06-03-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/03/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة (407 ) / الحلق والتقصير / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
الرأي الثاني:- ما ذهب إليه الشيخ الطوسي(قده) وهو أنه بالحلق أو التقصير يحلّ الصيد الاحرامي أيضاً وتنحصر الحرمة الباقية بالطيب والنساء . إذن محلّ الخلاف الآن في هذا الرأي هو بالنسبة الى الصيد الاحرامي هل يحلّ بالحلق أو التقصير أو لا يحلّ ؟ وقد ذهب الشيخ(قده) في التهذيب - كما ذكرنا - الى أنه يحلّ بالحلق أو التقصير وقد مال الى ذلك صاحب الجواهر(قده)[1] ، وأما الدليل على ذلك فهو صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة حيث جاء فيها عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء والطيب فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد )[2] وموضع الشاهد هو قوله:- ( إذا ذبح الرجل أو حلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء والطيب ) فإنه عليه السلام في هذه الفقرة حصر الحرمة الباقية بالنساء والطيب وهذا يدلّ بالمفهوم على أن الصيد الاحرامي يصير محلّلاً .
وهناك قول آخر ذهب إليه جماعة منهم المحقق(قده) في الشرائع فإنه ذكر أنه بالحلق أو التقصير يحلّ الناسك من جميع المحرّمات عدى ثلاثة الطيب والنساء والصيد . إذن الصيد تبقى حرمته ، ثم ذكر بعد ذلك أن الناسك إذا طاف طواف الزيارة وسعى حلّ له الطيب وإذا طاف طواف النساء حلّت له لنساء وسكت عن الصيد أنه متى يحلّ ، ونقل وصاحب المدارك(قده) عن العلامة في المنتهى أنه يقول إن الصيد الاحرامي يحلّ بطواف النساء ويستدلّ على ذلك - أي العلامة - بقوله تعالى:- ﴿ ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ فإنه يدلّ على أن المكلف مادام محرماً فلا يجوز له قتل الصيد ومن الواضح إن المكلف مادام لم يطف طواف النساء فهو باقٍ على الاحرام باعتبار أن النساء هو محرِم من ناحيتها فيكون الصيد الاحرامي باقياً على الحرمة أيضاً أما إذا طاف طواف النساء فقد انتهى الاحرام وحينئذٍ خطاب ﴿ ولا تقتلوا الصيد وانتم حرم ﴾ لا يشمله . إذن العلامة يرى أن الصيد الاحرامي تزول حرمته بطواف النساء ، ولم يكتفِ العلامة بهذا حتى نسب ذلك الى علمائنا وعبارة صاحب المدارك(قده) هكذا:- ( واعلم أن المصنّف ذكر أن بالحلق يتحلّل المحرم مما عدى الطيب والنساء والصيد ثم ذكر أن بطواف الزيارة يحلّ له الطيب وبطواف النساء تحلّ له النساء ولم يذكر بماذا يحلّ الصيد وظاهر العلامة في المنتهى أن التحلّل منه إنما يقع بطواف النساء لأنه استدل على عدم التحلّل منه بالحلق بقوله تعالى " لا تقتلوا الصيد وانتم حرم " قال والاحرام يتحقّق بتحريم الطيب والنساء وحكى الشهيد في الدروس عن العلامة نه قال إن ذلك - يعني عدم التحلل من الصيد إلا بطواف النساء – مذهب علمائنا )[3] ، ثم قال صاحب المدارك:- ( ولولا ما أوردناه من العموم الذي لم يستثنى منه سوى الطيب والنساء لكان هذا القول متّجهاً لظاهر الآية الشريفة ) يعني أنه(قده) يقول إنه لولا صحيحة معاوية بن عمار التي ذكرناها لنصرة الشيخ الطوسي في القول الأول لكان هذا القول شيئاً وجيهاً تمسكاً بالآية الكريمة بالبيان الذي ذكره العلامة في المنتهى.
