38/01/15
تحمیل
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
38/01/15
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط الوضوء.
الاوامر الصادرة من الشارع هل الاصل فيها العبادية ام ان الاصل فيها هو التوصلية؟ هنا نزاع بين الاصوليين (رحمهم الله) وذكروا هذا في بحث مستقل في كتاب الاصول وانما يذكرونه في الفقه على سبيل الاجمال.
استدلوا على ان الاصل في الاوامر هو العبادية الا ما خرج بالدليل الدليل العقلي وببعض النصوص الواردة في الكتاب او الواردة في السنة.
اما الدليل العقلي فلان الاصل في كل مكلف ان يأتي بالعمل ويحقق فيه غرض المولى فان العقل بذلك فاذا احتمل ان قصد الامر او قصد الامتثال مما يحقق غرض المولى فيجب بحكم العقل ان يأتي بذلك الفعل بداعي قصد الامر وهذا هو معنى العبادية ، اذن القاعدة العقلية تقتضي ان تكون الاوامر تعبدية الا ما خرج بالدليل لان المكلف يجب عليه تحصيل غرض المولى بحكم العقل فاذا احتمل ان قصد الامر يحقق غرض المولى فيجب عليه الاحتياط فيجب ان يأتي بالفعل مع قصد الامر.
ولكن يرد عليه بما ذكرناه في بحث الاصول من ان قصد الامر هو قيد من قيود المأمور به والمكلف به فاذا لم يكن هناك امر ومأمور به وقصد للمأمور به حينئذ لا يتحقق هذا الامر فقصد الامر وقصد التكليف انما هو من قيود المأمور به وانتم تعلمون ان قيود المأمور به لا يمكن تأخذ في الامر لاستلزامه الدور.
واجابوا عن ذلك بوجوه.
الاول:- انه لا مانه ان يكون نفس دليل الامر يشمل قيود المأمور به ويثبت هذه القيود وهذا هو الراي المحقق عند بعض المحقيقين ومنهم السيد الوالد (رحمه الله) في كتاب الاصول.
الثاني:- ان يكون هناك دليل وامر ثانٍ يقيد الامر الاول بقصد الامر اذ الامر الاول لا يمكن تقييده ، وقيل بغير ذلك.
ولكن الصحيح في الجواب ان نفس دليل الامر يكفي ان يأتي ويقيد بقصد الامر ولا حاجة الى ان يأتي دليل اخر ويثبت قصد الامر وقصد الامتثال بل نفس الدليل الاول أي الامر الاول يمكن يأخذ قيد قصد الامر فيه ، وما قيل من انه يستلزم الدور او اخذ المتأخر في المتقدم غير صحيح.
اذن اطلاق الامر ان قيد بقصد الامر فيكون تعبديا وان لم يقيده فلا يكون الامر عباديا ، فان الاطلاق اذا لم يقيد بقصد الامر فهو ينفي العبادية ، واذا رجعنا الى الاصل العملي لو شككنا في ان قصد الامر مأخوذ في كل امر فنرجع فيه الى قاعدة البراءة لا قاعدة الاشتغال فان قاعدة الاشتغال انما يرجع اليها فيما اذا كان القيد معلوما من قبل الشارع ومبين من قبل الشارع ، اما اذا لم يكن مبين من قبل الشارع فاصالة البراءة تقتضي عدم اعتبار هذا القصد فلا تكون الاوامر تعبدية.
ولو تنزلنا وقلنا بان الدليل اللفظي غير موجود لان هذا القصد من قيود المأمور به والمكلف به فلا يمكن اخذه في نفس الامر فيمكن الرجوع الى الاطلاق المقامي ، فاذا كانت هذه القيود من الامور العامة البلوى والشارع الاقدس يأمر بهذا الامر وهو يعلم بان هذا الامر مما تعم به البلوى ولم يبين هذا القيد في ذلك العمل فنرجع الى الاطلاق المقامي ، ن اذن الاطلاق المقامي يقتضي ايضا عدم اعتبار قصد القربى في الاوامر الا اذا دل دليل على اخذها فيه.
اذن بناء الى جواز اخذ قيود المأمور به في الامر فالاطلاق اللفظي كاف لنا وانا ان نرجع الى الاصل العملي وهو اصالة البراءة عنما يشك في قيديته واما ان نرجع الى الاطلاق المقامي.
اذن الصحيح ان الاصل عدم كون الاوامر عبادية الا اذا دل دليل خاص على كون هذا الامر عبادي.
اذن بالنسبة الى الدليل الاول وهو الدليل العقلي يقال في جوابه ان حكم العقل بوجوب تحصيل غرض المولى انما فيما اذا كان غرض المولى معلوما اما اذا شككنا في غرض المولى فالاصل هو البراءة ، حينئذ الاوامر تحمل على التوصيلة الا اذا دل دليل على كونها تعبدية.
اما الدليل الثاني فانهم تمسكوا بجملة من النصوص.
منها:- قوله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾[1] ، حيث ان الاطاعة لا تتحقق الا بإتيان الامر بقصد الامر.
ومنها:- قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾[2] ، فان العبادة لا تتحقق الا ان يكون فيها اخلاص والاخلاص هو قصد القربى.
ومنها:- قوله | (انما الاعمال بالنيات) وهذا الفعل لابد ان يكون منسوبا اليه تبارك وتعالى.
ولكن هل هذه النصوص تدل على اعتبار قصد القربة اولا الاعم من قصد القربى؟
هذا يأتي بيانه ان شاء الله تعالى.