38/04/23
تحمیل
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
38/04/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط الوضوء.
ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 43): إذا كان متوضئا وحدث منه بعده صلاة وحدث، ولا يعلم أيهما المقدم، وأن المقدم هي الصلاة حتى تكون صحيحة أو الحدث حتى تكون باطلة، الأقوى صحة الصلاة، لقاعدة الفراغ، خصوصا إذا كان تاريخ الصلاة معلوما، لجريان استصحاب بقاء الطهارة أيضا إلى ما بعد الصلاة)[1] .
في هذه المسالة صور متعددة ذكرنا بعض الصور في المسائل السابقة ، وهي ما اذا توضا ثم بعد الوضوء تحققت صلاة وحدث منه وشك في المتقدم منهما والمتأخر فلا يعلم ان صلاته متقدمة على الحدث فتكون صلاته صحيحة او ان الحدث متقدم على الصلاة فتكون صلاته باطلة ففي هذه الصورة تارة يجهل تاريخهما فلا يعلم تاريخ الحدث ولا تاريخ الصلاة فيمكن التمسك بقاعدة الفراغ بالنسبة الى الصلاة لأننا قلنا سابقا ان كل شك في صحة العمل حادث بعد العمل فتجري قاعدة الفراغ بشرط ان يكون ذاكراً حين الدخول في الصلاة لقوله (عليه السلام) في رواية (هو اذكر منه حين العمل) لذا اشترطوا ان يكون ذاكرا لا ان يكون غافلا ، ولا يصح التمسك باستصحاب الحدث لان قاعدة الفراغ حاكمة عليه.
وكذا اذا كان تاريخ الصلاة معلوما وتاريخ الحدث مجهولا فأيضا في هذه الصورة يمكن التمسك بقاعدة الفراغ لتصحيح هذه الصلاة.
واما اذا كان تاريخ الحدث معلوما وتاريخ الصلاة مجهولا ففي هذه الصورة ذكر السيد الماتن انه يمكن الرجوع الى استصحاب الطهارة التي تحققت منه الى حين الصلاة فتصح هذه الصلاة ، ثم قال في كلامه انه يمكن التمسك بقاعدة الفراغ.
ولكن اجراء الاستصحاب هنا لا فائدة منه لأنه توجد قاعدة حاكمة على الاستصحاب وهي قاعدة الفراغ ، الا انه يمكن ان يجعل مؤيدا ولعل هذا هو المراد من كلام السيد الماتن.
ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله) : (مسألة 44): إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزء منه ولا يدري أنه الجزء الوجوبي أو الجزء الاستحبابي، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه، لقاعدة الفراغ، ولا تعارض بجريانها في الجزء الاستحبابي، لأنه لا أثر لها بالنسبة إليه. ونظير ذلك ما إذا توضأ وضوءا لقراءة القرآن وتوضأ في وقت آخر وضوءا للصلاة الواجبة، ثم علم ببطلان أحد الوضوئين ، فإن مقتضى قاعدة الفراغ صحة الصلاة، ولا تعارض بجريانها في القراءة أيضا، لعدم أثر لها بالنسبة إليها)[2] .
ذكرنا في ما سبق امران لابد من التنبيه عليهما.
الامر الاول:- قلنا ان قاعدة الفراغ انما تجري في الشك الحادث بعد العمل أي الشك في صحة الموجود لا الشك في وجود الصحيح فتجري القاعدة فيما اذا ترتب اثر شرعي على جريان القاعدة فلو لم يكن اثر مترتب على جريان القاعدة فلا تجري ولذا قلنا ان بعضهم قال ان قاعدة الفراغ لا تجري في المندوب باعتبار ان المندوب لا يوجد تكليف منجز فيه حتى تجري قاعدة الفراغ.
ثم قلنا ان ذهب السيد الوالد (رحمه الله) وجمع كثير من الفقهاء الى ان الاثر اعم من التكليف المنجز او المندوب في حد نفسه اذ في بعض المندوبات يستحب الاعادة فيمكن حينئذ جريانها.
الامر الثاني:- قلنا بان العلم الاجمالي انما يتنجز فيما اذا جرت الاصول في اطرافه وتساقط او لم تجري الاصول ابدا فلو علمنا بتكليف اجمالي في طرفين او اكثر فاذا لم تجري الاصول في اطرافه او جرت وتساقط فحينئذ يحتمل التكليف في كل واحد من الاطراف واحتمال التكليف كاف في المنجزية اذ هو مجرة قاعدة الاشتغال ، واما اذا جرى الاصل في احد اطرافه دون الطرف الاخر فان هذا التكليف لا يكون منجزا فهذه هي القاعدة العامة في التكليف الاجمالي المنجز كما اذا تردد المكلف بين وجوب صلاة عليه او وجوب رد السلام اذ انكم تعلمون ان رد السلام فوري فاذا ذهب الوقت فلا حاجة الى الاعادة اما الصلاة فليس الامر كذلك فانها اذا جاء بها في الوقت فهو واذا لم يأتي بها في الوقت فيجب عليه القضاء ولكنه لا قضاء في وجوب رد السلام وحينئذ لا معنى للرجوع لقاعدة الاشتغال في وجوب رد السلام اذ انه فوري فلو زالت الفورية سقط الوجوب ولا اعادة ولا قضاء واذا سقط الوجوب ولا يجري الاستصحاب في حقه فيسقط هذا الطرف فتبقى الصلاة بدون معارض فنجري فيها اما الفراغ او البراءة.
ونأتي لتطبيق هذين الامرين على المسالة التي ذكرها السيد الماتن (رحمه الله) وهي ان المكلف توضأ ثم علم بعد الوضوء في انه هناك خلل في جزء من هذا الوضوء ولكن شك في انه هل هذا الخلل في الجزء الواجب فيبطل الوضوء وتجب عليه الاعادة او في الجزء المستحب فلا يبطل الوضوء وقاعدة الفراغ تجري بالنسبة الى الجزء الواجب ونحكم بالصحة ولا تجري في الجزء المندوب باعتبار انه لا اثر يترتب على جريان قاعدة الفراغ في الجزء المندوب اذ ذكرنا ان شرط جريان قاعدة الفراغ هو ترتب اثر شرعي على جريانها وليس في الجزء المندوب في الوضوء اثر شرعي لأنه لا تجب الاعادة اذا فقد الجزء المندوب.
واما العلم الاجمالي الذي ذكرناه لأنه في المقام لديه علم اجمالي يدور بين ترك جزء واجب او جزء مستحب ومقتضى القاعدة انه اذا كان هناك علم اجمالي بالنسبة الى التكليف فانه يتنجز التكليف الا اذا جرى الاصل في احد الاطراف دون الطرف الاخر فهنا قالوا ان الاستصحاب لا يجري بالنسبة الى الجزء المندوب اذ لا يترتب عليه اثر لان الاثر انما يترتب على الواجب اذ يجب عليه الاعادة والوضوء للصلوات الاتية فحينئذ نحكم بصحة هذا الوضوء ولا اشكال فيه.