38/04/01
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
38/04/01
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: مسألة ( 28 ) الاجارة على الواجبات - المكاسب المحرمة.
وفكرة الداعي إلى الداعي وجهت إليها اعتراضات بعضها يرجع إلى اثبات العرضية في مقابل الطولية ، يعني هناك رأي يقول إنه لا يوجد طولية بين الداعيين بل يوجد عرضية ، والصنف الثاني من الاشكال يرجع إلى أنه يسلّم بالطولية ولكنه لا يكتفي بالقربة في أوّل السلسلة بل يريدها في كل حلقة من حلقات السلسة ، والصنف الثالث من الاعتراض هو أن يقال إنه في الحقيقة إنَّ أصل فكرة الداعي إلى الداعي باطلة ولا تكفي في تحقق القربة فإنكارها من الأساس ، هذه ثلاث أشكال من الاعتراضات وجّهت إلى فكرة الداعي إلى الداعي.
الاعتراض بما يرجع إلى اثبات العرضية:- قد صار الشيخ محمد تقي الشيرازي(قده) في حاشيه على المكاسب إلى فكرة العرضية وقال إنه يوجد داعيان عرضيان وليسا طوليين وأثبت ذلك ببيانين:-
البيان الأوّل:- إنَّ المكلّف حينما عقد عقد الاجارة فالأمر بالاجارة يدعوه إلى تحقيق متعلّق الاجارة ، وما هو متعلقها ؟ هو شيآن الصلاة وقصد الامتثال ، وبناءً على هذا المكلّف لماذا يأتي بالصلاة ؟ إنه يأتي بها لداعيين أحدهما قد فرضناه من البداية وهو قصد الامتثال والثاني هو قصد الاجارة ، وقصد الاجارة هذا يدعو- يعني تحقّق متعلّق قصد الاجارة - إلى الصلاة ، فذات الصلاة يدعو إليها تحقيق متعلّق الإجارة - أو تحقيق الأمر الاجارتي فإنه لا فرق بينهما الآن - والشيء الثاني الذي يدعو إليه هو قصد الامتثال ، فصار قصد الامتثال مع قصد تحقق متعلّق الاجارة داعيين وهما في عرضٍ واحدٍ ولا توجد بينهما طولية ، فإنه ابتداءً الأمر بالاجارة يدعو إلى ذات الصلاة وابتداءً أيضاً قصد الامتثال يدعو إلى ذات الصلاة ، فصار ذات الصلاة يدعو إليها شيآن الأمر وقصد الامتثال وهذان عرضيان ، فإذن ثبت بذلك العرضية.
نعم لو فرض أنَّ الأمر بالاجارة لم يكن متعلقاً بذات الصلاة يعني لم يقل آجرتك للصلاة بل قال له آجرتك لقصد الامتثال فهنا تثبت الطولية ، إنه بناءً على هذا الصلاة يدعو إليها فقط وفقط قصد الامتثال ، والذي يدعو إلى قصد الامتثال هو أمر الاجارة - تحقيق متعلّق الاجارة - ، وهنا سوف تثبت الطولية ، بيد أنَّ واقع الأمر الاجارة لم تقع على قصد الامتثال بل تقع على الصلاة مع قصد الامتثال - عن قصد الامتثال - ، فإذن متعلق الاجارة هو الصلاة وقصد الامتثال لا أنه قصد الامتثال فقط ، ونصّ عبارته:- ( إن تحقق العنوان المستأجر عليه - أعني عنوان العبادة - يتوقف على حصول أمرين أحدهما ذات العابدة أعني فعل الصلاة مثلاً وثانيهما عنوان الامتثال والتقرّب فالقاصد للبادة يقصد تحقق العنوان المستأجر عليه بكل من جزأيه ..... فيكون القصد إلى الفعل من جهة تحقق عنوان المستأجر عليه من حيث توقفه على ذات الفعل ومن جهة تحقق الامتثال ........ فيكون الداعي إلى الفعل أمرين تحقق عنوان المستأجر عليه وقصد الامتثال فيكون من قبيل التشريك في قصد الامتثال لا من قبيل الداعي الداعي ، نعم لو كان المستأجر عليه هو الامتثال بالفعل بحيث يكون نفس الفعل خارجاً عن المستأجر عليه وإن كان متوقفاً عليه أمكن جعله من باب غاية الغاية )[1] .
