39/04/06
تحمیل
الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم
بحث الفقه
39/04/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاشكال على الجمع الثاني- النتيجة.
واستُشكل فيه: بـ"أن عدم تنبيه السائل لخصوصية عدم التعمد موجب لظهور كلامه في السؤال عن مفطريته ذاتاً، كسائر المفطرات، وقوة ظهور الجواب في نفي مفطريته كذلك، فحمله على عدم التعمد، ليكون عدم مفطريته ثانوياً، بعيد عن مقام الجمع العرفي".
وفيه: ان كون السؤال عن مفطريته ذاتاً عبارة أخرى عن اطلاق السؤال عن مفطرية الغبار فيكون الجواب مطلقا على نسقه، فتكون الموثقة مطلقة فتقيد بالمضمرة التي يفرض حملها على التعمد. فينتج كون الموثقة بعد التقييد خاصة بغير صورة التعمد.
ثم قال المستشكل: "مضافاً إلى أن التصريح في المضمر بالتعمد بالإضافة إلى الاستنشاق وإهماله في الغبار مع الاقتصار فيه على الكنس ظاهر في أن التعمد إنما يكون للكنس، وأن ترتب وصول الغبار للأنف والحلق عليه طبعي من دون تعمد له بخصوصه، ولاسيما مع عدم الداعي عادة لتعمد ذلك، لكونه أمراً مزعجاً، وليس هو كالاستنشاق مما يرغب فيه".
وفيه: مع عدم التحفظ بسد الانف ونحوه، فالكنس سبب توليدي لدخول الغبار الى الانف والحلق ـ كما أشار اليه ـ فيكون تعمد الكنس تعمد لدخول الغبار في الانف والحلق ولا اشكال في ظهور المضمر بتعمد الكنس، فيكون ظاهرا بتعمد دخول الغبار للأنف والحلق.
ومن هنا تعرف الاشكال في قوله: "وأما الحكم فيه بالكفارة فلعله بلحاظ تعمد الكنس، تحفظاً عما قد يترتب عليه من دخول الغبار للأنف والحلق، لا بلحاظ تعمد نفس دخول الغبار".
واما قوله: "وبالجملة: الجمع المذكور بعيد في نفسه. ولا أقل من كونه جمعاً تبرعياً، بلا شاهد"[1] .
ففيه: بعد ان اقر "أن التصريح في المضمر بالتعمد بالإضافة إلى الاستنشاق وإهماله في الغبار مع الاقتصار فيه على الكنس ظاهر في أن التعمد إنما يكون للكنس" وعرفنا ان تعمد الكنس هو تعمد لدخول الغبار للأنف، وفي قبال ذلك اقر بـ"أن عدم تنبيه السائل لخصوصية عدم التعمد موجب لظهور كلامه في السؤال عن مفطريته ذاتاً" وعرفنا ان ذلك عبارة أخرى عن اطلاق السؤال عن مفطرية الغبار فيكون الجواب على نسقه مطلقا. اذا عرفنا ذلك كله يكون الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد وهو جمع عرفي صناعي، فلا يكون الجمع في نفسه بعيدا ولا تبرعيا.
والمتحصل انه يلزم التفصيل بين ادخال الغبار للحلق تعمدا فيمتنع وبين غيره فلا يمتنع.
وهل يختص المفطر بالغليظ كما عليه المصنف او يعم الخفيف أيضا؟
ذهب السيد الخوئي (ره) الى انه " لا يفرق فيه بين الغليظ والخفيف، عملا بإطلاق النص، إلا إذا بلغ من الخفة والقلة حدا لا يصدق معه عرفا انه دخل الغبار في حلقه، فإنه لا يضر حينئذ لانصراف النص عن مثله. واما مع فرض الصدق فلا يفرق بين الأمرين كما عرفت"[2] .
والانصاف: ان النصوص وان أوصلتنا الى ما اختاره السيد الخوئي (ره) الا ان تحرير الاصحاب للمسألة بأخذ قيد "الغليظ" في "الغبار" يشكل جدا تجاهله، لان ذلك منهم اما لانهم تلقوه من عصر الائمة ع، او لانهم فهموا من المضمرة ذلك وهو ليس ببعيد، خصوصا وان الكنس وان لم نقل بظهوره في الغليظ الا انه مشعر بذلك الى حد ما وبالتالي لابد من ان الاصحاب فهموا الغبار الغليظ من الكنس في الرواية المضمرة اذ ليس في النصوص ما يدل على مفطرية الغبار الغليظ غيرها. بل يزيد الامر وضوحا وجود موثقة ابن سعيد التي لا تعتبر ولا تشير الى التقييد بالغليظ أصلا فتركها واعتبار الغليظ في مفطرية الغبار لا وجه له ما لم يفهموا من المضمرة اعتبار صفة الغليظ في الغبار. كيف والتقييد بالغليظ خلاف الاحتياط. فان ذلك كله يقرب اعتبار صفة الغليظ في مفطرية الغبار وان لم نجزم به. والله العالم.