وعلى أي حال إن هذا القول الثاني الذي ذهب إليه المحقق في الشرائع - وهو أن حرمة الصيد الاحرامي تبقى بعد الحلق أو التقصير - يمكن أن يستدل له بثلاثة وجوه.
وقبل ذكر هذه الوجوه قد تسأل وتقول:- هل هناك ثمرة بين ما إذا قلنا بارتفاع حرمة الصيد الاحرامي وبين ما إذا قلنا بأنها باقية فهل في ذلك ثمرة بعد الالتفات الى أنه موجودٌ في الحرم فالحرمة إذن متوجهة إليه جزماً غايته هي إما من ناحية الحرم فقط أو من ناحية الحرم والاحرام فإن هذا ليس بمهمّ فهل هماك من ثمرة أو لا ؟
والجواب:- نعم تظهر الثمرة في موارد من قبيل ما إذا أراد الناسك أن يأكل الصيد - أي جاؤوا له بمنى بصيدٍ مطبوخٍ - فإنه بناء على ارتفاع الحرمة الاحرامية يجوز له أن يأكل فإن المحرَّم من حيث الحرم هو الاصطياد والقتل دون الأكل . ومن قبيل ما إذا فرضنا أنه خرج الحاج من الحرم قبل أن يطوف طواف النساء فإنه آنذاك يحرم عليه الصيد من ناحية الاحرام رغم أنه خرج عن الحرم ووصل الى بلاده مثلاً فإنه يحرم آنذاك قتل الصيد وأكله إذا قلنا بأن الحرمة الاحرامية باقية بخلاف الحرمة من حيث الحرم فإنه لا حرمة لأنه خرج من الحرم . وأيضا تظهر الثمرة من حيث تضاعف الكفّارة فإنه إذا قلنا أن الحرمة باقية واصطاد في الحرم فتكون عليه آنذاك حرمتان حرمة من حيث الاحرام وحرمة من حيث الحرم فتتضاعف عليه آنذاك الكفارة.
أذن هذه بعض الثمرات في هذا المجال والمسألة ليست مجرد بحث علميّ لا تترتب عليه ثمرة عمليّة.
وأما الوجوه الثلاثة التي استدل بها لبقاء حرمة الصيد بعد الحلق والتقصير فهي:-
الوجه الأول:- التمسك بالآية الكريمة - أعني قوله تعالى ﴿ ولا تقتلوا الصيد وانتم حرم ﴾ - فهذا الحاج مادام لم يطف طواف النساء فهو لم تحلّ له النساء فهو باقٍ على الاحرام كما ذهب الى ذلك العلامة في المنتهى ومال إليه صاحب المدارك.
الوجه الثاني:- التمسك بالاستصحاب ، بتقريب أنه أوّلاً كانت الحرمة ثابتة جزماً والآن نشك في زوالها فنتمسك باستصحاب بقاء تلك الحرمة بناءً على جريانه في الشبهات الحكميّة.
الوجه الثالث:- صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة فإنه ذكر في آخرها:- ( وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد ) وهذا يدلّ على أن الصيد تبقى حرمته بعد الحلق والتقصير.
وفيه:-
أما بالنسبة الى الآية الكريمة فيمكن أن يقال كما أشرنا الى ذلك فيما سبق:- إن الحاج إذا حلق أو قصّر حلّت له أكثر المحرّمات فهو نصف محرمٍ إن صح التعبير وليس محرماً بالمعنى الكامل . إذن هو إما أن يكون محلاً أو يكون محرماً بنصف الاحرام وبالتالي يُشكّ في صدق عنوان المحرم المأخوذ في الآية الكريمة عليه ، فإذن لا يمكنك التمسك بالآية الكريمة.
وأما بالنسبة الى الاستصحاب فيردّه:-
أولّاً:- إنه مع وجود الدليل الاجتهادي - أعني صحيحة معاوية بن عمار التي تمسك بها الشيخ الطوسي وصاحب المدارك إثبات عدم حرمة الصيد - لا تصل النوبة الى الاستصحاب.
