35/06/12
تحمیل
الموضوع:
الصوم :المفطرات : الاكل والشرب :الاستدلال على عدم مفطرية اكل وشرب غير المعتاد
الدليل الثاني: رواية مسعدة بن صدقة (عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام سُئل عن الذباب يدخل حلق الصائم ؟ قال : ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام)[1]
والاستدلال بها مبني على ان الرواية ظاهرة في ان المفطر للصائم هو الطعام دون غيره , ولأن الذباب ليس بطعام فهو لا يوجب المفطرية , فالمفطر هو الطعام وهو غير الاكل والذي يمكن ان يدعى فيه الاطلاق ليشمل المعتاد وغيره هو الاكل وليس الطعام .
واجيب عنه في مصباح الفقيه (ولكن الظاهر عدم إرادة هذا المعنى منه، ولذا لا يفهم منه أنّه لو أكل الذباب اختيارا حتى شبع لا يبطل بذلك صومه، بل المراد به أنّه في مثل الفرض ليس بطعام، يعني لا يسمّى أكلا[2]....ولو سلَّم ظهور مثل هذه الأخبار في نفي البأس عن أكل ما لا يعتاد أكله، فلا ينبغي الالتفات إليه بعد شذوذ القول به على تقدير تحقّقه في مقابل ما عرفت، واللَّه العالم)[3]
وقد يقال لماذا لم يقل الامام ان هذا ليس اكلا , او بعبارة اخرى للأشكال على المحقق الهمداني والسيد الخوئي الذي يذكر نفس المطلب[4] لا اشكال اننا نفهم من الرواية عدم مفطرية دخول الذباب في الحلق اتفاقا, وانما الكلام يقع في ان عدم مفطريته هل هو من جهة اتفاقية القضية وعدم الاختيار ؟ او لعدم كونه طعاما؟
وعلى الثاني يثبت المطلوب ويتم الاستدلال بالرواية على القول الثاني , اما على الاول فالاستدلال بالرواية للقول الثاني مشكل.
والذي يفهم من عبارات السيد الخوئي[5] انه يحمل الرواية على ان المقصود ب( ليس بطعام ) في الرواية (ليس اكلا) فلا يكون مفطرا لأنه يُعتبر في الاكل الاختيار وحيث ان المفهوم من الرواية عدم الاختيار فلا يتحقق الاكل, فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام ( الطعام المعتاد وغير المعتاد) , وقلنا ان الجواب على المسألة ليس بهذا الوضوح , وانما يجب توضيح نظر الرواية الى اية جهة, عندما حكمت بعدم المفطرية .
والصحيح في المقام ان يقال ان هذا المحذور الذي ذكروه _والذي على اساسه روفعوا اليد عن ظهور الرواية _ قد لا يكون تاما. ويمكن ان نفرق بينهما بأن يقول قائل ان اكل ذبابة واحدة ليس بمفطر, وان اكل نصف كيلو من الذباب يكون مفطرا , على اساس ان كثيرا من الروايات بينت ان العلة والحكمة من الصوم هو ان يذوق الصائم الم الجوع والعطش ويساوي الاخرين من هذه الجهة , وقد يقول قائل ان من يأكل مقدارا كبيرا من المعتاد او غيره كالذباب فأنه يشبع ولا يذوق الم الجوع وهذا خلاف ما تأمر به الروايات الدالة على ذلك , وقد يقول قائل بأن هناك فرق بين المقدار الكبير والمقدار القليل ولا ملازمة بين مفطرية الاول وعدم مفطرية الثاني , فنقول ان لا يحرم القليل لأنه ليست بطعام وان الطعام هو الطعام المعتاد , لكن تناول الكثير يكون غير جائز من جهة العلة التي ذكرناها .
فالمحذور هو شيء غير ما ذكر, وهو ان نلتزم بمفطرية القليل المعتاد اكله اذا دخل بدون الاختيار وهذا اللازم باطل , لعدم الاشكال بعدم مفطريته .
وظاهر الرواية هو ان دخول الذباب في هذا الفرض (عدم الاختيار ) ليس مفطرا لأنه ليس بطعام, ويُفهم من ذلك انه لو كان القليل طعاما لكان مفطرا وان دخل اتفاقا, وهذا لا يمكن الالتزام به, فالرواية تعلل ان عدم مفطرية الذباب لأنه ليس طعاما , لا لأنه دخل اتفاقا .
وعلى كل حال سواء كان هذا المحذور او ما ذكره المحقق الهمداني والسيد الخوئي فالرواية لها ظهور اولي وهل يمكن الالتزام به ؟او لا ؟ وعلى تقدير عدم امكان الالتزام به فعلى ما ذا نحملها؟ هل على معنى يمكن ان يصح دليلا للقول الثاني ؟ او على معنى لا يصح الاستدلال به على القول الثاني ؟
والذي يمكن قوله في المقام هو ان هذه الرواية لها ظاهر لا يمكن الاخذ به لأنه يلزم عليه لازم فاسد, وحينئذ يدور الامر بين احتمالين .
