38/03/25
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الأصول
38/03/25
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد – الدليل العقلي
الصورة الثانية: ما إذا كانت العمومات في أطراف العلم الإجمالي متكفلة للأحكام الالزامية واما الروايات فهي متكفلة للأحكام الترخيصية أي عكس الصورة الأولى.
وعلى هذا فإن كانت الروايات حجة فلا شبهة في تخصيص عمومات الكتاب والسنة بها لأن تخصيص عمومات الكتاب والسنة بخبر الواحد أمر مسلم ولا مانع منه فعندئذ لا تكون العمومات حجة في دلالتها على العموم .
واما إذا لم تكن الروايات حجة بأن يكون وجوب العمل بها بملاك العلم الإجمالي فعندئذ هل يمكن التمسك بعمومات الكتاب والسنة في أطراف العلم الإجمالي أو لا يمكن التمسك بها؟
والجواب أنه لا يمكن التمسك بها ويظهر ذلك مما تقدم فإن العلم الإجمالي بورود التخصيص على مجموعة من هذه العمومات في أطراف العلم الإجمالي من جهة العلم إجمالا بصدور مجموعة من الروايات كأخبار الثقات عن المعصومين(ع) وهذه الروايات بطبيعة الحال تكون مخصصة لعمومات الكتاب والسنة في أطراف العلم الإجمالي فعندئذ نعلم إجمالا بان مجموعة من هذه العمومات مخصصة بهذه الروايات وهذا العلم الإجمالي يشكل دلالة التزامية فإن كل عام من هذه العمومات يدل على العموم واستيعاب أفراده بالمطابقة ويدل بالالتزام على تخصيص عام آخر وكل فئة من هذه العمومات تدل بالمطابقة على العموم والاستيعاب للأفراد وبالالتزام على تخصيص فئة أخرى فعندئذ تقع المعارضة بين المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي فينفي المدلول الالتزامي لكل من هذه العمومات المدلول المطابقي للعام الآخر فيقع التعارض بينهما بالتناقض وبالنفي والإثبات فيسقطان من جهة المعارضة، وعند سقوط العموم من جهة المعارضة فالمرجع في مورده أصالة الاشتغال لأن هذه العمومات متكفلة للأحكام الالزامية ولم تخصص من جهة أن الروايات لم تكن حجة ولكن سقطت عموماتها من جهة المعارضة فلا محالة يكون المرجع هو الأصل العملي في موردها وهو قاعدة الاشتغال وذلك لأن هذه العمومات متكفلة للأحكام الالزامية وعندئذ يشك المكلف في وجوب شيء في موردها أو حرمة شيء آخر وحيث أن الشبهة مقرونة بالعلم الإجمالي فالمرجع في هذه الشبهات أصالة الاشتغال وقاعدة الاحتياط فكما ان الشبهة الحكمية البدوية إذا كانت قبل الفحص يكون المرجع فيها قاعدة الاشتغال فكذلك الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي يكون المرجع فيها قاعدة الاشتغال.
واما في موارد الروايات بما انها متكفلة للأحكام الترخيصية فلا مانع من طرح هذه الروايات ولا محذور فيه لأنها متكفلة للأحكام الترخيصية ولا يجب العمل بها.
وهنا تظهر الثمرة في هذه الصورة بين الروايات وبين العمومات فإن في مورد العمومات بعد سقوطها عن الحجية من جهة المعارضة فالمرجع قاعدة الاشتغال واما الروايات إذا لم تكن حجة فلا يجب العمل بها ولا أثر للعلم الإجمالي بصدور مجموعة من هذه الروايات باعتبار أنها متكفلة للأحكام الترخيصية ولا مانع من طرح هذه الأحكام وعدم العمل بها ولا يلزم منه أي محذور.
وعلى هذا فوجوب الاحتياط وقاعدة الاشتغال إنما يجري في مورد العمومات الموجودة في أطراف هذا العلم الإجمالي واما في مورد الروايات فلا تجري قاعدة الاشتغال لأنها متكفلة للأحكام الترخيصية ولا مانع من طرحها وعدم العمل بها.
هذه هي الصورة الثانية.