وثانياً:- إن هذا الاستصحاب لا يجري في حدّ نفسه باعتبار أن موضوع الحرمة السابقة هو المحرِم فالمحرِم كان يحرم عليه الصيد والآن نشك في أنه محرِمٌ أو ليس بمحرمٍ والمفروض أنّنا نشك في ذلك إما بنحو الشبهة المفهوميّة أو بنحو الشبهة المصداقيّة فيوجد تردّد من هذه الناحية فكيف يجري الاستصحاب ؟!
وأما بالنسبة الى التمسك بذيل صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة - حيث جاء فيه ( وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد ) فإنه يدلّ على أن الصيد تبقى حرمته من حيث الاحرام الى ما بعد طواف النساء - فيردّه:- إن المراد في كلمة الصيد الوارد في ذيل الصحيحة هو الصيد الحرمي دون الصيد الاحرامي كما نبّه على ذلك صاحب الوسائل(قده) في ذيل الحديث فإنه قال:- ( المراد الصيد الحرمي لا الاحرامي ذكره جماعة من علمائنا ) ، وممن اختار هذا التفسير صاحب الجواهر(قده) فإنه قال في ذيل هذه الصحيحة:- ( أي الحرمي لا الاحرامي كما هو واضح )[4] ولم يبيّن وجه الوضوح ، ولعل وجه الوضوح هو أنه لو كان المقصود هو الصيد الاحرامي فمن المناسب أن يبيّن الامام عليه السلام أنه متى تزول حرمته وهذا بخلاف ما إذا كان المقصود هو الصيد الحرمي فإن أمد الحرمة واضحٌ وهو مادام موجوداً في الحرم ، فعلى هذا الأساس إن عدم بيان نهاية حرمة الاصطياد يدلّ على أن قوله عليه السلام ( إلا الصيد ) ناظرٌ الى الصيد الحرمي دون الاحرامي ، فلعل الوضوح لهذه النكتة أو لبعض النكات التي سوف تأتي منّا الاشارة إليها فيما بعد.
بيد أن السيد الخوئي(قده) أصرّ على أن المقصود من الصيد هنا هو الصيد الاحرامي دون الحرمي وذلك لمقدمتين:-
الرأي الثاني:- ما ذهب إليه الشيخ الطوسي(قده) وهو أنه بالحلق أو التقصير يحلّ الصيد الاحرامي أيضاً وتنحصر الحرمة الباقية بالطيب والنساء . إذن محلّ الخلاف الآن في هذا الرأي هو بالنسبة الى الصيد الاحرامي هل يحلّ بالحلق أو التقصير أو لا يحلّ ؟ وقد ذهب الشيخ(قده) في التهذيب - كما ذكرنا - الى أنه يحلّ بالحلق أو التقصير وقد مال الى ذلك صاحب الجواهر(قده)[1] ، وأما الدليل على ذلك فهو صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة حيث جاء فيها عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء والطيب فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد )[2] وموضع الشاهد هو قوله:- ( إذا ذبح الرجل أو حلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء والطيب ) فإنه عليه السلام في هذه الفقرة حصر الحرمة الباقية بالنساء والطيب وهذا يدلّ بالمفهوم على أن الصيد الاحرامي يصير محلّلاً .
