35/11/10
تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو
رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم.
مسألة 29,28,27,26
قال الماتن
(إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.) [1]قيد المصنف مقام التقية في ان يكون من ظالم فهل ان هذا القيد احترازي عن التقية من المخالفين؟ فأن التقية من المخالفين عنوان اخر غير التقية من الظالم .
ذكر البعض ان القيد احتراز عن التقية من المخالف بأعتبار الدليل, وليس بأعتبار النتيجة فأنها واحدة في كل منهما لا يبطل الصوم, لكن اذا كانت التقية من ظالم فالدليل هو ما تقدم من الانصراف الذي يرجع بحسب الواقع الى دعوى عدم الدليل على المبطلية, لأن ادلة مبطلية الكذب على الله ورسوله مختصة بما اذا كان الكذب حراما , اما اذا اضطر اليه فلا تشمله الادلة وهذا يعني انه لا دليل على مبطلية الكذب في حال الاضطرار , اما اذا كانت التقية للمخالفين فأننا نملك دليلا على عدم المفطرية والدليل هو نفس ادلة التقية بأدعاء ان ادلة التقية ظاهرة في الاتيان بالعمل من دون الجزء او الشرط الذي فيه تقية, بأدعاء ان ادلة التقية تأمر بالفعل بالرغم من الاخلال بالجزء والشرط , فهي تأمر بالصلاة من دون الافعال التي فيها تقية .
وهذا التوجيه ليس واضحا فأن المصنف لم ينظر في المقام الى الادلة وانما هو ناظر الى الفتوى , أي ان الاحتراز بلحاظ الحكم والنتيجة .
ولعله _ والله العالم _ خصة بأعتبار امكان تصور التقية في الاضطرار الى الكذب على الله ورسوله عندما يكون تقية من ظالم , اما التقية من المخالف فمن الصعب فرض تحققها منه .
قال الماتن
مسألة 27 ) : إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر بشرط العلم بكونه مفطرا.[2]لأنه قصد الكذب على الله ورسوله وانما التزم الماتن لأثبات المبطلية بأعتبار نية الكذب وقصد المفطر, لأنه لا يرى تحقق الكذب في محل الكلام فأن الكذب عنده منوط بمخالفة الواقع, فالكذب عنده عبارة عن الاخبار بما يخالف الواقع والمفروض ان هذا الاخبار ليس مخالفا للواقع فلا يتحقق موضوع المبطلية, وانما يكون الابطال من جهة قصد المبطل .
قال الماتن (بشرط العلم بكونه مفطرا)
ومن الواضح ان نية المفطر وقصد المفطر مشروطة بالعلم بكونه مفطرا, والا اذا كان لا يعلم بكونه مفطرا فلا يكون من قصد المفطر بعنوان انه مفطر, وانما يكون من قصد ذات المفطر, فأن الصائم لو كان يرى بأن الارتماس ليس مفطرا فإذا قصده فأنه لم يكن قاصدا المفطر لأنه يعتقد _ حسب الفرض _ انه ليس مفطرا , فالعلم بكون الشيء مفطرا شرط في تحقق قصد المفطر .
قال الماتن
مسألة 28 ) : إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر كما أشير إليه. [3]
والسر هو كما تقدم وكما سيأتي بحثه هو ان العمد معتبر في المفطرية, وفي المقام لا يوجد عمد لأنه اخبر بما يعتقد انه مطابق للواقع فلا يكون متعمدا للمفطر فلا يكون صومه باطلا , حتى على الاحتمال الذي قررناه سابقا , فضلا عن رأي المشهور حيث انه على رأي المشهور ان الصائم لو اخبر صدقا فبان كذبا فأنه لم يقصد ويتعمد الكذب, والتعمد معتبر في المفطرية وحيث لا تعمد فلا مفطرية .
