39/04/13
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
39/04/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- حرمة حلق اللحية - مسألة ( 43 ) - المكاسب المحرّمة.
وأما من حيث السند:- فإنَّ الشيخ النوري في المستدرك قال ما نصّه في بيان السند:- ( الجعفريات أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى حدثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن ابيه عن علي بن أبي طالب قال:- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- حلق اللحية من المثلة .... )[1] .
وأصل كتاب الأشعثيات - أو الجعفريات - على ما قيل هو في الأساس لإسماعيل بن الامام موسى بن جعفر عليه السلام ومن خلال إسماعيل وصل إلى ولده واسمه موسى[2] ومن خلال موسى وصل إلى محمد والذي اخبر عن محمد هو عبد الله.
فإذن سوف تصير النتيجة:- هي أنه إذا أردنا أن نأخذ السند ليس من اسماعيل وإنما بالشكل الذي ذكره المستدرك فإنه توجد أربع وسائط إلى الامام عليه السلام وهي ( أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد أخبرنا موسى حدّثنا أبي عن أبيه ) ، وقد قال السيد ابن طاووس ما نصّه:- ( رأيت ورويت من كتاب الجعفريات وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن إلى موسى بن جعفر عن مولانا جعفر بن محمد عن مولانا محمد بن علي عن مولانا علي بن الحسين عن مولانا الحسين بن علي عن مولانا علي بن أبي طالب[3] )[4] ، فهو قال ألف رواية وربما يأتينا أنَّ الذي وصل إلى الشيخ النوري ألف وستمائة حديث ، ولكن هذا دعنا عنه الآن.
أما اسماعيل الذي هو ابن الامام موسى بن جعفر عليه السلام فقد ترجمه النجاشي وقال ( اسماعيل بن موسى بن جعفر ... سكن مصر وولده بها وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائه منها كتاب الطهارة كتاب الصلاة .... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال حدثنا ..... بكتبه ) ، فإذن أقصى ما ذكر أنه سكن هو وأولاده سكنوا مصر وله طريق إلى كتبه ولكنه لم يذكره بتوثيق.
ولكن ربما يقال بوثاقته لأمور ثلاثة:-
الأوّل:- إنه ابن الامام ونفس السكوت عن مثلبة في حق ابن الامام هو بنفسه دالاً على أنه ثقة إذ لو فرض وجود أي مثلبة لانعكست لأنه صاحب منزلة ، فعدم نقل المثلبة يدل على أنه سالم وإلا لنقل ذلك ، ولو تمت هذه القضية فسوف تنفعنا فبي كل اولاد الأئمة ، ونحن نقول إن هذه مسألة لا بأس بها ولكن ركون النفس إليها بحيث تطمئن النفس إليها فيه تردد.
الثاني:- أن نقول: إنَّ الشيخ المفيد قال في الارشاد:- ( وكل واحد من ولد أبي الحسن موسى عليه السلام فصل ومنقبة مشهورة )[5] ، فهذا يفهم منه ليس أنه ثقة فقط وإنما هو مفروغ من وثاقته وله أكثر من ذلك وهو أنَّ له منقبة وفضل ، فإذا استفدنا من هذا الوثاقة فلا بأس به.
الثالث:- إنَّ الكشي ذكر في ترجمة صفوان بن يحيى أنه حينما توفي صفوان بعث أبو جعفر عليه السلام بحنوطه وكفنه وأمر اسماعيل بن موسى بالصلاة عليه ، فإذن الامام الجواد عليه السلام أرسل بذلك وأمر اسماعيل بن موسى أن يصلي عليه وهذا ربما يقال إنَّ فيه دلالة على أنه رجل عظيم المنزلة إلى حدٍّ يأمره الامام عليه السلام أن يصلي على صفوان الذي هو من الأصحاب الأجلّاء للأئمة عليهم السلام.
هذه ثلاث طرق فإنَّ تم منها شيء فبها ونعمت وإلا فيبقى الرجل بلا توثيق.
وهناك طريق آخر:- وهو ما قاله الشيخ الصدوق(قده) فإنه توثيق لجميع رجال السند بناء على قبول توثيقات المتأخرين.
فإذن يمكن أن يغض النظر من ناحية هذا الرجل ولو لأجل الطريق الأوّل فإنه لا بأس به.
وأما بالنسبة إلى موسى إسماعيل:- فهو لم يرد في حقه توثيق إلا بناء على ما ذكره السيد ابن طاووس من أن السند جليل فتثبت وثاقته أو نقول هو قد ورد في رجال كامل الزيارات بناءاً على قبول كبرى وثاقة كل من ورد في رجال كامل الزيارات ، أو تطبق تلك الفكرة التي ذكرناه وهي أنَّ أولاد الأئمة بالنحو الذي يشمل الأحفاد لو كان فيهم أقل وهنٍ لنقل وظهر.
أما محمد الذي يروي عن موسى:- فهو محمد بن محمد بن الأشعث وهذا الرجل قد وثقه النجاشي وقال عنه ( محمد بن محمد الأشعث أبو علي الكوفي ثقة من اصحابنا سكن مصر ) ، فإذن لا مشكلة من ناحيته.
