35/04/24
تحمیل
الموضوع
: الصوم مسألة 15
قلنا في الدرس الماضي سنبين بعض الامور التي يتضح بها المطلب وذكرنا الامر الاول منها وقبل التعرض للأمر الثاني , سنذكر رأي السيد الخوئي (قد) في المسألة فأنه قال (قد) ( لو كان الاجتزاء في شهر رمضان ثابتا بدليل خاص وكان مقتضى القاعدة عدم الاجتزاء، لكان اللازم ما ذكر من الاقتصار على رمضان جمودا في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة على مقدار قيام الدليل لكنك عرفت أن الحكم فيه هو مقتضى القاعدة . من غير أن يستند إلى دليل بالخصوص حيث إن الأمر بصوم الشهر كله قد حدث من الأول
بمقتضى قوله تعالى : ( ومن شهد منكم الشهر فليصمه )، وكذا الروايات فتعلق عندما هل هلال الشهر ثلاثون أو تسعة وعشرون أمرا بعدد الأيام على سبيل الواجب التعليقي وإن أنشئ الكل بإنشاء واحد، ولكنها تنحل إلى أوامر عديدة استقلالية لكل منها إطاعة وعصيان مغاير للآخر، ولأجله كان مقتضى القاعدة جواز الاكتفاء بنية واحدة على ما سبق في معنى النية المعتبرة في باب الصوم من العزم والبناء على عدم الاتيان
بالمفطرات في ظرفها غير المنافي لكون الترك غير اختياري له لنوم أو عجز ونحو ذلك، فيكتفي باستناد الترك إلى الصائم بنحو من الاستناد، أي يبني على أن لا يرتكب تلك الأمور باختياره قاصدا به التقرب.
ومن هنا ذكرنا فيما تقدم عدم الحاجة إلى تجديد النية في الليلة الثانية فلو نام نهار اليوم الأول ولم يستيقظ إلا بعد الفجر من اليوم الثاني صح صومه استنادا إلى النية الحاصلة في الليلة الأولى، الباقية بطبيعة الحال.)[1]
فكأنه يرى من خلال كلامه (علما انه اختار كفاية النية الواحدة في جميع الشهر _ومن يكتفي بالنية الواحدة فأنه لا يمانع من تعددها _ ) ان كفاية النية الواحدة مبنية على ان الاوامر في ايام شهر رمضان هي اوامر انحلالية حاصلة دفعة واحدة أي انه يأمر في الليلة الاولى بصوم الشهر كله وان هذا على نحو الواجب التعليقي فالوجوب فعلي والواجب استقبالي وهذا هو الظاهر من قوله تعالى ( ومن شهد منكم الشهر فليصمه) وعليه فيمكنه ان يقصد صوم الجميع بنية واحدة ويكفي منه هذا القصد , كما يمكنه ان يجعل لكل يوم نية تخصه , ينوها في ليلة ذلك اليوم , ثم يقول وهذا من نتائج ما ذكرناه لأنه بأعتبار ان الاوامر حصلت دفعة واحدة وان الامر فعلي فلا مانع من الانطلاق من هذا الامر وينوي صوم جميع ايام الشهر وهذا يكفي في الصحة , وبأعتبار ان الامر انحلالي يتعدد بتعدد الايام يصح تعدد النية بتعدد الايام ايضا , وبأعتبار هذا فلكل يوم امر يخصه وعصيان يخصه وطاعة تخصه , ولا ربط لأحدهما بالآخر , فأذا صام بعض الشهر دون بعضه الاخر يكون مطيعا في البعض وعاصيا في الاخر .