واما على الرأي الذي ذكرناه فأن القضية غير منوطة بمخالفة الواقع ومطابقته ,وانما هي منوطة بمخالفة ما يعتقده المخبر والمفروض انه يعتقد انه اخبر صدقا فيكون صادقا في خبره لأنه يعتقد انه صدق , فحينئذ عدم البطلان يكون اوضح لأنه لم يتحقق الكذب اصلا بينما على رأي المشهور يتحقق الكذب لأن المفروض تبين ان خبره مخالفا للواقع لكنه لا يكون مفطرا ايضا لأنه لم يكن عن عمد كما تقدم .
قال الماتن
مسألة 29 ) : إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا لم يبطل صومه. [3]
أي لم يقصد المعنى اصلا وانما استعمل الالفاظ بقصد الهزل فلا توجد ارادة جدية وقصد جدي, والخبر متقوم بقصد الحكاية أي ان تكون الحكاية مقصودة له جدا وواقعا , فإذا هو لم يقصد الحكاية بهذه الالفاظ التي استعملها في معانيها فأنه لا يصدق عليه انه اخبر بشيء لكي نقول ان هذا المخبر اخبر كاذبا عن رسول الله صلى الله عليه واله حتى يكون موجبا للإفطار وبطلان الصوم .
السادس : إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه ، بل وغير الغليظ على الأحوط ، سواء كان من الحلال كغبار الدقيق ، أو الحرام كغبار التراب ونحوه ، وسواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه ، أو بإثارة غيره ، بل أو بإثارة الهواء مع التمكين منه وعدم تحفظه ، والأقوى إلحاق البخار الغليظ ودخان التنباك ونحوه ، ولا بأس بما يدخل في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول ونحو ذلك . [3]
فالمسألة فيها ثلاثة عناوين:
الغبار الغليظ والبخار ودخان التنباك
والكلام يقع اولا في الغبار الغليظ ثم يقع بعد ذلك في ما الحق به كالبخار والدخان .
وقبل الدخول في المسألة لابد من الاشارة الى انه قد يثار سؤال وهذه الاثارة في محلها وهو انه ما هو الداعي لبحث هذه المسألة في محل الكلام وفصلها عن المفطر الاول(الاكل)؟
فالمفروض ان حيثيات هذه المسألة تعرف من البحث في تلك المسألة حيث انه طرح فيها كلام وهو ان الاكل المفطر هل يختص بالمعتاد ؟ او انه يشمل غير المعتاد ؟ ويمثل لغير المعتاد اكله بالتراب .
والسؤال يقول ان قلنا هناك بالتعميم وعدم الاختصاص بالمعتاد فينبغي ان يكون الكلام في المقام واضحا فأن هذا غبار وهو مما لا يعتاد اكله والمفروض اننا فرغنا من التعميم وان المفطر والمبطل للصوم هو الاعم من المعتاد وغيره وهذا منه فيكون مفطرا .
وان قلنا هناك بالاختصاص فحينئذ ينبغي ان يكون الامر واضحا ايضا ,وهو ان الغبار لا يكون مفطرا لأنه اكل لغير المعتاد .
السيد الخوئي (قد)[6] في مقام توضيح محل البحث ذكر ما يصلح ان يكون جوابا لهذا السؤال ( كما ذكره غيره ايضا ) وهو ان ما يفترض دخوله الى الحلق تارة يفترض انه بدرجة من الغلظة بحيث تتجمع اجزاءه بين اعضاء الفم كالأسنان وغيرها بشكل متميز وان كانت قليلة , ثم تدخل هذه الاجزاء المتجمعة الى الجوف.
واخرى نفترض ان الغبار ليس هكذا وانما هو غبار لطيف وذرات دقيقة تصاحب الهواء, وحينما تدخل الى جوف الانسان لا تدخل الى المعدة وانما تدخل الجهاز التنفسي و يستنشقها الصائم مع الهواء, فالأول خارج عن محل الكلام ويدخل في البحث المتقدم فإذا قلنا هناك ان المفطر اعم من المعتاد وغير المعتاد, فأنه لابد من القول بالمفطرية لأن هذا الغبار يصدق عليه الاكل , ويدخل الى المعدة عن طريق الجهاز الهضمي المتعارف وان قلنا هناك بأن الاكل مختص بالمعتاد ولا يشمل غير المعتاد فأن هذا الغبار لا يكون مفطرا .
