیة و مجموعیة فلماذا قالوا تعدد الحجج؟ تعدد الحجج ماذا یعني؟ سؤال جدي یطرح و لیس فقط سؤالا و في الحقیقة یعرف الإنسان کیفیة التعاطي مع الحجج فهذا السؤال مهم. نفس مبحث التعارض خلفیته هذا المبحث و إلّا لو کان النظام مجموعيا ماکان معنیً للتعارض؟ فکیف یعني؟ یخرج بنتیجة ماذا؟ هذا التساؤل في الحقیقة مطروح في أبواب العلوم الدینیة العدیدة، الآن الفقهاء جعلوا حجیة الفقهاء نیابة عامة عن الأئمة بنحو بدلي استقلالي أو مجموعي فدرالی کنفدرالی أو دول مستقلة؟ بلاشک بغض النظر عن موارد الإتفاق في الفتوی و موارد الإختلاف في الفتوی. ما فیه تعین للأعلم في موارد الوفاق و لایتعین تقلید الأعلم فإذاً ماذا معناه؟ في صلاحیة القضاء ما شکّت أحد من الفقهاء أن القضاء مفتوح للکل من الفقهاء، بأیّ معنی؟ وزارات قضاییة مختلفة أو نظام قضائي لدولة واحدة؟ ثم نظام قضایي لدولة واحدة ماذا الترابط بینهم أو لیس بینهم ترابط؟ هذا کلها أنظمة و لیس علی وتیرة واحدة و علی قالب واحد.
الشهادتان أصل الدین و أصل الشهادة الأولی مقرونة بالشهادة الثانیة لکن أی الإقتران؟ هل الاقتران بنحو الکفویة؟ أعوذ بالله، لا، «لم یکن له کفوا أحد» لکن إقتران طولي و هذا نوع من المعیة، المعیة الطولیة. الشهادة الثانیة ولیدة الشهادة الأولی و الشهادة الثالثة ولیدة الشهادتین و بدون الشهادة الثالثة لایصدق الشهادتان فهذه معیة لکن معیةطولیة.
حتی العرضیة و الطولیة إذاً أشکال المعیة مختلفة، حتی بدن الإنسان هو واحد لکن حرکات کل عضو تختلف في جهات و تتفق في جهة، معیة العینین في المقارنة تختلف عن معیة الیدین حتی في هذه المعیة. إذاً لاحظ منظومة المعیة والمجموع تختلف.
هذا الذي مرارا و کرارا أشرنا إليه أن العموم أشکاله حتی العموم المجموعي الآن کلامنا في العموم المجموعی حتی النظام المجموعی له أشکال عجیبة وغریبة و واحد إشکالیات و صعوبات الأبواب الفقهیة أو غیرها هو أنه کیف یکتشف نظام الموجود في ذلک الباب أو ذلک الفصل؟ الإستقلالی المجموعي من أی نوع و من أی مدل و من أی نموذج؟
نفس العالم، أسرة دولیة سواء في شکل منظومة متحدة أو غیرها. لاحظ جهات الإشتراک و جهات الافتراق. الآن حتی في أشکال الدول، دولة اتحادیة و دولة غیر اتحادیة و أقالیم وغیرها و نمط طولیة بینها. نظام برلمانی أو نظام غیرها و عجیب و غریب من النماذج فاذاً هنا سوال یقع: أن نظام الحجج استقلالیتها بأی نمط أو مجموعیتها بأی نمط؟ و من لم یخوض في هذا السؤال یرید أن یتغافل عنه و یتجاهله و هو مؤثر في مباحث التعارض و الأدلة أصلا في تبني الفقیه علی أی مبنی من مباني الحجج مؤثر جدا.
المقصود لتوفیة هذا المبحث إجمالا حتی في باب الإجتهاد والتقلید بین الفقهاء إختلاف عجیب، إنی جعلت علیکم حاکما، هذه الصلاحیة کیف تنظم عند الفقهاء؟ و المبحث لیس سهلا. لاحظوا العروة الوثقی للسید الیزدی و في باب القضاء أیضا بحثوه، کیف ینصب الإمام هذه الصلاحیات؟
اصل مبحث التعارض و اصل الظاهر الأولي في باب التعارض هي روح البحث. مر بنا الإشارة الیه أن العمومات مهم أن یدرسها الفقیه و المجتهد و إلا لایبصر بصناعة و ببصیرة استنتاج و نتائج ان یبصر قالب العمومات و هو هندسة خطیرة في علم الفقه و علم الأصول و علوم الدینیة. أشکال العمومات کیف؟
أولا أول النقطة قالب العمومات و النقطة الثانیة في هذا البحث و مبحث التعارض وهو روح مبحث الحجج و لب مبحث الحجج ماذا بنسبة صناعة علم الرجال و صناعة علم الکلام؟ حیثیة ثانیة أثارها الأصولیون و متأخری هذا العصر: جدا مهم و لها صلة وتیدة ببحث الحجیة، المبحث الذي بحثوه، قالوا: الحجیة شانها شأن بقیة الأحکام الشرعیة، سواء التکلیفیة أو الوضعیة. هذا المبحث حساس لکل مبحث التعارض و مبحث الحجج کلها و مؤثر في کل العلوم الدینیة و العلوم الدینیة قائم علی مبحث الحجیة
قالوا: ان الحجیة شأنها شأن بقیة الأحکام الشرعیة في ماذا؟ سواء بنی علی أن الحجیة حکم تکلیفی أو بني علی أن الحجیة حکم وضعي. قالوا: لها مراحل إنشائیة و مراحل فعلیة و مراحل تنجیز. حتی هذه الحجية بمعنی التنجیز أیضا لها مراحل إنشاء و مراحل فعلیة و مراحل فاعلیة ومراحل فعلیة ومراحل تنجیز و مراحل الامتثال. هذا المبحث في غایة الثمرة و غایةالقیمة الثمینة.
قال المتأخري هذا العصر و القرن أو القرنین الأخیر قالوا: عندنا حجیة إنشاءیة و عندنا حجیة فعلیة، فعلیة تامة وفعلیة ناقصة و حجیة فاعلیة و غیره و حجیة إقتضائیة. ماذا معنی الإقتضائیة؟ الأصولیون عندهم إصطلاحات معاني متعددة للحکم الإقتضائي سواء الحجیة أو الحکم التکلفي أو الحکم الوضعي الحکم الاقتضائي ماهی نسبته مع الحکم الفعلي؟ إذاً الحجیة لها مراحل و مراتب.
و صلی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین