1440/06/07
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
40/06/07
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه العاشر : اشتراط وحدة الموضوع
ذكرنا بعض اراء الاعلام في مسالة ان الحاكم في بقاء الموضوع في الاستصحاب هل هو العقل او العرف او الدليل
واما السيد الشهيد (قده) فذهب الى ان تعيين الموضوع ومعرفة حدوده لا يكون بالرجوع الى الدليل الدال على الحكم لان الغرض من تعيين الموضوع هو اجراء استصحاب الحكم في الشبهات الحكمية بعد الفراغ عن اعتبار بقاء الموضوع ، فهو يرى ان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا علاقة له بهذا المجال ولا يصح ان يجري في عالم الجعل لان الحكم في عالم الجعل ليس له حدوث وبقاء وانما يكون للحكم حدوث وبقاء عندما نلاحظ الحكم كصفة للموضوع الخارجي فيجري فيه الاستصحاب ، فالمهم في جريان الاستصحاب ان يكون معروض الحكم قابلا للاتصاف بالحكم لأننا نلاحظ الحكم كصفة للموضوع ، لا اننا ناخذ الموضوع من الدليل سواء كان قابلا للاتصاف ام لم يكن ، ومن هنا فكل ما يذكر في الدليل كموضوع للحكم نطبق عليه هذا الميزان فما يكون قابلا للاتصاف بالحكم يكون هو الموضوع واما ما ذكر في الدليل مما لم يكن قابلا للاتصاف بالحكم فلا يجري فيه الاستصحاب والمقصود استصحاب الشبهات الحكمية ، ومن هنا يكون التغير في مثال الماء المتغير لا يجري فيه الاستصحاب لانه ليس قابلا للاتصاف بالحكم ولا مما يعرضه الحكم فمعروض النجاسة هو ذات الماء فاذا احرزنا بقاء ذات الماء يجري فيه الاستصحاب
كما ان العكس أيضا صحيح كما لو فرضنا ان الدليل اخذ في الموضوع شيئا قابلا للاتصاف بالحكم يجري فيه الاستصحاب حتى اذا اخذ في الدليل بعنوان الشرطية كما اذا قال الماء المتنجس اذا تحول الى البخار يطهر فان البخار قابل للاتصاف بالطهارة فيكون هو موضوع الحكم بالطهارة فاذا فرضنا ان هذا البخار عاد الى حالته المائية بعد ذلك يتعذر استصحاب الطهارة وبهذا البيان هو يستبعد احتمال كون المرجع في محل الكلام هو الدليل الشرعي لانه ناظر الى عالم الجعل، ويدور الامر عنده بين ان يكون المرجع هو النظر العقلي او النظر العرفيومقصوده من هذا الكلام انه في البداية لابد من تحديد موضوع الحكم فاذا حددنا ما هو موضوع الحكم وفرغنا من اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب يقع الكلام في مرحلة أخرى وهي اذا فرغنا من ان الموضوع ذات الماء في المثال فتارة نفترض ان الموضوع باق بتمام حيثياته وخصوصياته بان لم يتغير شيء في القضية المتيقنة وحينئذ فلا معنى للشك في بقاء الحكم فهذا خارج عن محل الكلام ، وانما نحتاج الى الاستصحاب عندما تتغير خصوصية من خصوصيات الموضوع كما اذا تغيرت حالة من حالات الماء الذي كنا على يقين من نجاسته كما اذا زال عنه التغير حتى يحصل الشك في بقاء الحكم لهذا الموضوع وحينئذ من هو الحاكم ببقاء الموضوع هل هو النظر العرفي ام الدقي ، فان كان المرجع هو النظر الدقي يؤدي الى تعذر اجراء الاستصحاب في الشبهات الحكمية لانه بالدقة فان الماء الذي زال عنه التغير غير الماء المتغير ، وان قلنا بان المحكم هو النظر العرفي فلا مانع من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فان العرف يرى بان الموضوع باق ، وقد اختار (قده) الثاني فيرد عليه الاشكال السابق بان الفهم العرفي ليس حجة في مجال التطبيق انما هو حجة في فهم المراد ومقامنا مقام تطبيق فلا شك لدينا في مفهوم الوحدة وانما الشك في التطبيق ، وهذا الاشكال أورده على نفسه وأجاب عليه باجوبة نذكر بعضها[1] :
الأول : ان دليل الاستصحاب لم يؤخذ فيه مفهوم الوحدة ، وكلامكم انما يصح اذا كانت الوحدة كمفهوم ماخوذة في دليل الاستصحاب وانما المدعى اننا اشترطنا الوحدة باعتبار ورود لا تنقض اليقين بالشك في دليل الاستصحاب وأيضا ورد فيه حذف متعلق اليقين والشك وهو ظاهر في ان متعلقهما واحد فالوحدة اما ان تفهم من حذف المتعلق او من كلمة النقض فهو لا يصدق الا اذا كان الموضوع واحدا ، وحينئذ يقال بانه يكفي في صدق كلمة النقض وبقاء الموضوع الوحدة العرفية ولا يتوقف على صدقه كون الموضوع واحدا دقة وعقلا ، فان كلمة النقض خوطب بها اناس عرفيون والعرف يرى ان الموضوع منحفظ
الثاني : ان المسامحة العرفية توجب انعقاد اطلاق مقامي للخطاب في ان الشارع أحال مسالة تحديد بقاء الموضوع الى النظر العرفي ، خصوصا اذا التفتنا الى ان هذه المسامحة العرفية لا يلتفت اليها نفس العرف فهو لا يرى نفسه متسامحا وان كان تبدل الحيثية يوجب تبدل الموضوع بالدقة العقلية حتى لو كانت الحيثية تعليلية ، ومع سكوت الشارع عنها يمكن ان يقال بانعقاد اطلاق مقامي بمعنى ان الشارع لو لم يرض باجراء الاستصحاب في موارد المسامحة لنبه على ذلك وحينما سكت يفهم منه انه أحال ذلك على النظر العرفي.