38/05/04
تحمیل
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
38/05/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:شرائط الوضوء.
ذكر السيد الماتن (رحمه الله): ولو كان الشك في أثناء الصلاة وجب الاستئناف بعد الوضوء، والأحوط الإتمام مع تلك الحالة ثم الإعادة بعد الوضوء)[1] .
ذكرنا دليله (رحمه الله) وهو ان قاعدة الفرغ تجري بعد العمل وتصحح العمل السابق اما انها تثبت انه متطهر للصلوات الاتية فهذا قلنا انه من اللوازم وقلنا بان قاعدة الفراغ لا تثبت لوازمها وانما تثبت صحة العمل الذي شك في صحته بعد الفراغ منه ، لذا قلنا يجب عليه الوضوء للصلوات الاتية لقاعدة الاشتغال ولعموم ادلة شرطية الطهارة للصلاة.
اما اذا كان الشك في اثناء الصلاة فقلنا ان قاعدة التجاوز لا تجري لان الطهارة ليس لها محل معين في الصلاة فان شرطية الطهارة بالنسبة الى الصلاة هي من ابتداء الصلاة الى آخرها ، فليس للطهارة محل معين حتى اذا تجاوز المحل تجري قاعدة التجاوز.
ولكن الماتن قال الاحوط اتمام هذا العمل ثم اعادة الوضوء واستئناف الصلاة ، وهذا الاحتياط ليس له منشأ الا احتمال جريان قاعدة التجاوز في اثناء الصلاة باعتبار ان بعضهم قال ان المستفاد من الآية الشريفة ان محل الوضوء هو ابتداء الصلاة فحين الدخول بالصلاة يكون قد تجاوز المحل فتجري قاعدة التجاوز ، وذكرنا ان هذا غير صحيح ، اذن ما ذكره السيد الماتن من الاحتياط في اتمام الصلاة ثم الوضوء واستئناف الصلاة اذا كان مجرد لاحتمال ان للطهارة محل معين فقد عرفنا انه غير صحيح.
والوجه في ذلك ان المحل للشك المشكوك تارة يشك في نفس ذات الشيء بعد تمامه بان يأتي بعمل ثم يشك في نفس ذلك الشيء انه صحيح او لا؟ فهذا محله بعد تمام العمل وهذا هو المعتبر في جريان قاعدة الفراغ وقلنا بان قاعدة الفراغ انما تجري في الشك في صحة الموجود لا في الشك في وجود الصحيح.
واخرى يكون تجاوز المحل بالنسبة الى جزء معين من افعال ذلك المركب فهذا مجرى قاعدة التجاوز حينئذ فاذا شككنا بعد الدخول في السجود انه اتى بالركوع او لا؟ فانه قد تجاوز محل الركوع فتجري قاعدة التجاوز ويحكم بصحة صلاته.
واما الشروط في الصلاة مثل شرطية الطهارة او شرطية الاستقبال فان هذه الشروط ليس لها محل معين انما يكون الشرط مقارن مع العمل حدوثا وبقاء واستمرارا ، اذن الشرط ليس له محل معين ، الا اذا ورد دليل من الشارع الاقدس فتجري فيه قاعدة التجاوز والا ليس للشرط محل معين لان الشرط يكون مع ذات المشروط حدوثا وبقاء واستمرارا فلا تجري قاعدة التجاوز.
وكذا شرطية الطهارة الا نستفيد من الادلة من شرطية الطهارة للصلاة انما هو حدوثي بشرط عدم تحقق الحدث ، فان الذي استدل بالاية الشريفة قد استفاد شرطية الوضوء حدوثا بالنسبة الى الصلاة بشرط عدم تعقبه بالحدث.
ولكن هل هذه الاستفادة صحيحة بحيث يكون للوضوء محل معين وهو حدوث الصلاة ثم اذا شك في اثناء الصلاة انه نقض وضوئه اولا؟ فتجري قاعدة التجاوز لان له محل معين وقد تجاوز ذلك المحل فتجري قاعدة التجاوز ، ولكن هذا غير صحيح باعتبار انه تفكيك بين الشرط وذات المشروط فان ذات المشروط صحيح ان له بداية ونهاية ولا اشكال ان له حدوث وانتهاء الا ان الشرط انما يكون مع ذات المشروط متحد معه ولا يمكن التفكيك بينهما.
اذن اذا كان منشأ الاحتياط للسيد الماتن هو هذا الاحتمال فهذا غير صحيح لأنه خلاف ظاهر ادلة الشرطية ، وان كان انه يريد انه قطع في اثناء الصلاة وقطع الصلاة حرام فمن هذه الناحية احتاط السيد الماتن.
الا ان هذا ايضا غير صحيح لأنه ليس لنا لقطع الصلاة دليل الا الاجماع والاجماع مورده فيما اذا كان المكلف مكتفيا في هذا العمل الذي اتى به وموافق عنده للأمر وممتثل للأمر فحينئذ يحرم عليه قطع الصلاة واما ما نحن فيه فليس كذلك لأنه يشك في الاكتفاء بهذا العمل وليس مكتفيا به.
اذن ان كان منشأ الاحتياط عند السيد الماتن من الاحتمال من ان للوضوء محل معين فهو كما عرفتم ليس له محل معين فلا تجري قاعدة التجاوز وان كان منشأه حرمة قطع الصلاة فعليه الوضوء ثم الاستئناف فالحرمة لا تشمل هذا المورد فلا موجب لهذا الاحتياط في المقام الا ان نقول لان بعضهم قال بان للوضوء محل معين وهو حدوث الصلاة فهذا القول اوجب احتياط السيد الماتن والا فلا دليل عليه.
ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): مسألة 54): إذا تيقن بعد الوضوء أنه ترك منه جزء أو شرطا أو أوجد مانعا ثم تبدل يقينه بالشك يبني على الصحة عملا بقاعدة الفراغ، ولا يضرها اليقين بالبطلان بعد تبدله بالشك، ولو تيقن بالصحة ثم شك فيها فأولى بجريان القاعدة[2] .
هنا تجري قاعدة الفراغ اذ لا يعتبر في قاعدة الفراغ ان لا يكون يقين في البين فان المقتضي لجريان القاعدة هو الشك في صحة ما فعله وهذا المقتضي موجود والمانع منه مفقود لان المانع المتصور هو اليقين لأنه كان على يقين ببطلان وضوئه ولكن تبدل الى الشك ، اذن المقتضي لجريان قاعدة الفرغ موجود وهو الشك في صحة العمل والمانع اذا كان اليقين فهو مفقود فلا مانع من جريان القاعدة ولا اشكال فيه من هذه الناحية.
ثم قال (رحمه الله) : وكذا لو تيقن بالصحة ثم شك فيها فأولى بجريان القاعدة[3] .
وهذا لا اشكال فيه لنفس الكلام في ما سبق ، انما الكلام في الاولوية فهل هي تأتي من ناحية جريان اصالة الصحة في العمل ولانه هنا لا احتمال للمانع كما كان هناك احتماله موجود.