11-11-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/11/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة (
431 ) / الواجب الثالث عشر من واجبات حج التمتع ( رمي الجمار ).
وقد تقول:- إنّ لسان الصحيحتين آبٍ عن التخصيص فإن المذكور فيهما:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلّا قدّموه .......قال:- لا حرج ) ومثل هذا اللسان آبٍ عن التخصيص . إذن عمليّة التخصيص أمرٌ مشكل.
والجواب:- إنّ هذا وجيهٌ لو فرض أنه قد ذُكِرَ بعد نهاية الأعمال بالكامل بأن جاء هؤلاء مثلاً بعد الأعمال بالكامل في اليوم الرابع عشر فهنا إذا فرض أنّ الإمام عليه السلام قال:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يقدموه إلّا أخّروه .... الخ ) يفهم منه الشمول للرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ولكن المفروض في الرواية أنهم جاءوا في يوم النحر لأنها صرّحت وقالت:- ( قال:- إنّ رسول الله صلى اله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم إنّي حلق قبل أن أذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه ) . إذن هم جاءوا يوم النحر فالتقديم والتأخير الحاصل عندهم هو بلحاظ يوم النحر - أي العاشر - وما قبله وأمّا ما بعده فالرواية ساكتةٌ عنه ونحن ألحقنا ذلك من باب عدم احتمال الخصوصيّة لتلك الأعمال، فعلى هذا الأساس كان التخصيص أمراً ممكناً مادام التعبير المذكور قد ذُكِرَ بلحاظ اليوم العاشر وما قبله ولم يُذكَر بلحاظ آخر أيام الحجّ - أعني كاليوم الرابع عشر - فعلى هذا الأساس لا مشكلة من هذه الناحية.
نعم تبقى مشكلة أخرى:- وهي أنّه يوجد لدينا حديث رفع القلم عن الناسي والذي يقول رفع القلم عن أمتي في تسعة أشياء وأحدها النسيان ولازم هذا أنّه كلّ حكمٍ ثابتٍ في غير حالة النسيان - يعني بشكلٍ مطلق - سوف يكون مرتفعاً، والترتيب وإن كان شرطاً في صحة الرمي ولكن بمقتضى حديث رفع النسيان يلزم ارتفاع الشرطيّة، وعلى هذا الأساس بعد ارتفاع شرطيّة الترتيب يثبت صحّة الرمي الذي أُتِيَ به وبالتالي لا حاجة إلى الإعادة والحال أنّ النصّ حكم بالإعادة - يعني مثل صحيحة مسمع -.
إذن الحكم بلزوم الإعادة يتنافى وحديث رفع النسيان فما هو الجواب ؟
وفي هذا المجال يوجد جوابان:-
الجواب الأوّل:- نقول إنّ حديث رفع النسيان لا يقول إنّ ما أُتي به هو صحيحٌ ومجزٍ ولا تلزم الإعادة فإنه لو كان يقول ذلك فحينئذٍ تكون صحيحة مسمع الدالة على لزوم إعادة الرمي منافية لما دلّ عليه حديث رفع النسيان، ولكن حديث رفع النسيان هو حديث رفعٍ كما أشرنا أكثر من مرّة فأقصى ما يفهم منه هو أنّ الرمي المشروط بالترتيب مرفوعٌ أمّا أنّه لو أُتِيَ بالرمي من دون ترتيبٍ يكون صحيحاً بحيث لا حاجة إلى الإعادة بعد ارتفاع النسيان والالتفات فلا يدلّ عليه، فهو يريد تخفيف حالة النسيان، فأنت أيّها المكلف مادمت ناسٍ فالله عز وجل يخفّف عنك ويرفع الحكم أمّا أنّ ما أتيت به - الذي هو الناقص - يكون صحيحاً بحيث يترتّب عليه أنّه لا حاجة إلى الإعادة بعد ارتفاع النسيان فهذا لا يدلّ عليه إذ هو حديث رفعٍ لا حديث إثبات . فإذن إذا جاء النصّ الدال على لزوم الإعادة بعد ارتفاع النسيان لا يكون ذلك منافياً لحديث الرفع.
