38/04/29
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الأصول
38/04/29
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: حكومة قاعدة لا ضرر ولا حرج على الاحتياط
وهنا قولان: قول بالحكومة في باب الانسداد وقول بعدم الحكومة، واختار القول الثاني المحقق الخراساني[1] (قده) وقد أفاد في وجه ذلك:
إن عنوان الضرر والحرج عنوان للفعل فمفاد لا ضرر نفي الحكم بلسان نفي الموضوع وعنوان لا حرج نفي الحكم حقيقة بنفي الموضوع كـ( لا ربا بين الوالد والولد او لا ربا بين الزوج والزوجة) فإنه مسوق لنفي حرمة الربا ولكن بلسان نفي موضوعها وهو الفعل الربوي الذي ينطبق عليه عنوان الربا وكذلك قوله(ع): (لا سهو للإمام إذا كان المأمون حافظا) وبالعكس (لا سهو للمأموم إذا كان الإمام حفاظا ) فإن كلمة لا لنفي الحكم حقيقة أي نفي السهو حقيقة ولكن بلسان نفي الموضوع وعلى هذا فإذا كان متعلق الحكم ضرريا او حرجيا فهذا الحكم منفي بلسان نفي موضوعه فإذا كان الوضوء ضرريا فوجوبه منفي بلسان نفي الموضوع وكذا لوكان الغسل ضرريا او حرجيا، فيكون المنفي حقيقة هو وجوب الوضوء ووجوب الغسل لكن بلسان نفي موضوعهما، والمراد من الموضوع ما يشمل المتعلق، وأما إذا لم يكن المتعلق ضرريا أو حرجيا فلا موضوع لتطبيق قاعدة لا ضرر او لا حرج عليه.
وعلى هذا: فمتعلقات الأحكام الشرعية في الواقع ليست بضررية ولا حرجية فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر ولا حرج عليها لأن انفتاح باب العلم والعلمي معناه أنه لا ضرر ولا حرج في الاتيان بمتعلقات الأحكام الواقعية، فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر ولا حرج عليها لأن الضرر إنما نشأ من الجمع بين المحتملات باعتبار أن ضم الواجب إلى غير الواجب يوجب الضرر والحرج لأن معنى الاحتياط هو الجمع بين المحتملات فيكون الضرر نتاج الجمع بين المحتملات والاحتياط هو الجمع بين المحتملات من الواجبات وغيرها، وحيث إن الجمع بين المحتملات الذي هو الاحتياط ليس متعلقا للحكم الشرعي بل هو بحكم العقل فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر او لا حرج عليه.
وعليه فما هو متعلق للحكم الشرعي واقعا ليس فيه ضرر وحرج وما فيه حرج او ضرر ليس متعلقا للحكم الشرعي فمن أجل ذلك لا تكون قاعدة لا ضرر ولا حرج حاكمة على قاعدة الاحتياط ولا يمكن رفع الاحتياط بهذه القاعدة.
ويمكن المناقشة في ذلك: إذ الضرر ليس عنوانا للفعل وكذلك الحرج ليس عنوانا للفعل لأن عنوان الفعل هو الفعل الضرري لأنه لا يقال: الفعل ضرر ومن هنا لا يكون الضرر والحرج عنوانا للفعل وإنما العنوان للفعل هو الفعل الضرري والفعل الحرجي، فإذا لم يكن الضرر والحرج عنوانا للفعل فلا يكون مشمولا لقاعدة لا ضرر لأنا قلنا: إن هذه القاعدة إنما تنفي الحكم بلسان نفي الموضوع فيما إذا كان الموضوع ضررا أو حرجا أو عنوانا آخر كالربا فإنه عنوانا للفعل وكذلك السهو واما الحرج والضرر فليس عنوانا للفعل وإنما يقال: الفعل حرجي وضرري ولا يقال: عن الفعل ضرر او حرج.
وعلى هذا لا يكون المقام مشمولا لقاعدة لا ضرر، هذا من جانب ومن جانب آخر.
ومن جانب آخر أنه يمكن تفسير قاعدة لا ضرر بتفسيرين:
التفسير الأول: أن مفاد قاعدة لا ضرر نفي الحكم المجعول من قبل الشارع والذي ينشأ من قبله الضرر، فوجوب الوضوء مثلا إذا كان ضرريا أو حرجيا فهو غير مجعول في الشريعة المقدسة لأن هذا الفعل ينشأ من قبله الضرر، فمصب النفي هو الحكم الضرري أي الذي ينشأ منه الضرر، وعليه يكون الحكم المعنون بهذا العنوان ثانوي أي معنون بعنوان (أنه ينشأ منه الضرر) فهو منفي بهذه القاعدة فقوله(ع): (لا ضرر) إشارة إلى نفي الحكم المجعول في الشريعة المقدسة الذي ينشأ منه الضرر فهذا الحكم غير مجعول، وقد اختار هذا التفسير شيخنا الأنصاري[2] (قده) وتبعته عليه مدرسة المحقق النائيني(قده)[3] ومنهم السيد الاستاذ(قده)[4] .
التفسير الثاني: ان المنفي هو الضرر والحرج الذي جاء من قبل المولى واما الضرر الخارجي فهو موجود وغير قابل للنفي التشريعي باعتبار أن التشريع لا يمكن ان يتعلق بالتكوين فلا بد ان يكون المنفي هو الضرر والحرج الجائي من قبل المولى.
والفرق بين التفسيرين هو أن مصب النفي في التفسير الأول هو الحكم ابتداءً وهو الحكم الذي ينشأ من قبله الضرر فمثل هذا الحكم غير مجعول في الشريعة المقدسة واما مصب النفي في التفسير الثاني فهو الحرج او الضرر الناشئ من قبل المولى.
وبكلمة: إنه يمكن التمييز بين التفسيرين بالقول: إن المنفي في التفسير الأول هو علة الضرر ومنشأه والمنفي في التفسير الثاني هو مسبَب الضرر ومعلوله لأن الحرج والضرر الذي جاء من قبل المولى معلول للحكم الضرري الذي جعله المولى.