وهناك قول آخر ذهب إليه جماعة منهم المحقق(قده) في الشرائع فإنه ذكر أنه بالحلق أو التقصير يحلّ الناسك من جميع المحرّمات عدى ثلاثة الطيب والنساء والصيد . إذن الصيد تبقى حرمته ، ثم ذكر بعد ذلك أن الناسك إذا طاف طواف الزيارة وسعى حلّ له الطيب وإذا طاف طواف النساء حلّت له لنساء وسكت عن الصيد أنه متى يحلّ ، ونقل وصاحب المدارك(قده) عن العلامة في المنتهى أنه يقول إن الصيد الاحرامي يحلّ بطواف النساء ويستدلّ على ذلك - أي العلامة - بقوله تعالى:- ﴿ ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ فإنه يدلّ على أن المكلف مادام محرماً فلا يجوز له قتل الصيد ومن الواضح إن المكلف مادام لم يطف طواف النساء فهو باقٍ على الاحرام باعتبار أن النساء هو محرِم من ناحيتها فيكون الصيد الاحرامي باقياً على الحرمة أيضاً أما إذا طاف طواف النساء فقد انتهى الاحرام وحينئذٍ خطاب ﴿ ولا تقتلوا الصيد وانتم حرم ﴾ لا يشمله . إذن العلامة يرى أن الصيد الاحرامي تزول حرمته بطواف النساء ، ولم يكتفِ العلامة بهذا حتى نسب ذلك الى علمائنا وعبارة صاحب المدارك(قده) هكذا:- ( واعلم أن المصنّف ذكر أن بالحلق يتحلّل المحرم مما عدى الطيب والنساء والصيد ثم ذكر أن بطواف الزيارة يحلّ له الطيب وبطواف النساء تحلّ له النساء ولم يذكر بماذا يحلّ الصيد وظاهر العلامة في المنتهى أن التحلّل منه إنما يقع بطواف النساء لأنه استدل على عدم التحلّل منه بالحلق بقوله تعالى " لا تقتلوا الصيد وانتم حرم " قال والاحرام يتحقّق بتحريم الطيب والنساء وحكى الشهيد في الدروس عن العلامة نه قال إن ذلك - يعني عدم التحلل من الصيد إلا بطواف النساء – مذهب علمائنا )[3] ، ثم قال صاحب المدارك:- ( ولولا ما أوردناه من العموم الذي لم يستثنى منه سوى الطيب والنساء لكان هذا القول متّجهاً لظاهر الآية الشريفة ) يعني أنه(قده) يقول إنه لولا صحيحة معاوية بن عمار التي ذكرناها لنصرة الشيخ الطوسي في القول الأول لكان هذا القول شيئاً وجيهاً تمسكاً بالآية الكريمة بالبيان الذي ذكره العلامة في المنتهى.
وعلى أي حال إن هذا القول الثاني الذي ذهب إليه المحقق في الشرائع - وهو أن حرمة الصيد الاحرامي تبقى بعد الحلق أو التقصير - يمكن أن يستدل له بثلاثة وجوه.
وقبل ذكر هذه الوجوه قد تسأل وتقول:- هل هناك ثمرة بين ما إذا قلنا بارتفاع حرمة الصيد الاحرامي وبين ما إذا قلنا بأنها باقية فهل في ذلك ثمرة بعد الالتفات الى أنه موجودٌ في الحرم فالحرمة إذن متوجهة إليه جزماً غايته هي إما من ناحية الحرم فقط أو من ناحية الحرم والاحرام فإن هذا ليس بمهمّ فهل هماك من ثمرة أو لا ؟
والجواب:- نعم تظهر الثمرة في موارد من قبيل ما إذا أراد الناسك أن يأكل الصيد - أي جاؤوا له بمنى بصيدٍ مطبوخٍ - فإنه بناء على ارتفاع الحرمة الاحرامية يجوز له أن يأكل فإن المحرَّم من حيث الحرم هو الاصطياد والقتل دون الأكل . ومن قبيل ما إذا فرضنا أنه خرج الحاج من الحرم قبل أن يطوف طواف النساء فإنه آنذاك يحرم عليه الصيد من ناحية الاحرام رغم أنه خرج عن الحرم ووصل الى بلاده مثلاً فإنه يحرم آنذاك قتل الصيد وأكله إذا قلنا بأن الحرمة الاحرامية باقية بخلاف الحرمة من حيث الحرم فإنه لا حرمة لأنه خرج من الحرم . وأيضا تظهر الثمرة من حيث تضاعف الكفّارة فإنه إذا قلنا أن الحرمة باقية واصطاد في الحرم فتكون عليه آنذاك حرمتان حرمة من حيث الاحرام وحرمة من حيث الحرم فتتضاعف عليه آنذاك الكفارة.
أذن هذه بعض الثمرات في هذا المجال والمسألة ليست مجرد بحث علميّ لا تترتب عليه ثمرة عمليّة.
