39/08/13
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
39/08/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: التنبيه الرابع : في جريان الاستصحاب مع الشك التقديري / تنبيهات الاستصحاب
ذكرنا في الدرس السابق المناقشة في المورد الثالث الذي ذكروا ان ثمرة البحث السابق تظهر فيه ، وقلنا ان الشك الموجود في المقام ليس شكا تقديريا بل هو شك فعلي وان كان ارتكازيا لان الشك موجود قبل الغفلة والغفلة عن الشك لا توجب زوال الشك وانما توجب انتقاله من منطقة الشعور الى منطقة اللاشعور .
وحينئذ فان كان الوجه في منع جريان الاستصحاب مع الشك التقديري هو كون الشك ليس فعليا فلا يجري هذا الوجه في هذا الفرع لان الشك فيه فعلي لا تقديري ،
وبناءا على هذا لا يمكن القول بان جريان الاستصحاب بلحاظ حال الصلاة مبني على البحث السابق ، اذ قد يقال بعدم جريانه مع الشك التقديري ومع ذلك يقال بجريانه في محل الكلام اذا قلنا بان المانع من عدم جريانه مع الشك التقديري هو عدم فعلية الشك .
نعم اذا كان الدليل على عدم جريان الاستصحاب هو الوجه الثبوتي المتقدم الذي يرجع الى عدم معقولية جعل الحكم الظاهري مع الغفلة فهذا يمنع من جريان الاستصحاب في محل الكلام لان الشك وان كان ارتكازيا لكنه مغفول عنه .
الى هنا يتم الكلام حول هذا التنبيه ، وتبين مما تقدم ان الصحيح هو عدم جريان الاستصحاب في موارد الشك التقديري .
جريان الاستصحاب مع اليقين التقديري :وهذا البحث يلحق بالبحث السابق ، بان نفترض عدم وجود اليقين الفعلي عند المكلف حتى ارتكازا وانما هو موجود بوجود تقديري بمعنى انه لو التفت الى حاله لحصل له اليقين بطهارة او نجاسة ثوبه مثلا ، وهذا البحث مبني على اخذ اليقين في موضوع الاستصحاب اما لو قلنا بان المعتبر فيه هو نفس الحالة السابقة لا اليقين بها فلا معنى لهذا البحث ، ومن هنا فلا بد من الفراغ اولا من اخذ اليقين في موضوع الاستصحاب وقد تقدم الحديث حول ذلك في مبحث جريان الاستصحاب في موارد ثبوت الحالة السابقة بغير اليقين وتبين مما تقدم وجود رايين في المسالة :
الاول : يتبنى اخذ اليقين في موضوع الاستصحاب ويستند اصحاب هذا الراي الى اخذ اليقين في ادلة الاستصحاب .
ونوقشوا بان اليقين وان ذكر في الدليل لكنه ماخوذ على وجه الطريقية فلا خصوصية له بل المهم هو ثبوت الحالة السابقة .
فاجابوا بان هذا خلاف الظاهر فلا يصار اليه لان الظاهر من اخذ شيء في موضوع دليل هو اخذه بما هو ،
وبناءا على هذا الراي ينفتح المجال للبحث الذي نحن فيه .
الثاني : ويتبنى عدم اخذ اليقين في موضوع الاستصحاب ، ويستند اصحاب هذا الراي الى احد وجهين على سبيل منع الخلو :
الوجه الاول : ان الظهور الاولي لاخذ عنوان في موضوع دليل وان كان هو اخذه بنفسه لا بما هو مشير الى عنوان اخر ولكن بعض العناوين مثل اليقين والتبين والرؤية ظاهرة في الطريقية وواقعها الاشارة فينعقد لها ظهور ثانوي يوجب حملها على انها اخذت كطريق للواقع .
الوجه الثاني : الاستناد الى روايات لم يؤخذ فيها اليقين من قبيل رواية عبد الله بن سنان الواردة في من اعار ثوبه الذمي حيث علل الامام ( عليه السلام ) الحكم فيها بقوله : (( لانك اعرته اياه وهو طاهر ولم تستيقن انه نجسه )) فواضح من هذا التعليل ان الدخيل في الاستصحاب هو الحالة السابقة لا اليقين بها ولذا لم يذكر اليقين فيها اصلا ، ونفس الكلام يقال في روايات قاعدتي الحل والطهارة - بناءا على استفادة قاعدة الاستصحاب منها كما ذهب اليه صاحب الكفاية - حيث لم يذكر فيها اليقين .
وهنا قد يثار اشكال لا باس بالتعرض له و حاصله : ان ما ذكر يوجب وجود حالة تعارض بين الادلة باعتبار ان الروايات كلها تشير الى قاعدة واحدة وهي قاعدة الاستصحاب فلا بد ان يكون لها موضوع واحد وهو اما نفس الحالة السابقة او اليقين بها .
والجواب : ان الاشكال يكون واردا لو كان لنا علم بوحدة الحكم في المقام ولكن حيث لا علم لنا بذلك اولا اقل من احتمال تعدد الحكم بمعنى ان الحكم انحلالي في باب الاستصحاب فان الحكم حين يثبت على موضوع بنحو الاستغراق يتعدد بتعدد افراد موضوعه بحيث يكون لكل فرد من افراد الموضوع حكم خاص به يختلف عن الحكم الثابت للفرد الاخر، وحينئذ لا يكون الحكم الثابت للفرد الاول من الموضوع منافيا للحكم الثابت للفرد الاخر ، فنحن نحتمل ان الحكم الاستصحابي ثابت لعنوان عام وله افراد احدها اليقين بالحالة السابقة والاخر نفس الحالة السابقة فيثبت الاستصحاب في كل منهما ولا منافاة بين الاستصحابين ،
وقد تقدم في هذا البحث بان الاصح هو الثاني اي لا خصوصية لليقين في التعبد الاستصحابي واستقربنا سابقا ان اليقين الماخوذ في صحيحة زرارة هو يقين طريقي اذ لا يكون اليقين ماخوذا بما هو يقين الا في موارد خاصة ،
وبناءا على هذا الراي فلا يبقى مجال للبحث في محل الكلام ، وانما ينفتح المجال للبحث بناءا على الراي الاول القائل باخذ اليقين بما هو يقين في موضوع الاستصحاب ، وبناءا عليه فالصحيح ان الماخوذ هو اليقين الفعلي لما تقدم من ان الظاهر من اخذ عنوان في موضوع دليل حكم هو اخذه بما له من الفعلية فلا يشمل اليقين التقديري غير الملتفت اليه ، ولم يذهب من ذهب الى شمول الاستصحاب للشك التقديري كالسيد الشهيد (قد) لاجل انكار ظهور الشك في الفعلية وانما استند الى قرائن في نفس دليل الاستصحاب تكون اقوى من ظهور الشك في الفعلية منها حصر الناقض لليقين باليقين بالخلاف في قوله ( عليه السلام ) (( ولم تستيقن انه نجسه )) وهذه القرائن مفقودة عند الحديث حول اليقين .