الامر الثاني : ان القائلين بالإخطار لا يقصدون اعتبار الاخطار عند الشروع في العمل _ وهذا مما ينبغي القطع به _ لعدم الاشكال في صحة صوم النائم والغافل عند طلوع الفجر ( الشروع في الصيام )
الامر الثالث : ان المراد بالداعي ليس هو الداعي الفعلي وانما المراد هو الداعي الشأني ( النية الارتكازية) وليس المراد به خصوص قصد التقرب وانما هو اصطلاح في هذا الباب المراد به ما يعتبر في النية في باب الصوم وقلنا ان المعتبر هو قصد الفعل قربة الى الله تعالى وغيره , والداعي هنا ما يقابل الاخطار (استحضار النية في الذهن ) وعليه فمن يقول بكفاية الداعي ليس مراده الداعي الفعلي ( الملتفت اليه بأعتبار ان الفعلية تلازم الالتفات ) وانما المراد الداعي الشأني ( النية الارتكازية) .
فتحصل ان المراد هو اخطار النية بكل ما يعتبر فيها من قصد الفعل و قصد القربة وقصد التعيين عند من يقول بأعتباره والاخطار يعني استحضارها تفصيلا في الذهن , والداعي هو نفس تلك النية الا انه غير ملتفت اليها .
ولا اشكال ظاهراً ان الكل يتفق على ان الفعل العبادي لابد ان يكون صادرا عن نية , أي ان يكون الفعل من اوله مقترنا بنية , أي ان النية تكون مقارنة لأول جزء من العبادة بقطع النظر عن تفسيرها بأي من التفسيرين , وعليه فلابد ان يكون الصوم منويا ومقصودا من قبل المكلف عند الشروع في الفعل وهذا الكلام جاري في جميع العبادات , هذا من جهة , ومن جهة اخرى ان الاخطار بمعنى النية المستحضرة في الذهن لا يعتبر مقارنتها لأول جزء من الصوم ودليل ذلك صحة صوم النائم , فأعتبار الاخطار في الصوم عند طلوع الفجر ينافي صحة الصوم لمن كان نائما , مع ان الكل قد اتفق على ان من نوى الصوم ليلا ثم نام الى ما بعد طلوع الفجر فأن صومه صحيح .
وقالوا بصحة الجمع بين هذين الامرين (وجوب الاخطار عند الشروع في العمل وصحة صوم النائم ) بأن نقول ان هذه النية المستحضرة التي اتى بها ليلا اذا لم يعدل عنها تكون مستمرة ومستديمة حكما وعبروا عنها (الاستدامة الحكمية ) وهذه الاستدامة الحكمية هي عبارة عن الداعي , وبهذا يمكن الجمع بينهما بأعتبار ان نقول من جهة ان النية التفصيلية غير معتبرة ومن جهة نقول لابد من المقارنة لكن مع النية الارتكازية بشرط ان يكون قد استحضر النية سابقا .
والنية الارتكازية تتوقف على سبق الاخطار ( النية تفصيلية) وترتفع بقصد الافطار , ومن هنا يظهر ان هذا الوقت السابق للنية المستحضرة لا فرق بين كونه طويلا او قصيرا فالمهم هو ان تتولد من النية المستحضرة النيةُ الارتكازيةُ ,.
نعم يبقى الكلام في ما طرحوه في هذه المسألة من ان هذه النية المستحضرة تفصيلا هل يعتبر تعددها بتعدد الايام , وهذا البحث غير ما ذكرناه . .
وهذا هو الخلاف السابق الذي قلنا فيه ان القدماء يكتفون فيه بنية واحدة لتمام الشهر ومقصدهم من النية هي النية التفصيلية التي تستحضر عند هلال شهر رمضان , والمتأخرون من المحقق فما دون لم يكتفوا بذلك بل اشترطوا في كل يوم نية تفصيلية , والصحيح هو عدم الداعي لإشتراط النية التفصيلية في كل يوم لأن النية التفصيلية التي تحصل في اول الشهر اذا كانت تولد نية ارتكازية لكل يوم فلا داعي للنية في كل يوم ولا دليل على اشتراط تعدد النية لكل يوم .
