38/04/04
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الأصول
38/04/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: جابرية عمل المشهور لضعف الرواية
أما المقدمة الثانية وهي وصول هذه الشهرة من زمن الأئمة(ع) إلى المتقدمين يدا بيد وطبقة بعد الطبقة فعلى تقدير تسليم المقدمة الأولى وثبوت الشهرة بين المتقدمين على العمل بالرواية الضعيفة إلا أن هذا الوصول بحاجة إلى دليل ولا دليل على ذلك ولا طريق لنا إلى إحراز أن هذه الشهرة ثابتة بين أصحاب الأئمة(ع) وأنها وصلت إليهم يدا بيد وطبقة بعد الطبقة بنحو التواتر أو لا أقل بطريق آحاد معتبر وحسي.
فإذاً ليس بإمكاننا إحراز أن هذه الشهرة مستندة على العمل بخبر ضعيف كانت موجودة في زمن أصحاب الأئمة(ع) ووصلت منهم إلى المتقدمين من أصحابنا يدا بيد وطبقة بعد الطبقة او بطريق معتبر حسي.
هذا مضافا إلى أن هذه الشهرة لو كانت موجودة بين أصحاب الأئمة(ع) وأنها وصلت إلينا بطريق متواتر او يدا بيد وطبقة بعد الطبقة أو بطريق آحاد معتبر لأشار متقدمي أصحابنا إلى ذلك جزما لأنهم أمناء على الأحاديث وقد حافظوا على طرق الأحاديث الواصلة إليهم من زمن الأئمة(ع) طبقة بعد الطبقة ويدا بيد كالشيخ الطوسي عليه الرحمة فقد بين ما وصل إليه من الأحاديث الواصلة من زمن الأئمة(ع) بوسائط متعددة وكذلك الصدوق عليه الرحمة وغيره فلو كانت هذه الشهرة قد وصلت إليهم من زمنهم(ع) يدا بيد وطبقة بعد الطبقة أو بطريق معتبر حسي لأشاروا إلى ذلك في كتبهم، مع أنه لا عين ولا أثر لمثل هذا فسكوتهم عن ذلك وعدم الإشارة إليه دليل على عدم وصول مثل هكذا شهرة من أصحاب الأئمة(ع) بوسائط متعددة.
ودعوى أن عمل المشهور برواية ضعيفة مستند إلى قرينة وتلك القرينة قد وصلت إليهم من أصحاب الأئمة(ع) يدا بيد وطبقة بعد الطبقة أو لا أقل بطريق معتبر حسي لا حدسي وهذه القرينة تدل على صحة هذه الرواية الضعيفة وصادرة عنهم(ع).
هذه الدعوى مدفوعة لأن هذه القرينة لا تخلو إما أن تكون لفظية أو لبية ارتكازية.
أما احتمال كونها قرينة لفظية فيرد عليه أنها لو كانت موجودة لأشار إليها أصحابنا المتقدمين في كتبهم بطبيعة الحال كما هو شأنهم باعتبار أنهم أمناء على الأحاديث، فعدم الإشارة إليها دليل على عدم وجودها.
واما احتمال كونها قرينة لبية ارتكازية وهي موجودة بين أصحاب الأئمة(ع) وقد وصلت إلى المتقدمين فأيضا لا محالة لأشاروا إليها وان العمل بهذه الرواية الضعيفة من جهة هذه القرينة، لأنها من الخصوصيات المهمة في الروايات ويستبعد عدم الإشارة إليها في كتبهم، فعدم الإشارة إليها دليل على عدم وجودها.
إلى هنا قد تبين أن ما هو المشهور بين الأصوليين من ان عمل مشهور المتقدمين برواية ضعيفة جابر لضعفها سندا وموجب لدخولها تحت أدلة الاعتبار والحجية لا يمكن المساعدة عليه.
واما المشهور بين المتأخرين فلا اثر له، واحتمال وصولها إليهم من زمن أصحاب الأئمة(ع) غير صحيح لأنها لو وصلت إليهم لكان وصولها إليهم من طريق المتقدمين لعدم إمكان وصولها إليهم من غير هذا الطريق وقد عرفت الأمر فيه مما سبق.