ومن هنا ذكرنا في علم الأصول أنّ الأصوليين وقعوا في مشكلةٍ حينما تمسّكوا بحديث الرفع لرفع الجزئية المشكوكة، فمثلاً لو شككنا أنّ جلسة الاستراحة واجبة أو لا، والسورة واجبة أو لا، والموالاة بين أجزاء الصلاة واجبة أو لا .... وهكذا فقد جرت السيرة على أنه يتمسّك بحديث الرفع فنقول إنّ الموالاة بين الأجزاء لا نعلم بجزئيتها فنرفع ذلك بحديث الرفع، والسورة لا نعلم بجزئيتها فنرفع جزئيتها بحديث الرفع ..... وهكذا، هكذا يقول الفقهاء، والإشكال الذي يرد عليهم هو أنّ حديث الرفع غاية ما يقول هو أنّه لا أمر متعلّق بالكلّ المقيّد بالسورة أو المقيّد بالموالاة أو غير ذلك، فهو يرفع ذلك أمّا أنّ ما تأتي به - يعني من دون السورة أو من دون الموالاة - يكون مأموراً به ويكون صحيحاً فهذا لا يدلّ عليه حديث الرفع فكيف نثبت صحة الفاقد للجزء أو الشرط المشكوك ؟ هذه مشكلة تعرّض إليها الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية في باب حديث الرفع . إذن كيف نحكم بصحّة الفاقد للجزء المشكوك ؟ إنّه لا مثبت لصحّته ولوجبه فلا دليل على وجوبه لأن حديث الرفع يرفع الأمر بالكلّ المقيّد بهذا المشكوك أمّا الباقي والفاقد للمشكوك لا يثبت الأمر فيه فكيف تثبت الأمر بالباقي ؟
وهناك أجبنا بأنّ هذا الاشكال يأتي في غير باب الصلاة فإنه لا مثبت للأمر بالفاقد للجزء المشكوك، وأمّا في باب الصلاة فهذا الإشكال لا يأتي إذ نعلم من الخارج أنّه يوجد أمرٌ جزماً ولا يحتمل أن لا أمر رأساً ولكن لا ندري أنّ هذا الأمر الذي هو موجودٌ هل تعلّق بالكلّ المقيّد بالمشكوك أو لا ؟ فننفي الأمر المتعلّق بالكلّ المقيّد بالمشكوك، وأمّا تعلق الأمر بالفاقد للمشكوك فلا نثبته بحديث الرفع وإنما نثبته بعلمنا الخارجي إذ لنا من الخارج علمٌ بأنَّ التكليف بالصلاة موجودٌ جزماً وأنّ الصلاة لا تسقط بحالٍ . إذن هذا الإشكال في باب الصلاة وغير باب الصلاة مما يكون من قبيلها لا يأتي لخصوصيّة في المورد وأمّا في بقيّة الموارد التي لا علم فيها بالأمر من دون الجزء المشكوك جزئيته أو الشرط المشكوك شرطيّته فهذا الإشكال يكون وارداً حيث لا يمكن إثبات تعلّق الأمر بالباقي الفاقد للجزء أو الشرط المشكوكين.
وعلى أيّ حال هذا الإشكال لا يرد لأن حديث الرفع يرفع الأمر بالكلّ المقيّد بالترتيب في أفراد الرمي ولا يثبت صحّة الفاقد حتى يتنافى مع مثل صحيحة مسمع.
إن قلت:- إنّ حديث الرفع إذا كان يرفع الجزء أو الشرط المشكوك حالة النسيان ولا يثبت تعلّق الأمر بالباقي الفاقد للمشكوك فما الفائدة في مثل هذا الرفع ؟
والجواب:- إنّ الحدث يريد أن يخفّف على الناس حالة النسيان فيقول إنّكم ما دمتم ناسين فالله تعالى يخفّف عليكم، ففي حالة النسيان لا تكليفَ فإذا استمر النسيان حتى انتهى وقت العمل فلا شيء عليكم وهذه فائدة كبيرة، أمّا إذا ارتفع النسيان ووقت العمل كان باقياً فعلى هذا الأساس لا يمكن أن نستفيد أنّ ما أُتِيَ به هو صحيحٌ ولا يلزم الاتيان به بعد ارتفاع النسيان رغم بقاء وقت العمل.