فعند وجود النية الارتكازية مقارنة لإول الصوم فما هو الفرق بين ان تكون هذه النية قد حصلت قبل ليلة ؟؟ او انها حصلت من اول الشهر ؟؟ فأن المهم في المقام هو حصول هذه النية ووجودها عند الشروع في الصوم
فالاكتفاء بنية واحدة هو مقتضى القاعدة والادلة الاولية في محل الكلام
قلنا في الدرس الماضي سنبين بعض الامور التي يتضح بها المطلب وذكرنا الامر الاول منها وقبل التعرض للأمر الثاني , سنذكر رأي السيد الخوئي (قد) في المسألة فأنه قال (قد) ( لو كان الاجتزاء في شهر رمضان ثابتا بدليل خاص وكان مقتضى القاعدة عدم الاجتزاء، لكان اللازم ما ذكر من الاقتصار على رمضان جمودا في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة على مقدار قيام الدليل لكنك عرفت أن الحكم فيه هو مقتضى القاعدة . من غير أن يستند إلى دليل بالخصوص حيث إن الأمر بصوم الشهر كله قد حدث من الأول
بمقتضى قوله تعالى : ( ومن شهد منكم الشهر فليصمه )، وكذا الروايات فتعلق عندما هل هلال الشهر ثلاثون أو تسعة وعشرون أمرا بعدد الأيام على سبيل الواجب التعليقي وإن أنشئ الكل بإنشاء واحد، ولكنها تنحل إلى أوامر عديدة استقلالية لكل منها إطاعة وعصيان مغاير للآخر، ولأجله كان مقتضى القاعدة جواز الاكتفاء بنية واحدة على ما سبق في معنى النية المعتبرة في باب الصوم من العزم والبناء على عدم الاتيان
بالمفطرات في ظرفها غير المنافي لكون الترك غير اختياري له لنوم أو عجز ونحو ذلك، فيكتفي باستناد الترك إلى الصائم بنحو من الاستناد، أي يبني على أن لا يرتكب تلك الأمور باختياره قاصدا به التقرب.
ومن هنا ذكرنا فيما تقدم عدم الحاجة إلى تجديد النية في الليلة الثانية فلو نام نهار اليوم الأول ولم يستيقظ إلا بعد الفجر من اليوم الثاني صح صومه استنادا إلى النية الحاصلة في الليلة الأولى، الباقية بطبيعة الحال.)[1]
فكأنه يرى من خلال كلامه (علما انه اختار كفاية النية الواحدة في جميع الشهر _ومن يكتفي بالنية الواحدة فأنه لا يمانع من تعددها _ ) ان كفاية النية الواحدة مبنية على ان الاوامر في ايام شهر رمضان هي اوامر انحلالية حاصلة دفعة واحدة أي انه يأمر في الليلة الاولى بصوم الشهر كله وان هذا على نحو الواجب التعليقي فالوجوب فعلي والواجب استقبالي وهذا هو الظاهر من قوله تعالى ( ومن شهد منكم الشهر فليصمه) وعليه فيمكنه ان يقصد صوم الجميع بنية واحدة ويكفي منه هذا القصد , كما يمكنه ان يجعل لكل يوم نية تخصه , ينوها في ليلة ذلك اليوم , ثم يقول وهذا من نتائج ما ذكرناه لأنه بأعتبار ان الاوامر حصلت دفعة واحدة وان الامر فعلي فلا مانع من الانطلاق من هذا الامر وينوي صوم جميع ايام الشهر وهذا يكفي في الصحة , وبأعتبار ان الامر انحلالي يتعدد بتعدد الايام يصح تعدد النية بتعدد الايام ايضا , وبأعتبار هذا فلكل يوم امر يخصه وعصيان يخصه وطاعة تخصه , ولا ربط لأحدهما بالآخر , فأذا صام بعض الشهر دون بعضه الاخر يكون مطيعا في البعض وعاصيا في الاخر .
الامر الثاني : ان القائلين بالإخطار لا يقصدون اعتبار الاخطار عند الشروع في العمل _ وهذا مما ينبغي القطع به _ لعدم الاشكال في صحة صوم النائم والغافل عند طلوع الفجر ( الشروع في الصيام )
الامر الثالث : ان المراد بالداعي ليس هو الداعي الفعلي وانما المراد هو الداعي الشأني ( النية الارتكازية) وليس المراد به خصوص قصد التقرب وانما هو اصطلاح في هذا الباب المراد به ما يعتبر في النية في باب الصوم وقلنا ان المعتبر هو قصد الفعل قربة الى الله تعالى وغيره , والداعي هنا ما يقابل الاخطار (استحضار النية في الذهن ) وعليه فمن يقول بكفاية الداعي ليس مراده الداعي الفعلي ( الملتفت اليه بأعتبار ان الفعلية تلازم الالتفات ) وانما المراد الداعي الشأني ( النية الارتكازية) .