والكلام في المقام في الفرض الثاني أي عندما تكون الذرات لطيفة ودقيقة تنتشر في الهواء ويستنشقها الصائم عن طريق الجهاز التنفسي فتدخل الى جوفه لكن لا عن طريق الجهاز الهضمي وهذا هو محل الكلام.
ومن هنا يكون هذا التساؤل ليس في محله لأننا نتكلم عن موضوع اخر غير ما تكلمنا عليه في المسألة السابقة , ولعل هذا هو السر في ذكر عنوانين في كلمات الفقهاء (الاكل , الغبار )
وكلام الفقهاء في هذه المسألة غائم فقد نُقل القول بالمفطرية بالغبار ونُسب الى المشهور وفي الجواهر( وفي إيصال الغبار ) الغليظ من الدقيق والتراب أو غيرهما ( إلى ) ما يحكم معه بالافطار من ( الحلق خلاف ) و ( الأظهر التحريم وفساد الصوم ) وفاقا للمشهور ، بل لم أجد فيه خلافا بين القائلين بعموم المفطر للمعتاد وغيره إلا من المصنف في المعتبر فتردد فيه ، كما اعترف بذلك الفاضل في الرياض ، بل ظاهر الغنية والتنقيح وصريح السرائر ومحكي نهج الحق الاجماع عليه)[3]
ومن هنا ذكروا الدليل على المفطرية هو الاجماع وفي المستمسك ذكر (على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا . إذ لم يعرف مخالف فيه صريحا إلى زمان المحدث الكاشاني )[3]
نعم لم يتعرض لمفطريته جملة من الفقهاء ( فلم يذكروه في عداد المفطرات ) من قبيل الصدوق في المقنع والهداية والفقيه وكذا والده في رسالته المعروفة والسيد المرتضى في الانتصار وجمل العلم والعمل والشيخ الكليني في الكافي وان كانت استفادة رأيه غير ممكنه الا انه لم يذكر الرواية _ رواية سليمان المروزي _التي هي عمدة الادلة على المفطرية كما سيأتي وقد يفهم من عدم ذكره لهذه الرواية وهو بصدد ذكر الروايات الدالة على المفطرات انه لا يراه مفطرا , وكذلك من ذكرنا اسمه من القدماء ولم يتعرضوا له .
والملاحظات على هذا الكلام واضحة
اولا: قد يكون نظر المجمعين اذا تم الاجماع او المشهور اذا تمت الشهرة الى النوع الاول من الغبار (الغبار المتجمع في الفم وله وجود متميز والذي يدخل الى المعدة عن طريق الجهاز الهضمي ) وهذا واضح في عبارة صاحب الجواهر و الرابط بين المسألتين وان نظره الى ذلك النوع (الاول)
وقلنا ان الكلام ليس في هذا النوع والا لا معنى لإن نبحثه بحثا مستقلا عن الاكل , فمن المحتمل قويا ان تكون عبارات المجمعين ناظرة الى الفرض الاول من الغبار ومن هنا لا يصح الاستشهاد بهذه الكلمات والاستدلال بالإجماع والشهرة بعد طرح هذا الاحتمال وقوته في كلماتهم .
ثانيا: ان عدم تعرض هؤلاء الفقهاء _ خصوصا القدماء كالشيخ الصدوق ووالده والسيد المرتضى والكليني اذا فهمنا منه ذلك من عدم ذكره للرواية _ للمسألة لا يفهم منه انهم لا يرونه مبطلا فهناك احتمال انهم يرون الاكتفاء في ما تقدم في باب الاكل في مسألة الغبار المتجمع في الفم مع تعميم الاكل الى غير المعتاد .
اذن لا نفهم من كلمات المجمعين الاجماع على المفطرية في محل الكلام كما لا نفهم من كلمات غير المتعرضين لهذا المفطر انهم لا يرونه مفطرا .