وأما عبد الله:- فهو لا يعرف إلا من خلال ما نقله النوري نفسه حيث قال:- ( لا يبعد أن هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عثمان المعروف بابن السقّاء )[6] ، ولكن هذه مجرّد دعوى من قبل الشيخ النوري ، ولكن لو غضضنا النظر عن ذلك يظهر أنه من العامّة لأنه قد ترجم له الذهبي ووصفه بالإمام الحافظ الثقة[7] فلابد أن يكون من خطّهم ، فعلى هذا الأساس لا يوجد توثيق واضح في حقه.
هذا كلّه بالنسبة إلى رجال السند المذكورين ، ولو غضضنا النظر عنهم جميعاً وقلنا إنَّ الكل معروفون وثقاة ولكن تبقى مشكلة سند هذا الكتاب وهذه الأحاديث من السقّا إلى الشيخ النوري فإنَّ النوري ليس معاصراً لابن السقّا ، فإذن تبقى الوسائط بين النوري وبين ابن السقا مجهولة فإنَّ ابن السقا من المتقدّمين ، وربما يعوّض عن ذلك بالطريق الذي ذكره النجاشي والشيخ فإنهما ذكرا في ترجمة إسماعيل بن الامام موسى بن جعفر - الذي هو صاحب الكتاب - أنَّ له كتباً وذكروا الطريق إليها التي هي عبارة عن الجعفريات[8] .
فإذن يمكن تحصيل طريق من خلال النجاشي والشيخ ، لأنَّ النجاشي قال ما نصّه:- ( اسماعيل بن موسى بن جعفر سكن مصر وولده بها وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائه منها كتاب الطهارة كتاب الصلاة[9] ..... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا أبو محمد سهل بن حمد بن سهل قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث بم محمد الكوفي بمصر قراءة عليه قال: حدثنا موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر قال حدثنا أبي بكتبه )[10] ، هذا هو الموجود في رجال النجاشي[11] ، وعلى منواله ما هو موجود في فهرست الشيخ الطوسي[12] .
فإذن يوجد طريق معتبر للشيخ الطوسي والشيخ النجاشي بناءاً على أنَّ كل هذا الطريق تام ولا مناقشة فيه ، فإذن بناءاً على هذا نحصل على طريق تام إلى الجعفريات.
ولكن لو سلّمنا بأنَّ هذه الطرق مقبولة لكن تبقى مشكلة أنه ما المثبت إلى كون هذه الجعفريات المتداولة والتي وصلت إلى الشيخ النوري هي نفس الجعفريات التي وصلت إلى الشيخ الطوسي والنجاشي وأنَّ النسخة هي نفس النسخة حتماً ، خصوصاً إذا التفتنا إلى أنَّ الشيخ النوري يقول في مقام شكر الله تعالى حيث وصلت إليه من بلاد الهند مجموعة كتب ومنها الجعفريات:- ( وأما نحن فعثرنا عليه في الكتب التي جاء بها بعض السادة من أهل العلم من بلاد الهند وكان مع قرب الاسناد ورسائل علي بن جعفر وكتاب سليم في مجلّد والحمد لله على هذه النعمة الجليلة )[13] .
إذن اتضح أنه حتى لو فرض أنَّ الجعفريات وصلت إلى الشيخ وإلى النجاشي بطريق معتبر لكن لا مثبت لتطابق هذه النسخ التي وصلت إلى النوري مع النسخة التي وصلت إلى النجاشي والشيخ فيبقى هذا الكتاب لا مثبت له.
ولعله من هذه الناحية تذبذبت كلمات السيد الخوئي(قده):- فهو في المحاضرات ذكر أنه:- ( وسندها[14] معتبر كما حقّقه النوري في خاتمة المستدرك )[15] ، ولكنه في مصباح الفقاهة قال:- ( هي مجهولة السند )[16] ، وفي كتاب الحدود قال:- ( وأما الأشعثيات المعبر عنها بالجعفريات أيضاً فهي أيضاً لم تثبت ... فالنتيجة أنَّ الكتاب الموجود بأيدينا لا يمكن الاعتماد عليه بوجه )[17] ، وأما صاحب الجواهر(قده) فله عبارة شديدة اللهجة في هذا المجال حيث قال:- ( بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الفاضل ليس من الأصول المشهورة بل ولا المعتبرة ولم يحكم بصحته أحد من أصحابنا بل لم تتواتر نسبته إلى مصنفه بل ولم تصح على وجهٍ تطمئن النفس بها ...... إنَّ تتبعه وتتبع كتب الأصول يعطيان أنه ليس جارياً على منوالها فإنَّ أكثره بخلافها وإنما تطابق روايته في الأكثرية رواية العامة )[18] ، ولا نعلم أنَّ هذا الكلام هو لصاحب الجواهر(قده) أو أنه كلام بعض الأفاضل.
ثم أخذ الشيخ النوري(قده)[19] بمناقشة كل ما ذكر في الجواهر.
والخلاصة:- إنَّ هذا الكتاب يشكل الاعتماد عليه فإنه وإن صحت نسبته إلى إسماعيل بن الامام موسى بن جعفر لكن لا مثبت لكون ما هو موجود بأيدينا هو عين ذلك الكتاب ، فالقصور يكون في الاثبات بقطع النظر رجال السند والبحث في توثيقهم ، فإنه حتى لو ثبت وثاقة جميع رجال السند الذين ذكرهم الشيخ النوري أو الذين ذكرهم النجاشي والشيخ الطوسي لكن يبقى هذا الاشكال المهم وهو أنه لا مثبت لتطابق ما بأيدينا مع الجعفريات الأصلية ، فإذن لا يمكن الاعتماد على الكتاب المذكور.