فتحصل ان المراد هو اخطار النية بكل ما يعتبر فيها من قصد الفعل و قصد القربة وقصد التعيين عند من يقول بأعتباره والاخطار يعني استحضارها تفصيلا في الذهن , والداعي هو نفس تلك النية الا انه غير ملتفت اليها .
ولا اشكال ظاهراً ان الكل يتفق على ان الفعل العبادي لابد ان يكون صادرا عن نية , أي ان يكون الفعل من اوله مقترنا بنية , أي ان النية تكون مقارنة لأول جزء من العبادة بقطع النظر عن تفسيرها بأي من التفسيرين , وعليه فلابد ان يكون الصوم منويا ومقصودا من قبل المكلف عند الشروع في الفعل وهذا الكلام جاري في جميع العبادات , هذا من جهة , ومن جهة اخرى ان الاخطار بمعنى النية المستحضرة في الذهن لا يعتبر مقارنتها لأول جزء من الصوم ودليل ذلك صحة صوم النائم , فأعتبار الاخطار في الصوم عند طلوع الفجر ينافي صحة الصوم لمن كان نائما , مع ان الكل قد اتفق على ان من نوى الصوم ليلا ثم نام الى ما بعد طلوع الفجر فأن صومه صحيح .
وقالوا بصحة الجمع بين هذين الامرين (وجوب الاخطار عند الشروع في العمل وصحة صوم النائم ) بأن نقول ان هذه النية المستحضرة التي اتى بها ليلا اذا لم يعدل عنها تكون مستمرة ومستديمة حكما وعبروا عنها (الاستدامة الحكمية ) وهذه الاستدامة الحكمية هي عبارة عن الداعي , وبهذا يمكن الجمع بينهما بأعتبار ان نقول من جهة ان النية التفصيلية غير معتبرة ومن جهة نقول لابد من المقارنة لكن مع النية الارتكازية بشرط ان يكون قد استحضر النية سابقا .
والنية الارتكازية تتوقف على سبق الاخطار ( النية تفصيلية) وترتفع بقصد الافطار , ومن هنا يظهر ان هذا الوقت السابق للنية المستحضرة لا فرق بين كونه طويلا او قصيرا فالمهم هو ان تتولد من النية المستحضرة النيةُ الارتكازيةُ ,.
نعم يبقى الكلام في ما طرحوه في هذه المسألة من ان هذه النية المستحضرة تفصيلا هل يعتبر تعددها بتعدد الايام , وهذا البحث غير ما ذكرناه . .
وهذا هو الخلاف السابق الذي قلنا فيه ان القدماء يكتفون فيه بنية واحدة لتمام الشهر ومقصدهم من النية هي النية التفصيلية التي تستحضر عند هلال شهر رمضان , والمتأخرون من المحقق فما دون لم يكتفوا بذلك بل اشترطوا في كل يوم نية تفصيلية , والصحيح هو عدم الداعي لإشتراط النية التفصيلية في كل يوم لأن النية التفصيلية التي تحصل في اول الشهر اذا كانت تولد نية ارتكازية لكل يوم فلا داعي للنية في كل يوم ولا دليل على اشتراط تعدد النية لكل يوم .
فعند وجود النية الارتكازية مقارنة لإول الصوم فما هو الفرق بين ان تكون هذه النية قد حصلت قبل ليلة ؟؟ او انها حصلت من اول الشهر ؟؟ فأن المهم في المقام هو حصول هذه النية ووجودها عند الشروع في الصوم
فالاكتفاء بنية واحدة هو مقتضى القاعدة والادلة الاولية في محل الكلام