مسألة 29,28,27,26
قال الماتن
(إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.) [1]قيد المصنف مقام التقية في ان يكون من ظالم فهل ان هذا القيد احترازي عن التقية من المخالفين؟ فأن التقية من المخالفين عنوان اخر غير التقية من الظالم .
ذكر البعض ان القيد احتراز عن التقية من المخالف بأعتبار الدليل, وليس بأعتبار النتيجة فأنها واحدة في كل منهما لا يبطل الصوم, لكن اذا كانت التقية من ظالم فالدليل هو ما تقدم من الانصراف الذي يرجع بحسب الواقع الى دعوى عدم الدليل على المبطلية, لأن ادلة مبطلية الكذب على الله ورسوله مختصة بما اذا كان الكذب حراما , اما اذا اضطر اليه فلا تشمله الادلة وهذا يعني انه لا دليل على مبطلية الكذب في حال الاضطرار , اما اذا كانت التقية للمخالفين فأننا نملك دليلا على عدم المفطرية والدليل هو نفس ادلة التقية بأدعاء ان ادلة التقية ظاهرة في الاتيان بالعمل من دون الجزء او الشرط الذي فيه تقية, بأدعاء ان ادلة التقية تأمر بالفعل بالرغم من الاخلال بالجزء والشرط , فهي تأمر بالصلاة من دون الافعال التي فيها تقية .
وهذا التوجيه ليس واضحا فأن المصنف لم ينظر في المقام الى الادلة وانما هو ناظر الى الفتوى , أي ان الاحتراز بلحاظ الحكم والنتيجة .
ولعله _ والله العالم _ خصة بأعتبار امكان تصور التقية في الاضطرار الى الكذب على الله ورسوله عندما يكون تقية من ظالم , اما التقية من المخالف فمن الصعب فرض تحققها منه .
قال الماتن
مسألة 27 ) : إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر بشرط العلم بكونه مفطرا.[2]لأنه قصد الكذب على الله ورسوله وانما التزم الماتن لأثبات المبطلية بأعتبار نية الكذب وقصد المفطر, لأنه لا يرى تحقق الكذب في محل الكلام فأن الكذب عنده منوط بمخالفة الواقع, فالكذب عنده عبارة عن الاخبار بما يخالف الواقع والمفروض ان هذا الاخبار ليس مخالفا للواقع فلا يتحقق موضوع المبطلية, وانما يكون الابطال من جهة قصد المبطل .
قال الماتن (بشرط العلم بكونه مفطرا)
ومن الواضح ان نية المفطر وقصد المفطر مشروطة بالعلم بكونه مفطرا, والا اذا كان لا يعلم بكونه مفطرا فلا يكون من قصد المفطر بعنوان انه مفطر, وانما يكون من قصد ذات المفطر, فأن الصائم لو كان يرى بأن الارتماس ليس مفطرا فإذا قصده فأنه لم يكن قاصدا المفطر لأنه يعتقد _ حسب الفرض _ انه ليس مفطرا , فالعلم بكون الشيء مفطرا شرط في تحقق قصد المفطر .
قال الماتن
مسألة 28 ) : إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر كما أشير إليه. [3]
والسر هو كما تقدم وكما سيأتي بحثه هو ان العمد معتبر في المفطرية, وفي المقام لا يوجد عمد لأنه اخبر بما يعتقد انه مطابق للواقع فلا يكون متعمدا للمفطر فلا يكون صومه باطلا , حتى على الاحتمال الذي قررناه سابقا , فضلا عن رأي المشهور حيث انه على رأي المشهور ان الصائم لو اخبر صدقا فبان كذبا فأنه لم يقصد ويتعمد الكذب, والتعمد معتبر في المفطرية وحيث لا تعمد فلا مفطرية .