هذا من ناحية أخرى.
ومن ناحية أخرى أن إعراض المشهور عن رواية صحيحة هل يوجب سقوطها عن الاعتبار وخروجها عن أدلة الحجية أو لا؟
والجواب عن ذلك: أن هنا قولين:
القول الأول: وهو المشهور بين الأصحاب أن الإعراض عن رواية صحيحة يوجب سقوطها عن الاعتبار وخروجها عن أدلة الحجية وادلة الاعتبار.
القول الثاني: ما ذهب إليه جماعة من المحققين ومنهم السيد الاستاذ(قده) من عدم الأثر لإعراض المشهور في ذلك. وما ذهب إليه المشهور من أن الإعراض عن رواية صحيحة يوجب سقوطها عن الاعتبار فهو مبني على تمامية مقدمتين:
المقدمة الأولى: أن يكون هذا الإعراض من قدماء الأصحاب الذين يكون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة(ع).
المقدمة الثانية: وصول هذا الإعراض من أصحاب الأئمة(ع) إلى المتقدمين.
ولكن كلتا المقدمتين غير تامة.
أما الأولى: فلأنه لا طريق لنا إلى إثبات إعراض أصحابنا المتقدمين عن هذه الرواية الصحيحة سندا، إذ أن إحراز ذلك منوط بوصول إعراضهم إلى المتأخرين يدا بيد وطبقة بعد الطبقة بنحو التواتر أو بطريق أحاد معتبر. وشيء منهما غير موجود، لأنه لا طريق لنا إلى ذلك، إذ أن هذا الوصول منوط بأحد طريقين:
الطريق الأول: ان يكون هذا الوصول بطريق التواتر أو بطريق الآحاد المعتبر، وشيء من ذلك غير موجود لأن كل مجتهد إذا رجع إلى كتب المتأخرين يرى أنهم ينقلون آراء المتقدمين أو اختلافهم في المسألة بدون الإشارة إلى مدركها ومستندها او ينقلون الشهرة من المتقدمين او اجماعهم بطريق الآحاد الحدسي ولا يكون لهذا النقل أثر لأن نقل الإجماع الحدسي غير مشمول لدليل الاعتبار لاختصاصه بخبر الواحد الحسي دون الحدسي.
فمن أجل ذلك لا طريق لنا إلى إحراز إعراض أصحابنا المتقدمين عن رواية صحيحة سندا.
الطريق الثاني: ان يكون لكل واحد من المتقدمين كتاب استدلالي واصل إلينا.
ولكن الأمر ليس كذلك لأنه لم يصل إلينا كتاب استدلالي يحتوي على هذه المسألة وغيرها من كل واحد من المتقدمين، إما لعدم وجود كتاب استدلالي لكل واحد منهم في المسالة او كان ولكن لم يصل إلينا. وعلى كلا التقديرين فلا طريق لنا إلى ذلك.
واما المقدمة الثانية: فلا طريق لنا إلى إحراز أن هذا الإعراض قد وصل إلى المتقدمين من أصحاب الأئمة(ع) يدا بيد وطبقة بعد الطبقة بنحو التواتر او بطريق آحاد معتبر حسي لا حدسي. لعدم شيء منهما.
ودعوى القرينة كما تقدم مدفوعة في المقام فلو كانت هناك قرينة على أن هذه الرواية لم تصدر من المعصومين(ع) لأشار إليها المتقدمين، مع أنه لا عين ولا أثر لها في كتب المتقدمين مع أن شانهم الحفاظ على خصوصيات الروايات لأنهم الأمناء على الروايات.
والحاصل ان إعراض المتقدمين عن رواية صحيحة لا أثر له ولا يوجب خروجها عن أدلة الاعتبار والحجية، فما هو المشهور من ان إعراض القدماء عن رواية صحيحة سندا يوجب سقوطها عن الاعتبار لا أثر له ولا واقع موضوعي له.
فالصحيح هو ما ذكره السيد الاستاذ(قده) صحاب الأئمة