الجواب الثاني:- إنّ حديث رفع النسيان عامٌّ كسائر العمومات وهو يقبل التخصيص فيقال إنّ كلّ حكمٍ مرتفعٌ حالة النسيان والناقص الذي يؤتى به حالة النسيان يكون صحيحاً إلّا في هذا المورد - أعني من خالف الترتيب في باب الرمي -، إنّ هذا شيءٌ ممكنٌ ولا محذور فيه . إذن بعد ورود الروايات الدالة على لزوم الإعادة في حقّ الناسي الذي خالف الترتيب لا موجب للتوقّف من ناحية حديث رفع النسيان أو من ناحية صحيحة جميل وصحيحة محمد بن حمران الدالتين على أنَّ من قدَّم ما حقّه التأخير لا حرج في حقّة، فمن هذه الناحية لا إشكال.
فالمناسب إذن ما أشرنا إليه وهو لزوم الإعادة في حقّ ناسي أو جاهل الترتيب.
النقطة الرابعة:- وهي أنه يستثنى من وجوب الإعادة في حق من نكس في رمي الجمار ما لو فرض أن المكلف رمى السابقة بأربع – يعني أكثر من نصف – ثم سهى فرمى البقية كل واحدة سبعاً هنا يعد رميه للأولى أربعاً بمثابة رميها سبعاً فلا يبطل ما بعد بل إن ما بعد مادام أكثر من أربع يكون صحيحاً كما ان الأولى مادام قد رماها أربعاً فيكفي ان يتمها بثلاث[1].
إذن مادام هو قد رمى أربعاً فلا يقع الرمي باطلاً من الأساس وإنما يقع باطلاً لو كان قد رمى ثلاثاً، وهذا مورد اتفاقٍ، قال المحقّق في الشرائع:- ( ومن حصل له رمي أربع حصيات ثم رمى على الجمرة الأخرى حصل الترتيب )، أي لا تلزمه الاعادة بل يرمي ثلاثاً فقط لتلك الجمرة التي رماها أربعاً، وقال في المدارك:- ( هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاقٍ )[2]، وفي الجواهر:- ( بلا خلافٍ أجده فيه كما اعترف به في الرياض إلّا من ظاهر المحكيّ عن عليّ بن بابويه )[3] . إذن المشهور في المسألة ما ذكرناه.
وقد تقول:- إنّ لسان الصحيحتين آبٍ عن التخصيص فإن المذكور فيهما:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلّا قدّموه .......قال:- لا حرج ) ومثل هذا اللسان آبٍ عن التخصيص . إذن عمليّة التخصيص أمرٌ مشكل.
والجواب:- إنّ هذا وجيهٌ لو فرض أنه قد ذُكِرَ بعد نهاية الأعمال بالكامل بأن جاء هؤلاء مثلاً بعد الأعمال بالكامل في اليوم الرابع عشر فهنا إذا فرض أنّ الإمام عليه السلام قال:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يقدموه إلّا أخّروه .... الخ ) يفهم منه الشمول للرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ولكن المفروض في الرواية أنهم جاءوا في يوم النحر لأنها صرّحت وقالت:- ( قال:- إنّ رسول الله صلى اله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم إنّي حلق قبل أن أذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه ) . إذن هم جاءوا يوم النحر فالتقديم والتأخير الحاصل عندهم هو بلحاظ يوم النحر - أي العاشر - وما قبله وأمّا ما بعده فالرواية ساكتةٌ عنه ونحن ألحقنا ذلك من باب عدم احتمال الخصوصيّة لتلك الأعمال، فعلى هذا الأساس كان التخصيص أمراً ممكناً مادام التعبير المذكور قد ذُكِرَ بلحاظ اليوم العاشر وما قبله ولم يُذكَر بلحاظ آخر أيام الحجّ - أعني كاليوم الرابع عشر - فعلى هذا الأساس لا مشكلة من هذه الناحية.
نعم تبقى مشكلة أخرى:- وهي أنّه يوجد لدينا حديث رفع القلم عن الناسي والذي يقول رفع القلم عن أمتي في تسعة أشياء وأحدها النسيان ولازم هذا أنّه كلّ حكمٍ ثابتٍ في غير حالة النسيان - يعني بشكلٍ مطلق - سوف يكون مرتفعاً، والترتيب وإن كان شرطاً في صحة الرمي ولكن بمقتضى حديث رفع النسيان يلزم ارتفاع الشرطيّة، وعلى هذا الأساس بعد ارتفاع شرطيّة الترتيب يثبت صحّة الرمي الذي أُتِيَ به وبالتالي لا حاجة إلى الإعادة والحال أنّ النصّ حكم بالإعادة - يعني مثل صحيحة مسمع -.
