38/04/17
تحمیل
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
38/04/17
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط الوضوء.
قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 39): إذا كان متوضئا وتوضأ للتجديد وصلى، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين ولم يعلم أيهما، لا إشكال في صحة صلاته، ولا يجب عليه الوضوء للصلوات الآتية أيضا، بناء على ما هو الحق من أن التجديدي إذا صادف الحدث صح. وأما إذا صلى بعد كل من الوضوئين ثم تيقن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية صحيحة ، وأما الأولى فالأحوط إعادتها، وإن كان لا يبعد جريان قاعدة الفراغ فيها)[1] .
كان الكلام في الفرع الاول وهو ما اذا توضا وضوئين الاول رافع والثاني تجديدي ثم صلى ثم شك في بطلان احدهما من جهة انه فاقد لشرط او جزء وليس من جهة صدور الحدث فقال السيد الماتن (رحمه الله) بان الوضوء صحيح والصلاة ايضا صحيحة ولا يجب عليه الوضوء للصلوات الاتية.
والكلام في هذا الفرع من ناحيتين فتارة يكون الكلام من حيث صحة الوضوء واخرى من حيث صحة الصلاة ، وقلنا يوجد في خلاف وقولان للفقهاء في الوضوء التجديدي فقول انه رافع للحدث اذا صادفه في الواقع وهذا هو المعروف بينهم وقول انه ليس برافع للحدث.
وبناء على ان الوضوء التجديدي رافع للحدث فهو متطهر فعلا لأنه ان كان الوضوء الرافع هو الباطل فان الوضوء التجديدي هو يكون رافعا للحدث وان كان الوضوء التجديدي هو الباطل فهو متطهر فعلا الان وصلاته صحيحة ولا حاجة الى اعادة الوضوء للصلوات الاتية.
واما بناء على القول بان الوضوء التجديدي ليس برافع للحدث ــــ وان كنا لا نسلم به لأننا قلنا انه رافع للحدث وهو نفس الوضوء الرافع بلا فرق ــــ فلا يمكن القول بانه متطهر لاحتمال ان الوضوء الباطل هو الوضوء الرافع والصحيح هو التجديدي وهو ليس برافع للحدث فيجب عليه اعادة الصلاة والوضوء.
وذكر الشيخ الطوسي & وجمع الى انه يمكن اجراء قاعدة الفراغ بالنسبة الى الوضوء وبعدم الاحتياج الى وضوء.
ولكن ذكرنا ان قاعدة الفراغ تجري فيما اذا كان الشك بعد العمل في صحة العمل الذي اتى به من ناحية فقد شرط او جزء او اتيان مانع فكل شك حدث بعد الفراغ من العمل في صحة الموجود فقاعدة الفراغ تجري هذا هو المنصرف من روايات قاعدة الفراغ وحينئذ لا يشمل ما اذا كان الشك في اصول وجد الصحيح فلا تجري القاعدة في المقام.
ولو سلمنا واجرينا القاعدة فيه ولكنه يجري في الطرف الاخر ايضا فكما ان القاعدة تجري بالنسبة للوضوء الرافع فإنها تجري بالنسبة الى الوضوء التجديدي ايضا اذ يحتمل ان التجديدي هو الباطل فيتعارضان فيتساقطان حينئذ فنرجع الى قاعدة الاشتغال.
ولكن اشكل على هذا بانه لو قلنا ان الوضوء التجديدي ليس برافع للحدث فهذا يعني انه لا اثر له والقاعدة لا تجري في مورد لا اثر فيه ابداً ، اذن قاعدة الفراغ لا تجري في الوضوء التجديدي اذ لا اثر له حتى نثبت بالقاعدة هذا الاثر فلا تعارض بينهما.
ويجاب عن ذلك بان الاثر هل لابد ان يكون لواجب او الزام او المراد من الاثر مطلق الاثر ولو كان هذا الاثر ندبي فان الوضوء التجديدي ندب اليه الشارع وقال انه نور على نور فان هذا النور اثر شرعي مترتب على هذا الوضوء ولو لم يكن رافعا للحدث ولكنه اثر فتجري القاعدة حتى في الاثر الندبي وحينئذ يتعارض مع الوضوء الرافع فيتساقطان.
ولكن الحق ان القاعدة لا تجري ابداً باعتبار ما ذكرناه من ان هناك فرق والعرف يفرق بين الشك في صحة الموجود وبين الشك في وجود الصحيح والقاعدة تجري في النوع الاول من الشك بناء على ما فهم من روايات القاعدة وتشير اليه بعض القرائن من ان مجرى القاعدة هو الشك الحادث المتمحض بعد العمل أي في صحة الموجود ولا تشمل ادلة القاعدة الشك في وجود الصحيح.
واما بالنسبة الى الصلاة التي جاء بها بعد فقالوا انه يمكن اجراء قاعدة الفراغ بالنسبة الى الصلاة لأننا اذا اجرينا القاعدة وتعارضتا فهو الشك في السبب واما الشك في المسبب وهي الصلاة فلا نزاع فيه فتجري قاعدة الفراغ في حقه ولا اشكال ونقول بصحة الصلاة ويجب عليه الوضوء بالنسبة الى الصلوات الاتية.
الا ان المشهور ذهبوا الى بطلان هذه الصلاة بناء على ان الوضوء التجديدي ليس برافع للحدث ولا تجري القاعدة والاحوط جريان قاعدة الاشتغال لأنه يشك في ان هذه الصلاة قد برئة الذمة منها او لا؟ فقاعدة الاشتغال تجري فالاحوط الاعادة او القضاء.
اذن الصورة المتصورة في هذه المسالة خمس.
الصورة الاولى:- ما اذا توضأ وشك في الحدث وبقي على شكه الى ان دخل في الصلاة فلا ريب ولا اشكال في ان هذه الصلاة باطلة يجب عليه التطهر واعادة الصلاة لاستصحاب الحدث.
الصورة الثانية:- ما اذا توضا وضئين وشك في بطلان احد الوضوئين ثم غفل ودخل في الصلاة ثم تبين بعد الصلاة ان احد الوضوئين كان باطلا وهذا ما تقدم الكلام فيه فاذا قلنا ان الوضوء التجديدي رافع للحدث فلا اشكال في صحة صلاته ووضوئه واذا قلنا ان الوضوء التجديدي ليس برافع للحدث فيجب عليه التطهر واعادة الصلاة.
الصورة الثالثة:- ما اذا شك بعد الصلاة ولكنه شكه لا يكون كاشفا الى ما قبل الصلاة فلا ريب في جريان قاعدة الفراغ فتصح الصلاة لأنه شك حادث بعد العمل في صحة صلاته من اجل الشك في الوضوء.
الصورة الرابعة:- ما اذا شك بعد الصلاة وكان كاشفا عن الشك قبل الصلاة فالكلام نفس الكلام في الصورة الثانية.
الصورة الخامسة:- ما اذا كان شك في البين ليس فيه أي نظر للسابق او اللحق وهذا شك بعد الصلاة في صحة الموجود فالصلاة صحيحة لاستصحاب الطهارة وقاعدة الفراغ.