وأما الوجوه الثلاثة التي استدل بها لبقاء حرمة الصيد بعد الحلق والتقصير فهي:-
الوجه الأول:- التمسك بالآية الكريمة - أعني قوله تعالى ﴿ ولا تقتلوا الصيد وانتم حرم ﴾ - فهذا الحاج مادام لم يطف طواف النساء فهو لم تحلّ له النساء فهو باقٍ على الاحرام كما ذهب الى ذلك العلامة في المنتهى ومال إليه صاحب المدارك.
الوجه الثاني:- التمسك بالاستصحاب ، بتقريب أنه أوّلاً كانت الحرمة ثابتة جزماً والآن نشك في زوالها فنتمسك باستصحاب بقاء تلك الحرمة بناءً على جريانه في الشبهات الحكميّة.
الوجه الثالث:- صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة فإنه ذكر في آخرها:- ( وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد ) وهذا يدلّ على أن الصيد تبقى حرمته بعد الحلق والتقصير.
وفيه:-
أما بالنسبة الى الآية الكريمة فيمكن أن يقال كما أشرنا الى ذلك فيما سبق:- إن الحاج إذا حلق أو قصّر حلّت له أكثر المحرّمات فهو نصف محرمٍ إن صح التعبير وليس محرماً بالمعنى الكامل . إذن هو إما أن يكون محلاً أو يكون محرماً بنصف الاحرام وبالتالي يُشكّ في صدق عنوان المحرم المأخوذ في الآية الكريمة عليه ، فإذن لا يمكنك التمسك بالآية الكريمة.
وأما بالنسبة الى الاستصحاب فيردّه:-
أولّاً:- إنه مع وجود الدليل الاجتهادي - أعني صحيحة معاوية بن عمار التي تمسك بها الشيخ الطوسي وصاحب المدارك إثبات عدم حرمة الصيد - لا تصل النوبة الى الاستصحاب.
وثانياً:- إن هذا الاستصحاب لا يجري في حدّ نفسه باعتبار أن موضوع الحرمة السابقة هو المحرِم فالمحرِم كان يحرم عليه الصيد والآن نشك في أنه محرِمٌ أو ليس بمحرمٍ والمفروض أنّنا نشك في ذلك إما بنحو الشبهة المفهوميّة أو بنحو الشبهة المصداقيّة فيوجد تردّد من هذه الناحية فكيف يجري الاستصحاب ؟!
وأما بالنسبة الى التمسك بذيل صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة - حيث جاء فيه ( وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا الصيد ) فإنه يدلّ على أن الصيد تبقى حرمته من حيث الاحرام الى ما بعد طواف النساء - فيردّه:- إن المراد في كلمة الصيد الوارد في ذيل الصحيحة هو الصيد الحرمي دون الصيد الاحرامي كما نبّه على ذلك صاحب الوسائل(قده) في ذيل الحديث فإنه قال:- ( المراد الصيد الحرمي لا الاحرامي ذكره جماعة من علمائنا ) ، وممن اختار هذا التفسير صاحب الجواهر(قده) فإنه قال في ذيل هذه الصحيحة:- ( أي الحرمي لا الاحرامي كما هو واضح )[4] ولم يبيّن وجه الوضوح ، ولعل وجه الوضوح هو أنه لو كان المقصود هو الصيد الاحرامي فمن المناسب أن يبيّن الامام عليه السلام أنه متى تزول حرمته وهذا بخلاف ما إذا كان المقصود هو الصيد الحرمي فإن أمد الحرمة واضحٌ وهو مادام موجوداً في الحرم ، فعلى هذا الأساس إن عدم بيان نهاية حرمة الاصطياد يدلّ على أن قوله عليه السلام ( إلا الصيد ) ناظرٌ الى الصيد الحرمي دون الاحرامي ، فلعل الوضوح لهذه النكتة أو لبعض النكات التي سوف تأتي منّا الاشارة إليها فيما بعد.
بيد أن السيد الخوئي(قده) أصرّ على أن المقصود من الصيد هنا هو الصيد الاحرامي دون الحرمي وذلك لمقدمتين:-