واما الصورة الثالثة: وهي ما إذا كان كل من العمومات والروايات متكفلة للأحكام الالزامية أي كما أن العمومات الجارية في أطراف هذا العلم الإجمالي متكفلة للأحكام الالزامية من الوجوب والحرمة والنجاسة وما شاكل ذلك كذلك الروايات التي نعلم بصدور مجموعة منها من المعصومين(ع) متكفلة للأحكام الالزامية.
وحينئذ إن كانت الروايات حجة كأخبار الثقة فلا بد من تخصيص عمومات الكتاب والسنة بها لما ثبت في محله من جواز تخصيص عمومات الكتاب والسنة بخبر الواحد إذا كان حجة. واما إذا لم تكن الروايات حجة وكان وجوب العمل بها بملاك العلم الإجمالي فلا يمكن التمسك بهذه العمومات وذلك للعلم الإجمالي بتخصيص مجموعة من هذه العمومات بهذه الروايات لأنا نعلم بأن مجموعة من روايات الثقات صادرة من المعصومين(ع) وهي مخصصة لعمومات الكتاب والسنة في أطرافها ومن الواضح أن العلم الإجمالي بتخصيص عمومات الكتاب والسنة يشكل دلالة التزامية كما مر وعندئذ تقع المعارضة بين المدلول المطابقي لهذه العمومات والمدلول الالتزامي لها لأن كل طائفة من هذه العمومات تدل بالمطابقة على العموم والاستيعاب لجميع أفرادها وبالالتزام على تخصيص طائفة أخرى وبالعكس فلهذا تقع المعارضة بين المدلول المطابقي لكل منها مع المدلول الالتزامي فتسقط هذه العمومات من جهة المعارضة، فإذا سقطت من جهة المعارضة فالمرجع هو الأصل العملي وهو قاعدة الاشتغال لأن مورد هذه العمومات أحكام إلزامية كما هو الفرض فإذا لم تكن هذه العمومات مخصصة فتسقط حجية دلالتها من جهة المعارضة وحينئذ يكون المرجع هو الأصل العملي وهو الاشتغال لأن الشبهة في موردها مقرونة بالعلم الإجمالي والشك في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي مجرى للاحتياط.
وكذلك الحال في مورد الروايات لأنها أيضا متكفلة للأحكام الالزامية فإذا لم تكن الروايات حجة فيكون المرجع في موردها قاعدة الاشتغال لأن الشبهة في موردها مقرونة بالعلم الإجمالي والمرجع في هذه الشبهات هو قاعدة الاشتغال والاحتياط.
فالمرجع في كلا الموردين ـــ مورد العمومات في الكتاب والسنة ومورد الروايات معا ـــ هو قاعدة الاشتغال.
وعلى هذا ففي مورد الالتقاء والاجتماع بين العام والخاص وهو الرواية يجب على المكلف العمل بكل منهما بمقتضى قاعدة الاشتغال، ومن هنا لو فرض أن مدلول العام وجوب شيء ومدلول الخاص وهو الرواية حرمة ذلك الشيء فيكون المقام من قبيل دوران الأمر بين المحذورين فلا يتمكن المكلف من العمل بكليهما معا فلا بد من القول بالتخيير أي المكلف مخير بين العمل بالعام او العمل بالخاص(الرواية) فيكون المقام ملحق بدوران الأمر بين المحذورين حكما لا موضوعا لأن في دوران الأمر بين المحذورين منوط بان يكون جنس التكليف معلوما أي نعلم بوجود الالزام في المقام ولكن لا ندري أن هذا الالزام متمثل في وجوب هذا الشيء أو متمثل في حرمته فعندئذ يدور الأمر بين المحذورين لمعلومية جنس التكليف في المقام وأما فيما نحن فيه فجنس التكليف غير معلوم لاحتمال خطأ كل منهما أي احتمال أن يكون العام غير مطابق للواقع واحتمال أن يكون الخاص وهو الرواية غير مطابق للواقع فلا علم وجداني بجنس التكليف فمن اجل ذلك يكون المقام ملحقا بدوران الأمر بين المحذورين حكما لا موضوعا.