واما على الرأي الذي ذكرناه فأن القضية غير منوطة بمخالفة الواقع ومطابقته ,وانما هي منوطة بمخالفة ما يعتقده المخبر والمفروض انه يعتقد انه اخبر صدقا فيكون صادقا في خبره لأنه يعتقد انه صدق , فحينئذ عدم البطلان يكون اوضح لأنه لم يتحقق الكذب اصلا بينما على رأي المشهور يتحقق الكذب لأن المفروض تبين ان خبره مخالفا للواقع لكنه لا يكون مفطرا ايضا لأنه لم يكن عن عمد كما تقدم .
قال الماتن
مسألة 29 ) : إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا لم يبطل صومه. [3]
أي لم يقصد المعنى اصلا وانما استعمل الالفاظ بقصد الهزل فلا توجد ارادة جدية وقصد جدي, والخبر متقوم بقصد الحكاية أي ان تكون الحكاية مقصودة له جدا وواقعا , فإذا هو لم يقصد الحكاية بهذه الالفاظ التي استعملها في معانيها فأنه لا يصدق عليه انه اخبر بشيء لكي نقول ان هذا المخبر اخبر كاذبا عن رسول الله صلى الله عليه واله حتى يكون موجبا للإفطار وبطلان الصوم .
السادس : إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه ، بل وغير الغليظ على الأحوط ، سواء كان من الحلال كغبار الدقيق ، أو الحرام كغبار التراب ونحوه ، وسواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه ، أو بإثارة غيره ، بل أو بإثارة الهواء مع التمكين منه وعدم تحفظه ، والأقوى إلحاق البخار الغليظ ودخان التنباك ونحوه ، ولا بأس بما يدخل في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول ونحو ذلك . [3]
فالمسألة فيها ثلاثة عناوين:
الغبار الغليظ والبخار ودخان التنباك
والكلام يقع اولا في الغبار الغليظ ثم يقع بعد ذلك في ما الحق به كالبخار والدخان .
وقبل الدخول في المسألة لابد من الاشارة الى انه قد يثار سؤال وهذه الاثارة في محلها وهو انه ما هو الداعي لبحث هذه المسألة في محل الكلام وفصلها عن المفطر الاول(الاكل)؟
فالمفروض ان حيثيات هذه المسألة تعرف من البحث في تلك المسألة حيث انه طرح فيها كلام وهو ان الاكل المفطر هل يختص بالمعتاد ؟ او انه يشمل غير المعتاد ؟ ويمثل لغير المعتاد اكله بالتراب .
والسؤال يقول ان قلنا هناك بالتعميم وعدم الاختصاص بالمعتاد فينبغي ان يكون الكلام في المقام واضحا فأن هذا غبار وهو مما لا يعتاد اكله والمفروض اننا فرغنا من التعميم وان المفطر والمبطل للصوم هو الاعم من المعتاد وغيره وهذا منه فيكون مفطرا .
وان قلنا هناك بالاختصاص فحينئذ ينبغي ان يكون الامر واضحا ايضا ,وهو ان الغبار لا يكون مفطرا لأنه اكل لغير المعتاد .
السيد الخوئي (قد)[6] في مقام توضيح محل البحث ذكر ما يصلح ان يكون جوابا لهذا السؤال ( كما ذكره غيره ايضا ) وهو ان ما يفترض دخوله الى الحلق تارة يفترض انه بدرجة من الغلظة بحيث تتجمع اجزاءه بين اعضاء الفم كالأسنان وغيرها بشكل متميز وان كانت قليلة , ثم تدخل هذه الاجزاء المتجمعة الى الجوف.
واخرى نفترض ان الغبار ليس هكذا وانما هو غبار لطيف وذرات دقيقة تصاحب الهواء, وحينما تدخل الى جوف الانسان لا تدخل الى المعدة وانما تدخل الجهاز التنفسي و يستنشقها الصائم مع الهواء, فالأول خارج عن محل الكلام ويدخل في البحث المتقدم فإذا قلنا هناك ان المفطر اعم من المعتاد وغير المعتاد, فأنه لابد من القول بالمفطرية لأن هذا الغبار يصدق عليه الاكل , ويدخل الى المعدة عن طريق الجهاز الهضمي المتعارف وان قلنا هناك بأن الاكل مختص بالمعتاد ولا يشمل غير المعتاد فأن هذا الغبار لا يكون مفطرا .