ويردّه:-
أوّلاً:- هذا يكون له وجاهة إذا افترضنا أنَّ الاجارة وقعت على شيئين ، كأن قال له أريد منك صلاةً وأريد قصد الامتثال ، هنا يمكن أن يأتي ما أفاده من أن الصلاة التي يأتي بها المستأجر لأمرين قصد الامتثال والاجارة - أو تحقق متعلّق الاجارة - فيتمّ ما ذكره ، ولكن واقع الحال ليس كذلك ، فليست الاجارة واقعة على شيئين بالوجدان وإنما آجرته على الصلاة الناشئة من قصد الامتثال ، فمطلوبي في الاجارة واحد ، فأنا أريد صلاة ناشئة من قصد الامتثال وإلا فذات الصلاة فليست هي مطلوبي وإنما مطلوبي هو صلاة ناشئة من قصد الامتثال ، فالمطلوب واحد ، فإذن الأمر بالاجارة تعلّق بماذا أو متعلّق الاجارة هو صلاة ناشئة من قصد الامتثال ، فالمكلّف يأتي ويقول أنا أصلّي بقصد الامتثال لأجل تحقق متعلق الاجارة فصار المورد من الداعي إلى الداعي يعني الصلاة التي دعى إليها قصد الامتثال والذي دعاني إلى الاتيان بالصلاة بقصد الامتثال هو تحقيق متعلّق الاجارة ، فإذا صنعنا هكذا فإذن لا يكون عندنا داعيان عرضيان ، بل يكون عندنا داعيان بينهما طوليّة كما أوضحنا ، فما ذكره(قده) نشاء من هذه القضية حيث جعل هو متعلّق الاجارة اثنين ، وحينما جعله اثنين فالأمر بالاجارة يدعو إلى ذات الصلاة ويدعو إلى قصد الامتثال فحينئذٍ تصير الصلاة يدعو إليها شيآن أمر الاجارة وقصد الامتثال ولكن عندما جعلناه واحداً فالمورد يكون من الداعي إلى الداعي.
ثانياً:- إنَّ كلامنا هو في داعيين أحدهما قصد الامتثال والثاني قصد استحقاق الأجرة وهذان لا يجتمعان ، فالمشكلة كانت ثابتة بلحاظ هذين أن المكلّف كيف يقصد الامتثال وإلى جنب ذلك في قلبه قاصد للأجرة فالمشكلة من جهة هذين كيف يجتمع هذان ؟ فالمشكلة هنا ، فتعال ووفّق بينهما ، والشيخ الشيرازي(قده) ترك أحد هذين وهو استحقاق الأجرة وتملّكها وقصدها وأتى بمصطلحٍ ثانٍ وهو قصد تحقّق متعلّق الاجارة فقال هو يأتي بالصلاة وبقصد الامتثال بقصد تحقّق متعلّق الاجارة ، ونحن نقول له:- دع هذا فإنَّ كلامنا ليس فيه وتعال وعالج المشكلة هناك فإن هذا لا مدخلية له من قربٍ ولا من بعدٍ لمحلّ كلامنا ، يعني أنت اقحمته إقحاماً وأردت من خلاله أن تعترض وتقول أنه بالتالي يوجد داعيان بينهما عرضيّة ، وهذا الاقحام ليس بصحيح فإنه لا تأثير له ولا مجال له أبداً والذي له مجال هو ما أشرنا إليه وهو قصد الامتثال وقصد الأجرة ، فتعال ووفّق بين هذين لا أنه تدخل في الحساب شيئاً ثالثاً وتحذف أحد الشيئين السابقين ، والمفروض أنَّ هذا الشيء الثالث لا تأثير له في الحساب ولا مدخلية أصلاً.