الاول: ان نحمل لفظ الطعام على المعنى المصدري فتدل الرواية على عدم المفطرية في موردها (عدم الاختيار والارادة) بأعتبار ان هذا ليس اكلا لأن الاكل يُعتبر فيه الاختيار, وحينئذ لا فرق بين المعتاد وغيره فكل منهما مع الاختيار يكون مفطرا ومع عدم الاختيار يكون غير مفطر , وعليه فلا يصح الاستدلال بالرواية على القول الثاني , ولا تكون منافية لقول المشهور بل يثبت بناء على هذا قول المشهور , لعدم الفرق بين المعتاد وغير المعتاد .
الثاني: ان نقدر كلمة الاكل قبل الطعام ف( ليس بطعام ) اي انه (ليس اكلَ طعامٍ ) ويبقى الطعام على ظاهره اي انه يختص بالمعتاد ويكون التعليل بهذا الشكل (ان هذا ليس بمفطر لأنه ليس اكل طعامٍ) والمفهوم من هذه العبارة في مقام التعليل ان المفطرية يُعتبر فيها امران الاول ان يكون اكلا والذي يعتبر فيه الاختيار والثاني ان يكون طعاما اي ما يعتاد اكله وشربه , وعليه فأذا اختل الاول فلا مفطرية كما لو اكل بدون اختياره , كما في اكل المعتاد بدون اختياره , والثاني اذا اختل كما لو اكل اكلا غير معتاد ولو مع التعمد فأنه ليست هناك مفطرية ايضا .
فأذا اختل احد الشرطين فلا مفطرية وفي مورد الرواية اختل كلا الامرين فأن مورد الرواية لا هو في المقام الاختياري ولا هو في الطعام المعتاد , وحينئذ لا نعلم ان الحكم بعدم المفطرية في الرواية هل هو من جهة عدم الاختيار؟ او من جهة عدم كونه طعاما؟ ولكن الرواية تدل على كل حال على اعتبار ان يكون المفطر مأكولا , اي انها تدل على القول الثاني , والكلام في ان المرجَح هل هو الاحتمال الاول الذي يثبت به قول المشهور ؟ او الاحتمال الثاني الذي يثبت به القول الثاني؟
فالاحتمالان كلاهما خلاف الظهور الاولي للرواية , فأن رجحنا احدهما يكون العمل على وفقه , والا فأن الرواية تكون مجملة ولا يصح الاستدلال بها .
الدليل الثاني: رواية مسعدة بن صدقة (عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام سُئل عن الذباب يدخل حلق الصائم ؟ قال : ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام)[1]
والاستدلال بها مبني على ان الرواية ظاهرة في ان المفطر للصائم هو الطعام دون غيره , ولأن الذباب ليس بطعام فهو لا يوجب المفطرية , فالمفطر هو الطعام وهو غير الاكل والذي يمكن ان يدعى فيه الاطلاق ليشمل المعتاد وغيره هو الاكل وليس الطعام .
واجيب عنه في مصباح الفقيه (ولكن الظاهر عدم إرادة هذا المعنى منه، ولذا لا يفهم منه أنّه لو أكل الذباب اختيارا حتى شبع لا يبطل بذلك صومه، بل المراد به أنّه في مثل الفرض ليس بطعام، يعني لا يسمّى أكلا[2]....ولو سلَّم ظهور مثل هذه الأخبار في نفي البأس عن أكل ما لا يعتاد أكله، فلا ينبغي الالتفات إليه بعد شذوذ القول به على تقدير تحقّقه في مقابل ما عرفت، واللَّه العالم)[3]
وقد يقال لماذا لم يقل الامام ان هذا ليس اكلا , او بعبارة اخرى للأشكال على المحقق الهمداني والسيد الخوئي الذي يذكر نفس المطلب[4] لا اشكال اننا نفهم من الرواية عدم مفطرية دخول الذباب في الحلق اتفاقا, وانما الكلام يقع في ان عدم مفطريته هل هو من جهة اتفاقية القضية وعدم الاختيار ؟ او لعدم كونه طعاما؟
وعلى الثاني يثبت المطلوب ويتم الاستدلال بالرواية على القول الثاني , اما على الاول فالاستدلال بالرواية للقول الثاني مشكل.
والذي يفهم من عبارات السيد الخوئي[5] انه يحمل الرواية على ان المقصود ب( ليس بطعام ) في الرواية (ليس اكلا) فلا يكون مفطرا لأنه يُعتبر في الاكل الاختيار وحيث ان المفهوم من الرواية عدم الاختيار فلا يتحقق الاكل, فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام ( الطعام المعتاد وغير المعتاد) , وقلنا ان الجواب على المسألة ليس بهذا الوضوح , وانما يجب توضيح نظر الرواية الى اية جهة, عندما حكمت بعدم المفطرية .