والكلام في المقام في الفرض الثاني أي عندما تكون الذرات لطيفة ودقيقة تنتشر في الهواء ويستنشقها الصائم عن طريق الجهاز التنفسي فتدخل الى جوفه لكن لا عن طريق الجهاز الهضمي وهذا هو محل الكلام.
ومن هنا يكون هذا التساؤل ليس في محله لأننا نتكلم عن موضوع اخر غير ما تكلمنا عليه في المسألة السابقة , ولعل هذا هو السر في ذكر عنوانين في كلمات الفقهاء (الاكل , الغبار )
وكلام الفقهاء في هذه المسألة غائم فقد نُقل القول بالمفطرية بالغبار ونُسب الى المشهور وفي الجواهر( وفي إيصال الغبار ) الغليظ من الدقيق والتراب أو غيرهما ( إلى ) ما يحكم معه بالافطار من ( الحلق خلاف ) و ( الأظهر التحريم وفساد الصوم ) وفاقا للمشهور ، بل لم أجد فيه خلافا بين القائلين بعموم المفطر للمعتاد وغيره إلا من المصنف في المعتبر فتردد فيه ، كما اعترف بذلك الفاضل في الرياض ، بل ظاهر الغنية والتنقيح وصريح السرائر ومحكي نهج الحق الاجماع عليه)[3]
ومن هنا ذكروا الدليل على المفطرية هو الاجماع وفي المستمسك ذكر (على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا . إذ لم يعرف مخالف فيه صريحا إلى زمان المحدث الكاشاني )[3]
نعم لم يتعرض لمفطريته جملة من الفقهاء ( فلم يذكروه في عداد المفطرات ) من قبيل الصدوق في المقنع والهداية والفقيه وكذا والده في رسالته المعروفة والسيد المرتضى في الانتصار وجمل العلم والعمل والشيخ الكليني في الكافي وان كانت استفادة رأيه غير ممكنه الا انه لم يذكر الرواية _ رواية سليمان المروزي _التي هي عمدة الادلة على المفطرية كما سيأتي وقد يفهم من عدم ذكره لهذه الرواية وهو بصدد ذكر الروايات الدالة على المفطرات انه لا يراه مفطرا , وكذلك من ذكرنا اسمه من القدماء ولم يتعرضوا له .
والملاحظات على هذا الكلام واضحة
اولا: قد يكون نظر المجمعين اذا تم الاجماع او المشهور اذا تمت الشهرة الى النوع الاول من الغبار (الغبار المتجمع في الفم وله وجود متميز والذي يدخل الى المعدة عن طريق الجهاز الهضمي ) وهذا واضح في عبارة صاحب الجواهر و الرابط بين المسألتين وان نظره الى ذلك النوع (الاول)
وقلنا ان الكلام ليس في هذا النوع والا لا معنى لإن نبحثه بحثا مستقلا عن الاكل , فمن المحتمل قويا ان تكون عبارات المجمعين ناظرة الى الفرض الاول من الغبار ومن هنا لا يصح الاستشهاد بهذه الكلمات والاستدلال بالإجماع والشهرة بعد طرح هذا الاحتمال وقوته في كلماتهم .
ثانيا: ان عدم تعرض هؤلاء الفقهاء _ خصوصا القدماء كالشيخ الصدوق ووالده والسيد المرتضى والكليني اذا فهمنا منه ذلك من عدم ذكره للرواية _ للمسألة لا يفهم منه انهم لا يرونه مبطلا فهناك احتمال انهم يرون الاكتفاء في ما تقدم في باب الاكل في مسألة الغبار المتجمع في الفم مع تعميم الاكل الى غير المعتاد .
اذن لا نفهم من كلمات المجمعين الاجماع على المفطرية في محل الكلام كما لا نفهم من كلمات غير المتعرضين لهذا المفطر انهم لا يرونه مفطرا .