إن قلت:- نحن نوافق في الجملة الشيخ محمد تقي الشيرازي(قده) ، فإنَّ قصد متعلّق الاجارة له مدخلية لا أنه بعيدٌ عن الساحة تمام البعد ولا تأثير له من قربٍ ولا من بعدٍ بل له تأثير في الجملة فحذفه بالكامل لا معنى له ، وكيف له تأثير ؟ فإنَّ المكلّف يأتي بالصلاة لتحقيق متعلّق الاجارة والذي يدعوه إلى تحقيق متعلّق الاجارة هو قصد الامتثال فصار له دور فعّال في الجملة لا أنه أجنبي بالكلّية ، فالمكلف يأتي بالصلاة لأجل أن يتحقق متعلّق الاجارة ، ولماذا هو يقصد تحقق متعلّق الاجارة ؟ حتى يستحقّ الأجرة ، فصار بالتالي له مدخلية ، فإدخاله في الحساب شيء جيّد غايته سوف تكون مدخليته بهذا الشكل موجبة بطلان الصلاة ، فأيضاً هو صار داعي إلى الداعي ، فالداعي إلى الصلاة هو تحقيق متعلّق الاجارة والداعي إلى تحقيق متعلّق الاجارة هو استحقاق الاجارة فصار المورد من الداعي إلى الداعي ولكن بالعكس وهذا يضرّنا لأنَّ الداعي إلى الصلاة صار هو تحقّق متعلّق الاجارة ونحن نريد أن نصحّح الصلاة ، فإذن بالتالي إدخاله بهذا الشكل يستفيد منه الشيخ محمد تقي الشيرازي(قده) لإبطال الصلاة لكن بهذا الشكل ، يعني الداعي إلى الداعي انعكس ، فبينما نحن سابقاً كانت فكرة الداعي إلى الداعي تصحّح الصلاة فنقول الداعي إلى الصلاة هو قصد الامتثال والداعي إلى قصد الامتثال هو قصد الأجرة ، والآن حذفنا قصد الأجرة وأدخلنا في الحساب قصد تحقّق متعلّق الاجارة فصار المورد أيضاً من الداعي إلى الداعي ولكن بالعكس ، يعني صارت الصلاة ائت بها لأجل تحقيق متعلّق الاجارة ، ولماذا أنت تقصد تحقق متعلّق الاجارة ؟ حتى يحصل على الأجرة ، فإذن صار الداعي إلى الداعي بالعكس وهذا لا ينفعنا بل يضرّنا ولكن الشيخ الشيرازي(قده) انتفع منه لأنه يريد أن يبطل الصلاة فبطلت بذلك الصلاة ، وأدخلنا هذا العنوان الجديد الذي ذكره وبالتالي صار له تأثير لا أنه أجنبي ، ولكن تبيّن أنه يلزم أن نأتي به ولكن إذا أتينا به نأتي به بهذا الشكل وهذا يضرنا وينفع الشيخ الشيرازي(قده).
قلت:- إنَّ تحقيق متعلّق الاجارة وإن كان شيئاً لازماً لكنه لازم بالحمل الشائع لا بالحمل الأوّلي ، وبعبارة أخرى:- يعني أنت المهم أنت تحقق واقع متعلّق الاجارة لا عنوانه ، فإذا حققته فقد امتثلت ، فليس من اللازم حينما تأتي بالصلاة أن تقصد تحقيق متعلّق الاجارة فتقول ااتي بالصلاة لأجل أنَّ يتحقق متعلّق الاجارة ، كلا فإنَّ هذا ليس بلازم لأنَّ المطلوب هو تحقيق واقع متعلّق الاجارة أما عنوان متعلّق الاجارة فليس بلازم ، فبالتالي أنا ااتي بالصلاة بقصد الامتثال وبذلك يتحقق متعلّق الاجارة بشكل قهري وكفى لأنَّ المطلوب هو تحقيق متعلق الاجارة واقعاً لا عنوانه.
فإذن هذا العنوان أنت قد أتيت به هو الذي أثر في ما ذكرته ولكن إذا حذفناه فما ذكرته لا يتم ، والمناسب حذفه لأنه ليس له تأثير إذ المطلوب بالتالي هو واقع متعلّق الاجارة لا عنوان متعلّق الاجارة.