والصحيح في المقام ان يقال ان هذا المحذور الذي ذكروه _والذي على اساسه روفعوا اليد عن ظهور الرواية _ قد لا يكون تاما. ويمكن ان نفرق بينهما بأن يقول قائل ان اكل ذبابة واحدة ليس بمفطر, وان اكل نصف كيلو من الذباب يكون مفطرا , على اساس ان كثيرا من الروايات بينت ان العلة والحكمة من الصوم هو ان يذوق الصائم الم الجوع والعطش ويساوي الاخرين من هذه الجهة , وقد يقول قائل ان من يأكل مقدارا كبيرا من المعتاد او غيره كالذباب فأنه يشبع ولا يذوق الم الجوع وهذا خلاف ما تأمر به الروايات الدالة على ذلك , وقد يقول قائل بأن هناك فرق بين المقدار الكبير والمقدار القليل ولا ملازمة بين مفطرية الاول وعدم مفطرية الثاني , فنقول ان لا يحرم القليل لأنه ليست بطعام وان الطعام هو الطعام المعتاد , لكن تناول الكثير يكون غير جائز من جهة العلة التي ذكرناها .
فالمحذور هو شيء غير ما ذكر, وهو ان نلتزم بمفطرية القليل المعتاد اكله اذا دخل بدون الاختيار وهذا اللازم باطل , لعدم الاشكال بعدم مفطريته .
وظاهر الرواية هو ان دخول الذباب في هذا الفرض (عدم الاختيار ) ليس مفطرا لأنه ليس بطعام, ويُفهم من ذلك انه لو كان القليل طعاما لكان مفطرا وان دخل اتفاقا, وهذا لا يمكن الالتزام به, فالرواية تعلل ان عدم مفطرية الذباب لأنه ليس طعاما , لا لأنه دخل اتفاقا .
وعلى كل حال سواء كان هذا المحذور او ما ذكره المحقق الهمداني والسيد الخوئي فالرواية لها ظهور اولي وهل يمكن الالتزام به ؟او لا ؟ وعلى تقدير عدم امكان الالتزام به فعلى ما ذا نحملها؟ هل على معنى يمكن ان يصح دليلا للقول الثاني ؟ او على معنى لا يصح الاستدلال به على القول الثاني ؟
والذي يمكن قوله في المقام هو ان هذه الرواية لها ظاهر لا يمكن الاخذ به لأنه يلزم عليه لازم فاسد, وحينئذ يدور الامر بين احتمالين .
الاول: ان نحمل لفظ الطعام على المعنى المصدري فتدل الرواية على عدم المفطرية في موردها (عدم الاختيار والارادة) بأعتبار ان هذا ليس اكلا لأن الاكل يُعتبر فيه الاختيار, وحينئذ لا فرق بين المعتاد وغيره فكل منهما مع الاختيار يكون مفطرا ومع عدم الاختيار يكون غير مفطر , وعليه فلا يصح الاستدلال بالرواية على القول الثاني , ولا تكون منافية لقول المشهور بل يثبت بناء على هذا قول المشهور , لعدم الفرق بين المعتاد وغير المعتاد .
الثاني: ان نقدر كلمة الاكل قبل الطعام ف( ليس بطعام ) اي انه (ليس اكلَ طعامٍ ) ويبقى الطعام على ظاهره اي انه يختص بالمعتاد ويكون التعليل بهذا الشكل (ان هذا ليس بمفطر لأنه ليس اكل طعامٍ) والمفهوم من هذه العبارة في مقام التعليل ان المفطرية يُعتبر فيها امران الاول ان يكون اكلا والذي يعتبر فيه الاختيار والثاني ان يكون طعاما اي ما يعتاد اكله وشربه , وعليه فأذا اختل الاول فلا مفطرية كما لو اكل بدون اختياره , كما في اكل المعتاد بدون اختياره , والثاني اذا اختل كما لو اكل اكلا غير معتاد ولو مع التعمد فأنه ليست هناك مفطرية ايضا .
فأذا اختل احد الشرطين فلا مفطرية وفي مورد الرواية اختل كلا الامرين فأن مورد الرواية لا هو في المقام الاختياري ولا هو في الطعام المعتاد , وحينئذ لا نعلم ان الحكم بعدم المفطرية في الرواية هل هو من جهة عدم الاختيار؟ او من جهة عدم كونه طعاما؟ ولكن الرواية تدل على كل حال على اعتبار ان يكون المفطر مأكولا , اي انها تدل على القول الثاني , والكلام في ان المرجَح هل هو الاحتمال الاول الذي يثبت به قول المشهور ؟ او الاحتمال الثاني الذي يثبت به القول الثاني؟
فالاحتمالان كلاهما خلاف الظهور الاولي للرواية , فأن رجحنا احدهما يكون العمل على وفقه , والا فأن الرواية تكون مجملة ولا يصح الاستدلال بها .
[1] وسائل
الشيعة , الحر العاملي ,ج10 ,ص109, ابواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك , باب39,ح2,
ط آل البيت.
[2] لأن الاكل هو ما يقع اختيارا لا قهرا كما هو ظاهر مورد الرواية .
[3] مصباح الفقيه ,آقا رضا الهمداني ,ج14 ,ص367.
[5] نفس المصدر.