إذن الحكم بلزوم الإعادة يتنافى وحديث رفع النسيان فما هو الجواب ؟
وفي هذا المجال يوجد جوابان:-
الجواب الأوّل:- نقول إنّ حديث رفع النسيان لا يقول إنّ ما أُتي به هو صحيحٌ ومجزٍ ولا تلزم الإعادة فإنه لو كان يقول ذلك فحينئذٍ تكون صحيحة مسمع الدالة على لزوم إعادة الرمي منافية لما دلّ عليه حديث رفع النسيان، ولكن حديث رفع النسيان هو حديث رفعٍ كما أشرنا أكثر من مرّة فأقصى ما يفهم منه هو أنّ الرمي المشروط بالترتيب مرفوعٌ أمّا أنّه لو أُتِيَ بالرمي من دون ترتيبٍ يكون صحيحاً بحيث لا حاجة إلى الإعادة بعد ارتفاع النسيان والالتفات فلا يدلّ عليه، فهو يريد تخفيف حالة النسيان، فأنت أيّها المكلف مادمت ناسٍ فالله عز وجل يخفّف عنك ويرفع الحكم أمّا أنّ ما أتيت به - الذي هو الناقص - يكون صحيحاً بحيث يترتّب عليه أنّه لا حاجة إلى الإعادة بعد ارتفاع النسيان فهذا لا يدلّ عليه إذ هو حديث رفعٍ لا حديث إثبات . فإذن إذا جاء النصّ الدال على لزوم الإعادة بعد ارتفاع النسيان لا يكون ذلك منافياً لحديث الرفع.
ومن هنا ذكرنا في علم الأصول أنّ الأصوليين وقعوا في مشكلةٍ حينما تمسّكوا بحديث الرفع لرفع الجزئية المشكوكة، فمثلاً لو شككنا أنّ جلسة الاستراحة واجبة أو لا، والسورة واجبة أو لا، والموالاة بين أجزاء الصلاة واجبة أو لا .... وهكذا فقد جرت السيرة على أنه يتمسّك بحديث الرفع فنقول إنّ الموالاة بين الأجزاء لا نعلم بجزئيتها فنرفع ذلك بحديث الرفع، والسورة لا نعلم بجزئيتها فنرفع جزئيتها بحديث الرفع ..... وهكذا، هكذا يقول الفقهاء، والإشكال الذي يرد عليهم هو أنّ حديث الرفع غاية ما يقول هو أنّه لا أمر متعلّق بالكلّ المقيّد بالسورة أو المقيّد بالموالاة أو غير ذلك، فهو يرفع ذلك أمّا أنّ ما تأتي به - يعني من دون السورة أو من دون الموالاة - يكون مأموراً به ويكون صحيحاً فهذا لا يدلّ عليه حديث الرفع فكيف نثبت صحة الفاقد للجزء أو الشرط المشكوك ؟ هذه مشكلة تعرّض إليها الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية في باب حديث الرفع . إذن كيف نحكم بصحّة الفاقد للجزء المشكوك ؟ إنّه لا مثبت لصحّته ولوجبه فلا دليل على وجوبه لأن حديث الرفع يرفع الأمر بالكلّ المقيّد بهذا المشكوك أمّا الباقي والفاقد للمشكوك لا يثبت الأمر فيه فكيف تثبت الأمر بالباقي ؟
وهناك أجبنا بأنّ هذا الاشكال يأتي في غير باب الصلاة فإنه لا مثبت للأمر بالفاقد للجزء المشكوك، وأمّا في باب الصلاة فهذا الإشكال لا يأتي إذ نعلم من الخارج أنّه يوجد أمرٌ جزماً ولا يحتمل أن لا أمر رأساً ولكن لا ندري أنّ هذا الأمر الذي هو موجودٌ هل تعلّق بالكلّ المقيّد بالمشكوك أو لا ؟ فننفي الأمر المتعلّق بالكلّ المقيّد بالمشكوك، وأمّا تعلق الأمر بالفاقد للمشكوك فلا نثبته بحديث الرفع وإنما نثبته بعلمنا الخارجي إذ لنا من الخارج علمٌ بأنَّ التكليف بالصلاة موجودٌ جزماً وأنّ الصلاة لا تسقط بحالٍ . إذن هذا الإشكال في باب الصلاة وغير باب الصلاة مما يكون من قبيلها لا يأتي لخصوصيّة في المورد وأمّا في بقيّة الموارد التي لا علم فيها بالأمر من دون الجزء المشكوك جزئيته أو الشرط المشكوك شرطيّته فهذا الإشكال يكون وارداً حيث لا يمكن إثبات تعلّق الأمر بالباقي الفاقد للجزء أو الشرط المشكوكين.
