39/01/27
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
39/01/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- البحث الثاني عشر ( هل ترد الرواية إذا لم يمكن العمل بإطلاقها )- الاطلاق ومقدمات الحكمة.
البحث الثاني عشر:- هل ترد الرواية إذا لم يمكن العمل بإطلاقها ؟
أحياناً قد ترد رواية ولها اطلاق وهذا الاطلاق لا يمكن العمل به فهل نرّد هذه الرواية رأساً باعتبار أنها دلت على مطلب - وهو الاطلاق - لا يمكن الأخذ به أو أننا نقيدها بالشكل الذي يمكن العمل بها آذاك ؟ ، فإذن نطرح سؤالاً:- وهو أنه إذا اشتملت الرواية على اطلاق لا يمكن أن يلتزم به الأصحاب فهل نردّها رأساً أو نعمل بها بعد تقييدها ؟
المناسب أن يقال:- تارة يفترض أنَّ التقييد لها ينحصر بنحوٍ واحد فالمناسب تقييدها لا ردّها رأساً ، وأما إذا فرض أنها كانت قابلة لأكثر من تقييد فيمكن تقييدها بأشكال متعددة فهي مردّدة بين تقييدين فهنا نردّ الرواية ، ونذكر أمثلة لذلك:-
ومثال الأوّل:-
أوّلاً:- ما إذا فرض ان المكلف في حج التمتع بعد أن أتى بعمرة التمتع لابد للحاج أن يحرم من داخل مكة ولكنه نسي إلى أن ذكر في عرفات بأنه لم يلبِ – أي لم يقل ( لبيك اللهم لبيك ) - فهنا ماذا يصنع ؟ قالت الرواية: قل ( اللهم على كتابك وسنة نبيك ) ولم تقل قل ( لبيك اللهم لبيك ) والحال أنَّ الذي يتحقق به الاحرام هو ( لبيك اللهم لبيك ) ، وهي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام:- ( سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله ؟ قال:- يقول اللهم على كتابك وسنّة نبيك فقد تم احرامه )[1] ، فإذن الرواية مطلقة ، فإن فرض أنَّ الفقيه قال أنا أعمل بإطلاقها وأكتفي في مثل هذا المورد بجملة ( اللهم على كتابك وسنّة نبيك ) ولا أحتاج إلى جملة ( لبيك اللهم لبيك ) فهو يكون في راحة ، أما إذا فرض أننا قلنا بأنه لا يمكن أن ينعقد الاحرام من دون لفظ ( لبيك اللهم لبيك ) فهذه الرواية ماذا نصنع معها فهل نلغيها رأساً باعتبار أنَّ اطلاقها لا يمكن العمل به لأنها تدل على أنَّ الاحرام ينعقد من دون التلبية أو أن نقيدها بالتلبية وكيفية التقييد أيضاً تكون واحدة لا أنه يحتمل تقييدها بهذا الشكل أو بذاك ، كلا بل التقييد يكون بشكل ٍواحد وهو أن يقول ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ) ثم يقول ( اللهم على كتبك وسنة نبيك ) ، فالتقييد المحتمل هنا هو تقييد واحد لا أنَّ أمرها يدور بين تقييدين.
ثانياً:- لو فرض أنه كان هناك رجل عنده أموالاً قد أودعها عند صديقه وصاحب المال لم يحج وتوفي وهذا الصديق يعلم بأنه لم يحج فهل يتمكن أن يحج الصديق عنه بهذا المال أو يبعث نائباً حتى يفرغ ذمته ؟ قالت الرواية:- نعم اصنع ذلك من دون أن تقول ( استأذن من أولاده فإذا كان أولاده مستعدّون للذهاب فادفع المال إليهم ) وإنما قالت رأساً ( حج عنه ) ، وهي صحيح بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سألته عن رجل استودعني مالاً وهلك وليس لولده شيء ولم يحج حجة الاسلام ؟ قال:- حج عنه وما فضل فاعطهم )[2] وهي كما قلنا مطلقة والعمل بإطلاقها ليس بممكن ، يعني إذا افترضنا أنَّ الورثة كانوا أخياراً أفضل من المودع عنده المال فعلى هذا الأساس لابد وأن يقدّمون حينئذٍ على المودع عند المال ولكن الرواية أطلقت من هذه الناحية ، فمن هنا قال بعض الفقهاء كصاحب الشرائع[3] نحن نقيدها حيث قيدها بحالة العلم بأنَّ الورثة لا يؤدون يعني ، أنت الذي عندك المال لو علمت بأنَّ الورثة لا يؤدون ماءة بالماءة فعليك أن تحج أنت عنه ، وأضاف السيد كاظم اليزدي(قده) وقال[4] ( إذا علم أنهم لا يؤدون أو ظن أنهم لا يؤدون ) ، وأضاف السيد الخوئي(قده) وقال ( أو احتمل ) فحينئذٍ يجوز له أن يذهب هو بنفسه أو يستأجر غيره ولا يعطيه لأخد منهم.
وإذا أردنا أن نتساير مع هذا فإنَّ المناسب من هذه الاحتمالات هو هذا الاحتمال ، فإن الذي خرج من الاطلاق بنحو الجزم هو حالة ما إذا علمنا بأنهم يؤدون ، وأما إذا علمنا بأنهم لا يؤدون أو ظننا أنهم لا يؤدون أو احتملنا أنهم لا يؤدون فهذه يمكن بقاءها تحت الاطلاق ، فبالتالي التقيد واحدٌ لا أنها تقييدات متعددة.