الموضوع:- شرائط الوضوء.

قد يقال:- ان الاوامر الغيرية انما يتم قصدها لأجل غاياتها والا فهي بحد نفسها لا تصلح للداعوية والبعث والانبعاث انما الاوامر النفسية هي التي تصلح للبعث والانبعاث فهي من شؤون الاوامر النفسية الا بتصور غاياتها فيصح الامر الغيري ، وهذا صحيح في الجملة وهو ان الاوامر الغيرية لا يمكن ان تتحقق الا بقصد غاياتها.

ولكن يشكل عيله من نواحٍ.

الاولى:- ان الوضوء يختلف عن الاوامر الغيرية فقد ثبت سابقا في فصل الوضوءات المستحبة ان الوضوء بحد نفسه مستحب فيمكن قصد الامر الاستحبابي بالنسبة اليه ولا حاجة لان نقول انه امر غيري والامر الغيري من شؤون الامر النفسي.

الثانية:- ان الوضوء بحد نفسه يترتب عليه غاية من الغايات فأي شيء من الاسباب التوليدية وقد تقد ان الاسباب التوليدية لا حاجة الى قصد المسبب فان المسبب مترتب على السبب قهرا فان قصد السبب يقصد المسبب قصد المسبب يقصد السبب اذ ترتب المسبب على السبب قهري وذكرنا هذا سابقا ، فالوضوء من الاسباب التوليدية التي يكون قصد السبب يكفي في قصد المسبب وقصد المسبب يكفي لقصد السبب ايضا.

الثالثة:- لو تنزلنا وقلنا انه لابد من قصد الغاية في البين ولكن لا حاجة الى غاية معينة فأي غاية من الغايات ولو الطهارة او تحصيل النور يكفي ذلك.

فما ذكروه صحيح في غير الوضوء فلا يشترط في نية الوضوء ان يكون المكلف قاصدا من وضوئه رفع الحدث او الاستباحة للصلاة.

والفرق بين رفع الحدث والاستباحة هي ان رفع الحدث صفة للوضوء والاستباحة صفة لما يشترط في الوضوء.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): وكذا لا يجب قصد الموجب من بول أو نوم كما مر)[1] .

تقدم منه سابقا بانه لا يشترط في الوضوء قصد الموجب والدليل ما ذكرناه من اطلاقات الادلة البيانية من الاقوال والافعال الدالة على عدم اشتراط قصد الموجب من بول ونحوه ، وكذا البراءة العقلية والنقلية تدل على عدم الاشتراط.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): (نعم قصد الغاية معتبر في تحقق الامتثال، بمعنى أنه لو قصدها يكون ممتثلا للأمر الآتي من جهتها ، وإن لم يقصدها يكون أداء للمأمور به لا امتثالا ، فالمقصود من عدم اعتبار قصد الغاية عدم اعتباره في الصحة، وإن كان معتبرا في تحقق الامتثال، نعم قد يكون الأداء موقوفا على الامتثال، فحينئذ لا يحصل الأداء أيضا، كما لو نذر أن يتوضأ لغاية معينة فتوضأ ولم يقصدها فإنه لا يكون ممتثلا للأمر النذري، ولا يكون أداء للمأمور به بالأمر النذري أيضا، وإن كان وضوؤه صحيحا، لأن أداءه فرع قصده، نعم هو أداء للمأمور به بالأمر الوضوئي))[2] .

أي لو قصد المكلف في وضوئه غاية معينة من رفع الحديث او الاستباحة فانه يتحقق الامتثال من ناحية هذا الامر ، واما اذا لم يقصد شيئا في وضوئه من الغايات فان وضوئه صحيح وادى المأمور به ولكن لا يتحقق الامتثال بالنسبة الى هذا الامر ، هذا ما ذكره في المقام.

وذكره ايضا في المسالة الحادية والثلاثين ، وذكره في المسالة السادسة من فصل الوضوءات المستحبة فهناك اوضح عبارة من هذا المقام.

فان هذا المقام فيه اجمال فانه هل ان الاداء للمأمور به لا يتحقق به الامتثال حتى يجعله قسيما للامتثال ، هل ان الصحة الذي يقولها في عبارته قسيمة للامتثال حتى يجعله مقابل له ، كما لو قصد في الوضوء غاية معينة فتحقق منه الامتثال واما اذا لم يقصد في وضوئه غاية معينة فالوضوء صحيح وقد ادى المأمور به ولكن لا يتحقق الامتثال؟

وبعد ان عرفتم ان الوضوء مستحب نفسي فلا حاجة الى هذا الكلام ابداً لان الذي يأتي بالوضوء لأجل الامر المتعلق به فقد اتى بالمأمور به وامتثل حينئذ سواء قصد غاية او لم يقصد غاية.

واما اذا لم يقصد غاية من الغايات بناء على اعتبارها فالوضوء صحيح وهو مؤدي للأمر ولكن انه لا يصدق عليه الامتثال فهذا الكلام لا معنى له اذ الامتثال مساوق للصحة ومساوق للمأمور به ، فما ذكره السيد الماتن (رحمه الله) في المقام لا يخلوا من قصور في العبارة.