وعلى أيّ حال هذا الإشكال لا يرد لأن حديث الرفع يرفع الأمر بالكلّ المقيّد بالترتيب في أفراد الرمي ولا يثبت صحّة الفاقد حتى يتنافى مع مثل صحيحة مسمع.
إن قلت:- إنّ حديث الرفع إذا كان يرفع الجزء أو الشرط المشكوك حالة النسيان ولا يثبت تعلّق الأمر بالباقي الفاقد للمشكوك فما الفائدة في مثل هذا الرفع ؟
والجواب:- إنّ الحدث يريد أن يخفّف على الناس حالة النسيان فيقول إنّكم ما دمتم ناسين فالله تعالى يخفّف عليكم، ففي حالة النسيان لا تكليفَ فإذا استمر النسيان حتى انتهى وقت العمل فلا شيء عليكم وهذه فائدة كبيرة، أمّا إذا ارتفع النسيان ووقت العمل كان باقياً فعلى هذا الأساس لا يمكن أن نستفيد أنّ ما أُتِيَ به هو صحيحٌ ولا يلزم الاتيان به بعد ارتفاع النسيان رغم بقاء وقت العمل.
الجواب الثاني:- إنّ حديث رفع النسيان عامٌّ كسائر العمومات وهو يقبل التخصيص فيقال إنّ كلّ حكمٍ مرتفعٌ حالة النسيان والناقص الذي يؤتى به حالة النسيان يكون صحيحاً إلّا في هذا المورد - أعني من خالف الترتيب في باب الرمي -، إنّ هذا شيءٌ ممكنٌ ولا محذور فيه . إذن بعد ورود الروايات الدالة على لزوم الإعادة في حقّ الناسي الذي خالف الترتيب لا موجب للتوقّف من ناحية حديث رفع النسيان أو من ناحية صحيحة جميل وصحيحة محمد بن حمران الدالتين على أنَّ من قدَّم ما حقّه التأخير لا حرج في حقّة، فمن هذه الناحية لا إشكال.
فالمناسب إذن ما أشرنا إليه وهو لزوم الإعادة في حقّ ناسي أو جاهل الترتيب.
النقطة الرابعة:- وهي أنه يستثنى من وجوب الإعادة في حق من نكس في رمي الجمار ما لو فرض أن المكلف رمى السابقة بأربع – يعني أكثر من نصف – ثم سهى فرمى البقية كل واحدة سبعاً هنا يعد رميه للأولى أربعاً بمثابة رميها سبعاً فلا يبطل ما بعد بل إن ما بعد مادام أكثر من أربع يكون صحيحاً كما ان الأولى مادام قد رماها أربعاً فيكفي ان يتمها بثلاث[1].
إذن مادام هو قد رمى أربعاً فلا يقع الرمي باطلاً من الأساس وإنما يقع باطلاً لو كان قد رمى ثلاثاً، وهذا مورد اتفاقٍ، قال المحقّق في الشرائع:- ( ومن حصل له رمي أربع حصيات ثم رمى على الجمرة الأخرى حصل الترتيب )، أي لا تلزمه الاعادة بل يرمي ثلاثاً فقط لتلك الجمرة التي رماها أربعاً، وقال في المدارك:- ( هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاقٍ )[2]، وفي الجواهر:- ( بلا خلافٍ أجده فيه كما اعترف به في الرياض إلّا من ظاهر المحكيّ عن عليّ بن بابويه )[3] . إذن المشهور في المسألة ما ذكرناه.
[1]
هذه العبارة ذكرها الشيخ الاستاذ بعد درسين وحذف ما ذكره في هذا
الدرس لوجود بعض التشويش فيه / المقرر. .